أزمة جديدة يواجهها المصابون بمتلازمة داون بعد استغلالهم في صناعة المحتوى
    

أزمة جديدة يواجهها المصابون بمتلازمة داون اذ بدلا من تقديم الرعاية اللازمة وتأهيلهم اجتماعيا تتمثل باستغلالهم في صناعة المحتوى بوسائل التواصل الاجتماعي.

وغالبا ما تكون بشكل سلبي، على الرغم من وجود بعض المحتوى الإيجابي، وفيما عزا متخصصون هذه الظاهرة إلى “أخلاق المجتمع” وضعف القوانين، طالبوا بوضع حد لها عبر تدخل الجهات المعنية مثل الشرطة المجتمعية، والتوجه لتأهيلهم وبناء مدارس خاصة لهم، وهذا وسط تأكيد خبير قانوني على عدم وجود أي مادة قانونية تمنع استغلال هذه الفئة بشكل صريح.

ويقول عضو مفوضية حقوق الإنسان سابقا أنس العزاوي  إن “موضوع التنمر والإساءة بحق المصابين بمتلازمة داون وذوي الاحتياجات الخاصة، كان من ضمن تقارير الرصد للمفوضية، وكانت هناك برامج عمل مكثفة سواء مع وزارة العمل أو الجمعيات والمنظمات المحلية”.

ويتابع العزاوي “نوهنا في الكثير من المؤتمرات مؤخرا للمهتمين بهذه الأمور إلى أهمية التركيز ومكافحة هذه الظاهرة غير السليمة والتي تزيد من الإحباط لهؤلاء الناس”.

موضحا أن “جزءا من تعاوننا ومشاركتنا حتى مع أفراد الشرطة المجتمعية، كان ينصب على التخلص من حالات التنمر، وخصوصا التنمر الرقمي المتمثل باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي لتوجيه النقد أو الإهانة والتقليد والدعايات التجارية والتسويق لبعض المنتجات”.

إساءة استخدام المحتوى أو استخدامه للتنمر وإثارة الفكاهة

ويبين العزاوي أن “خروجهم بموافقة ذويهم في هذه الدعايات فيه جوانب سلبية وإيجابية تعتمد على طبيعة النشر والظهور والمادة الفيلمية التي تقدم، وبعض الأهالي يحاولون الدفع بأبنائهم للاندماج مع المجتمع ومن ثم تسهيل تعاونهم وتعاملهم مع المجتمع الواقعي، وهذا جزء من الإيجابيات، أما السلبيات فتأتي من إساءة استخدام المحتوى أو استخدامه للتنمر وإثارة الفكاهة”.

وتعج مواقع التواصل الإجتماعي، بقنوات وصفحات خاصة بنشر فيديوهات لأشخاص مصابين بمتلازمة داون، وغالبا ما تدار من ذويهم أو الأشخاص القائمين على رعايتهم، وبعض هذه الصفحات نجحت بأن تكون رسالة إيجابية عبر إبراز مواهب هؤلاء المصابين، لكن الأغلب منها تركز على محتوى النكات والسخرية أو الرقص، ما يسيء لهذه الفئة ويضعها بموضع الاستغلال.

الاحتفال باليوم العالمي لمتلازمة داون

يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت يوم 21 آذار مارس من كل عام، يوما عالميا لمتلازمة داون.

ودعت الجميعة العامة جميع الدول الأعضاء ومؤسسات منظومة الأمم المتحدة المعنية والمنظمات الدولية الأخرى والمجتمع المدني، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص، إلى الاحتفال باليوم العالمي لمتلازمة داون بطريقة مناسبة لتوعية الجمهور بها.

ويعيش المصابون بمتلازمة داون، ظروفا صعبة في العراق، من بينها التنمر عليهم وعدم ذهابهم للمدارس، فضلا عن نظرة المجتمع السلبية، وقلة المؤسسات الصحية والاجتماعية التي تتبنى علاجهم وتأهيلهم.

إهمال حكومي

من جهتها، تفيد الباحثة الاجتماعية سمر الفيلي بأن “بالإمكان إظهار المصابين بمتلازمة داون بصورة أجمل، ويفترض أن نوضح صفات هذه المتلازمة، لكن مشكلة مجتمعنا أنه لا يقدر الأحاسيس، حيث أن هذه الفئة حساسة جدا وتتأثر بمحيطها”.

وتشير الفيلي إلى أن “هذه الأفعال تعكس صورة سلبية عنهم وعن ذويهم، ولكثرة حسن النية لدى أصحاب هذه المتلازمة فمن الصعب أن يتوقعوا أن أحدا ما جاء ليتنمر عليهم ويصورهم للمشاهدات بدلا من مساعدتهم، وعليه فإن كل هذه الأشياء تعكس أخلاقيات المجتمع”.

وتضيف الفيلي أن “وزارة التربية تتعامل بإهمال تام مع هذه الفئة، وسائر مؤسسات الدولة لا تفكر بهم ولا تعمل على إنشاء مدارس خاصة بهم كونهم بطيئي التعلم، ولا توجد قوانين لحمايتهم وحماية حقوقهم”.

يشار إلى أن الصيدلانية تالة الخليل، المتطوعة لرعاية المصابين بمتلازمة داون، أكدت في تصريحات صحفية سابقة، أن العراق فيه أكثر من 4 ملايين مصاب، مشيرة إلى أن هذه الإحصائية غير رسمية، لأنه لا توجد بالأساس إحصائيات رسمية بهذا الشأن.

ضعف في القانون

إلى ذلك، يوضح الخبير القانوني أحمد العبادي، أنه “لا يوجد قانون خاص بكيفية التعامل مع المصابين بمتلازمة داون، ولكن هذا له علاقة بحقوق الإنسان”.

ويلفت العبادي إلى أنه “يفترض أن يحسبوا أنهم مصابون بحالة مرضية خاصة، والمتاجرة بها بهذه الطريقة مخالفة للوائح حقوق الإنسان”.

ويواصل العبادي “إذا كان الأمر يجري بموافقة عوائلهم فلا مانع من خروجهم بدعاية أو إعلان، أما إذا تم الأمر من دون موافقات فيمكن رفع دعوى ضد أي جهة استخدمتهم للدعاية أو غيرها”.

ومن النماذج التي جرت الإساءة لها، هي “زهيرة”، فتاة تعاني من تراجع إدراكي ومتسولة في البصرة، وهذه الفتاة جرى استغلالها من قبل صناع محتوى على تطبيق “تيك توك”، حيث صوروها بطريقة هزلية ومسيئة الهدف منها الحصول على أعلى عدد من المشاهدات، وجرى الحديث على نطاق واسع عن هذه الفتاة وما تعرضت له في مواقع التواصل الاجتماعي.

وكانت وزارة التربية، أعلنت العام الماضي، عن تسجيل أكثر من 16 ألف و104 أطفال في الصفوف الخاصة من المصابين بالتوحد ومتلازمة داون وغيرها، فيما طالبت بضرورة تخصيص ملاك تعليمي خاص بالتعامل معهم لتقديم العلاج والتعليم، ووفقا لمسؤول في الوزارة فإنه طالب الجهات العليا والمتخصصة بتأسيس مراكز حكومية خاصة بعلاجهم بواقع واحد في كل من جانبي الرصافة والكرخ، فضلا عن المحافظات.

المصدر: العالم الجديد

محرر الموقع : 2022 - 10 - 21