الحياة بناية والأنسان هو الذي بدأ في بنائها
    

لا شك ان الانسان امتاز  بعقله الذي يعتبر المعجزة الكبرى والاسطورة العظمى في هذا الوجود   والذي لا يمكن وصفه ولا حتى تحديد قدرته وبفضل هذه المعجزة الاسطورة اي العقل  اصبح سيد الوجود وكل شي فيه في خدمته ومن اجله وفي مصلحته من مميزات العقل لا حدود  لنموه وتطوره ورقيه ولا لأبداعاته وأكتشافاته واختراعاته انه مستمر في ذلك بدون اي توقف  نعم انه بدأ بسيطا صغيرا بحكم الظروف التي نشأ الا انه اخذ ينموا ويتطور وهذا النمو والتطور لم ولن يتوقف بل يزداد نموا وتطورا بمرور الزمن  الى ما لا نهاية

واي نظرة موضوعية في  معرفة سر نمو وتطور ورقي العقل هما العلم والعمل  فالعلم هو الغذاء الوحيد للعقل لانه بدون العلم يصاب بالبلاهة والبلادة  وعدم الرؤية الواضحة ويعود الى المرحلة الحيوانية الوحشية فالعلم يوسع في فهمه ومعرفته وبالتالي تكون احكامه أكثر استقامة خاصة اذا اطلع على افكار واراء الآخرين المختلفة  ووجهات نظرهم المتباينة تمنحه قدرة على انتاج ثمرة جديدة اكثر رقيا واكثر تطورا وهذه الثمرة تدفع الانسان الى العمل ومن ثم الابداع في العمل وما نرى في الحياة من تطور ومن تجديد وتغيير الا نتيجة  لاصحاب العقول الحرة النيرة

فبناء الحياة لم يقتصر على مجموعة او جيل معين بل كل البشر جميعا بدون استثناء في كل مكان وفي كل مراحل التاريخ ساهمت في بناء الحياة  فكل جيل ساهم في بناء مرحلة من الحياة وكل مجموعة ساهمت في جزء منها منذ ان بدأ عقل الانسان يفكر وحتى عصرنا بدأ في بناء الحياة من الخطأ ان نقول ان جيلنا الحالي اكثر مساهمة في بناء الحياة من الاجيال السابقة قبل   الف عام اكثر فالذي اخترع الكلك في زمنه لا يقل اهمية ومساهمة في بناء الحياة من الذي اخترع وصنع البواخر الراقية في زمننا ان لم اقل اكثر أهمية منه والذي اكتشف النار في زمنه لا يقل اهمية من الذي اكتشف الكهرباء في زمننا ان لم اقل اكثر اهمية منه   والذي استخدم الحيوانات في سفراته وتنقلاته ونقل حاجياته في زمنه لا يقل اهمية عن الذي يستخدم السيارات والطائرات وغيرها الآن ان لم أقل انه اكثر اهمية منه

كل شي في الحياة بدأ بنقطة ثم اخذ يتطور ويسموا لا زلنا نطلق على ابي قراط بأبي الطب رغم ان معلوماته  لا قيمة لها عند مقارنتها بما وصل اليه الطب الآن وما سيصله بعد الفي عام من الآن ولا زلنا نطلق على ارسطو عبارة المعلم الاول وعلى الفارابي  المعلم الثاني ولا زلنا نعتز ونحترم الكثير من المبدعين والذين ساهموا في بناء الحياة وسعادة الانسان ونحتفل بذكرهم ونقيم لهم النصب والتماثيل ونسمي الكثير من البنايات العلمية والصحية والفكرية بأسمائهم وهذا  شأن كل الشعوب الحرة التي تواصل السير في درب العلم والعمل

من هذا يمكننا القول ان الفضل كل الفضل لمن اكتشف اخترع  النقطة الاولى الحالة الاولى لمن وضع الأساس لأي شي جديد مثلا العالم يدين بالفضل لمن اكتشف وصنع اول سيارة  اول طائرة اول علاج لمرض ما اول نظام اول قانون

لو قارنا بين اول سيارة صنعت وبين السيارات الحديثة الآن لاتضح لنا هناك فرق كبير  لا قيمة لاول سيارة ولا اهمية ولا حتى بين المعلومات التي يملكها صانع اول سيارة وبين المعلومات الكثيرة التي يملكها صناع السيارات الآن ولكن الاجيال تقف موقف تقديس واحترام لمن اكتشف وصنع اول سيارة وهكذا في كل مجالات الحياة

منذ  ان نشأ عقل الانسان بدأ يشق طريقه متحديا ظلام الطبيعة ووحشيتها   متأثر ومؤثرا بها ومستمرا على هذه الحالة حتى عصرنا ومع ذلك  نرى تأثير الطبيعة على الانسان اخذ يقل تدريجيا ومن المؤكد سيزول ويتلاشى  وتأثير الانسان على الطبيعة سيزداد ويصبح القوة الوحيدة التي تتحكم بها وهذا امر حتمي  على الانسان الحر ان يؤمن به ويسعى اليه رغم تصور البعض انه ضرب من الخيال

لهذا ادعوا اهل العقل  الى المقارنة بين حياة الانسان قبل الفي عام وبين حياة الانسان الآن لوجدوا تطورا وتغيير  كبير في كل المجالات ولا شك سيحدث تطور و تغيير اسرع واكبر بعد الفي عام منذ الآن

وهكذا سيكون  عقل الانسان هو القوة الوحيدة التي تحكم الوجود بعد ان ينهي كل شرور ووحشية وظلام الطبيعة

مهدي المولى

 

محرر الموقع : 2018 - 06 - 22