دراسة "الإخوان المسلمون والديموقراطية وحوار الأفكار والمذاهب"للدكتور أحمد راسم النفيس
    

لم يعد الدور الذي يقوم به الاستكبار العالمي في إشعال الصراع المذهبي بين المسلمين خافيا على أحد.

الغرب (العلماني) في رواية،(المسيحي) في رواية أخرى الذي لا هو علماني ولا مسيحي، أضحت المسافة بينه وبين تعاليم المسيح كما بين السماء والأرض هيأ الأرضية الملائمة للحرب على سوريا وقبلها على إيران والعراق والآن على اليمن عبر تأجيج الصراع المذهبي ونشر المزاعم والدعايات عن الخطر الشيعي مستفيدا من ارتباطه التاريخي بتلك الجماعات الإرهابية المسماة زورا بالإسلامية!!.

وبينما كان الغرب يعمل بجد ودأب عبر أدواته في الإقليم لإشعال هذا الحريق الهائل، كان يدعي في الوقت ذاته أنه يسعى لنشر الديموقراطية وتشجيع الأفكار (الليبرالية) وشقيقتها (العلمانية)، أي أنه يُسمع كل طرف ما يرغب في سماعه وما يشنف آذانه وهو ما يذكرني بشخصية تاريخية شاركت في معركة الجمل حيث كان يتواجد (رسميا) في صف (الناكثين) وكان يلقي سهما ناحية هذا المعسكر وسهما في الناحية المقابلة، أيهما أصاب!! فهذا يرضي نفسه المريضة التي لا تقيم وزنا لدماء المسلمين ولا وحدتهم وتتمنى هلاك الجميع!!.

في الآونة الأخيرة خرج إلى العلن (تحالف النفاق العالمي) وهو تحالف عابر للأديان والمذاهب جمع بين منافقي الأمة الإسلامية ومنافقي الغرب (الديموقراطي) في جبهة واحدة حيث أنتج هذا التحالف الأممي خطابا هجينا لا سابقة له في التاريخ الإنساني يتبع عدة استراتيجيات متناقضة ويتبنى خطابات متباينة لا يجمع بينها إلا الكراهية والغش والتزوير.

لم يصدق البعض إمكانية رؤية القرضاوي شيخ المضيرة القطري وهو يوجه الشكر والثناء للأمريكي على إرساله الأسلحة (غير الفتاكة) لإرهابيي الإخوان والقاعدة ويطالب بالمزيد مؤكدا أن (ملائكة القاعدة المقربين) لا يفكرون ولا ينوون مهاجمة جيرانناالصهاينة الأقربين، بينما كانت الإرهابيون (الإسلاميون) يعتمدون رئاسة (العلماني المسيحي) برهان غليون لتجمعهم الوهمي خلافا لكل مبادئهم المكتومة والمعلنة!!!.

إنهم الذين حذر منهم الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام (وَأُحَذِّرُكُمْ أَهْلَ النِّفَاقِ فَإِنَّهُمُ الضَّالُّونَ الْمُضِلُّونَ وَالزَّالُّونَ الْمُزِلُّونَ يَتَلَوَّنُونَ أَلْوَاناً وَيَفْتَنُّونَ افْتِنَاناً وَيَعْمِدُونَكُمْ بِكُلِّ عِمَادٍ وَيَرْصُدُونَكُمْ بِكُلِّ مِرْصَادٍ قُلُوبُهُمْ دَوِيَّةٌ وَصِفَاحُهُمْ نَقِيَّةٌ يَمْشُونَ الْخَفَاءَ وَيَدِبُّونَ الضَّرَاءَ وَصْفُهُمْ دَوَاءٌ وَقَوْلُهُمْ شِفَاءٌ وَفِعْلُهُمُ الدَّاءُ الْعَيَاءُ حَسَدَةُ الرَّخَاءِ وَمُؤَكِّدُو الْبَلَاءِ وَمُقْنِطُو الرَّجَاءِ لَهُمْ بِكُلِّ طَرِيقٍ صَرِيعٌ وَإِلَى كُلِّ قَلْبٍ شَفِيعٌ وَلِكُلِّ شَجْوٍ دُمُوعٌ يَتَقَارَضُونَ الثَّنَاءَ وَيَتَرَاقَبُونَ الْجَزَاءَ إِنْ سَأَلُوا أَلْحَفُوا وَإِنْ عَذَلُوا كَشَفُوا وَإِنْ حَكَمُوا أَسْرَفُوا قَدْ أَعَدُّوا لِكُلِّ حَقٍّ بَاطِلًا وَلِكُلِّ قَائِمٍ مَائِلًا وَلِكُلِّ حَيٍّ قَاتِلًا وَلِكُلِّ بَابٍ مِفْتَاحاً وَلِكُلِّ لَيْلٍ مِصْبَاحاً يَتَوَصَّلُونَ إِلَى الطَّمَعِ بِالْيَأْسِ لِيُقِيمُوا بِهِ أَسْوَاقَهُمْ وَيُنْفِقُوا بِهِ أَعْلَاقَهُمْ يَقُولُونَ فَيُشَبِّهُونَ وَيَصِفُونَ فَيُمَوِّهُونَ قَدْ هَوَّنُوا الطَّرِيقَ وَأَضْلَعُوا الْمَضِيقَ فَهُمْ لُمَةُ الشَّيْطَانِ وَحُمَةُ النِّيرَانِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ)[1].

