حوار على عتبات الوطن
    
شيرين سباهي تحاور هادي جلو مرعي
إذا قلنا إن العراق سقط مع صدام، فهذا بلد لايستحق الإحترام لأن الدول أكبر من حكامها.
- الدولة الشيعية قائمة وتكبر وتتوسع خلال العقود القادمة وستفاجئ العالم.
- الأكراد يفكرون بمصالحهم الخاصة ولديهم رغبة في دوام تهتك الدولة العراقية وضعفها وإستنزافها الى النهاية.
- السياسيون السنة نفعيون، يدعون تمثيل السنة وينتفعون من عطايا بغداد.

 

كتب بواسطة: شيرين سباهي

 

لا أحبُ السرد في الحوار ولا تناول المعتاد من السؤال ..وأرى أن ابدأ معك من حيث تجف الأقلام ..
هادي جلو مرعي ضيفي أعلامي عراقي من لبِ هذا العالم الملتهب من العراق ، نوقد حوارنا تحت أنين الوطن الموجوع ..أرض الرافدين ووطن الويلات، حللت أهلا وطبت سهلاً بين النقد الصريح وواقع الحال :

 

 

شيرين : كلانا في خندق الأعلام لكننا نختلف في وطئت القدم عَرفني عن الأعلام العراقي من الداخل؟
هادي : هو الإعلام العراقي من الداخل كما هو الداخل العراقي مضطرب ملتهب مشتت غائب بحضور المغترب، يبحث عن فرصة ليحاكي الحداثة فيعود الى الوراء دون هوادة. هناك إعلاميون وصحفيون وكتاب وحركة لكنها ليست واثقة.

 

 

شيرين : هل تعتقد هادي جلومرعي إن الأعلامي كانَ ناقلاً أميناً للحدث العراقي؟
هادي : لا طبعا فالصحفيون والإعلاميون في بلدنا يعملون في مؤسسات ناقلة لما يريده ملاك تلك القنوات من سياسيين ودينيين وطائفيين وقوميين وتجار، وحتى لصوص كبار يملكون وسائل إعلام مبتزة.

 

 

شيرين : عندما كان المالكي في السلطة هل كنتَ من المحسوبين عليه اعلامياً؟
هادي : كثر كانوا يحسبونني على معسكر المالكي، مع إني كنت من أكثر منتقديه والسبب يعود الى نوع الفهم، فهناك من يسمعني أتحدث بطريقة ما يتصورها لصالحه وآخرون يرون العكس ويحذرونني، حتى إنني أشتم من محبي المالكي ومن مبغضيه أيضا.

 

 

شيرين : ما الفرق بين المداح والرداح في الأعلام؟
هادي : المداحون كثر يبحثون عن فرصة، أو مال وهم موجودون يستخدمون الأساليب التقليدية البالية، لكن الرداحين هم الذين يكونوا جزءا من حزب، أو سلطة، أو جماعة فيتغنون بها ويطبلون ويزمرون ويرقصون بطرق فاضحة.

 

 

شيرين : هل يكفي الخبر لينقل الشعب رسالته وماهو البديل إن كان هناك بديل ؟
هادي : الخبر وحده لايغني خاصة حين يكون الناس يعرفون به مسبقا، والحاجة أكثر للتنوير في وسائل الإعلام، نحن بحاجة الى صناعة مختلفة والى توجيه الناس فهم يعانون من التضليل والعمى المتراكم بسبب الكم الهائل من الأخبار البائسة وهذه مهمة تقع على عاتق الصحفيين والإعلاميين المنصفين والمتمكنين من وعيهم وذواتهم ولايعانوا من العقد النفسية والإضطرابات.

 

 

شيرين : البعض يعتبرك أعلامياً ساخراً والبعض يراك صارما فكيف يرى هادي جلو مرعي نفسه ؟
هادي : أنا أستخدم الكوميديا الزرقاء، تجاوزت السوداء بعد أن خلطتها بعدة ألوان أنتجت زرقة قاتمة، أحيانا أسخر في مقال أو في عبارة أطلقها وفي داخلي حريق، أنا لست ساخرا لكني أسخر كثيرا، ربما أتصنع، أو أمثل دور الساخر.

