العدل والأمن الاجتماعي
    

محمد جواد الدمستاني

العدل و العدالة سبب رئيسي للأمن الاجتماعي و أحد مقومات أمن المجتمعات ، و العلاقة مضطردة مباشرة بين العدل والأمن فكلما تحقق مزيدا من العدل تحقق مزيدا من الأمن و الاستقرار ، و كلما فقد العدل و ازداد الظلم و الاضطهاد فُقد الأمن و زادت المخاطر ، و قد اشار أمير المؤمنين لهذا بقوله (عليه السلام): «في العدل الاقتداء بسنة الله وثبات الدول»([1]) ، أي استقرار الدول و تجنبها الاضطرابات و الانتفاضات أو الثورات بتطبيق العدل.

و في إشارة لذلك أيضا ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام : « ثلاثة أشياء يحتاج الناس طرا  إليها : الأمن ، والعدل ، والخصب»([2]) . و المعنى خصب الأرض  إذ كثر فيها العشب والكلأُ و الخير.

و العدل من الحاكم و الحكومة أكثر تأثيرا و أعظم أهمية فعن رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) : «العدل حسن ولكن في الأمراء أحسن»([3]) ، وكان عليه الصلاة و السلام كما قال أمير المؤمنين عليه السلام : «… سنته الرشد و كلامه الفصل و حكمه العدل … »([4]).

وعكس العدل هو الظلم و الجور البغي و الاستبداد وهو السائد في المنطقة العربية وكثير من دول العالم الأخرى، وإنّ أحد أهم مشاكل المنطقة هو فساد النظام القضائي و الجور في المحاكم ، وعدم استقلال السلطة القضائية ، بل و رضوخها لأهل النفود من الساسة و رجال المال ، فتنعكس تمردا كبيرا في المجتمع ، قد يستصغر معه المظلوم كثيرا من المخالفات القانونية و المحرمات الشرعية، ولو تم إنصاف الناس في المحاكم لأنعكس ذلك الإنصاف على عموم الناس و المجتمع بشكل إيجابي كبير، وبمكن تسميه بالظلم القضائي.

و الظلم الاقتصادي في عدم التوزيع العادل للثروات، فهي تُقسّم في كثير من دول العالم بين الطبقة الحاكمة الظالمة و طبقات النفوذ من أصحاب المال و الأعمال، بينما يعطى الفتات لبقية الشعب تتقاسمه وتتصارع عليه.

و الاستبداد و الطغيان في الطبقة السياسية الحاكمة ، التي تحكم دون قانون و دون رحمة ، أو بقوانين تسنها على مقاييسها كأنها الأقمشة تلبسها ، أو تطوّع القوانين لمصلحتها، وقد تنشئ مجالسا تطلق عليها برلمانات و شورى و لكنها مزورة و مزيّفة وليست حقيقية و لا تعبر عن إرادة الشعوب، و إنما أنشئت للخداع و الاستهلاك ، يساعد هذه الطبقة في ظلمها الطبقة الانتفاعية عديمة الضمير و الأخلاق تساعدها في البغي و القهر و تجني منها الفتات.

و العدل أحد المؤشرات الرئيسية على تحضر الدول و شاهد على تقدمها وثباتها واستقرارها، قال أمير المؤمنين عليه السلام): «ثبات الدول بإقامة سنن العدل»([5]). و العدل أعم الأخلاق و هو أساس به قوام العالم كما قال أمير المؤمنين عليه السلام([6]).

[1]  – ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 3 – ص 1839

[2] – ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 4 – ص 3394 ، تحف العقول : 32

[3] – كنز العمال : 43542 ، 5217 ، 5218 ، ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 1 – ص 804

و الرواية كاملة : «العدل حسن ولكن في الامراء أحسن ، السخاء حسن ولكن في الأغنياء أحسن ، الورع حسن ولكن في العلماء أحسن ، الصبر حسن ولكن في الفقراء أحسن ، التوبة حسن ولكن في الشباب أحسن ، الحياء حسن ولكن في النساء أحسن».

[4]  – نهج البلاغة ، خطبة 133

[5] – غرر الحكم : 9574 ، 4715 ، 9107 ، 8722 ، 5831 ، ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – ص 937

[6] – ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – ص 1276  ، ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 2 – ص 1428

محرر الموقع : 2018 - 07 - 15