الشرطة السويدية تنفذ قرارات الطرد الصادرة بحق طالبي اللجوء العراقيين المرفوضة طلباتهم
    

تكاد آمال عدة آلاف من طالبي اللجوء العراقيين بالبقاء في السويد تتلاشى، مع الإصرار المتزايد الذي تُبديه السويد، في ترحيل المرفوضة طلباتهم قسراً الى بغداد، وفشل وزير الهجرة والمهّجرين العراقي ديندار الدّوسكي، إقناع نظيره السويدي توبيّاس بيلستروم، التريّث في طردهم، أثناء الزيارة الأخيرة له الى السويد الأسبوع الماضي.

وتجري عمليات الطرد وفق مذكرة تفاهم مثيرة للجدل، وقعها العراق مع السويد في شباط ( فبراير ) 2008، ألتزم العراق بموجبها، إستقبال مواطنيه المرفوضين، ما أثار غضب طالبي اللجوء، الذين يقولون إن الحكومة تخلت عنهم.

وكانت تقارير دولية، منها وثيقة نشرها موقع " ويكليكس "، ذكرت أن توقيع المذكرة جاء في إطار إتفاق سويدي – عراقي، يُلزم العراق أستقبال المُبعدين، مقابل فتح السويد سفارتها في بغداد، والمساهمة في إعادة بناء ما دمرته الحروب، من خلال الأستثمار في العراق.

لكن وزير الهجرة العراقي الدوسكي، نفى ذلك في لقاء مع " الكومبس " الأسبوع الماضي. وقال إن العراق، " لم يوقع إتفاقية، وإنما مذكرة تفاهم، قابلة للمراجعة، تتضمن عدة بنود، منها التأكيد على العودة الطوعية وليس القسرية، مقابل مساعدات تقدمها السويد للعائدين، وأستثمار في العراق، لم نرى شيئاً منه حتى الآن".

ولمّح الوزير الى أحتمال أن يُعيد العراق النظر في هذه المذكرة، لكن مراقبين لملف المهاجرين العراقيين تحدثت اليهم " الكومبس "، أستبعدوا أن يجري ذلك، " لان العراق المتلهف للعودة الى الحضيرة الدولية، مُلزم بإستقبال مواطنيه، وفق المعايير الدولية، وإن حكومته الحالية، ترى الأمور من زاوية أخرى، هي زاوية أفق الأستثمار والتبادل التجاري المتوقع مع الشركات السويدية التي تتمتع برصانة يُشهد لها عالمياً".

وكان مجلس النواب العراقي، أصدر في حزيران الماضي، قراراً غير ملزم للحكومة، برفض الإعادة القسرية، لكن عمليات الترحيل لازالت مستمرة، ولم تتوقف، وتجري بعيداً عن أي أهتمام إعلامي، من قبل وسائل الإعلام السويدية.

من جهتها فإن السويد لاترى كما يقول وزير الهجرة بيلستروم أي سبب لإعادة النظر في مذكرة التفاهم. وفي أكثر من مناسبة، جدّد الوزير تأكيده أن السويد " تُطبق القوانين والمعايير الدولية في عمليات الأبعاد، ولم تنتهك الكرامة الإنسانية للعائدين، بل على العكس تماماً، فهي تمنحهم متسعاً من الوقت، للتفكير بالعودة الطوعية، وتهيئة أمورهم، لكنها تضطر في الأخير تطبيق القانون بحق كل من يرفض العودة".

وكان بيلستروم أستغرب في أيار ( مايو ) الماضي، من " الضجيج الإعلامي حول تسفير طالبي اللجوء العراقيين المرفوضة طلباتهم"، وقال أثناء زيارته معسكراً لللاجئين في مدينة فلين، إن حوالي ستة آلاف عراقي عادوا طوعاً الى بلادهم، منذ التوقيع على مذكرة التفاهم مع العراق في 2008، وان العدد الذي جرى طرده قسراً لايتجاوز 800 شخص".

وفي ظل هذا التجاذب والتضارب في المواقف الرسمية، يعيش آلاف من هؤلاء أوضاعاً نفسية صعبة للغاية، وقلقاً يومياً من ترحيلهم. فالكثيرون منهم، تركوا العراق على خلفية العنف الطائفي الذي تفجّر في العراق عام 2006، وباعوا كل ما كانوا يملكونه، وصرفوا مدخراتهم في التنقل بين الدول المجاورة للعراق، قبل الوصول الى برّ الآمان الذي لم يعد هو الآخر آمناً لهم.

ويقول عادل زهير، وهو أسم وهمي أختاره لنفسه طالب لجوء عراقي مرفوض في ضاحية " إنكريد " شمال مدينة يوتوبوري لـ " ألكومبس " : " لم نكن نأمل شيء من زيارة الوزير العراقي، لإننا مسبقاً نعرف أن السويد لن تقبل إعادة النظر في الأتفقاية، وان العراق أساساً غير جاد في وقف ترحيلنا، فهو أساساً لايكترث بتقديم أي شيء للعائدين".

ويعيش زهير مع زوجته وأبنته البالغة من العمر 12 عاماً، وأبنه الصغير البالغ 6 أعوام، حياة يصفها بـ " الموت البطيء، وإنعدام الأمل ".

ولايختلف حال محمد الربيعي، عن زميله عادل. فمحمد رب أسرة مكونة من ستة أشخاص، يقول لـ " الكومبس " من مدينة سودرتاليا جنوب ستوكهولم " يُزايد البعض من المسؤولين العراقيين على وطنيتنا، ويُصورون الأمر، وكأننا أقل وطنية منهم، فهم في الداخل، ونحن في الخارج، في الحقيقة أعتقد أننا لانقل حباً لوطننا عن أي عراقي آخر، ولكننا نرفض العودة لاننا سنعود الى نقطة الصفر، والأوضاع هناك لم تستقر بعد".

مثلُ زهير ومحمد، هناك الآف من العراقيين ينتظرون حلولا سحرية، يعرفون قبل غيرهم، أنها لم تعد موجودة على أرض الواقع.

الكومبس

محرر الموقع : 2012 - 10 - 02