 

 

شيرين : البكاء وحده لايكفيني ...مقال لكم على مَن بكى هادي جلو مرعي ؟
هادي : بإمكاني العودة الى المقال لأعرف ماذا كنت أريد وأعني لكني لن أعود بصدق، فأنا أعرف لوعتي المرة على أشياء كثيرة، في الحياة، في الذكريات، في الألم الذي يعانيه غيري، في كل معاناتي اليومية، وفي وجعي الذي عرفته عندما فجرت ثورة تنويرية بداخلي منذ الصغر وبسببها لم أعد اتحمل، أو أصبر، أو أتجاهل فصرت أبكي لكل ألم، وعلى كل أحد يعاني حتى لو كان يكرهني ويود التخلص مني.

 

 

شيرين : (منذُ متى وأنا سكير) قلمكم هذا فهل تكتب وأنت مخمور، أم تكتب وتخمر ؟
هادي : يعتقد البعض من الأصدقاء والمثقفين، إنني أمارس معاقرة الخمر، وهذا يضحكني، في مرة عند المساء زرت صديقا سياسيا معروفا في منزله ببغداد، سألني إن كنت أرغب بتناول شئ فقلت له، إنني لم أتعش حتى إنني لم أصل صلاة المغرب حتى اللحظة، فتعجب وسألني، وهل مازلت تصلي ياهادي وأنت الصحفي والكاتب المحترم المثقف، وهل مازلت لاتتناول الخمر، عجيب أمرك ياهادي.

 

 

شيرين : الأ تعتقد إن الأعلام العراقي إعلام زان بكل مفسدات الأرض ؟
هادي : الكثير من الزناة يحكمون العالم، في شؤون الدين والسياسة والإقتصاد، الصحافة في حقيقتها إمراة زانية كالتي وصفها باولو كويلو في رائعته ( الزانية) الإعلام نتاج علاقة محرمة أحيانا، وهناك شكل منه جاء بطريقة شرعية لكنه معتل ولم يتلق رعاية صحية كافية.

 

 

شيرين : تخلل الفساد في العراق الأجساد والقانون والدين ...أين تأتي مهمة الأعلام في هذا ؟
هادي : في قلب العاصفة بل هو نتاج تلك التوصيفات وشريك لها ويعمل لها ومعها.

 

 

شيرين : المنافسة في الأعلام هل من الممكن أن تقود المرء الى الطعن بالذات الإعلامية ؟
هادي : الجيل الذي سبق 2003 جيل مأفون، نتج عنه جيل منافق، نمتلك أجيالا من الصحفيين الباحثين عن المنافع والمكاسب الخاصة حتى لو كان ذلك سببا في إنحرافهم وغياب أي مشروع للمستقبل.

 

 

شيرين : مقتل الإعلامي البديوي الذي أراد المالكي أن يجعله لعبة مد وجزر مع الكرد لكن حكومة الأقليم كانت تعي بواطن غاية المالكي فتمكنت من فض الأمر لكن مع الاسف ذوي البديوي أستغلوا دم ولدهم في تجارة رابحة ...وقد أستلموا مبلغا ضخما من الأقليم وحسب تصريح السيدة آلا الطالباني كيف يقرأ هادي هذا المنعطف إعلامياً؟
هادي : سؤالك يعاني من خلل في المعلومة، المالكي إستغل الحدث فعلا، لكن الكرد لم يكونوا متنبهين وصدموا به، وعائلة بديوي لم تستغل الأمر، ولم تتربح، ولم تحصل على شئ حتى اللحظة، وكل المعلومات مغلوطة، وهناك محاولات لنقل القاتل الى كردستان، لكننا نراقبه في سجنه ببغداد.

 

 

شيرين : الأعلام واجهة اي دولة في العالم فهل وئد الفساد الأعلام العراقي؟
هادي : قد يكون الفساد سببا في هتك الدولة العراقية وهتك الإعلام فيها، لكننا نعول على الصحفيين الأحرار وهم اليوم في الساحة.

