صُعود وسُقوط في وادييّ الحضارَة الرّافِديَّة والنّيل
    

محسن ظافر آل غريب 

 

 

صُعود وسُقوط في وادييّ الحضارَة الرّافِديَّة والنّيل بعد انقلاب عسكر العِراق ومصر، حيثُ نشأت طَبقة طُفيليَّة تنتحل الرُّتب العسكريَّة مِثل المُهيب الرُّكن الدّكتاثور صدّام وسِرّ أبيه الدُّكثور الأرعَن عدي، وابن عمّ الدّكتاثور المقبور حامِل اللَّقب العِلميّ كيمياويّ مُنتحِل رتبة الجَّنرال الزُّور علي كيمياوي أعلى اللهُ كعبَه شَنقاً، وسكرتير الدّكتاثور حامِل اللَّقب العِلميّ الدُّكثور عبد حمود، وحيثُ نشأت على الأثر طَبقة سياسيَّة مُزوّرَة للوَجاهَة الزّائِفة ولِشَهادَتيّ الإعداديَّة والبكالوريوس في وادي الرّافِدين/ اللّيسانس شَماليّ وادي النّيل، ترفِل وتستحوذ على الامتيازات الماديَّة والاعتباريَّة كالجَّوازات الدُّبلوماسيَّة بادِعاءات نيابيَّة برلَمانيَّة قانونيَّة شَرَّعتها لِنَفسِها غير النَّفيسة/ الخسيسة، لِتمثيل الفِئات المُستضعَفة في الأرض الرّافِديَّة والشَّمالنّيليَّة: عُمّال وفلّاحين، حتى وزارَة المرأة وزيرها أحد أشباه المُتعلّمين/  المُتفيقهين- المُثقفين مَجازَاً وتجاوزَاً على الثقافة، كما فعلَ تاجر في مجلس مُحافظَة المُثنى العِراقيَّة استبدَل اسم شارع الكورنيش على نهر الفرات باسم فاجر فاحش استراليّ سَبعينيّ مُتصابيّ بوهيميّ مُعتل عُتل هَمَّه ارتزاق عَلَفه بنظم باقات الشَّعير يحيى يموت!. اليوم.. لقبي بانتهازيَّتي في جُمهوريَّة العِراق كما كانت في المَملَكة المصريَّة؛ بفلوسي!.. إذ العديد مِنَ الرّاغبينَ في الوَجاهة الاجتماعيَّة التي تقدمها الكُلّيات التي فشلوا في دخولها كالرّاسبين الذين أدخلَهم حزب البعث الرَّث في دورات حزبيَّة سريعة إلى كُليَّتيّ الضّباط عسكريَّة وشَرَطَة، أو فشلوا في التفوّق فيها، ولذلك بدأوا يبحثون عن الألقاب التي - تعطي الوَجاهة النَّهّابة الوَهّابة! - على طريقتهم الخاصَّة. فاشتروا الألقاب مِن بعض المُؤسَّسات التي تهب الألقاب على غرار "دكثور" أو "مُستشار" أو "سَفير".

 

