المِصر الذي استهدفته الاقلام والحُكام
    
لؤي الموسوي 
 
 مدينة حالها كبقية سائر المُدن في ارجاء المعمورة، يقطنها الشارد والوارد اليها تقع في بلدٍ يُعرف بأرض السواد ووادي الرافدين الا و هو العراق، يعبر الامام الصادق “عليه السلام” ويصفها بوصف لطيف ” انها بلدة تَحبُنا ونحبُها “، الا وهي مدينة الكوفة.  
   
الكوفة تُعَد من الامصار التأريخية القديمة قبل مجيء الاسلام وبعده، لِما لها من أهمية كموقع جغرافي  وخصوبة اراضيها ومجرى انهارها هذا من جانب، واهميتها السياسية والدينية والاقتصادية من جانب أخر.
 
الحُقبة الزمنية التي تهمنا من تأريخها بعد مجيء الاسلام وفتوحاته للبلدان ومن ضمنها الكوفة، فبانت معالمها ولاحت اسوارها وعرفت كمدينة في زمن عمر ابن الخطاب، تم تأسيسها وليس انشائها على يد سعد ابن ابي وقاص واصبحت كحاضرة مدنية لها شأن ومكانة عظيمة ومحط انظار البلدان الاخرى لاسيما بعد مجيء الامام علي “عليه السلام” اليها وجعلها عاصمة لخلافتة.
   
التجارب والظروف التي مرت بها هذه البلدة عبر مراحل من التاريخ كانت قاسية جداً، تارة تصمد وتارةً اخرى تنهار بسبب الظروف السياسية والاقتصادية بالاضافة لعوامل اخرى خاصة بها، مما ولد انطباع وبعث رسالة مفادها بانها مدينة غدر ومكر لا تناصر من اراد النِصره، فوضفت الاقلام ضدها، لكونها تخاذلت وخذلت في وقت ما قيادات إسلامية كبيرة لعامة المسلمين ولشيعة خاصة، بالرغم انها ليست البلدة الوحيدة وقفت هذا الموقف مع؛ الإمام علي، الحسن، الحُسين ، زيد، (عليهم السلام).
فمكة والمدينة والشام وقفتا موقف اكثر شِدة وغِلظة ضد ألامام وابنائه و كل من ينتسب اليهم، لم نجد حملات شُنت ضِدها بل نجد العكس من ذلك، الهدف من وراء هذه الحملات العدائية لتشوه خط اتباع اهل البيت.
الحملات العدائية ضدها لم تكن على ايدي عامة الناس فحسب بل انبرى وتصدى لها كُتاب، سابقاً وحاضراً مثال على هذا للحصر الكاتب المصري المعروف "علي جلال" ايضاً ممن وضف قلمه في شن حملة شرسة ضد هذه البلدة "الكوفة" لاسيما التركيز على واقعة الطف وتوظيفها من خلال مقولته المشهورة: "إن شيعة الكوفة هم من قتلوا الحُسين إبن علي"، لم يكن اخر كاتب يتبنى هذه الفكرة، فبين الحين والاخر تخرج لنا اصوات مشابهة تطرح هذه المسألة كلما قرب شهر المُحرم من اجل إيهام الرأي العام بان كان من يقطنها في ذلك العهد هم الشيعة وانهم اناس غدرة مكرة لم ينصروا السبط الشهيد "ع" وهذه هي الكِذبة المفضوحة التي ارادوا تكريسها في اذهان المجتمع الاسلامي وحتى الغير الاسلامي. 
   
مظلومية هذه البلدة ليس لهل مُنقطع النظير، من قِبل حُكام الجور الذين تَسَلطوا عليها في العهدين الاموي والعباسي وما تلاهما من وِلات نقموا عليها، و لظُلم الاقلام الماجورة أيضاً التي شنت حملات ضدها لتشوه صورتها الى يومنا هذا، لسبب واحد لا غيره لكونها مدينة منتسبة وموالية لآل مُحَمد "ع".
فما كانَ لله ينمو، إرادت السماء ان تكون لهذه البقعة مكانة في قلب كل منصف ومؤمن ان تصبح عاصمة دولة العدل الإلهي، التي لم يكونوا اهلها موالين للعترة الطاهرة بل العكس من ذلك كانوا من المخالفين لهم "عليهم السلام".
محرر الموقع : 2017 - 10 - 16