تسويق وتسويغ برزاني مدفوع الثمَن
    

مَجَلَّة Foreign Policy الأميركيَّة تصدر كل شهرين، في عدَدِها الأخير، أفادَت مَقالَة Stephen Walt فيها:« لا توجد هيمنة إيرانيَّة على المِنطقة إلّا في عقل ترمب.. طهران لا تملك القدرات العسكريَّة والإقتصاديَّة لذلك!».

 

«صالح القلاب»، كاتب اردني وزير اعلام ووزير ثقافة ووزير دولة سابق وعضو مجلس اُمناء المجموعة السّعوديّة للأبحاث والتّسويق، سوَّق رأيّ فوبيا «الهلال الشّيعيّ» لصالح تجاهل التغلغل الصّهيوني شرقيّ نهر الأردن وشَماليّ نهريّ دَجلَة والفرات، بقلب صالح القلّاب حقيقة برزانيّ الأب المُلّا والإبن مسعود، بتسويغ القلّاب كعادَتِهِ لاختراق إسرائيل الأمن العربيّ في القطرين الشَّقيقين التوأمين العِراق والأردن، عندما نشر في المجموعة السّعوديّة للأبحاث والتّسويق، صحيفة «الشَّرق الأوسط» اللَّندنيَّة، بصِفتِه العضويَّة فيها، في عدَد هذه الصَّحيفة، رقم العدَد [14296] الصّادر اليوم الخميس 2 جمادى الأُولى 1439هـ 18 كانون الثاني يناير 2018م، سوَّق وسوَّغ برزاني، وكان قلَبَ مقالَهُ فيه لَوكانَ المتعوس مسعود سَعوديّاً يعبث بأمن مَهلكة أولياء النّعمة آل سَعود، يقولُ مَقالُه؛ « حالة التشرذم التي بات يعيشها الأكراد، وبخاصة خطوة «الاستفتاء» غير الموفقة، بإمكان مسعود برزاني أن يلتقط زمام المُبادرة مرَّة أُخرى، ويُعيد الأُمور إلى أنصبتها السّابقة، فالإيرانيون باتوا غير مُرحب بهم، لا بل غدوا مكروهين في العِراق كُله، ومِن الطّائِفة الشّيعيَّة قبل الطّائِفة السُّنية، ثم والواضح أن مجموعة جلال طالباني، ومعها كل أتباع إيران قاسم سليماني و«اطلاعات» و«حرس الثورَة» لم تعد قادرة على تحدي البارزانيين الذين هناك فرصة كبيرة لاستعادتهم ألقهم السّابق، ولاستعادة مسعود برزاني مكانة الرَّقم الرَّئيس في المُعادلة الكُرديَّة، ورقماً رَئيساً في المُعادَلَة العِراقية كُلّها، وهذا بالطَّبع يتوقف وإن بحدود غير رئيسة على إمكانية تفسخ التحالف التركي- الإيراني، الذي هو تحالف ضرورات ومصالح مُؤقتة مِن الواضح أنه سينهار أمام ضغط التمحورات المُتلاحقة على السّاحة السّورية، وحيث إن انشغالات الرّوس بمستجدات الأوضاع في أُوكرانيا قد تقلص أو تنهي وجودَهم في سوريا!. لقد بقيَ الأكراد مُنذ سقوط نظام «البعث» وصدام عام 2003م رقماً رَئيساً في الحكم العِراقي، ولعلَّ أكبر خطأ ارتكبوه خلال الوَضعيَّة المُستجدة، بعد الغزو الأميركي لبلاد الرّافدين، ذلك العام، أنهم تحالفوا مع إيران ومع امتداداتها المذهبيَّة والسّياسية على السّاحةِ العِراقية، وأنهم ابتعدوا عن «المُكوِّن السُّني»، بل إنهم عادوه على أساس أنه النظام السّابق، وأن النظام السّابق هو، وهكذا فإن المُفترض أنهم اكتشفوا أنهم ارتكبوا خطأً، ليس فادِحاً فقط بل وقاتِلاً أيضاً، عندما لم يدركوا أن تحالفهم مع جهة مدعومة من قبل دولة إقليميَّة رَئيسة سيجعلهم تابعين لهذه الدَّولَة وامتداداتها باستمرار، وحقيقة أنَّ هذا ما حصل بالنتيجة، وهو واقع الحال على الأقل في مِنطقة السُّليمانيَّة التي تُعتبر العاصمة الثانية لمِنطقة الحُكم الذاتي الكُرديَّة. أن مسعود برزاني دفع ولا يزال يدفع ثمن تمسكه باستقلاليته عن إيران أولاً.. لقد بقي رجب طيب إردوغان يستنجد بمسعود برزاني، كُلما اشتدَّ عليه ضغط «p.k.k»، حزب العمّال الكُردي- التركي، الذي كان ولا يزال يحتفظ بوجود عسكري رئيسي في مناطق جبل قنديل، وفي الأجزاء الشَّمالية مِن كُرد العِراق.. رُبَّما حسابات مسعود برزاني غير دقيقة، بل خاطئة، عندما أصرَّ على الذهاب إلى الاستفتاء رُغم نصائح الأصدقاء.. بقيَ مسعود برزاني مُصرَّاً.. في حين أن الرَّئيس العِراقي السّابق جلال طالباني، الذي كان انشق سابقاً ومُنذ فترة بعيدة عن حزب «البارتي» وعن المُلّا برزاني كان استجاب وحول مدينة السُّليمانيَّة إلى موقع مُتقدّم لحرس الثورة والمُخابرات الإيرانية اطلاعات».. وقد استهلَّ القلّاب مقالَه بالرّأيّ المقلوب: «لتسديد حسابات قديمة وجديدَة، أدرجت إيران اسم مسعود برزاني على قائمة الذين اتهمتهم بالمسؤوليَّة عن افتعال الأحداث الأخيرة، التي سمّتها دوائر الوَلي الفقيه عمليات شغب وفوضى».

