الليرة التركية في سقوط حر بعد مراجعة واشنطن لإعفاءات جمركية‎
    

صوت الجالية العراقية / يجمع المحللون على أن الاقتصاد سقط في دوامة انهيار متسارع بعد الانحدار الجديد والخطير في قيمة الليرة التركية منذ تلويح الولايات المتحدة بفرض عقوبات على أنقرة بسبب احتجاز قس أميركي، في ظل ازياد التوتر بين تركيا وجميع الدول الغربية.

وهوت العملة التركية أمس إلى مستوى قياسي بلغ 5.18 ليرة للدولار بعد أن قالت الإدارة الأميركية إنها ستراجع إعفاءات جمركية مقدمة لتركيا في خطوة قد تضر بواردات تركية تصل قيمتها إلى 1.66 مليار دولار. وتأتي المراجعة التي أعلنها مكتب الممثل التجاري الأميركي بعد أن فرضت أنقرة رسوما على سلع أميركية ردا على الرسوم التي فرضتها الولايات المتحدة على الصلب والألومنيوم.

واتسعت شرارة السقوط الحر في قيمة الليرة نهاية الأسبوع الماضي بعدما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أنها ستفرض عقوبات على وزير العدل التركي عبد الحميد غول ووزير الداخلية سليمان صويلو. ولعب المسؤولان “أدوارا رئيسة” في القبض على القس أندرو برانسون واحتجازه بتهمة دعم محاولة الانقلاب العسكري في تركيا في يوليو 2016. والليرة التركية هي ثاني أسوأ العملات أداء هذا العام بعد البوليفار الفنزويلي. وهبطت العملة بالفعل في ظل التوتر بين تركيا والولايات المتحدة وبسبب سياسات أردوغان الاقتصادية غير الرشيدة.

وكان البنك المركزي التركي قد فاقم مشكلات العملة في مواجهة العقوبات بتقاعسه عن رفع أسعار الفائدة الشهر الماضي في أول اجتماع للبنك بعد انتخاب أردوغان لولاية جديدة في 24 يونيو مدعوما بصلاحيات واسعة جديدة على الاقتصاد والسياسة.

وقال تيم آش الخبير الاستراتيجي بالأسواق الناشئة لدى بلو باي لإدارة الأصول في لندن إن مصداقية صناع السياسة النقدية التركية هوت الآن إلى الحضيض.
وأكد ضرورة أن “يفكر البنك المركزي مليا وبجد في قراره بشأن أسعار الفائدة. العقوبات الأميركية سببت ضررا لكن كان من الممكن أن يصبح الأثر أخف لو كان البنك قد اتخذ القرار السليم في المرة الماضية”.

وكان البنك المركزي قد تصرف متأخرا في مايو عندما سجلت الليرة مستويات قياسية منخفضة، حيث رفع أسعار الفائدة في اجتماع طارئ. وزاد البنك سعر الفائدة القياسية بواقع 500 نقطة أساس إجمالا على ثلاث مرات هذا العام إلى 17.75 في المئة.

وسوف تزيد العقوبات الأميركية الانطباع بين المستثمرين بأن تركيا لا تنسجم مع السلوك الطبيعي المتوقع من اقتصاد سوق ناشئة.

وخلق أردوغان ذلك الانطباع أيضا بإصراره على أن أسعار الفائدة المرتفعة تدعم التضخم وبانتقاده لحلفاء غربيين مع سعيه لكسب مزيد من النفوذ في الشرق الأوسط والبلقان وأفريقيا.

ونقلت صحيفة فاينانشال تايمز عن براد بيكتل المدير العالمي للصرف الأجنبي في بنك الاستثمار الأميركي جيفريز قوله إن قرار البنك المركزي إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير الشهر الماضي جعل تركيا السوق “المنبوذة بين الأسواق الناشئة”.

وتفاقمت الصورة القاتمة حين كشفت بيانات رسمية ارتفاع التضخم في يوليو إلى أعلى مستوياته في أكثر من 14 عاما ليصل إلى 16 بالمئة على أساس سنوي مع ارتفاع أسعار الغذاء وهو ما يُظهر أثر انخفاض العملة التي لم يتمكن البنك المركزي من دعمها. ودفعت عمليات بيع لليرة، التي فقدت خُمس قيمتها مقابل الدولار هذا العام، أسعار الوقود والمواد الغذائية والإيجارات للارتفاع. ويثير امتناع البنك المركزي عن زيادة أسعار الفائدة أكثر قلق المستثمرين الذين يرون أنه يتعرض لضغوط من أردوغان.

وأظهرت بيانات من معهد الإحصاء التركي أن التضخم بلغ 15.85 بالمئة على أساس سنوي في يوليو تموز مدفوعا بزيادات في خانة العشرات لأسعار النقل والسلع المنزلية والمواد الغذائية.

وتؤكد المؤسسات المالية الدولية ووكالات التصنيف الائتماني أنه يجب رفع أسعار الفائدة، وهو ما يعارضه أردوغان بشدة، في موقف يتعارض مع القواعد الاقتصادية، ويمكن أن يؤدي لانهيار شامل للاقتصاد التركي.

محرر الموقع : 2018 - 08 - 07