كيف يمكن لنا أن نفهم تركيبة هذه الخلطة الأمريكية والهدف من ورائها ولماذا سارع (الإسلامي والعلماني والمسيحي و) للدخول فيها في حين أنك لو وجهت دعوة لأحد المشايخ لحضور مؤتمر للتقريب بين المذاهب اصفر وجهه واخضر لونه وتبلبل وتبلل وتعلل كأنك تخبره بتاريخ إعدامه، قبل أن يقول لك عندي أطفال أرغب في إكمال تربيتهم.. إلى آخر ما رأيناه بأم أعيننا.

الأمريكي ومساعده الأوروبي يريد من خلال جمع هذه الأضداد الهيمنة والتحكم في المسلمين أفرادا ودولا وسوقهم إلى حيث يريد فكل هؤلاء يحتاجون إليه ويعولون عليه ويلتمسون رضاه –الضمان- الوحيد لئلا يرى نفسه ضمن لائحة الإرهاب العالمي محرومين من الدعم والتمويل الذي يقدمه الخلايجة.

لا يسعى هؤلاء ولا يفكرون في وحدة أو تشكيل قوة إسلامية رادعة تضمن سلامة أراضيهم وتحرر فلسطين وهي القضية التي شكلت لدى بعض هؤلاء وسيلة للارتزاق واكتساب لقب مناضل أو مجاهد أو أسد السنة ولو كان فيهم أسود لسمعنا زئيرهم ولفر الأعداء منهم!!.

نحن لم نسمع إلا نباحا أو مواءاً!!.

سيشكل البعض علينا بأن الخلاف المذهبي بين المسلمين قديم ونحن لم نقل غير ذلك، وكل ما هنالك أننا نسلط الضوء على واقعنا المعاصر وكيف نجح الغرب في استغلال أوجاعنا وأمراضنا القديمة لصالح إدامة تسلطه على رقابنا.

 

بِمَنْ وَ إِلَى مَنْ؟!

إنه سؤال الوجود لكل معني بالهم العام وهو السؤال الذي طرحه الإمام علي عليه السلام على جمهور الأمة المشتت من يومها وحتى اللحظة الراهنة.

(وَلَكِنْ بِمَنْ وَإِلَى مَنْ أُرِيدُ أَنْ أُدَاوِيَ بِكُمْ وَأَنْتُمْ دَائِي كَنَاقِشِ الشَّوْكَةِ بِالشَّوْكَةِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ضَلْعَهَا مَعَهَا اللَّهُمَّ قَدْ مَلَّتْ أَطِبَّاءُ هَذَا الدَّاءِ الدَّوِيِّ وَكَلَّتِ النَّزْعَةُ بِأَشْطَانِ الرَّكِيِّ)[2].

الذين راهنوا على حوار مع القرضاوي ومن على شاكلته أملا باستعادة وحدة الأمة المصابة بانفصام عميق كانوا تماما كناقش الشوكة بالشوكة وهو يعلم أن ضلعها معها، ولسنا نلوم على أحد ولا ندعي أننا كنا نعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور بل نُعلم أنفسنا ونتعلم من دروس الماضي القريب، فما بالك بماض ليس بقريب وهو أيضا ليس ببعيد ولا بسحيق.

المعضلة التي واجهت دعاة الوحدة الإسلامية كانت وربما ما زالت (بمن وإلى من)، رغم أن الإجابة عليها يتعين أن تبدأ (إلى من)؟.

من وجهة نظري كان من المتعين أن يكون التوجه إلى الفضاء العام للأمة المسلمة وليس إلى هؤلاء الضياطرة الذين وصفهم رب العزة بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)[3].

