المرجعية الدينية فوق شبهات المعترضين
    

  لابد أن يقتنع الذين يلومون المرجعية العليا في كل شيء, وينتقدونها على وفق رؤيتهم القاصرة, إن المرجعية الدينية لا تعمل ضمن رغبات خاصة, واستشارات محددة, لأنها تمثل النائب عن صاحب الأمر عج بعصر الغيبة, شاء البعض أو لم يشاء, وإصدارها للأحكام يأتي ضمن تشخيصها للمصلحة العليا, وليس للمصالح الحزبية الضيقة.

   فأنها لم تقف مع الاحتلال الامريكي في عام 2003, بعدما أسهم في تغيير النظام السابق, لكنها وقفت في تحديد مصير الشعب العراقي, من خلال كتابة الدستور, والمطالبة بأجراء الانتخابات, ولولاها لأستمر الاحتلال بتعسفيه, كما يحدث في أي دولة محتلة, ولم تجيز الرد بالمثل, بعدما تم تفجير قبة الإمامين العسكريين "عليهما السلام", ودق أسفين الطائفية, لأنها لم ترى ضرورة في الرد.

   عندما أصدرت المرجعية العليا فتوى الدفاع المقدس, بعدما تمددت العصابات الارهابية في الموصل, عرفت إن الأهداف من وراء ذلك, لم تتوقف بحدود الموصل أو المنطقة الغربية, أنما هناك مخطط دولي وإقليمي لأسقاط الحكم ببغداد, وضرب العتبات المقدسة, هذا يعني طمس الهوية الإسلامية, وعودة البعثيين للحكم من جديد, ومحو تاريخ وحضارة العراق, وما جرى من نهب لأثار الموصل ومقدساتها, خير مثال.

   ما حدث صيف 2015؛ من مطالبات جماهيرية في بادئ الامر, مدعومة من قبل المرجعية الدينية, من خلال خطب الجمعة, لمدة أربعة أشهر متتالية, تحولت تلك الطلبات الى شعارات فارغة, واستهداف سياسي واضح, لم يسلم مراجع الدين أنفسهم من ذلك, حتى بات السب والشم علناً, فتبددت التظاهرات, وباتت حزبية بامتياز, فلا تغيير ولا إصلاح, سوى بعض الوزارات, وبقية الأحزاب احتفظت بامتيازاتها.

   ما يؤسف له؛ إن الشارع بات وسيلة للضغط والمساومة بين الاطراف السياسية, فمن يستخدم الشارع للضغط, وفقاً للأرقام الحسابية خلال الدورة البرلمانية والحكومة الحالية, يعد أكثر المستفيدين نيابياً ووزارياً, بدليل إن الاطراف المتصارعة من أكثر الجهات السياسية استفادة, ولديها حصص تتجاوز 30 % من موظفي الوزارات والهيئات المستقلة والرئاسات, ولم نتابع أنها تنازلت عن جزء منها, خلال أعوام مطالبتها بالإصلاح.

   مفوضية الانتخابات؛ ليس عذراً لإراقة دماء الابرياء من كلا الطرفين, فهؤلاء الضحايا أبناء العراق, وتركوا برحيلهم أيتام وأرامل, فلا عذر لمن يستخدمهم "قميص عثمان", أما مجلس المفوضية بقي أمامه ستة أشهر, وتنتهي مدته القانونية, والقوى السياسية لاسيما التحالف الوطني عازمين على التغيير, وفق الإجراءات الدستورية, فإذا كنا نؤمن بالديمقراطية والانتخابات, فلا يمكن تحقيق غاياتنا بالتظاهرات والاضطرابات, وتعطيل الأعمال, وأشغال الشارع.

   لذا نقول؛ إن تحميل المرجعية الدينية ما لا تتحمله في حكم العقلاء, يحتاج لمراجعة موضوعية, فليس كل شيء يرمى على عواتق المراجع, فأغلب الدول الخاصة الإسلامية, ليس فيها نفوذ للمرجعيات, لكنها مستقرة, والحقوق يأتي من خلال صناديق الانتخابات, ناهيك إن المطالبين بتدخل المرجعية بالعراق, لا يتآمرون بأمرها, ولا ينتهون بنواهيها.

عمار العامري

محرر الموقع : 2017 - 02 - 13