السفير العراقي في السُويد : تم إيقاف ترحيل اللاجئين العراقيين قسراً بسبب الأوضاع الحالية
    

 ليس سهلاً أن يكون المرء سفيراً للعراق في السُويد! فتعقيدات المشهد السياسي العراقي، والإقتتال الطائفي الدائر هناك، والإستقطاب الحزبي والقومي والديني، لها إمتدادات تنعكس على تجمعات وأطياف الجالية العراقية هنا، التي لا تزال تُعد من أكبر الجاليات العربية والأجنبية في المملكة السُويدية.

هذه الأجواء، تجد صدى لها في كل نشاط أو فعالية تقريبا، تقيمها هذه الجمعية أو تلك، كما أن تراكم المشاكل السابقة في عمل السفارات، وتعقيدات أوضاع الجالية العراقية في العقود الأخيرة، بسبب الوثائق وقضايا الهجرة، تطفو على سطح مكتب أي وزير يستلم مهام عمله في السفارة.

حول ذلك، وقضايا اللاجئين العراقيين والعلاقات السويدية العراقية، كان لنا هذا اللقاء مع سعادة سفير العراق بكر فتاح حسين، الذي سألناه بداية حول مستوى العلاقات بين العراق والسُويد، وحجم التبادل التجاري بينهما في الوقت الحالي.

 

الأحداث الأخيرة أثّرت سلباً على التبادل التجاري بين البلدين

قال السفير: " قبل الأحداث في حزيران الماضي، والهجوم الإرهابي على بعض المدن العراقية، شهدنا إزدهارا كبيرا في العلاقات الإقتصادية، وتوجهت شركات سويدية كثيرة للعمل في العراق، وإرتفع التبادل التجاري بينهما، ولكن أحداث الفترة الأخيرة، أثّرت مع الأسف على نمو هذه العلاقات.

لكننا على ثقة بأنها ستستعيد عافيتها، بعد أن يستتب الأمن، فنحن بحاجة فعلية الى الخبرات والتكنولوجيا السويدية، وهناك فرص كثيرة للإستثمار أمام الشركات السويدية، في السوق العراقية.

وبحسب الإحصائيات الموجودة لدينا، فقد وصل حجم التبادل التجاري في العام 2013 الى زهاء 3 مليار كرون، وبلغت صادرات السُويد للعراق مليارين و224 مليون كرون، وإحتلت المكائن والأجهزة المتنوعة النصيب الأكبر في هذه الصادرات، التي شملت مواد أخرى كثيرة.

أما الواردات السويدية من العراق فبلغت 684 مليون كرون من المواد الخام والوقود.

شهدت السنوات الأخيرة جدلا بخصوص عمليات الترحيل القسري لطالبي اللجوء العراقيين المرفوضة طلباتهم، هل يستلم العراق حتى الآن المُبعدين؟

بعد أن كانت الأوضاع الأمنية في العراق تحسنت سابقا، تم توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين، حول إستقبال العراق الذين يعودون طوعيا، وتقديم مختلف التسهيلات لهم للعيش في وطنهم، ولكن بعد تدهور الأوضاع أبدت الجهات السويدية تفهما وأوقفت الترحيل القسري للذين رفضت طلباتهم. من جهة أخرى زادت الأموال المخصصة لتقديم الدعم المادي والمساعدات الإنسانية للنازحين في داخل العراق، لمواجهة إحتمالات حدوث موجات جديدة من الهجرة الى الدول المجاورة، والدول الأخرى، خاصة الأوروبية.

وحسب التصريحات والإحصاءات الصادرة من وزارة المساعدات السويدية، فانها تقدم من قبل الهيئات السويدية مباشرة، كما جرى زيادة المساعدات السويدية الى هيئات الإغاثة الدولية العاملة على تقديم المساعدات الإنسانية للنازحين في المنطقة.

هل تتوفر لديكم معلومات حول ما إذا كان هناك زيادة في أعداد اللاجئين العراقيين القادمين الى السويد بعد الأحداث الأخيرة؟ وهل هناك تغير في موقف مصلحة الهجرة من قضايا العراقيين؟

لا أعتقد أن تغييراً حدث في التعامل مع ملفات اللاجئين العراقيين السابقين لحد الان، لكن مؤخرا صنفت مصلحة الهجرة الأوضاع في مناطق العراق تصنيفاً جديدا ( إنقر هنا لقراءة التصنيف الجديد ).

هذا التصنيف الجديد قد يلعب الدور الحاسم في كيفية التعامل مع اللاجئين الجدد، مع انه تجري دراسة كل حالة لجوء على حدة، على ضوء هذه التصنيفات على الأغلب. كما أننا لم نسمع عن حدوث موجات هجرة كبيرة الى السويد في الوقت الحاضر، لاسباب عديدة، ربما من بينها قيام دول الإتحاد الأوروبي، بإجراءات لحماية حدودها والتشدد في عمليات الهجرة السرية، وفي الوقت نفسه تقديمها المساعدات الإنسانية على الأرض، بشكل مباشر، خاصة لمخيمات النازحين العديدة التي أقيمت في العراق.