أما الجواب على سؤال (بمن) فليس لدينا جواب أفضل من كلام أمير المؤمنين عليه السلام:

(عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَيْهِ عَبْداً أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَى نَفْسِهِ فَاسْتَشْعَرَ الْحُزْنَ وَتَجَلْبَبَ الْخَوْفَ فَزَهَرَ مِصْبَاحُ الْهُدَى فِي قَلْبِهِ وَأَعَدَّ الْقِرَى لِيَوْمِهِ النَّازِلِ بِهِ فَقَرَّبَ عَلَى نَفْسِهِ الْبَعِيدَ وَهَوَّنَ الشَّدِيدَ نَظَرَ فَأَبْصَرَ وَذَكَرَ فَاسْتَكْثَرَ وَارْتَوَى مِنْ عَذْبٍ فُرَاتٍ سُهِّلَتْ لَهُ مَوَارِدُهُ فَشَرِبَ نَهَلًا وَسَلَكَ سَبِيلًا جَدَداً قَدْ خَلَعَ سَرَابِيلَ الشَّهَوَاتِ وَتَخَلَّى مِنَ الْهُمُومِ إِلَّا هَمّاً وَاحِداً انْفَرَدَ بِهِ فَخَرَجَ مِنْ صِفَةِ الْعَمَى وَمُشَارَكَةِ أَهْلِ الْهَوَى وَصَارَ مِنْ مَفَاتِيحِ أَبْوَابِ الْهُدَى وَمَغَالِيقِ أَبْوَابِ الرَّدَى قَدْ أَبْصَرَ طَرِيقَهُ وَسَلَكَ سَبِيلَهُ وَعَرَفَ مَنَارَهُ وَقَطَعَ غِمَارَهُ وَاسْتَمْسَكَ مِنَ الْعُرَى بِأَوْثَقِهَا وَمِنَ الْحِبَالِ بِأَمْتَنِهَا فَهُوَ مِنَ الْيَقِينِ عَلَى مِثْلِ ضَوْءِ الشَّمْسِ قَدْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ فِي أَرْفَعِ الْأُمُورِ مِنْ إِصْدَارِ كُلِّ وَارِدٍ عَلَيْهِ وَتَصْيِيرِ كُلِّ فَرْعٍ إِلَى أَصْلِهِ مِصْبَاحُ ظُلُمَاتٍ كَشَّافُعَشَوَاتٍ مِفْتَاحُ مُبْهَمَاتٍ دَفَّاعُ مُعْضِلَاتٍ دَلِيلُ فَلَوَاتٍ يَقُولُ فَيُفْهِمُ وَيَسْكُتُ فَيَسْلَمُ قَدْ أَخْلَصَ لِلَّهِ فَاسْتَخْلَصَهُ فَهُوَ مِنْ مَعَادِنِ دِينِهِ وَأَوْتَادِ أَرْضِهِ قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْعَدْلَ فَكَانَ أَوَّلَ عَدْلِهِ نَفْيُ الْهَوَى عَنْ نَفْسِهِ يَصِفُ الْحَقَّ وَيَعْمَلُ بِهِ لَا يَدَعُ لِلْخَيْرِ غَايَةً إِلَّا أَمَّهَا وَلَا مَظِنَّةً إِلَّا قَصَدَهَا قَدْ أَمْكَنَ الْكِتَابَ مِنْ زِمَامِهِ فَهُوَ قَائِدُهُ وَإِمَامُهُ يَحُلُّ حَيْثُ حَلَّ ثَقَلُهُ وَيَنْزِلُ حَيْثُ كَانَ مَنْزِلُهُ)[4].

 

دغدغة العقول بوهم الديموقراطية:

 

بينما كان البعض يراهن على إحداث تحول إيجابي في مسار الأمة من خلال جلسات الحوار والتقريب بين المذاهب كان الغرب يرفع وتيرة التحريض المذهبي أو يغض الطرف عن هذا التحريض رافعا في نفس الوقت عقيرته مطالبا بإحلال الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان.

قطعا نحن لا نستخف بهذه المطالب ونرى أن أمتنا تستحق هذه الأشياء وربما أفضل منها إلا أننا رأينا بأم أعيننا ما أنتجته هذه الديموقراطية المرتجلة في مصر حيث قدمت لنا (حزبين كبيرين) متحالفين سلفي وهابي قح وإخواني وهابي يرتدي ربطة عنق يسيطران على أكثر من ثلثي البرلمان، يحرضان سويا على قتل الشيعة وإخراجهم من ديارهم لأنهم يعكرون صفو مزاجهم الراقي فضلا عن تعكيرالمناخ السياسي في مصر وربما ثقب الأوزون!!.

