ألفرق بين ألعِلم و آلجَّهل في آلفلسفة آلكونيّة:
    

ألفرق بين ألعِلم و آلجَّهل في آلفلسفة آلكونيّة:

ألعلم يرفع بيتاً لا عماد له .. و الجّهل يهدم بيت العزّ و الكرم.
لكن أيّ علم هذا الذي يرفع البيت – المجتمع – الوطن في نهاية المطاف!؟
و أيّ جهل هذا الذي يهدم البيت – المجتمع – و يحطم الوطن و حتى العالم في نهاية المطاف!؟

وهذا البيت ألشعري يُبيّن لنا الفرق الظاهري عموماً بينهما – بين الجهل و العلم - و يختص بزمان قائله و مستوى المعرفة فيه, وهناك فروق علمية جوهريّة تًحدّد مصير الناس وعلى أهل الفكر والثقافة والسياسة والحكم الوقوف عندها و العمل بها حسب الفلسفة الكونيّة.

العلم بإختصار: ليس الحصول على شهادة جامعية(ورقة) تؤيد الحصول على بكالوريوس أو ماستر أو دكتوراه في موضوع مُعيّن و إن كان نائله يستحقّها بإمتياز, فكم إستاذ ومختصّ في العلوم يوجد في بلداننا و العالم؛ لكن ماذا كان نتاجهم الحقيقي؟ وهل حققوا السعادة؟

والجّهل بإختصار: لا يعني أنّ صاحبه يعاني الأميّة الأبجدية و لم يحصل على شهادة جامعية أو حوزة علمية,
بل الجاهل الحقيقي في الفلسفة الكونيّة؛ قد يكون حاصلا على جميع الشهادات أعلاه, لكنه فاقد لأصل الأصول ولموقعه فيها, و جهل معرفة نفسه ومحيطه وهدفه الذي خلق أو درس معظم عمره لأجله, و موقعه من عملية البناء ضمن الجماعة أو الوزارة أو الشعب أو الأمة أو الناس جميعاً وعلاقة إختصاصه بالأختصاصات الأخرى, فقد يكون الشخص عاملاً أو فلاحاً بسيطاً, لكنه يعرف دوره في الحياة, لكونه مسلح بآلفكر؛ مثل هذا يعتبر أيضا أفضل من أستاذ جامعي أو رئيس جمهورية أو إمبراطور يعاني ألأمية الفكريّة و لا يزيده موقعه سوى شقاءاً وحزناً وبُعداً عن الحقّ و أسرار الوجود!

والعالمِ المطلوب في الفلسفة الكونية؛ هو ذلك الذي يتخلّص من الأمية بكلّ معانيها ووجوهها, و يحوز بجانب علمه و إختصاصه؛
على ألمعرفة الكونية ويبحث بإخلاص عن سبب وجوده في الدّنيا ومدى قدرته على فرز الأحداث و مقارنة إختصاصه مع المعايير الكونيّة ليستخلص النتائج المفيدة الصحيحة ذات الطابع الكونيّ الأزلي .. لا الحزبي أو الشخصي أو الفئوي أو المذهبي ضمن معادلات ضيقة و مساحة جغرافية محدودة, خصوصا بعد ما ينجح في ربط إختصاصه بآلعلوم الأخرى للأبداع والأنتاج فيها لبناء الحضرمدنية.
 و (الحضرمدنية)؛ مصطلح كونيّ يعني (الحضارة) و (المدنية) معاً بشرطها و شروطها, و قد سبق أن بيّنا الفرق بينهما ولا داعي للتكرار.

والجاهل يعني أيضا جهله بقيمة نفسه و بإصل الكرامة التي بها يصل مرتبة خليفة الله, و مدى الحُبّ و تأثيره السحري في خلق السعادة و فلسفة التواضع وحقيقة الوجود والربط بين مكوناتها و دورهُ في تفعيلها, وهذا الأمر يرتبط بآآلمقدمات السابقة, و لا تعني الشهادة المدرسية فقط كما فهمها الناس وحتى العلماء لكونها(الشهادة) جانب من جوانب كثيرة يصعب تحديدها, و من تلك العناوين الكبيرة نصل إلى وقوع العلماء و المثقفين و السياسيين و الحكام و القضاة بشكلٍ خاص في خطأ كبير و فضيع سبّب الكوارث و الويلات في كل الأرض و ليس العراق المحترق أساسا بسبب حكومات الجّهل الفاسدة و المحمية بآلمرتزقة .. حكومات لا تعي معنى (الجّهل ولا العلم), ناهيك عن أسرار الكون, لذلك كان آخر ما توصلوا إليه بعد التي و اللتيا و آلأجتماعات الحزبية المغلقة كعقولهم؛ هو إنتخاب حكومة (التكنوقراط) لإستلام زمام الأمور لحكم المجتمع بعد فشل جميع أنواع الحكومات السابقة!  والحال كما أشرنا؛ (التكنوقراطية) وحدها من دون وجود التجربة و الحكمة التي ضمّـتها المقدمات الكبيرة التي عرضناها أعلاه؛ لا تغني ولا تفيد المجتمع بشيئ, بل تُحرّف المسيرة البشرية الأجتماعية والأقتصادية خصوصاً بإتجاه أحادي سلبي و مُدمّر و هذا ما عاشه العراق والدول العربية و غيرها ومن الازل و شهدته بنفسي حتى في البلدان المتقدمة ككندا و أمريكا و أوربا حين نحى الغرب بنظامها و بإفراط نحو المدَنيّة و التكنولوجية و تركوا الجوانب الحضارية والأجتماعية والفلسفية, بحيث وصل حدّا قبل سنوات أرادت مجالسها النيابية حذف كل الأختصاصات الفلسفية و الأجتماعية من الجامعات سوى ما يوافق أهداف (المنظمة الأقتصادية العالمية), لهذا حتى المدنية ذاتها تعاني اليوم الكثير من العيوب الظاهرية و الجمالية وحتى الأقتصادية والمالية والعمرانية نفسها, ولولا مخططاتهم الشيطانية و حروبهم البشعة في الشرق الأوسط وغيرها للهيمنة على مراكز الأنتاج و الطاقة لسرقة آلشعوب الأميّة؛ لكانت الأرقام المتعلقة بآلمآسي والفقر و الجوع وسط الناس تحت خط الفقر تفوق كثيراً ما تمّ آلأعلان عنها رسمياً بحدود 40%, فقد قدّرت دراسات بهذا الشأن الرقم ألمعلن للذين يعيشون تحت خط الفقر بأكثر من ذلك وسيصل الضعف بعد عقدين, بجانب الأمراض الروحية والنفسية والأجتماعية, ولك أن تتصور كيف إن التكنوقراطية والديمقراطية لوحدها ليست علاجاً للواقع, ويتطلب من ألأكاديميين على الأقل الأنتباه لهذا الأمر عند الأشراف على الرسائل الجامعية.
حكمة كونيّة: [ألكفاءة و آلنّزاهة شرطان لتحقيق سعادة المجتمع].

عن آلعليّ آلأعلى (ع), قال: [العالِم حيٌّ وإن كان ميتاً، والجّاهل ميّتٌ وإن كان حيّاً](1).

Imam Ali (P) said, “The scholar is alive even when he is dead, whereas the ignorant man is dead even though he may be alive.” (Ghurar Al-Hikam, no. 1124-1125)

ألفيلسوف الكونيّ

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) غرر الحكم: ١٤٨١، (١١٢٤ - ١١٢٥).
أمالي الطوسي: ٥٢١ / ١١٤٨.

 

 
محرر الموقع : 2019 - 12 - 14