تهيأوا لـ 4 عجاف
    

علي علي

  كثيرون اليوم يقولون أن عراقنا يمر حاليا بانعطافة مهمة وحساسة وخطيرة، وهي قطعا، ليست أول انعطافة، فهناك ثلاث مثيلاتها بالأهمية ذاتها، وبالحساسية والخطورة عينهما، كان العراقيون قد عاشوها بمرارتها ومرارتها ومرارتها -إذ لاحلاوة فيها البتة- فتجسد فيهم بيتا الشعر:

حتامَ أخرج من ياس الى ياس

وكم أذوق وأبقى طافح الكاس

لا أبلغ الذروة العليا على قدمي

حتى أنكَس للوادي على راسي

وبذا، لم يعد توقع السوء تشاؤما، ولا التوجس والريبة من مقبل الأيام وهما، بل هما حقيقة واقعة مستقبلا لامحالة، وفق المعطيات المتوافرة في الحاضر.

  تلك الانعطافة هي عملية الانتخابات، هذه العملية التي تدور حولها منذ حين أحاديث وتحليلات وتأويلات طالت دون جدوى، وعرضت دون طائل، وقد أفضت سلبيات التجارب الثلاثة السابقة الى عزوف نسبة لا يستهان بها من الشعب العراقي عن خوض الرابعة. حيث يتمسك بعضهم بحديث نبوي، وآخر يتشبث بقول مأثور، وثالث يتحجج ببيت عتابة، ولعل رابعا متعظ ببيت دارمي، وهم جميعا يبررون بما لديهم من أعذار عزوفهم عن حقهم في الانتخاب.

فالأول متمسك بحديث خاتم الأنبياء حيث يقول: "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين". والثاني متشبث بقول وليم شكسبير: "أسامحك على عشرة أخطاء مختلفة ولا أسامحك على نفس الخطأ مرتين". ولعل حجة الثالث هي بيت العتابة:

مرة ينبت عنب صدره ومره تين

ومرة أخف الجدم الها ومره اتين

الشراع مايخطف العاقل مرتين

ذاك دبشي ويه الوحوش السارحات

أما الثالث فأظنه قد اتخذ موقفا متعنتا من الذهاب الى صناديق الاقتراع، تولد من قصة سمعها بجلسة ديوان، أو اطلع عليها بموقع تواصل اجتماعي، تروي تعنت شاب هجرته حبيبته فعزم على مقاطعتها الى الأبد ثأرا لكرامته وكبريائه، فقال:

لو ضحك سني وياچ مبخوت اشلعه

          ومن يرف گلبي عليچ من صدري اطلعه

وبتحصيل حاصل، فقد أجمع عراقيون كثيرون على مقاطعة الانتخابات، لأسباب أغلبها مقنعة -بل مقنعة جدا- وهم بين شاكّ بمصداقية نتائجها، ويائس من شفافية آلية الاقتراع، وآخر أوصله نواب عراقه طيلة عقد ونصف العقد حد القنوط من العملية السياسية برمتها، ومن أي نفر يصل سدة الحكم ويعتلي منصبا في الدولة، حيث جعلوه يردد قياما قعودا وعلى جنوبه:

شما أنتخب واختار الحاله هيه

وبسبع صابونات غسلت اديه

الحديث حتى اللحظة بعيد عن طلاسم صناديق الافتراء، ومع ضعف الأمل وانحسار كوة نفوذه الى واقعنا الحالي، نجدد الصبر والتحمل على مضض لحين فتح الصناديق الأسبوع القادم، لكن الخوف -كل الخوف- يساور كثيرين، بأن يمتد بنا الصبر والتحمل أربع سنوات عجاف أخريات.

محرر الموقع : 2018 - 05 - 06