الديموقراطية حسب فهمنا ترتكز أولا وثانيا وثالثا على حق تداول الأفكار والمعلومات وليس أبدا تقسيم المشاع السياسي بين عدد محدد من الأفرقاء أو قوى الأمر الواقع ناهيك عن كون الديموقراطية في الأساس هو مشروع قرر القوم القبول به لأسباب انتهازية بحتة لأنه يؤمن لهم وسيلة قليلة التكاليف توصلهم للسلطة كبديل عن الحرب والضرب وإشعال الحرائق مثلما فعلوا في سوريا وهي أيضا تطبيق للمبدأ الانتهازي العربي الأصيل (اللي تغلب به العب به) فهم من الأساس لا يؤمنون بشيء اسمه الحرية أو تداول الأفكار وربما كان هذا فهمهم لنص القرآن (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) وقوله تعالى (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)!!!.

رأينا خلال تلك الحقبة السوداء كيف انتعشت التيارات الوهابية ولم يكن لها من هم إلا التحريض على الشيعة وكيف أمر الرئيس الإخواني بتركيز المراقبة الأمنية عليهم دون غيرهم وغض الطرف عن الأنشطة الوهابية وكيف مارس الوهابيون الأقحاح نشاطهم الإرهابي ضد الشيعة تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية دون حسيب ولا رقيب وكيف انتهى الأمر باستشهاد العالم الجليل الشيخ حسن شحاتة بهذه الطريقة البشعة دون تدخل الشرطة التي وقفت تراقب المشهد عن قرب وليس عن بعد حتى انتهى هؤلاء الأوباش من مهمتهم التي كلفوا بها.

الديموقراطية تعني أولا الحق في الحصول على المعرفة وليست مجرد وليست غزوة صناديق كما صرح بذلك أحد أعمدة الإرهاب الوهابي في مصر.

 :نشرت الصحف المصرية بتاريخ 21-3-2011 تصريحات للوهابي محمد حسين يعقوب وصف فيها الاستفتاء على التعديلات الدستورية بأنه «غزوة الصناديق»، مؤكداً ما سماه «انتصار الدين» فيها.

وقال يعقوب في مقطع فيديو نشره موقعه الرسمي من كلمة ألقاها في مسجد «الهدى» بإمبابة، مساء الأحد: «كان السلف يقولون بيننا وبينكم الجنائز واليوم يقولون لنا بيننا وبينكم الصناديق وقالت الصناديق للدين (نعم)»، داعياً الحضور إلى ترديد تكبيرات العيد احتفالاً بموافقة 77% من الناخبين على التعديلات.

وقال يعقوب «الدين هيدخل في كل حاجة، مش دي الديمقراطية بتاعتكم، الشعب قال نعم للدين، واللي يقول البلد ما نعرفش نعيش فيه أنت حر، ألف سلامة، عندهم تأشيرات كندا وأمريكا»، مضيفاً: «مش زعلانين من اللي قالوا لأ، بس عرفوا قدرهم ومقامهم وعرفوا قدر الدين».

واعتبر الداعية السلفي أن «القضية ليست قضية دستور»، موضحاً «انقسم الناس إلى فسطاطين، فسطاط دين فيه كل أهل الدين والمشايخ، كل أهل الدين بلا استثناء كانوا بيقولوا نعم الإخوان والتبليغ والجمعية الشرعية وأنصار السنة والسلفيين، وأمامهم من الناحية التانية (ناس تانية)»، وقال: «شكلك وحش لو ما كنتش في الناحية اللي فيها المشايخ»[5].

أما لماذا هلل الوهابيون بأجنحتهم المختلفة لانتصارهم في غزوة الصناديق فسبب ذلك أنه منحهم سلطة وضع دستور وهابي يحاكم الشيعة على معتقداتهم وهو ما حدث بعد ذلك بالفعل.

مصر التي افتخرت قبل ثلاثة أرباع قرن من الآن بأنها فتحت الباب أمام تشريع إسلامي منفتح لا يتقيد بمذهب بعينه بل بالدليل ولا شيء سوى الدليل والتي استعانت بالمذهب الجعفري في قوانين الأحوال الشخصية وجدت نفسها أمام دستور ينص في مادته (219) على أن (مبادئ الشريعة الإسلاميةتشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة)، ناهيك عما أسماه الدستور في مادته (44) (يحظر الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة) وهو نص ذو مضمون فضفاض يراد به لف الحبال حول عنق من يتعرض لذكر دور بعض الشخصيات في فكفكة الأمة الإسلامية وإشعال الفتن بين أبنائها وهو ما لوح لي به بعض هؤلاء بمناسبة كتاب (الجمل ومسيرة المصائب والنكبات).

