عودة داعش.. قراءة في الأسباب
    

منذ التفجيرات الانتحارية التي حدثت في ساحة الطيران والى اليوم، اشتد نشاط العصابات الإرهابية داعش في اغلب قواطع العمليات العسكرية، فمنها ما كان  نشطا فيها ولم ينتهي  من الأساس، ومنها ماجد العمل فيها مؤخرا، وكأن التفجير الانتحاري في بغداد كان صافرة البدء في عملياتها مجددا، فيا ترى ما هي أسباب ذلك، ولماذا هذا التوقيت؟

سنحاول في هذه الكلمات تشخيص بعض الأسباب التي نعتقد وراء ذلك:

  1. ان توقيت هذه العمليات مع اعلان فوز بايدن في رئاسة الولايات المتحدة فيه الكثير من الدلالات، فبايدن الديمقراطي كان نائبا للرئيس ايام دخول داعش للعراق في وقت كان اوباما الديمقراطي رئيسا للولايات المتحدة، فبعد ضيق الخيارات امامهم في وقتها وعجزهم عن البقاء في العراق امام ضربات المقاومة الاسلامية، كان استخدام البديل الجاهز في كل وقت وهو داعش، هو التكتيك  المناسب في تنفيذ الخطط الامريكية في العراق، واليوم يستخدم هذا البديل للرد على الضغوط لانسحاب قواتهم من العراق بعد قرار البرلمان العراقي الخاص بانسحاب القوات الاجنبية من العراق.
  2. تمكين حكومة الكاظمي من تنفيذ البرنامج المعد لها دون عقبات عبر الهاء القوى الوطنية  الرافضة للخطط الامريكية بامر يعتبر اولوية من ناحية الاهمية وهو الامن، وبالفعل ذهب الكاظمي بعيدا في تنفيذ تلك الاهداف وأولها  الاندفاع  غير المدروس، والذي ليس فيه  اي مكاسب لا سياسية ولا اقتصادية نحو مصر والاردن، ولا يجني منه العراق الا ان يدفع لهؤلاء.
  3. جعل  داعش ذريعة لاجراء تغييرات اساسية في الاجهزة الامنية، وبما ينسجم مع الخطط الامريكية، كما حصل في وزارة الداخلية، او كما اوردته الاخبار من عزم الكاظمي على تسليم جهاز المخابرات للبرزانيين، او تنصيب قائد لعمليات الموصل معروف بولاءه لامريكا وتعاطيه بشكل كبير مع داعش كشفت عنه مسيرته في قيادة عمليات الانبار ايام الحرب على الارهاب، وهو ما عبر عنه (مايكل نايتس)  الخبير المتخصص بالشان الامني لايران والعراق والخليج في معهد واشنطن للدراسات الاستراتيجية) بانه إزالة لعقبة المليشيات (كما يسميها)  امام التعاون بين قوى الامن وامريكا، وانها خطوة تاريخية.
  4. تزامن تزايد الهجمات الداعشية على القوات العراقية والحشد الشعبي مع الاعلان عن موعد الانتخابات له دلالاته ايضا، وهو اشغال الكتل التي لها تمثيل كبير في الحشد في مشاكل كبيرة لعل ذلك يلهيهم عن الاستعداد للدخول كمنافس قوي فيها، الامر الذي سيترك المجال واسعا لحلفاء امريكا ومنافسي قوى الحشد الشعبي في جني مكاسبها على حساب المحور المقاوم.
  5. ان استهداف داعش لمثلث المحافظات الثلاث والتي تتشكل من مذهبيات واثنيات سكانية مختلفة، وقربها من محيط العاصمة، وهذه المحافظات هي ديالى كركوك وصلاح الدين، انما يؤكد المسعى الامريكي ومحاولة لتجسيد مشروع بايدن القديم، لتقسيم العراق الى اقاليم يكون فيه داعش العامل المهم في تحقيق هذا الهدف

ولكن مهما يكن من امر فان  هذه الخطط سوف لن يكون لها  اثر كبير على الارض، وذلك لاختلاف الظروف بين عام 2014 وعام 2021، وذلك اولا لوجود الحشد الشعبي، والخبرة الكبيرة التي اكتسبها في قتال داعش، وثانيا ان داعش لن تكون بعد الان بتلك القوة التي كانت عليها عند احتلالها للجزء الشمالي الغربي من العراق سابقا  بعد تلقيها ضربات موجعة على مدى ٦ سنوات مضت، وبعد فقدانها للكثير من حواضنها، صحيح انها ستبقى مصدر قلق واشغال دائم لقوى الامن العراقية، ومصدر ازعاج للكتل السياسية الرافضة للمشروع الامريكي، ولكنها لن تحقق اهداف واضحة  على الارض.

وبانتظار ان يشرع بايدن بتوضيح مواقفه بشكل عملي، فان داعش اما ان يختفي بقدرة قادر، او سيطور عمله بشكل افقي وعمودي.

د.علي الطويل

محرر الموقع : 2021 - 02 - 08