الجيل الثاني من المحاصصة
    

سيف ابراهيم 


الجيل الثاني من المحاصصة 

في ظل قرب موعد الانتخابات البرلمانية في العراق تتصاعد حدة التوترات و الصراعات بين الاحزاب ، و كلآ يحاول تسقيط الاخر من خلال نشر فيديوهات حقيقية و مفبركة ، تسجيلات صوتية مسجلة ،  الصفحات الممولة . التي لها بالغ الاثر بغض النظر عن اخلاقية هذه الافعال من عدمها ، انها حرب ضروس و في الحب و الحرب كل شي مباح  . هذا كله من اجل الحصول على اكبر عدد ممكن من المقاعد في البرلمان من اجل محاولة تطبيق البرنامج الانتخابي الذي يحمله هذا الحزب او ذاك ، و يكون ممكنا حين القدرة على تشكيل الحكومة ، في حين نرى ان هذا الامر غير ممكن بالحسابات المنطقية حيث لن يستطع اي حزب مهما علا شأنه و تأثيره ، الحصول على اغلبية المقاعد و ذلك لسببين رئيسيين هما ، الانقسام الكبير و الواضح في الاحزاب و الكبيرة منها خاصة سواءا شيعية او سنية او كردية  ، و الذي حصل اما بسبب اختلاف الرؤى و الصراع حول الزعامة ، و اما ان يكون الانشطار هو امر تكتيكي المراد منه الاستفادة من اكبر عدد من الاصوات و خاصة تلك التي يعارض جمهورها شخصية ما بشدة ، و يؤيد الاخرى في ذات التكتل كما هو الحال في حزب الدعوة . اما السبب الاخر لعدم امكانية حصول اي حزب او ائتلاف على الاغلبية فهو بسبب العزوف الذي يتوقع ان يكون كبيرا من قبل الناخبين العراقيين في الداخل و الخارج على حد سواء ، فالشعب غير راض ٍ عن اداء السياسيين بالمعظم ،  لذلك ما شهدته تونس في انتخاباتها البلدية التي وصلت نسبة المشاركة فيها حد مننتصف الثلاثين بالمئة و ما حصل في انتخابات لبنان النيابية بمشاركة ما يقارب الخمسين في المئة ، سيتكرر هذه المرة في العراق ايضا و لكن بنسبة اعلى من لبنان بقليل ، المعظم يائس من امكانية التغيير و ما الانتخابات حسب وجهة نظرهم الا لعبة يتلاقفها الزعماء المسيطرين على المشهد السياسي برمته ، الغاية منها الحصول على المشروعية الدستورية في بقاءهم و تمددهم على رأس جميع السلطات و المسؤوليات الحساسة . بناءا على ما تقدم و لعدم امكانية الحصول على الاغلبية لاي من المكونات الثلاث من جهة ، و عدم قبول الدول العظمى تشكيل الحكومة من طيف مكوناتي واحد من جهة اخرى ، صار لزاما الانتقال لحل اخر يحاكي هذا التغير ، فبعد الاعلان عن نتائج الانتخابات ستحاول كل الاحزاب و الكتل السياسية البحث عمن يقاربها في ثقل عدد المقاعد بغض النظر عن الطائفة او القومية او الايديولوجية و حتى لو لم تكن منسجمة معه في الاهداف و البرامج من اجل الوصول الى عدد مقاعد النصف زائد واحد و تشكيل الحكومة . هذا الامر يظهر لنا سابقة لاول مرة تحدث ففي جميع الانتخابات السابقة كانت الكتلة الشيعية الصرف بمختلف مشاربها هي من تكون الاغلبية و بذلك هي من تشكل الحكومة و يكون رئيس الوزراء منها تحديدا ، و الكتلة السنية كذلك تكون صرفة و منها يكون رئيس مجلس النواب ، و الكرد بمجموعهم التحالف الكردستاني يختارون رئيس الجمهورية . السابقة التي ستحدث في انتخابات برلمان 2018 هي ان الكتلة الاكبر و التي ستضم خليطا من قوى شيعية مؤثرة و قوى سنية فاعلة و قوى كردية صاعدة ، هي من ستفرز المتصدي لرئاسة الوزراء و الذي بكل تأكيد سيكون شيعيا ، كذلك سيكون رئيس البرلمان مولود من مخاضها و بحتمية سنية ، ايضا و ختاما فإن رئاسة الجمهورية لن تخرج من جلبابها و بكل تأكيد بصبغة كردية . اما باقي الاحزاب و الكتل الاخرى و التي لم تستطع تكوين الاغلبية للظفر بتكوين الكتلة الاكبر فما عليها الا ان تكون في المعارضة ، و في هذا الامر تطور على مستوى الاداء السياسي و التجربة الديمقراطية الوليدة ، نعم هي لم تخرج بعد من رداء المحاصصة و التوافقية المكوناتية الا ان القادم على مستوى الانتخابات المتوالية ينذر بخير .

محرر الموقع : 2018 - 05 - 10