 

وصحيفة "الحياة" تستقي ذات السّياق في تقرير لها في عددها الصّادر في 16 كانون الثاني 2018م، وتقول بأن الحوارات الأخيرة بين العاصِمة بغداد وإقليمها المَحلّيّ شَماليّ العِراق، حوارات فنيَّة، لا ترقى إلى تسمية مُفاوضات سياسيَّة، وفق ما نقلت عن مسؤول في بغداد، فيما أشارت إلى أن العاصمة لم تتراجع عن شروطِها الأساسيَّة. ونقلت الصَّحيفة عن مسؤول الملف الكُردي في التحالف الوَطني عبدالله الزَّيدي، إن "بغداد لم تتراجع عن النقاط والشروط الأساسيَّة التي مِن خلالها يتم استئناف الحوار، لكنها أبدت نوعاً مِن التفاهم الأوَّلي حيال بعض الإجراءات الفنية الإدارية، مِثل رواتب مُوظفي الإقليم والمطارات، كُلّها أُمور لا ترقى إلى أن تكون هناك مُفاوضات سياسيَّة بخصوصها ولا يوجد تفاهم لخوضها لغاية اليوم". وردَّاً على سؤال عما إذا كانت مرونة حكومة العبادي تأتي استجابة لضغوط دول غربيَّة أبرزها واشنطن، نتيجة لمواقفها المؤيّدَة لوَحدة العِراق، قال الزَّيدي: "نؤكّد أنه لم يجر إلى الآن أي تفاوض سياسي، ان حلّ كُلّ الإشكاليات يبدأ بتشكيل مسار جديد يُؤدّي إلى وضع حلّ جذري للمُشكلة العالِقة المُستدامَة". وعن فرص توسيع مساحة الحوار الجّاري في ظِل التقارب الحاصل، شدَّدَ الزَّيدي على أن "بغداد مرنة وتطلب الحوار، ولم تسلك سِوى درب القانون باللُّجوء إلى المحكمة الاتحادية، وطلبنا مِن الإخوة في الإقليم الاعتراف بقراراتها والالتزام بها قانوناً". ودعا حكومة أربيل الإنفِصاليَّة المحلّيَّة إلى أن "تتقدم خطوة إلى الأمام لطمأنة بغداد مِن القلق الذي يساورها"، ولا بُدَّ مِن التراجع عن خطوة الاستفتاء التي كانت ضربة لوَحدة العِراق".

 

وأكّد النائب عن ائتلاف دولَة القانون، جاسم البياتي، ان المسؤولين في شَماليّ العِراق يريدون الجلوس على طاولة الحوار لحلِّ الخلافات العالقة على اساس دولتين وليس دولة واحدة. ما رأيّ القلّاب الأردنيّ- السَّعوديّ في ذلِك؟!.

 
 
 محسن ظافر آل غريب
 
محرر الموقع : 2018 - 01 - 17