 

 

شيرين : هل ينسى هادي جلو مرعي أحلامه عند الوسادة عندما يستفيق ؟
هادي :لا بل أعيشها وأحملها معي، أحيانا أتمنى أن أضعها على كتف إمراة، أو في حجرها، أو على صدرها.

 

 

شيرين سباهي : فيكَ شيء يقول إن في الروح غصة ...على مَن وهل للعراق فيها حصة ؟
هادي : نعم للعراق حصة، لكن الغصة سببها الثقافة الواعية التي جعلتني اتحسس الألم في كل مكان وأشعر إن حياتي فاشلة لأن فقيرا في الجوار، أو جائعا أعرف إنه موجود لكن أين، وطفلا ينام بلاأمل.

 

 

شيرين : التغلل الايراني في العراق يراه الأعمى وكلنا يدرك أحلام الدولة الشيعية التي تنادي بها طهران، هل أكتمل هذا الحلم بالنسبة لهم في العراق؟
هادي : الإيرانيون ليسوا بدوا مثلي، هم يفكرون في إيران، وليس في العراق، قد يرون إن هذا البلد مكان ملائم للنفوذ والهيمنة، ومماحكة العرب والتنكيل بهم، لكنهم يحلمون بالإمبراطورية، وليس بالدولة الشيعية. الدولة الشيعية قائمة وتكبر وتتوسع خلال العقود القادمة وستفاجئ العالم.

 

 

شيرين : الأ يتحمل الصحفي العراقي الجزء الأكبر من المسؤولية عما يعانيه الشعب العراقي ..في صحوة التغيير؟
هادي : الصحفي واحد من الناس له مالهم وعليه ماعليهم، يمتزج بهم ويعيش ويرتكب الحماقات ومسؤوليته لاتتعدى بالضرورة مسؤولية الآخرين، فالشعراء والكتاب والمدونون يعملون بطريقته. الصحفي ينقل النور الذي يصنعه هولاء المختلون الذين نسميهم مثقفين.

 

 

شيرين : سقط العراق عندما سقط صدام حسين إقرأها لي ؟
هادي : صدام كان يحكم دولة هي العراق ، فإذا قلنا إن العراق سقط مع صدام، فهذا بلد لايستحق الإحترام لأن الدول أكبر من حكامها.

 

 

شيرين : مالفرق بين الأعلامي في زمن صدام حسين واليوم ؟
هادي : الإعلامي اليوم هو خليفة لذلك الإعلامي المأزوم والخائف.

 

 

شيرين : مارأيك في سيناريو أمريكا من خلال ميدان داعش ؟
هادي : أمريكا سيدة العالم وداعش كصبي عند معلمة في خان الخليلي.

 

 

شيرين : هل كانت ألاعتصامات لعبة سياسية خاسرة ؟
هادي : بإمتياز والسياسيون السنة خونة نفعيون، يمثلون دورين فاشلين يدعون تمثيل السنة المغلوبين على أمرهم وينتفعون من عطايا بغداد.

 

 

شيرين : هل نعتبر الأقليم نقطة بيضاء في تاريخ العراق لما بعد السقوط ؟
هادي: إقليم كردستان هتك الدولة العراقية، وهو يستعد لخوض حروب مع السنة والشيعة ليسيطر أكثر ويقضم أكثر.

 

 

شيرين : هل تتحمل حكومة كردستان جزء من هفوات العراق الأقتصادية وكيف ؟
هادي : الأكراد يفكرون بمصالحهم الخاصة ولديهم رغبة في دوام تهتك الدولة العراقية وضعفها وإستنزافها الى النهاية.

 

 

شيرين : هل ترى سياسيا إن الإقليم كان درعا ضد داعش رغم المندسين بين الصفوف من حلفاء دول الجوار لغرض إسقاط العراق في وحل الإنقراض التاريخي والإنساني؟
هادي : الأكراد فرحوا بداعش لكنهم فوجئوا بحماقتها ونوع الخرافة التي تتحكم فيها، كانوا يعتقدون إن بغداد ستستسلم، لكن داعش خدمت بغداد بغبائها وتوجهت الى أربيل ولو ركزت على هدفها بإسقاط الحكم الشيعي لكان الكرد سعداء بإجتياحها لبغداد.