أوَّل الألقاب التي يسعى الكثير مِنَ الجدعانمصريين للحصول عليها في عهد الانقلاب، لَقب المُستشار المُخصَّص لرجال القضاء تحديداً، لَّلذي يهب صاحبه العديد مِنَ المزايا، أهمّها الوَجاهة الاجتماعيَّة والَّذي مِنّو بتعبير الجَّدعنة/ العَلّاسَة عندنا في العِراق. وقد ظهرت مُؤسَّسات تعطي دورات في التحكيم الدّولي على أن يحصل الخرّيء/ الخرّيج مِن تلك الدَّورات على لَقب مُستشار بمقابل مادي زهيد لا يتعدّى 600 جنيه. وانضم الكثير لتلك الدّورات، وأصبحَ لَقب "مُستشار" مُتداوَلاً جدَّاً لدرجة أزعجَ رجال القضاء أنفسهم، وجعلَهم يبدلون لَقب مُستشار غير راضٍ بلقب قاضٍ، القاضي المصريّ كالقاضي البصريّ وائِل عبداللّطيف، تنازَلَ عن لَقبه دكتور!. وهنالك إقبال كبير على مَزاد لَقب "سَفير" العَلَني في هذهِ السّوق الحُرَّة الرّابحة مَعفيَّة الضَّرائِب، وذلك لما يترتب على هذا اللَّقب مِن تسهيلات لصاحبه مِثل الحصانة الدّبلوماسيَّة وغيرها من الخدمات الأُخرى. وفور انتشار لقب "سفير النوايا الحَسنة" مَلَصَ الفنانون والسّياسيون أصحاب الأدوار الاجتماعيَّة المرموقة مِن مَعايير حتى مَظَلَّة منُظمة الأُمَم المُتحدة، ويُعادل لَقب السَّفير الدّبلوماسي، وانتشرت الجَّمعيّات والمُنظمات الحقوقيَّة في مصر التي ادّعت أنها تستطيع أن تعطي هذا اللَّقب لِمَن يُريدَه بمقابل ماديّ كبيرحتى لو لَم يكُن يملِك دُبلوم تــُجارَة. ووصل سعر هذا اللقب في مصر عام 2017م إلى 12$ ألف دولار رُغم كونه لقباً غير رسميّ، وقد تمَّ القبض  في العام نفسه على عصابة مُكوَّنة مِن زوج وزوجته يقومان بالنّصب على المشاهير مِن خلال سَحب مبالغ ماليَّة كُبرى مِنهم مُقابل إعطائهم لَقب سَفير نوايا حَسنة، وجواز سَفر دُبلوماسي مُزَوَّر. أشهر الألقاب التي يسعى إليها مُعظم الرّاغبين في الوجاهة الاجتماعية في مصر اليوم لَقب دكثور، الذي لا يحصل عليه إلّا مَن قام بعمل ماجستير ثمّ دكتوراه بعد تخرُّجه. وفي ظِلّ ذلّ صعوبة الدّراسات اللّازمة للحصول على لَقب "دكتور"، أصبح هذا اللَّقب كالألقاب الأُخرى يُباع ويُشترى مِن جامِعات ومُنظَّمات دوليّة في بريطانيا وهولندا وإسبانيا، وهذا ما كشفه أحمد العبّاسي الباحث الإعلامي مُدير وَكالة شاهد الإعلاميَّة الذي قرر أن يتقدّم بطلب لمجلس النّوّاب المصري للتدخل لإيقاف شراء الألقاب العِلميَّة مِنَ الخارج، وعلى رأسها بضاعَة لَقب "دكثور". يقول العبّاسي لرصيف22 إنه رصدَ انتشار الألقاب العِلميَّة في مصر، خاصَّةً لَقب دكتور الذي أصبح مُلازماً لشخصيّات لم تكمل دراستها، إذ اشترت اللَّقب من جامعات بأميركا وبريطانيا وإسبانيا كي يكسبوا وَجاهة اجتماعيَّة للتعتيم الاعتباريّ تعوّضهم عن فشلِهم في التعليم. وأوضحَ العبّاسيّ أنَّ انتشار هذا اللَّقب الرَّفيع زاد عن الحدّ ما جعلَه يتتبع خطوات الشَّيطان للحصول عليه بطريقة غير رَسميَّة