مزاد الانحطاط الأخلاقي والثقافي

ظل البعض إلى ما بعد استشهاد الشيخ حسن شحاتة يراهن على إمكانية تحقيق اختراق إيجابي في ملف العلاقات المصرية الإيرانية رغم فداحة الحدث ودلالاته الواضحة وهو أن مصر الدولة قد جرى اختطافها لتصبح في الفسطاط المقابل تماما كما زعم الشيخ يعقوب المشار إليه آنفا.

في تلك الأثناء كان الفريق الوهابي السعودي يخرج بتصريحات منددة بسياسة مرسي (المتخاذلة) في وجه الشيعة وإيران وسماحه (بالسياحة الإيرانية) التي تمهد حسب زعمهم للمد الشيعي بينما كان الرجل يقدم لهم الاعتذارات والتبريرات لهذا (الفعل الآثم)، حيث طمأن الرئيس مرسي أعضاء ما يسمى بالهيئة الشرعية التي لا تختلف كثيرا عن (هيئة تحرير الشام!!) بأنه لم ولن يسمح يومًا بنشر التشيع في مصر، وأنه سيلاحق التمدد الشيعي، مؤكدًا أن العلاقات مع إيران هي علاقات ندية ومنافع مشتركة، مثلها مثل بقية دول العالم التي تنفتح مصر عليها.

كما أكد مرسي للهيئة أن الدولة ستتصدى لأي محاولة الغرض منها التشيع أو فتح الباب لممارسة التمدد الشيعي مضيفا أنه مستعد لإلغاء السياحة الإيرانية جملة إذا وجد هناك بالفعل تشيُّع في مصر[6]، وأن أجهزة الدولة ستقوم بدورها في هذا الصدد، وأنها ستلاحق أية محاولة لمد التشيع في مصر[7].

ليت الكارثة وقفت عند هذا الحد إذ كانت هناك محاولة مستميتة من بعض الجهات (في الإعلام وعلى الورق) لإثبات وجود (تحالف شيعي إخواني) يعمل في الخفاء حيث أعلن بعض قادة الوهابية عن ندمهم على انتخاب مرسي الذي أخلف وعوده معهم عندما قام بزيارة خاطفة لإيران قال فيها ما هو معروف قبل أن يعود سريعا (ليلاحق التمدد الشيعي) كابوس الوهابية المؤرق قبل أن ينهي الشعب المصري يوم 30 يونيو هذا الكابوس برمته!.

ليتهم أيضا اكتفوا بإعلان عداءهم لشيعة مصر بل امتد حمقهم لإعلان الحرب على سوريا وتوجيه إنذار عنيف لحزب الله بمغادرة سوريا هذا وإلا الموت والثبور وعظائم الأمور.

قد يتصور البعض أن حمقى الوهابية بشقيها السلفي والإخواني اكتفوا بفتح جبهة العداء مع الشيعة حيث فتحوا عدة جبهات في آن واحد وكاشفوا كل من لم يرضخ أو يهلل لهم بالعداء ومن لا يصدق كلامنا فهناك كثير من الأشرطة المصورة والمحفوظة على الشبكة العنكبوتية ناهيك عن التهديدات العلنية بإسالة الدماء أو الاعتراف على الهواء بتجارة السلاح دعما للمقاومة المزعومة في سوريا وأينما طالته حماقاتهم.

الذي نعتقده جازمين أن الوهابية بجناحيها كانت تسير حتما في طريق ذو اتجاه واحد نحو الهاوية وأن الذين ثاروا أو انقلبوا عليهم لم يفعلوا شيئا سوى الاستجابة لاستفزازات هؤلاء الحمقى وأن سقوطهم ما كان له أن يتأخر أكثر من هذا!!.

إرهاب دولة أم جماعات تكفيرية أم إرهاب دولة الجماعات التكفيرية؟!

في أعقاب استشهاد الشيخ حسن شحاتة بهذه الصورة البشعة التي لا تختلف كثيرا عما كان يفعله العثمانيون والمماليك بعلماء الشيعة صدرت بيانات تستنكر وتدين ما حدث إلا أنها تلقي العبء على من أسمتهم بالجماعات التكفيرية باعتبار أن جماعة الإخوان ليست تكفيرية رغم افتخارهم المتكرر بكونهم الجماعة الأم!!.

