من حاكمية السيف الى حاكمية المال
    

قبعت شعوب المنطقه عامه والشعب العراقي خاصه سنين طوال تحت سطوة سلاح الحاكم , وأذا أردنا نحدد تاريخ لدراستنا وهو تاريخ بداية الدوله الأمويه , وهو تاريخ يمكن أن يتفق عليه الباحثون بلادينية الدوله وأن أدعت وأوهمت الأخرين بأسلاميتها , وهي دوله تأسست على القوه الغاشمه وبروح مكيافيليه نقيه. كان سيف مؤسسها معاويه بن أبي سفيان هو من أخضع الجميع لحكمه , وفي دولته رفع شعار (من قال لنا هكذا , قلنا له بسيوفنا هكذا) . أنها دوله سارت  بسيف الحجاج , وزياد بن أبيه, وعمر بن سعد , ووو. لم يكتب التاريخ أن بني أميه قد أغمدوا سيوفهم بأغمدتها , فالعكس هو الصحيح , حيث كانت طول الوقت تقطر دمآ من معارضيهم , حتى مارسوا عقوبة دفن الأحياء , وعلى خطاه مشى صدام بأعدام مجموعه من ضحاياه من الكرد , وثوار الأنتفاضه الشعبانيه في صحراء السماوه , على نفس المنوال أقتفى هذا الأثر كل الأنظمه التي حكمت هذه المنطقه من العالم من حكام بني العباس , مرورآ بالعثمانيين وأنتهاءا بصدام حسين . هذه الأنظمه كان عمودها الفقري , وسر بقاءها في الحكم لمده طويله هو السيف , وأراقة الدماء , وأزهاق الأرواح , بكل طرق الموت المتاحه. أنها رغبة التوحش التي تعتري نفسية الحاكم المجنونه بحب السلطه وشهوة المال . هؤلاء الحكام أمتلكتهم رغبه غريزيه تضخمت مع الوقت فخلقت عندهم ما يسمى بجنون العظمه , وهو مرض يتخيل فيه الحاكم بأنه قدر هذه الأمه , والقضاء الذي أنزله الله عليهم به, فما يكون المنازع له الا منحرفآ , أو جاحدآ يستحق الموت لأنه عارض حتمآ تاريخيآ وقدرآ منزلآ من السماء , طبعآ كما يدعي الحاكم. هذه الفلسفه بالحكم جعلت من متبنيها تعتنق نظرية الحق الآلهي , الذي يعني الحكم المطلق والأبدي , وأن الحاكم تتلبسه شهوة الحكم حتى يستسهل أزاحة كل من يقف حجر عثره في طريق بقاءه على كرسي سلطانه , وهذا هو ما دعى هارون الرشيد العباسي أن يرد على أحد أولاده عندما سأله يومآ عن أحقية الأمام الكاظم (ع) في الحكم , فكان جوابه له (لو نازعتني أنت في هذا ويعني كرسي الحكم لأخذت الذي فيه عينيك), هكذا وصل الولع والغرام والأدمان على الحكم والسلطه. أزاء ذلك فكيف عندما يكون المعارض ليس من أهله , فما عساه أن يفعل به . فقد حولت الأنظمه السلطويه عبر التاريخ أرض هذه البلاد الى مقبره جماعيه لكل من يعارض النظام , والمحظوظ هو من يولي هاربآ في أصقاع الأرض البعيده, والحمد لله ! ما زلنا نعيش حالة الهروب الجماعي من سيف الحاكم وسوط أعوانه.

أن من سوء حظ هذه الشعوب أن تقليد وراثة الأنظمه عشعش ليومنا هذا , وكأنه قدر لها , فقد أورث الأبناء من الآباء أنظمه قائمه على الحديد والنار , ولكن الأبناء أجتهدوا فأضافوا لها المال الفاسد عونآ ومنعتآ للسيف . أنها صفحه تاريخيه جديده لحكم رعيه أعياها سيف وحروب الحاكم , فكان المال والتحكم به هو من يمسك بزمام السلطه ويلجم من تسول له نفسه بالمعارضه . أنها تقنيه جديده يشترك فيها السيف والمال والعقيده (الأيديولوجيا) , وهنا يكاد يستخدم اليمين تفسير ماركس للتاريخ ويجعله في خدمته وهو أن طبيعة وقدرة الماده (الأقتصاد) هي من تأسس البناء العلوي للمجتمع ومنها يتجلى الواقع الأجتماعي والثقافي والأعتقادي الذي يصب في خدمة النظام السياسي حتمآ , وهو ما يعبر عنه بالماديه التاريخيه , وهي مرحله لا يمكن التصارع معها لتغيرها بأعتبارهأ أمرآ مقضيا , لا طاقه لمجتمع بتغيره أو لمعارضه بالقفز عليه . بهذا التفكير تتصور الأنظمه الدكتاتوريه أنها ستحكم التاريخ كله وهي من تسلم مفاتيح العالم لخالقه كما قال هتلر بأعتباره جزءآ لا يتجزء من هذا النظام التوتاليتاري . أن الأنظمه الديكتاتوريه دخلت طورآ جديدآ ومتقدمآ في تطويع الشعوب المغلوبه على أمرها , ومنها عملية التجويع والوصول بها الى حافة الهلاك المعيشي ,بطرق مختلفه منها الحروب , وهو عين ما فعله صدام وما يفعله النظام السعودي أتجاه الشعب اليمني لكي يطبقوا نظرية (جوع كلبك يتبعك) , وهي مرحله يصل بها الناس الى مرحلة الخوف من الغد المسكون بالمخاوف الذي به تتملك الناس هواجس الهلاك أن لم يستجيبوا ويخضعوا لأوامر الحاكم , ولم تقف هذه الأنظمه عند هذا الحد وأنما تشرع بأطباق سيطرتها عليهم بأن تحرمهم من الوعي , ومن ضمن هذا الوعي هو الوسطيه الأسلاميه , فتحقنهم بوعي مزيف يسمح بأطالة أعمار سلطتهم مستعينه بفكر ضال وبوعاظ سلاطين باعوا ضمائرهم للحاكم وباعوا دين محمد (ص) بحياة الدعه والمال .

أن الأنظمه السياسيه التي تعتمد اليوم على المال السياسي تعتقد بأنها ستفرض واقع سياسيآ لا قدره على دحره من قبل أجيال ناسين أن في التاريخ صفحات تؤرق عليهم نومهم , وليس بعيدآ فأباطرة الأشتراكيه في النظام السوفيتي قد أمتلكوا  ناصية المال والقوه بكل أشكالها ولم ينجو من الأنهيار واصبح من عداد التاريخ . أنهم ينسون أن للشعوب طموحآ معنويآ , ورغبه بحريه تتجاوز كل ما عولوا عليه من القاعده الماديه وضرورتها , وأحكامها , وحتميتها , فحركات التحرر تسير بدوافع تتضاءل أتجاهها كل أساسيات الماده وتكون الروح هي مادة الثوره ووقودها العظيم , وخاصه اذا كان هناك فكرآ ثوريآ يغذيها بشعور الكرامه والأباء , وقاده يقودوهم من قبورهم بكلمات كتبوها بدماءهم من أمثال (هيهات منا الذله).

أياد الزهيري

 

محرر الموقع : 2018 - 06 - 20