أو بمعنى أدَقّ بطريقة دفع الأموال لا الدّراسة والكفاح، فوَجد أنَّ هناك جامعات مِثل لاهاي ومُؤسسات كثيرَة تعطيه بمقابل مادي يُراوح بين 600$ دولار-  10$ آلاف دولار. ورأى الباحث الإعلامي المصري أنَّ ظاهِرَة التجارة في هذا اللَّقب تحديداً، مُحبطة لأنها تساوي مَن تعلَّم ودرس وبحث وتعب بمَن معه أموال ويبحث عن فقط وَجاهة اجتماعيَّة لا غير. هذا الواقع حثَّ العبّاسيّ على التواصل مع نوّاب في البرلمان المصري لإصدار قرار يحظر شراء الألقاب العِلميَّة، ويجعل لَقب "دكتور" محصوراً بالدّارسين والباحثين. وعلى سبيل المِثال لا الحصر، لا يزال لَقب العُمدَة في القُرى والنُّجوعِ مُجسّداً لشخصيَّة كبير البلد أو أهمّ مَن فيها رُغم أن هذا اللَّقب عبارة عن منصب للشَّخص المسؤول عن القرية، الذي تُعّيّنه الدّولة، وكانت له صلاحيات كبيرة في زَمن المَلكيَّة. وما زال الناس يستخدمون مجازاً لَقب الباشا وصفاً لشخص في منصب ما زالَ كعورَة عَمرو بن العاص مُعاصِرَة مصر وتُقبّح وَجهَ التاريخ. يرى الدكتور علي شوشان، الخبير النفسي الاجتماعي، أنّ سَعي الكثير مِن الناس للحصول على ألقاب لمّاعة، كالسَّفير والدّكتور والمُستشار حالياً، والباشا والبك في الماضي، قديم في المُجتمع المصري بقدم الفراعِنة. ويقول شوشان لرصيف 22 إن الألقاب كانت منُتشرة في مصر الفرعونيَّة كنوع من أنواع الطَّبقية يفرّق بين الفلّاح البسيط والملك أو الفِرعون ورَجُل الدّين الذي كان يلقب بالكاهن. مُشيراً إلى أن هذه الألقاب اختفت في بداية دخول الإسلام لمصر قبل أن تظهر مِن جديد أثناء الحُكم العُثماني، وبالتحديد مع محمد علي، الذي جعلَ مِن الألقاب جزءً أساساً مِن حياة المُجتمع الذي قُسِّمَ إلى أفندي وهو المُتعلّم البسيط، والبك وهو التاجر المُمَيَّز، وأخيراً فِئة الباشا وهو صاحب الثروات الطّائِلَة وفدادين الأطيان. تبلورت أهميَّة الألقاب في مصر مُنذ الحُكم المَلَكي، عندما كان المَلك مِن حقه أن ينعم بألقاب الباشويَّة والبكويَّة على مَن يريد، وكان هذان اللَّقبان تكريماً لِمَن يحصل عليهما. ففي وقت من الأوقات كان يدفع التجار والسّاسة آلاف الجُّنيهات مِن أجل الحصول على واحد مِن هذين اللَّقبين لكي يضيفوا إلى شخوصهم وَجاهة اجتماعيَّة تساعدهم في أعمالِهم. وقد كشفت الدكتورة ماجدة بركة في كتابها "الطَّبقة العُليا بين ثورتين" أسعار تلك الألقاب لِمَن كان يُريدها عن طريق الرَّشوَة، فسعر البكويَّة مِن 5 آلاف إلى 10 آلاف جنيه، وسعر الباشويَّة مِن 20 إلى 35 ألف جنيه، على أن تدفع هذه الأموال للقصر المَلَكي. ومع صعود ضبّاط انقلابي 23- 3  تُمّوز 1952- 2013م للسُّلطة وزيادة نفوذهم ونفوذ المُؤسَّسة العسكريَّة والأنظمة الأمنيَّة اجتماعياً سياسيَّاً، أصبحت الوَجاهة في الرُّتب العسكريَّة، وراحت بعض الأُسَر تُوَجّه أبناءها لِكُلّيتي الشّرطة والحربيَّة.