صحيح أن من باشر القتل والتمثيل بجثة الشهيد هو إحدى هذه المجموعات إلا أن ذلك حدث تحت سمع وبصر وتغطية مدير أمن محافظة الجيزة المدعو (عبد الموجود لطفي) الذي صرح على الهواء مباشرة ليلا بعد فراغ هؤلاء الأوباش فراغا تاما من ارتكاب جريمتهم: أن قواته تمكنت من إنقاذ الشيخ الشهيد رغم إصاباته البالغة ونقلته إلى أحد المستشفيات لعلاجه!!!.

وهذا الكلام سمعته بأذني.

مباشرة بعد الإطاحة بحكم الإخوان كان أول قرارات وزير الداخلية هو استبعاد هذا الضابط من موقعه وإحالته للتقاعد.

ليس فقط أطيح (بالأخ) عبد الموجود بل تمت إحالته للتحقيق بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان والعهدة على موقع اليوم السابع وثيق الصلة ببعض (الأجهزة) بتاريخ 6-7-2013:

مفاجأة.. وزير الداخلية يتحفظ على مدير أمن الجيزة ونائب مدير الأمن الوطنى بسبب تعاونهما مع "الإخوان".. وجهات سيادية رصدت مكالمات بينهما وقيادات الجماعة.. ومصادر: متحفظ عليهما لحين تقديمهما للمحاكمة[8].

طبعا لم يتعرض الموقع الخبري المذكور لواقعة اغتيال الشيخ حسن شحاتة بل قدم أسبابا أخرى والمهم من وجهة نظرنا هو تسليط الضوء على العلاقة بين اللواء المذكور وجماعة الإخوان.

المعنى الوحيد للتصريحات الكاذبة التي أطلقها مدير أمن الجيزة بعد استشهاد الشيخ بساعات أنه كان ضالعا في الجريمة ويحاول التغطية عليها أو تأجيل إعلانها أطول وقت ممكن، لكنه من حيث أراد أو لم يرد أثبت وجوده في ساحة المجزرة وربما إشرافه على هذا العمل الإجرامي الوقح.

حدثت واقعة تصفية الشيخ الشهيد حسن شحاتة يوم الإثنين الموافق 24-6-2013 كما هو معلوم.

تلقيت قبلها وبعدها عدة نصائح من أصدقاء صحفيين بتغيير محل إقامتي، إلآ أني لم آبه لهذه النصائح وسبب ذلك أن مثل هذا النوع من الحوادث غريب على مجتمعنا ولا يمكن أن يحدث إلا إذا كانت أجهزة الأمن متواطئة أو قررت غض الطرف لأي سبب كان وهو ما كان مستبعدا من وجهة نظري!!.

عصر يوم الأربعاء 26-6-2013 حدث اشتباك وتبادل لإطلاق النار أمام بيتي لم يلبث سوى دقائق وقيل وقتها أن جماعة الإرهاب الوهابي التي كانت خرجت بتظاهرة انطلاقا من مسجد الوهابية المركزي في المنصورة قد وصل بعضها إلى هذه المنطقة!!.

بعد خروجهم من مسجد (الجمعية الشرعية) حدث اشتباك بينهم وبين الجمهور الغاضب على حكم الجماعة وسقط ضحايا منهم.

لماذا جاءوا إلى محيط بيتي؟؟!!.

لو ترجعون لخطبة مرسي التي ألقاها في تلك الليلة (26-6-2013) ستلاحظون أنه ذكر اسم نائب المنصورة السابق الأستاذ ممدوح فودة حيث اتهمه بتأجير (بلطجية) وهؤلاء الأشخاص (في الواقع) هم الذين اشتبكوا مع بلطجية السلفيين والإخوان الذين جاءوا إلى بيتي وردوهم إلى جحورهم خائبين!!.

ما بين خطبة مرسي وهجوم بلطجية الإخوان الفاشل على بيت العبد الله (48 ساعة) بعد استشهاد الشيخ حسن شحاتة كانت كافية لإبلاغه بأسماء المتصدين لرعاع الإخوان وقيامه بالتشهير بهم بهم فردا فردا مما يعني فداحة الخسارة التي ألحقها هؤلاء بقادة الهجوم.

في رده على خطاب مرسي الذي هاجمه فيه تحدث الأستاذ فودة عن الباصات التي جاءت إلى المنصورة محملة بعشرات المسلحين حيث لم يصرح أحد إلى الآن عن سبب مجيئهم إلى هذه المدينة وأي هدف سعى هؤلاء الهمج الوحوش لتنفيذه؟؟!.

">

 

مساء نفس اليوم تلقيت اتصالا من قناة العالم تطلب تعليقي على حادث اغتيال الشيخ وتسألني لمن ستلجأ بالشكوى.

