الساعة العاشرة واربعون دقيقة صباحا،، اعلان جريمة إنسانية
    
جواد كاظم الخالصي
 
لم يكن تاريخ حزب البعث الملوّث بأفعاله القميئة تاريخا عابرا في حسابات الانسانية ومساحتها الحرة بل يسجل على كل هؤلاء الذين وقفوا تحت اسم هذا الحزب الشوفيني الفاشستي انهم ليسوا مثل باقي البشر في تصرفاتهم وحياتهم الطبيعية بينا كإنسانية كونهم مارسوا اقسى واعتى همجية مع الناس الأبرياء وهم يعملون على بناء طاغوتيتهم وجبروتهم وبدعم وتوجيه من رأسهم صنمهم الديكتاتور صدام وعائلته وأقاربه ممن على شاكلته .
هناك على ارض السواد ارض الحضارات التي دمرها فكر البعث ،هناك على ارض بلاد الرافدين كان التاريخ ينزف ألما ويقطر دما من اجساد الأبرياء لانهم يختلفون في الرأي والتوجه والعقيدة مع فكر حزبي فردي شمولي اقترن حكمه بالحديد والنار فجسّد ابشع صور قتل حقوق الانسان وجعل الانسانية هامشا من التفكير بها فقط ولا ينالها على ارض العراق الا من آمن بفكر ومبادئ وقذارة نظام صدام وشلة البعث الوسخة التي جثمت عاى ارض العراق ، كانت الصورة قاتمة رمادية مجهولة المعرفة حتى العالم الحر سكت عنها وأغمض عينيه عن جرائم يندى لها جبين الحالمين بعالم وظيف من الاضطهاد والتسلط والتجبّر ..
صور سوداء كثيرة مؤلمة من المشهد العراقي في حقبة اكثر من ثلاثة عقود مرت على العراق تحت وطأة حكم البعث الفاشستي وعصابة الحكم المنحصرة بيد صدام وأقاربه من جهلة المجتمع الذين تحكموا برقاب شعب يمتلك نخب كثيرة من العلماء والمفكرين والمثقفين ولعل الصورة التي استوقفتني وانا أراجع هذه الفترة المظلمة هي صورة احدى المقابر الجماعية التي انتشرت على مساحة العراق حيث ساعة احد الذين غيّبهم هذا الحاكم المجرم تحت تراب ارض السواد حياً التي توقفت عن العمل ورنات الثواني والدقائق عند العاشرة واربعين دقيقة صباحا وربما قريبا من ذويه الذين لا يعلمون مكان وجود ابنهم الشاب اليافع المملوء بالحياة والأمنيات لمستقبل يحلم به فقتلوا حلمه أولئك المجرمون من ابناء الرفيقات الذين نسمع اصواتهم النشاز اليوم هم ومن وُلِدَ من ظهورهم تلميعا بنظام البعث المقبور بعد ان أوتهم الدول العربية الراعية لهم ولمؤتمراتهم المشبوهة بشبهة الحكام العرب الذين أعانوا البعث على قتل الشعب العراقي وحرمانه من ابسط الحقوق الانسانية .
 
 
بقيت تلك الساعة اليدوية شاهدا حيا على عنجهية نظام جاهل إجرامي لتقول للعالم هنا وفي هذا الوقت وهو وقت ذروة النشاط اليومي للإنسان في عمله وحياته حيث حبست انفاسهم وازهقت ارواحهم تحت التراب ليتوقف الزمن وتتوقف التكنولوجيا امام شراسة نظام لا يُؤْمِن بحوار الكلمة ولا بتعدد الاّراء ولا بحق الاختلاف ولا حتى بحق الاعتراض ..
لم يشهد التاريخ مثيلا لهكذا نظام قسى على شعب يتحكم به كما كان نظام الديكتاتور صدام ومجاميع البعث المنحطة .
هنا يُشَخّص الزمن ويوثّق صورة مؤلمة من ضمن قائمة طويلة وعريضة للجرائم بحق الانسانية ، اي ان مجموعة كبيرة مع صاحب هذه الساعة قد دفنوا في حفرة توقف زمنهم وزهقت حياتهم في توقيتها على الساعة العاشرة واربعين دقيقة في واحدة من مساحات الجنوب العراقي النازف دنا والما وعذابا وحرمانا على يد جبابرة العصر الحديث عصابة البعث المخلوع والزائل بزوال رئيسهم الديكتاتور الذي ولّى هاربا فوجدوه جبانا في حفرة قذرة فنال قصاصه عقابا على الأرواح التي زهقها.

 

محرر الموقع : 2019 - 01 - 18