 

 

اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (سورَةُ ص 17). الأَيْدُ= الإرادَة القويَّة. أيادُ= قوي.

 

لا مانِع مِن نشر واستنساخ هذا Reproduction and copy making is authorized نشر ونسخه برداري از آن آزاد است.

 

ثبت كُتُب:

 

«أبُ عُمر يُوسُف بن عبدالله بن عبدالبَر المالكي» الموسوم بعُنوان “ الاستيعابُ في أسماءِ الأصحاب ”، «أحمد بن عبدالمعروف بن حجر العسقلانيّ» “ الإصابة في تمييز الصَّحابة “ / “ الدُّرَرُ الكامِنة في أعيانِ المائة الثامِنة ”، «عزّالدِّين عليّ بن مُحَمَّد بن الأثير الجّزريّ» “ اُسد الغابة في مَعرفة الصَّحابة ”.

 

«مُحَمَّد بن سَعد» كِتابُ “ طبقات الواقِديّ الكبير والصَّغير ”.

 

«الخطيبُ البغداديّ» “ تأريخُ بغداد ”، «ابنُ عساكِر» “ تأريخُ دِمَشق ”. 

 

«ياقوت الحمويّ» “ معجم الاُدباء ”، الإخباريُّ «مُحَمَّد بن عُمران المرزبانيّ» “ معجم الشُّعراء ”. 

 

«مُحَمَّد أمين بن فضل الله بن مُحِبّ الدِّين بن مُحَمَّد المُحبّي» “ خُلاصَةُ الأثر في أعيانِ القَرن الحادي عَشَر ”، «مُحَمَّد خليل بن عليّ المُراديّ أبو الفضل» “ سلكُ الدُّرَر في أعيانِ القَرن الثاني عَشَر ”، الشَّيخُ «أبُ جعفر مُحَمَّد بن الحَسَن بن عليّ الطُّوسيّ» “ الرّجال ”/ “ الفِهرَست ”، الشَّيخُ «أبُ الحُسين أحمَد بن عليّ النَّجاشيّ» “ الرُّواة ”، «مُحَمَّد باقر المَجلِسيّ» “ مِرآة العُقول في أخبار آل الرَّسول ”، «مُحَمَّد بن عُمر بن عبدالعزيز الكشّيّ» نسبةً إلى مِنطَقة كش القريبة مِن سمرقند، مِن أهم عُلَماء الشّيعة صاحب كتاب “ الرّجال ” في عِلم الرُّواة وافتراق الفُرَق وفُرقاء الحدوث؛ فلَمّ الشَّملِ ووَحدَةِ الكلِمةِ وكلِمة التَّوحيد، روح وبيضَة الإسلام الإسلام الأيد العزيز، اُمَّةُ لُغة القُرءان العرب قدَرُهُم وقدْرهُم تكليفاً وتشريفاً أن تكون العرب لُحمَة الإسلام وسُداه ورأس النَّفيضة وتزامُناً مع «مِربد 32» البصرَة الشِّعريّ، أشار ملك السَّعوديَّة سَلمان آل سَعود، خلال استقباله ضيوف مِهرجان التراث والثقافة «الجَّنادريَّة 32» مِن الأُدباء المرتزقة، في قصر اليمامة، أمس، إلى «أهميَّة الثقافات بصفتها مُرتكزاً أساسَاً في تشكيل هُويَّة الأُمَم وقيمها، وأهميَّة البُعدِ الإنساني المُشترَك في كُلّ ثقافة بعيداً عن مفهوم صِدام الثقافات»، و“جزيرَة” قطَر تدعو لتدويل الحرَمين على غرار حاضِرَة الفاتكان، سَلمان مُشيراً إلى أن البعد الثقافي أصبح مُرتكَزاً في العلاقات بين الدُّول والشُّعوب، وتعزيزه خِدمة للسَّلم والأمن الدّوليّين. اُنموذج مِن فلسطين اُلى القبلَتين القُدس الشَّريف “محمود درويش” في «فانتازيا الناي» ترنَّم: «النايُ أصواتٌ وراء الباب. أصواتٌ تخافُ مِنَ القمرْ/ قمرِ القُرى. يا هل ترى وَصلَ الخبرْ/ خبرُ انكساري قُربَ داري قبل أن يصلَ المَطرْ/ مَطرُ البعيدِ ولا أُريدُ مِنَ السَّنةْ/ سَنةِ الوَفاةِ سِوى التفاتي نحو وَجهي في حَجَرْ/ حَجَرٍ رآني خارجاً مِنْ كُمِّ أمّي مازجاً قدَمي بدمعِتها/ فوَقعتُ مِن سَنةٍ على سَنَةِ/ ما نفع أُغنيتي؟»..

https://www.youtube.com/watch?v=1VShlHgy7jY

محرر الموقع : 2018 - 02 - 13