من "جاسم أبو اللبن" الى عادل عبدالمهدي
    

واثق الجابري

وجه المواطن "جاسم أبو اللبن" رسالة، الى رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، بنفس الطريقة التي أرسلها قبل أربعة أعوام الى رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وفي وقتها، كتبتها في مقال، إنتظر جوابه أربعة سنوات دون رد.

جاسم لا يزال يبيع اللبن في موسم الصيف، وفي الشتاء يبيع الأحزمة والجواريب، في زمان معظم شبابه لا يلبسون الجواريب والأحزمة، وهو يخاف يوم، لا تباع به حتى الملابس الداخلية.

جاسم في خريف العمر، لا يبحث عن وظيفة، وقد تجاوزه قطارالعمر والسن القانوني، ولم يتقرب لمسؤول، لإنشغاله بتحريك الثلج في اللبن حتى يبقى بارداً، وتخلط مكوناته، ولا يترك توصية زبائنه بأخذ الملح، لكي يعودوا مرة آخرى.

 يصر جاسم على نصب أدواته من الصباح الباكر، على الرصيف، رغم أن معظم العراقيين يشربون الشاي بكثرة صباحاً، لتصدع رؤوسهم من مواقع الأخبار والمنشورات الوهمية، ويحضر جاسم وعائين أحدهما للبن أربيل وآخر للبن الجنوب، ولكنه ينتظر الزيادة في رزقه كلما إرتفعت الحرارة وأنتعش سوق العمل وقيمة الرواتب، وإختلاط الأذواق العراقية.

عندما وجه جاسم رسالته الى العبادي، كان يأمل بوظيفة قبل نهاية العمر ولعله يحصل على تقاعد منها، في وقت تعميم ثقافة الوظيفة الحكومة هي سبيل العيش الوحيد، ولعله كان يعتقد أن ممثلي الشعب يسمعون ويجيبون عن  كل ما يكتب، فيتجاوز بذلك الوساطة والمحسوبية ودفع الرشوة، وعندما سمع عبدالمهدي يتحدث عن عيوب الدولة الريعية، والإنتقال الى الدولة الإنتاجية وتشجيع القطاع العام والإستثمار، توقع جاسم كغيره من القطاع الخاص، أن يكون منتجاً أو صاحب  متجر يكتب عليه، " جاسم أبو اللبن تأسس سنة 1980"،  ويزوره  السواح الأجانب ورواد الأصالة.

أخبرني جاسم عن تردده في إرسال الرسالة، وربما يكون رئيس مجلس الوزراء مشغول هذه الأيام بالمناكفات السياسية وصراعات تقاسم المكاسب، وفرض الإرادات الحزبية، ويقدر أن عبدالمهدي أمامه كم هائل من المشكلات والتركات، والهيئات المستقلة والدرجات الخاصة ومناصب الوكالة، وفساد في معظم مفاصل الدولة وعاطلين وفقر وتردي خدمات، ومناهج تعليم وصحة وبيئة وتربية وسكن وزراعة وإقتصاد، والقائمة تطول من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب.

 سيترك جاسم الرسالة مائة يوم، وستة أشهر وعام حسب السقوف الزمنية التي حددها عبدالمهدي وحكومته، ولن يستقر له بال حتى يرى مقدمات الإصلاح والتغيير، وتهاوي رؤوس كبيرة فاسدة، ويذهب للخضراء عندما تفتح، لعل اللبن هناك أغلى سعراً أو أنه يباع بالعملة الصعبة، أو لأن ما يبعيه منتوج وطني عراقي، لم يتناول منه ساكنوها منذ أربعة عشر عام، فتشتري منه السفارات والقنصليات، ويقدمون له الإغراءات بفتح فروع في دول متعددة، وستطول أحلام جاسم، لكنه لا يتوانى عن أطلاع زبائنه على رسالته، وسيجمع تواقعيهم لجملة مطالبهم، وسينتظرون متى تقرأ الرسالة ومتى الجواب؟

محرر الموقع : 2018 - 11 - 12