قلت لهم: شيخ الأزهر يده ملوثة بدماء الشيعة وهو الذي أصدر قبل بضعة أشهر كتابا يكفرهم هو كتاب (الخطوط العريضة) لمحب الدين الخطيب.

أما مرسي فلم أعد أعترف به رئيسا لمصر!!.

يبدو أن مقدم البرنامج أصابه الذهول وانتهى الاتصال.

بعدها بلحظات أي في الثامنة والنصف مساء جاءني اتصال من أحد الشباب يحذرني من البقاء في البيت لأن الجماعة قرروا مهاجمتي على طريقة الشيخ حسن شحاتة.

علمت بعد ذلك بمدة أن الاشتباك الذي حدث أمام بيتي هو الذي حال بينهم وبين إتمام الهجوم المقرر وأن الخبر جاءني متأخرا إلا أن الله بالغ أمره وهو يدافع عن الذين آمنوا.

تركت البيت ومعي أهلي وغادرت إلى بيروت يوم الجمعة 28-6 وبقيت هناك حتى قضي على حكم الإخوان نهائيا.

الخلاصة: لم يكن اغتيال الشيخ حسن شحاتة عملا فرديا بل كان جزءا من خطة أكبر وضعت بمباركة قوى إقليمية ومشاركة بعض الأجهزة العاملة في خدمة الإخوان آنئذ وغض الآخرون الطرف عنها لأنها كانت تسهل تحقيق ما يصبون إليه وهو وضع الإخوان في موضع الإدانة عالميا وإسلاميا وتسهيل إزاحتهم وهو ما حدث فعلا خلال الفترة التالية.

أما الأداة الأساسية التي استخدمها كارهو الشيعة والتشيع وحققت لهم غايتهم وبغيتهم فهي (دولة الإخوان) أو (دولة الجماعات الإرهابية التكفيرية).

وصدق الله العلي العظيم (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)[9].

أن يقال بعد ذلك أن الواجب كان يحتم علينا مساندة الرئيس ذو الشرعية (الصندوقية)، الذي وضعت نطفته في غزوة الصناديق والذي أراد تثبيت ملكه بالقضاء على بذرة التشيع في مصر فهذا أمر مذهل ومثير للعجب.

ناهيك عن تذكير هؤلاء بأن هناك من أراد وخطط للقضاء على الإخوان ومعهم الشيعة بضربة واحدة على طريقة (البلياردو) وكان (موقفنا) حاسما في إفشال هذه الخطة الشيطانية الجهنمية التي جنبتنا و(جنبتهم) ذلك الشر المستطير.

الذي نفهمه ومن خلال تتبع الأحداث أن الجماعة (قيادة وشعبا) كانوا مجرد (أحجار على رقعة شطرنج دولية) وأن القضاء على الشيعة في مصر كانت مهمتهم التي أسندت إليهم والتي سُمح لهم بالقفز على السلطة من أجل دفعهم للقيام بها وأن هكذا مهمة كانت تمهيدا لمهامٍ أخرى (ليست لهم) ثم تراجع الملف من سلم الأولويات بسقوطهم وتقليص الدور الوهابي في مصر.

 

الإخوان وتجربة 1954!!

في أعقاب ثورة 25 يناير والتقدم السريع الذي حققته الجماعات الإرهابية الوهابية بقيادة الجماعة الإخوانية الأم كرر قادة الجماعة القول (أنهم لن يسمحوا بتكرار تجربة 54)!!!.

فما هي تجربة 54؟!.

المستند الأساس الذي تناضل الجماعة تحت رايته حتى الآن هو رفض الانقلاب العسكري على الشرعية المنتخبة.

أما تجربة 54 المشار إليها فتقوم على أن الجماعة قد انقلبت على الشرعية القائمة آنئذ حيث كان هناك ملكية وراثية تملك ولا تحكم والحكم يومها كان لحكومة برلمانية منتخبة جرى الانقلاب عليها وجرى حل جميع الأحزاب القائمة وفرح الإخوان يومها ورفعوا شعار (الله أكبر ولله الحمد).

(الإخوان الديموقراطيون جدا جدا) عام 2011، هم نفسهم الذين دعوا لحل جميع أحزاب مصر في ثلاثينات القرن الماضي!!.

الذي قاد انقلاب 1952 هو الجناح العسكري للجماعة واسمه تنظيم الضباط الأحرار الذي قاده بعد ذلك الإخواني المنشق جمال عبد الناصر قبل تفرده بالحكم منقلبا على قيادة الجماعة ثم نكل بهم تطبيقا للمبدأ التاريخي (هيهات هيهات سيفان في غمد) وكان بداية هذا الانقلاب مارس 1954 قبل أن يجهز عليهم بصورة كاملة قبل نهاية هذا العام!!.