تم شراء بناية جديدة للسفارة العراقية في ستوكهولم تليق بإسم هذا البلد

 

الكثير من العراقيين يشتكون من سنوات طويلة من الحجم الصغير لبناية السفارة، ما سبب عدم حل هذه المشكلة؟

أتفق معكم ومع أبناء جاليتنا في أن حجم بناية السفارة حاليا لا يتناسب مع حجم الجالية وعدد المراجعين، ومنذ إستلام مهمتي كسفير، كان هذا الأمر من ضمن أولويات عملنا، وقد إشترينا بالفعل بناية جديدة، إلا أنها تحتاج الى عملية تأهيل، والى تعديلات لتناسب عملنا، ونحن بإنتظار وصول وفد فني من العراق، للإنتهاء من هذه الأعمال، وأعتقد أننا سننتقل الى البناية الجديدة في الربع الأول من العام القادم، بإذن الله.

 

أيضا منذ سنوات يجري الحديث عن فتح قنصلية في جنوب السويد، لتمشية معاملات العراقيين هناك الذين يقطعون مسافات طويلة للوصول الى ستوكهولم، لكن لم يحدث أي شيء حتى الآن، ما سبب ذلك؟

نحن الآن بصدد تهيئة وإعداد ما تحتاجه القنصلية من موافقات أصولية، وقدمنا طلبا الى الجانب السويدي منذ فترة، كما أن عملية الإنتخابات الأخيرة وإنتظار التغيرات الوزارية الجديدة كان لها تأثير في تأخر هذه العملية.

يدور الآن جدل ونقاش عميقين، حول سبب الصراعات الحالية بين العديد من الجمعيات والإتحادات والمنظمات العراقية في السويد. ورغم أن هذه الجمعيات هي سويدية قانونا، ومن يعمل فيها ويديرها عراقيون، وتحمل أسماء عراقية، لكن العديد يتطلعون الى دور للسفارة في التدخل، ماهو دوركم في التعامل مع هذه الصراعات؟

أتفق مع ما أشرتم إليه، في أن هذه الجمعيات هي سويدية، ونحن في السفارة لا نتدخل بشؤون المنظمات والجمعيات السويدية، ولكن في الوقت نفسه نتقدم بالشكر للعراقيين لإسهامهم في تأسيس هذه الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني التي تعمل على تقوية أواصر الصداقة والتبادل الثقافي بين السويد والعراق، وكل ما نستطيع القيام به في هذه المسألة هو مناشدة جميع الأطراف ان يقوموا بتحويل هذه الصراعات الشخصية الى منافسة حقيقية بينها في مجال تقديم أفضل الخدمات الى الجالية، والإبداع في كسب الدعم للشعب العراقي في مواجهة الأخطار والتحديات التي يتعرض لها، ولن توفر السفارة جهدا في العمل على تنقية الأجواء بينها لصالح الجالية وخدمتها.

لا زال العراقيون في السويد يعانون من صعوبة الحصول على الجوازات من السفارة، ما سبب التأخير في ذلك؟

السفارة تروج معاملات الحصول على الجواز العراقي وترسلها بإسرع ما يمكن الى الجهات المسؤولة في العراق، لان السفارة لا تصدر الجوازات. وإذا حدث تأخير كما يعتقد بعض المراجعين، فإننا نقوم بمتابعة الأمر مع الجهات المسؤولة عن اصدار هذه الجوازات.

كانت السفارة في السنوات الأخيرة راعية للعديد من المهرجانات الثقافية، لكنها توقفت الآن ما السبب في ذلك؟

السبب هو أن المركز الثقافي العراقي التابع للدولة العراقية هو المسؤول والمعني في تنظيم وإقامة مثل هذه النشاطات، وهو لم يقصر في ذلك ويرعى الكثير من الفعاليات والطاقات الثقافية العراقية في السويد.

كما تعلم، فان أعدادا من الشباب المقيم في السويد يتوجهون الى سوريا والعراق للقتال الى جانب الجماعات المسلحة هناك، هل تتوفر لديكم معلومات عن وجود عراقيين بينهم؟

نحن نعلم أن عددا من المواطنين السويديين توجهوا الى المنطقة للإلتحاق بالمنظمات الإرهابية، ولكن عدد العراقيين بينهم قليل جدا، وقد لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة. نحن كسفارة لا نستطيع التأثير أو التدخل في الموضوع لان المسافرين هم مواطنون سويديون، وحتى السلطات السويدية أعلنت انها لا تستطيع منع شخص ما من السفر، ما لم تكن هناك أسباب قاهرة تستدعي ذلك. ما نستطيع القيام به هو الحديث مع ممثلي الجالية عند اللقاء معهم والطلب منهم التأكيد دوما على أبناء الجالية ضرورة الإبتعاد عن الأفكار المتطرفة والظلامية.

 

الكومبس

محرر الموقع : 2014 - 11 - 03