غزو البصرة
    

محسن ظافر آل غريب

العشّار مركز محافظة البصرة، عاصمة إقليم إداري له علَم شعاره نَخلة وقطرة نِفط. البصرة، ميناء العراق الوحيد وفيها مطار ومِنها وزيرا نقل سابق ولاحق. الكويت إلى الجَّنوب، حيث الصَّحراء الغربيّة مُمتدّة شَمالاً، والجّمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة، تمتدّ شَرقيّ العراق، حيث المُحمّرة، جَنوب- غربي إيران. 
 
المُحمّرة غنيَّة بالنِّفط، عربيَّة الأهل واللّغة، فيها مدينة عبّادان، مركز أحد موانيء ومصافي النِّفط الرَّئيسة في إيران. طقس البصرة قاري مداري ممطر بارد معتدل شتاءً، حار شديد الحرارة شرقي رطب صيفاً. 
 
تتكوّن البصرة من غالبيّة عربيَّة مُسلمة، قبل حلول طاعون البعث وخراب الأحزاب، وعدد من الأقلّيّات العرقيَّة والمذهبيّة “ مسيحيّين ويهود ومندائييّن صابئة، وإيرانيين، وأرمن، وهُنود وأحباش”. 
 
تعرَّضت البصرة للغزو «الإخميني وشِبه جزيرتها جَنوبها الفاو للغزو الخميني» ومابينهما هزيمة الدَّولة البابليَّة-الكلدانيَّة على يد الفرس ألإخمينيّين عام 539 ق.م. عام 331 ق.م.
 