تصرف الإخوان هذه المرة على أساس أن الثورة ثورتهم زالصناديق صناديقهم والجماهير تبع لهم وكان همهم اعتلاء سدة الرئاسة بأقصى سرعة ممكنة عبر إقصاء الجيش من ساحة السياسة ظنا منهم أن هذا يمنع تكرار سيناريو 54 والنتيجة رآها الجميع!!.

المنافس الرئيسي الذي التهمهم بعد ذلك لم يكن الشيعة ولا إيران، فلماذا سارعوا لإعلان الحرب قولا وعملا على من لم يعلن حربا عليهم بل مارس حقه المشروع في النقد!!.

هم بادروا لحرق أوراقهم في الداخل والخارج إرضاء للسعودية بقتل الشيعة أو غض الطرف عمن قتلهم، وإرضاء لأمريكا بإبقاء العلاقات مقطوعة مع إيران ورفض كل عروض المساعدة التي قدمت منها، والنتيجة هو خذلان هؤلاء وهؤلاء لهم، ربما لأن هناك من قدم عروضا أفضل لتلبية الرغبات الصهيوأمريكية (السامية) فكانوا كالمنبت الذي لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى.

لم يكونوا مبدأيين كي يقال أنهم دفعوا ثمن التمسك بالوحدة الإسلامية وضحوا من أجلها بل كانوا طائفيين رخيصي الثمن (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ). هود 101.

انتهت الهجمة الإخوانية على الشيعة في مصر (3-7-2013) بعد أن خذلهم من زين لهم سوء فعالهم وتكرر المشهد ذاته عندما أبلغ الأمريكيون إخوانهم في درعا بصورة رسمية أنهم لن يتدخلوا لدعمهم والنتيجة واحدة في كل الحالات (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) الأنفال (48).

لا يزال الصراع متواصلا في كل مكان وإن بدا غير ذلك حتى وإن كنا لا نعرف من يكيد لمن ومن يتربص بمن فأسباب استمراره عديدة ومتنوعة بعضها يرتبط بالأشخاص وبعضها يعود إلى عمق التاريخ وبعضها يرتبط بتدخلات الخارج.

حتى في تلك الأماكن التي حسم فيها الصراع عسكريا لصالح أحد الأطراف فالصراع الفكري لم يحسم بعد.

صراع الأفكار أو الحوار

ذكرنا فيما سبق كيف انتهت حرب الإخوان على الشيعة في مصر وهي حرب لم تكن بعيدة عن تلك الحروب الضارية التي اندلعت في سوريا واليمن والعراق والتي ما تزال مستمرة حتى الآن.

تبدأ الحرب بكلمات كهذه التي فجرها شيخ المضيرة القطري القرضاوي عام 2006 أي قبل اثني عشر عاما ثم تناثرت شظاياها في أرجاء العالم الإسلامي لتحدث هزات ارتدادية وتشعل حرائق بعضها لم ينطفئ حتى الآن.

في المقابل فنحن نرى أن حوار الأفكار وليس فقط حوار المذاهب الفقهية هو القاعدة والأساس التي يتعين ترسيخها وتوسيعها ويكفي أن تكون إحدى أهم ثمارها هو الحيلولة دون توسيع رقعة الحريق الطائفي وهو هدف لا يحتاج لعقد مؤتمرات دولية ولا انتقال من بلد إلى بلد فهناك عديد الوسائل لنقل الأفكار ليست قاصرة على السفر إلى إيران أو لبنان أو لندن ولا متوقفة على طباعة أو توزيع كتب ورقية تعرف الآخر بما جرى إخفاؤه والتعمية عليه طيلة قرون خلت.

نعيش الآن عصر الظهور عصر أشرقت فيه الأرض بنور ربها بعد قرون طوال من الإظلام والتجهيل المتعمد.

كما أن استحضار تاريخ محاولات التقريب المذهبي والحوار الفكري بين أبناء الأمة الإسلامية الواحدة التي جرت في الماضي القريب سيساعدنا حتما في استشراف آفاق المستقبل ومعرفة الركائز الصلبة التي يمكن البناء عليها وتجنب النقاط الرخوة التي هي أقرب ما تكون لفخاخ يتعين علينا تجنبها وعدم الوقوع فيها.

دكتور أحمد راسم النفيس

مفكر واستاذ جامعي

مصر

‏29‏/07‏/2018

هاتف نقال 0020122391029

محرر الموقع : 2019 - 06 - 24