هل يعود الذئب إلى أعلى التل
    

محمد جواد الميالي

منذ أن طرأ على العراق مصطلح الديمقراطية، ومارس شعبه المظلوم حقه المشروع في الأنتخاب، وغمسه إصبعه بالحبر الأزرق، لم تخرج السلطة من خندق حزب الدعوة، سواء أكانوا هم فقط من يستطيعون إدارة دفة الحكم، كما تدعي إحدى النائبات، أو بفضل الصدفة التي لعبت دورها في دورتين سابقتين، أو عدم وجود متصدي لمنصب رئيس الوزراء غيرهم .

الولاية الأولى التي تم طبخها بعناية في إحدى بنايات الجادرية، لغرض تسوية الخلاف بين الأحزاب الشيعية، كانت هي الصدفة التي جعلت الذئب يرتقي إلى أعلى تل الحكومة، والولاية الثانية التي تمت بنكهات الحنانة في النجف، ضفر بها نفس الذئب، وذلك لما قدمه من تنازلات ومناصب عدة، من أجل التمسك بالسلطة، وأخذت الجادرية طريق المعارضة، في حين أن مفهوم أن تكون معارضاً، لا يملكه سوى من كان ملماً بعلم السياسة من كل جوانبها، وأتضح سبب عدم قبولهم بالولاية الثانية لنفس الذئب في نهاية 2014 .

الذئب ليس بريئا من دم ضحايا سبايكر، التي كانت عبارة عن ورقة ضغط على باقي الأحزاب، ليرضخوا بالقبول به رئيس وزراء مرة أخرى، إلا أن إهداره للمال العام، وتسببه بضياع ثلث العراق، كان لابد لهذا الذئب أن يترك التشبث بالسلطة، لأن الكل تأكد ما إن حصل على الولاية الثالثة، سيدخل العراق في نفق مظلم لا نهاية له، ولكن بتدخل من المرجعية تم إزاحته من هرم السلطة، وذهبت عبارات ما ننطيها أدراج الرياح، ولكن المنصب لم يخرج من الخندق المظلم لحزب الدعوة .

إنتخابات 2018 كانت حلم البعض لسحب البساط من تحت أقدام حزب الدعوة، وكانت نتائجها مفاجئة للكثيرين، رغم كمية التزوير التي حدثت بها، حيث حقق سائرون بقيادة مقتدى الصدر مالم يكن متوقعاً، فكانت حصة الأسد من نصيبه، وجاء بعده النصر بقيادة العبادي، ومن ثم الفتح بقيادة العامري، وحققت الحكمة الشابة، مفاجئة للجميع بنجاحها في الإنتخابات بقيادة الحكيم، ولكن الإنتخابات كانت ضربة موجعة للمالكي، بعد إعلان النتائج بدئ مخاض عسير للخروج بالتحالف الأكبر لتشكيل الحكومة الجديدة.

منصب رئيس الوزراء في دولة العراق المستقلة، يجب أن يكون بتوافق إقليمي دولي! فيجب أن توافق دول الجوار على من سيتسلم قمة الهرم في الحكومة، فبدأت المباحثات بين الجادرية والحنانة، وبين الإقليم والفتح والغربية، وأخيرا التقارب الذي بدأ يخطط له في الجادرية، بين سائرون والفتح والوطنية والحكمة، ولكن الغريب أن المالكي لم يحدث أي ضجيج بخصوص الدخول بالمفاوضات.

المالكي يملك من الدهاء مايمكنه من خلط الأوراق على أكبر التحالفات، ولا يمكننا أن نتوقع خروجه كمعارض، بل ممكن ان يكون طرفاً أساسياً في إختيار رئيس الوزراء،  لا يمكن أن ننسى الوثيقة المبرمة بين المالكي والعبادي قبل الإنتخابات، في حين سيلعب تذبذب قرارات سائرون التي تستقر على رمال متحركة، ولهث الإقليم وراء المناصب، وتقارب الفتح من الدعوة، بسبب تقارب سياستهما الخارجية، وكذلك سياسة المالكي العميقة، كل ذلك من المرجح أن يؤدي إلى تغيير خارطة التفاوضات.

 إذا هل ستكون سائرون هي الخاسر الأكبر في ظل مايعد في دهاليز السياسة، ولكن في كلتا الحالتين يمكن للحكمة ان يكون بيضة القبان الذهبية، وتأخذ لقب الرابح الأكبر في مخاض التفاوضات، إذا هل سيتغلب عمق التكوين السياسي للمالكي، على سائرون ومقاعده البرلمانية، أم سيكون للحكمة رأيٌ آخر؟

محرر الموقع : 2018 - 06 - 20