كيف حاولت اليابان طمس الهوية الكورية خلال القرن الماضي؟‎
    

كيف حاولت اليابان طمس الهوية الكورية خلال القرن الماضي؟

في آب/أغسطس 1910 وعلى إثر توقيع المعاهدة اليابانية – الكورية، والتي تنازل بموجبها الإمبراطور الكوري ينغهي عن كامل صلاحياته، تحولت شبه الجزيرة الكورية إلى مستعمرة يابانية. وقد جاء توقيع هذه المعاهدة التي أنهت سيادة كوريا على أراضيها عقب مجموعة من الحروب والاستفزازات والاتفاقيات المذلة.

تزامناً مع استيلائها على كوريا، وضعت اليابان خطة من أجل دمج الشعب الكوري في الحضارة اليابانية. ومن خلال هذه الخطة الفريدة من نوعها قررت شن حرب شرسة على كامل مظاهر الحضارة الكورية.

منذ البداية أقدمت السلطات الاستعمارية اليابانية على منع استخدام اللغة الكورية في المدارس والجامعات. فضلاً عن ذلك، أدرجت ضمن المناهج التعليمية الكورية عادات جديدة شجعت الكوريين على العمل اليدوي وتقديم الولاء للإمبراطور الياباني. وتزامناً مع كل هذا، فرض المستعمر الياباني رقابة صارمة على مادة التاريخ، حيث سمح للمعلمين بتدريس هذه المادة اعتماداً على مراجع يابانية. إضافة لكل ذلك، أقدمت السلطات اليابانية على إتلاف أكثر من 200 ألف كتاب تاريخ كوري بهدف فك ارتباط الكوريين بتاريخهم وماضيهم.

وخلال الفترة التالية، لم تتردد السلطات الاستعمارية اليابانية في شن حرب شرسة على أسماء العائلات الكورية. في بادئ الأمر منعت اليابان الكوريين من اعتماد أسماء عائلات شبيهة بأسماء العائلات اليابانية. لكن مع حلول عام 1939، فرض المستعمر الياباني سياسة جديدة أجبرت الكوريين على تغيير أسماء عائلاتهم واعتماد أسماء عائلات يابانية، حيث لم تتردد اليابان في معاقبة العائلات التي ترفض الأسماء اليابانية عن طريق منعها من أبسط حقوقها، كالصحة والعمل. وبسبب ذلك أقدم ما لا يقل عن 84% من سكان شبه الجزيرة الكورية على تغيير أسماء عائلاتهم، وفق إحصائيات عدد من المؤرخين.

كما لم تتوقف الممارسات اليابانية الهادفة إلى طمس الثقافة الكورية عند هذا الحد. فتزامناً مع اعتمادها لسياسة تغيير اللغة ومناهج التعليم، سعت السلطات الاستعمارية اليابانية للسيطرة على الكوريين عن طريق القضاء على ديانتهم. وأقدمت اليابان على إنشاء عدد من معالم ومعابد ديانة شنتو اليابانية لمواطنيها المقيمين بكوريا، ولاحقاً أجبر الكوريون على تقديس الآلهة اليابانية إضافة إلى أبطال وأباطرة اليابان القدامى.

إضافة إلى ذلك، أقدمت اليابان على هدم العديد من المعالم التاريخية الكورية، ولعل أبرزها قصر غيونغبوكغنغ، الذي شيد لأول مرة سنة 1395 ليعتمد كقصر أساسي خلال عهد مملكة جوسون.

ومع بداية استعمارها للأراضي الكورية، أقدمت السلطات اليابانية على هدم أجزاء واسعة من هذا القصر والمعلم التاريخي الكوري البارز ليتم تحويلها لاحقاً إلى معالم سياحية مخصصة لاستقبال المواطنين اليابانيين.

وخلال فترة الاستعمار الياباني، استقرت أكثر من 100 ألف عائلة يابانية بشبه الجزيرة الكورية ليعاملوا هناك كأسياد عقب حصولهم على الأراضي. كذلك أقدم هؤلاء المستعمرون على إدخال كائنات حية جديدة على النظام البيئي الكوري عن طريق غراسة أشجار يابانية، في سعي منهم لجعل المنطقة ذات طابع ياباني.

كما أرسل حوالي 700 ألف كوري نحو اليابان ومستعمراتها على شاكلة عبيد لشغل وظائف وأعمال يدوية بأجور متدنية. وخلال الحروب الصينية – اليابانية والحرب العالمية الثانية، لم تتردد السلطات الاستعمارية اليابانية في تجنيد عشرات الآلاف من النساء الكوريات للعمل في مجال "العبودية الجنسية" لصالح القوات اليابانية.

محرر الموقع : 2018 - 05 - 17