عيد اللّه الأكبر ولاية الإمام المعصوم
    

العيد في اللغة يطلق على ما أعتادك من همّ، أو غيره، لأن العيد مأخوذ من العود ـ أي الرجوع ـ ومنه عود المريض( عيادته)، ولا يختص بأجتماع الناس عند الخير من فرح وسرور. 
لكنّه في زمن الإسلام وعند المسلمين، أختص في عيد الفطر والأضحى، بعد العمل العبادي الشاق، مثل شهر رمضان، وأداء مناسك الحج. 
عن عبد الرحمن بن سالم عن أبيه قال سألت أبا عبد الله عليه السلام"هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والأضحى والفطر؟ قال: نعم، أعظمها حرمة، قلت: وأي عيد هو جعلت فداك؟ قال: اليوم الذي نصّب فيه رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام وقال: من كنت مولاه فعليّ مولاه. قلت وأيّ يوم هو؟ قال… يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة".[أصول الكافي: الكليني، ٤/١٤٩،ح٣].

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض الاعياد:  انما هو عيد لمن قبل الله صيامه وشكر قيامه وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو يوم عيد.

ورد في كتاب مختار الخرائج ص٢١٢، وبحار الأنوار ج٥٠ ص١٩٥:( روى أبو سليمان عن ابن أورمة قال : خرجت أيام المتوكل إلى سر من رأى فدخلت على سعيد الحاجب ودفع المتوكل أبا الحسن إليه ليقتله…، فقلت لأبي الحسن عليه السلام : حديث رسول الله صلى الله عليه وآله  لا تعادوا الأيام فتعاديكم قال : نعم إن لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله تأويلا، أما السبت فرسول الله صلى الله عليه وآله والأحد أمير المؤمنين عليه السلام، والاثنين الحسن والحسين عليهما السلام والثلاثاء علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد، والأربعاء موسى بن جعفر وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وأنا علي بن محمد، والخميس ابني الحسن، والجمعة القائم منا أهل البيت). 

بعد أن عرضنا معنى العيد في اللغة، وهو( الرجوع)، ونقلنا معنى الأيام، وهم( الأئمة)، عرفنا مراد الإمام عليه السلام بقوله:(كل يوم لا يعصى الله فيه فهو يوم عيد)، أي يريد أن يقول عليه السلام، إن العيد الحقيقي هو: الرجوع إلى الإمام المعصوم، الذي لا يعصي الله، وإطاعته وإتباعه، وخصوصاً لفظة( كل)، التي تدل على الكلية، والإستمراية في عدم المعصية، وهذه لا توجد إلاّ في الإمام المعصوم، فتفطّن!.

يؤيده ما جاء في أمالي الصدوق، والإقبال لأبن طاووس، عن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله أنّه قال:(يوم غدير خمّ أفضل أعياد أمتي، وهو اليوم الذي أمرني الله ـ تعالى ذكره ـ فيه بنصب أخي عليّ بن أبي طالب، علماً لأمّتي يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأتم على أمّتي النعمة، ورضي لهم الإسلام ديناً).

إذن ولاية الإمام علي عليه السلام ـ عيد الله الأكبر ـ هي آخر الفرائض التي أوجبها الله على المسلمين، وتوّج بها عليّ في آية التبليغ، بأتفاق الشيعة، وإعتراف أهل السنة، وهذه الولاية والطاعة، مستمرة في أولاده من الأئمة، الأحدى عشر عليهم السلام، والمتمثلة اليوم في إمامنا القائم صلوات ربي وسلامه عليه.

بما أننا اليوم نعيش في زمن الغيبة، أُمرنا في الرجوع إلى نائبه بالنيابة العامة، هو المجتهد الفقيه الجامع للشرائط، التقي الورع، ومصداقها الآن، سماحة المرجع الأعلى، السيد السيستاني( دام ظله الوارف)، وليس كل فقيه، فعن  الامام العسكري عليه السلام: «فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه)، والرجوع إليه والتمسك بأوامره، وإطاعته هو العيد ذاته.

اليوم الحشد المقدس، هو من أوضح مصاديق عيد الولاية، بأستجابته لفتوى المرجعية الدينية، في الجهاد والدفاع عن ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، التي فرضها الله عز وجل، والتي تجسدّت فيها الإنسانية الكاملة، وغداً ستطبق هذه الإنسانية في ربوع الأرض، عندما يظهر الله ولده الإمام الحجة بن الحسن صلوات ربي وسلامه عليه، ليملأها قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجورا.

ورد في بعض الروايات، إن أهل العراق هم أسعد الناس  بالامام المهدي عليه السلام، ولكن بعد مسح العرق والعلق، وهذا هو عيد الولاية بمعناه الواسع، الرجوع إلى الإمام المعصوم.

عباس الكتبي

محرر الموقع : 2015 - 10 - 01