الإغريق-الرُّومان، حلّوا محل الإخمينيّين، حكموها حتّى عام 138 ق.م.، هزم الفرس البارثيون الإغريق-الرّومان. حكم البارثيون حتى عام 224م، الفرس الساسانيّون طردوهم ليحلّوا محلّهم في حكم العراق حتّى عام 637م، ليبدأ الفتح الإسلاميّ لأرض فارس الَّتي قامت عليها الجُّمهوريَّة الإسلاميَّة الإيرانيَّة. بَدءُ تاريخ البصرة أوَّل حاضرة في الإسلام 14هـ638م. فتح الأُبُلّة لفتح العراق وفارس بعد رفض ملك فارس الساساني هرمز دعوة الإسلام. 600 مُقاتل بينهم ستّ نساء، عام 638م، العام التالي، 639م، أوّل خلافة عُمر بن الخطّاب، معارك الأبُلّة وضواحيها، قيادة هرمز شملت موضع كاظمة (جون كويت)، عُمقها بلاد فارس. القائد الإسلامي العسكري الّذي فتح  الأُبُلّة عتبة بن غزوان. أسيس المدينة ببناء جامع كبير وبيت للأمارة، وديوان للحكومة، وسجن، ومجموعة حمّامات عامّة، وأسواق، ومُستشفيات، ومُخيّمات، وخانات وبيوت، وتاسيس البصرة الحقيقي" مطلع القرن 15م. الخليفة (عُمر) حضّ 70 ألف بيت من أشرف قبائل شِبه جزيرة العرب على استيطان البصرة، وكلّفهُم بتفقيه أهل البصرة بالدِّين وبزخم المعركة المُستدامة. بُنيت بالقصب المحلّي، آندلع حريق كبير في أحد جوانب المدينة بعد تأسيسها بثلاثة أعوام (641م)، واليها أبو موسى ألأشعري أعاد بناء المدينة، على أُسس أكثر متانة، بمادّة اللِّبن، محلّيّة، من تربة المدينة. مربد الإبل محطّة نقل يُحاكي ذي المجاز وسوق عُكاظ كمركز عالمي للثقافة وللعلوم الدّينيّة، والآداب، والتجارة، والسياحة. أبنائه أمثال الفقيه النحوي الشّاعِر أبُ الأسود الدُّؤلي، والشّاعِر اللُّغويّ الخليل بن أحمد الفراهيديّ، والجّاحظ، الشّاعِر الفرزدق، والكاتب المُترجم إبن المُقفّع، والزّاهد الفقيه التابعي الحسن البصري والزاهدة المُتصوّفة رابعة العدويّة، وفقيه تفسير الأحلام إبن سيرين. عام 832م، أواخر عهد الخليفة العبّاسي السّابع المأمون، وأوائل عهد خلفه أخيه المُعتصم، ظهرفي البصرة من الأقوام الزَّط، هُنود وغجر. نهبوا المزارع، وأحرقوها. المُعتصم أرسل إليهم (عجيف بن عنبسة)، قتل منهم 500 رجل. عام 869م، بدأ علي بن محمّد ثورة في البصرة بنتقال الخلافة من الخليفة العبّاسيّ (المُعتزّ باللّه)، إلى الخليفة 14 (المُهتدي باللّه). جمع أعداد كبيرة مِن الزّنج، وعدهم بتحريرهم وإعطائهم مناصب إذا نجحت ثورته الَّتي استمرّت حتّى عام 884م، بدأ "صاحب الزنج" بتدمير (الأُبُلّة) (مركز البصرة الأصل، وإحراقها كاملاً، وآنتهت بتدميره مدينة (البصرة) شِبه الكامل. طارده وأتباعه جيش الخليفة العبّاسيّ 15، المُعتمد على اللّه، يقوده أخ الخليفة، أحمد الموفّق، قُتل صاحب الزّنج، وفرّ أتباعه ليلتجئوا في أدغال الأهوار شَماليّ البصرة. مركز المدينة بعد إعادة إعمارها إنتقل إلى قضاء الزُّبير في جَنوب غربيّ البصرة. بعد غزو المغول، تمكّن بعض الأُمراء العبّاسيّين مِنَ الهرب مِنْ بغداد إلى أقطار الإسلام، مِنها البصرة، حملوا معهم ما أمكنهم آنتشاله مِن مخطوطات مكتبات بغداد، الّتي أحرقها هولاكو وألقى بها في نهر (دجلة). التحق هؤلاء بأقربائهم العبّاسيّين الّذين استوطنوا البصرة. جيل الأمير هاشم، إبن الخليفة العبّاسي 33 المُستضيء باللّه. عُرِفت ذرّيَّة هاشم) بآل باش أعيان. المكتبة العبّاسيّة في البصرة تحتوي نحو 12ألف كتاب مطبوع، عام 1407م. عام آل عبدالسَّلام العبّاسي، تتضافر مع شيوخ عشيرة آل مغامس في حيّ "المشراق"، تيمّناً بالحيّ الّذي سكنوه في البصرة القديمة. عام 1707م، أصدر السُّلطان العُثمانيّ أحمد خان الثالث فرماناً (مرسوماً) بمنح لقب "باش أعيان" (أعلى لقب سياسي فخري، يعني باللّغة التركيّة "رئيس الأعيان")، إلى الشَّيخ عبداللطيف، عميد آل عبدالسلام العبّاسي الكوّازي، في البصرة. عام 1737م، أعاد (أنس باش أعيان) بناء مئذنة وقبّة جامع (الكوّاز)، جدّه (ساري آل عبدالسَّلام) بناه عام 1515م طرازه قاشاني للمرَّة الأُولى في العراق. وسعى الصَّفويّون لإقامة تحالفات مع بعض القوى الأُورُبّيَّة، خاصّة الفرنسيّين والرُّوس
 
ضدّ خصومهم العُثمانيّين. وأبدى الصَّفويّون تسامحاً تجاه المُبشّرين في مناطقهم. الشّاه عبّاس الصَّفويّ سمحَ لنظام الآباء الكرمليّين الرّهباني، الّذي آنتدبه البابا كليمنت الثامن لمُقابلة الشّاه، بمُمارسة نشطه في العراق وبلاد فارس. تمّوز 1623م، إنتقل الرّاهب "الأخ بازِل"، تحت تنظيم القدّيس فرنسيس الرّهباني، للإقامة في البصرة. عام 1625م، النظام أسّس بيته الأوَّل في البصرة. ومالبث الكرمليّون أن آستعربوا ليصبحوا مِن مُواطني البصرة، كما أسلَمَ المغول. عام 1638م، السُّلطان العُثمانيّ مُراد الرّابع للمرّة الثانية، استولى على العراق من الصَّفويَّة، ولايات بغداد، البصرة والموصل.  عام 1648م، والي البصرة (حسين باشا أفرأسياب)، سلجوقيّ، خؤلته مِن عرب البصرة، عام 1668م، عزل (أفر أسياب)، فرَّ (أفر) مِن البصرة إلى إيران. الغزو الفارسي-الزندي ل(البصرة). عام 1732م استولى الأخوان (صادق خان وكريم خان الزَّندي)، على الحُكم في إيران بعد الحُكم الصَّفوي فيها عام 1747م. عام 1772، في أواخرعهد السُّلطان العُثماني مُصطفى الثالث، المدعوم مِن آل السَّعدون، ففرض الزَّنديّون حصاراً على البصرة، دام عاماً كاملاً. للمرَّة الثانية يصيب وباء الطّاعون الورمي العراق، بما فيه البصرة الَّتي دخلها البريطانيّون عام 1914م. 
 