 

 

شيرين : الخيانة والعمالة وجشع السلطة أحد مقومات سقوط العراق ....كيف أجتمعت هذه اللعنات في جسد واحد؟
هادي : الدكتاتورية وضيق الأفق، أسقطت بغداد بيد الأمريكان، حينها إنفتحت كل الأبواب وإكتشفنا إن كثيرا من العراقيين مختلون ويملكون صفات الجشع والحقد والكراهية والتحزب والإقصاء.

 

 

شيرين : أنت كاتب لعدة صحف ومؤسسات إعلامية هناك هالة حولكم بتقاضيكم مبالغ لغرض أخفاء بعض حقائق عن وضع العراق ...والحكومة السابقة ماردك ؟
هادي : أبلغني صحفيون مصريون إنهم سيزورون بغداد، ويقيمون في فندق، كان اليوم الذي وصلتني فيه أسئلتك حزينا فقد عانيت من عدم توفر المال، ولابد من دعوتهم الى مطعم، والتوجه بهم الى بعض الأماكن، من يحصل على مال ليخفي شيئا نحتاج أن نبصق بوجهه جميعا، الهالة الإعلامية سببها النجاح، وأنا بعافية لأتحدى الجميع إن كنت أفعل ذلك، صدقي أو لاتصدقي إنني أعمل بمستوى من البؤس وأتغاضى راتبا تافها لكنني أختلف عن الآخرين بطاقتي الإنفجارية ولأنني أمارس كل فنون الصحافة والكتابة والتعليق والدفاع عن الحريات وحسن الإدارة والعلاقات العامة.

 

 

شيرين : من هو خصم الاعلامي الحقيقي ؟
هادي : الإعلامي المزيف، والسياسي المأفون، والموظف اللص.

 

 

شيرين : هل ندمت لكونك إعلاميا في العراق ؟
هادي : لا فالعراق بلاد صعبة تنتج الرجال، فحول الرجال، أنا فحل في الصحافة.

 

 

شيرين : لو واتتك الأقدار أن تنال منصبا سياسيا بعيدا عن الإعلام هل ستفرد الذراعين له أم تكتفي أن تكون مجندا في ميدان الحبر؟
هادي : سأكون سياسيا عاشقا للصحافة.

 

 

شيرين : هل وصلت المرأة الإعلامية العراقية الى أن تقف كتف بكتف مع زميلها الإعلامي، أم مازالت في طور التكوين ؟؟؟
هادي جلو مرعي : المرأة الإعلامية في العراق فاشلة لاحضور لها، بإستثناء بعض المواهب، لدينا عارضات أزياء ومنهن من يقدمن خدمات مقابل ثمن.

 

 

شيرين : أقلام يقرأ لها هادي جلو مرعي في عالم الإعلام اليوم ؟؟؟
هادي : لاأقرأ للعرب والعراقيين، إلا نادرا، وأخجل أن أقرا لنفسي لأنني أعد كتاباتي عارا علي.

 

 

شيرين : هل الاعلام فطرة أم خبرة ؟
هادي : الصحافة والإعلام، تجتمع فيهما الموهبة بالفطرة بالإستعداد الذهني والمران والخبرة،والثقافة والموسوعية.

 

 

شيرين : بأختصار صف لي التالي :
العراق: بلد
الدين: جنون
الأم : الجنة التي يجب أن نغادرها، أو تغادرنا يوما.
القلم : سليني عن اللاب توب والحاسوب.
الثورة :شر لابد منه
السلطة :عار
التحدي: لحظة كافرة
الضمير: يحتاج الى منبهات ليست القهوة منها، ولا العلاجات ىالطبية
النساء: دليل على عظمة الرب وقدرته الجبارة وحبه للرجال....

 

 

طويت الصحف وجفت الأقلام معك العراقي هادي جلو مرعي ...على أمل أن أكررالحوار معك من خندق آخر تحياتي لك .

 

 
محرر الموقع : 2017 - 10 - 21