بريطانيا منحت هُويّتها إلى Vidiadhar Surajprasad Naipaul، مولود أرخبيل الهند الغربي البريطاني في 17 آب 1932م ضمن 7 أبناء لاُسرة هندوسيَّة هاجرت مِن الهند. جدَّه عملَ في قطع قصب السُّكَّر، والده امتهنَ الصَّحافة. في سن الرُّشد 18 عاماً غادر إلى بريطانيا ليحصل على شهادة في الأدب عام 1953م من جامعة أوكسفورد. وبقيَ في بريطانيا وكتبَ فيها أُولى رواياته، لكنها لم تُنشر. مُنح الوسام الملكي البريطاني عام 1990م. عام 1955م نشر أُولى رواياته «عامل التدليك المتصوف»، لتتوالى بعد ذلك أعماله، مِثل «شارع مجيل» و«منزل السَّيد بسواس»، التي يعتبرها قسم من النقاد أهم رواياته، و«مِنطقة مُظلمة» و«في وطنٍ حُرّ» فازت بجائزة «بوكر» البريطانيَّة للرّواية عام 1971م، و«مُنحنى النهر»، و«لُغز الوصول» عام 1986م، و«وهم الظلام» عام 1989م، التي تُعالج مواضيع الاغتراب، والمنفي المنسى، والبحث عن الجذور. مُنتصف خمسينات القَرن الماضي عملَ صحافيّاً لصالح هيأة الإذاعة البريطانيَّة BBC. مطلع ستينات القرن الماضي، ذهب لأوَّل مرَّة إلى الهند، كتبَ: «يعتبرونني غريباً في أيّة قرية ريفيّة أزورها، عندما أدخل أيّ محل كانوا يتعاملونَ معي على أنني غريب، وعندما أدرك أنني لستُ كذلك تصيبني خيبة أمل. في تلك الحال فقط أُحس بأنْ يتوجَّب عليَّ أن أُعيد تمعّن هُويّتي». في سنة اُولى ألفيَّة ثالثة 2001م، حازَ جائزة نوبل للآداب لـ«الاستشراقيَّة»، وإنكاره أصله. يقول في مقابلة مع وَكالة «Reuters» الخبريَّة، نشرت عام 2010م: «عندما تعلّمت الكتابة أصبحتُ سيّد نفسي، وأصبحتُ قويّاً جدَّاً، وهذه القوّة معي حتى اليوم».  ناهضَ الفساد السّياسي. تُوفي في 11 آب 2018م. وكانت الآثار المُدمرة للاستعمار تمثل مصدر قلق كبير في أعماله، لكن في روايته شِبه الذاتيَّة الشَّهيرة «The Enigma of Arrival» التي نشرت عام1987م، يحكي عن كاتب من أصل كاريبي يشعر بالسَّعادة لدى عودته إلى وطنه بريطانيا بعد سنوات طويلة مِن التيه. وصفَ رئيس وزراء الهند “ ناريندرا مودي ” وفاة Naipaul، بأنها «خسارة كبيرة». وكتب مودي على موقع التواصل الاجتماعي (twitter) «سنتذكر السَّيد Naipaul، لما له مِن أعمال واسعة، غطت مواضيع مُتنوعة، تتراوح بين التاريخ والثقافة والاستعمار والسّياسة، وغيرها، رحيله خسارة كبيرة لعالَم الأدب».
 

 

 

محرر الموقع : 2018 - 08 - 13