أبرز سيناريوهات أسعار النفط عالمياً في خضم الحرب على غزة
    

 

 

 

بين توقعات بارتفاع كبير في أسعار النفط وأخرى بانخفاضها على أثر تداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تركز ترجيحات خبراء الأسواق على المدى الزمني لاستمرار الحرب لتحديد نطاق الأسعار. وتصدر البنك الدولي قائمة المؤسسات التي تحذر من ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من 150 دولارا للبرميل “إذا تصاعد الصراع في الشرق الأوسط”، ولفت في تقرير أصدره بنهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى أن “حربا طويلة الأمد من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار الطاقة والأغذية، بعد عام واحد فقط من ارتفاع الأسعار بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا”.

ويرتبط هذا التحذير من المخاوف بشأن خنق طريق عبور رئيسي لشحنات النفط والغاز المنقولة بحرا من الشرق الأوسط إلى السوق العالمية ، ما يهدد الجهود التي تبذلها البنوك المركزية لترويض التضخم المرتفع.

وفي المقابل، جاء البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية بالرياض، السبت 11 نوفمبر/تشرين الثاني، وتجنبه التلويح باستخدام النفط كورقة ضاغطة على المجتمع الدولي، ليعزز ترجيحات انخفاض أسعار النفط العالمية مع وجود مؤشرات على تراجع الطلب المستقبلي.

وشهدت الأسواق العالمية تقلبات كبيرة في أسعار النفط بعد اندلاع الحرب، إذ ارتفعت الأسعار بشكل حاد لأسبوعين متتاليين منذ عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، ووصل إلى حدود 94 دولارا للبرميل، لكنها عادت مجددا للانخفاض عند حوالى 80 دولارا للبرميل، ومع ذلك، يحذر البنك الدولي من أن هذه التوقعات يمكن أن تنقلب بسرعة.

سيناريو الحرب

ويشير الخبير الاقتصادي والمستشار المصرفي، علي أحمد درويش، في تصريحات لـ “العربي الجديد”، إلى أن التراجع الأخير في أسعار النفط يعود لسبب رئيسي هو تراجع الاقتصاديات العالمية، وبالتالي تقليل الإنفاق وتراجع الطلب على النفط ومشتقاته.

ويوضح درويش أن العجلة الاقتصادية العالمية في حالة تراجع أصلا على وقع تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية، وما استجد من حرب في غزة يخلق توترات إضافية بمنطقة الشرق الأوسط، وهي المنتج الأساسي للنفط في العالم.

وإضافة لذلك، يلفت درويش إلى أن أفق الحرب لا يزال غير واضح، ولا يزال سيناريو توسعها إقليميا قائما، وهو ما يهدد بتأثير كبير على إنتاج النفط بشكل مباشر، لكن في حال بقاء السيناريو الحالي للحرب فقد تتراوح أسعار النفط ما بين 80 و92 دولارا للبرميل، وستتأرجح صعودا وهبوطا بهذا المعدل تقريبا، إلا إذا استجدت مؤشرات أخرى قد تكون مؤثرة بشكل مباشر.

ولذا فإن الدول المنتجة للنفط ستكون حريصة على تحديد سقوف دقيقة للإنتاج في الفترة المقبلة من خلال تكتل “أوبك+”، إما بناء على العرض والطلب وإما بناء على تحديد سعر برميل النفط، حسب توقعات درويش.

أما في حال سيناريو توسع الحرب إقليميا، فيتوقع درويش أن يكون لذلك تداعيات مباشرة، وقد تزيد أسعار النفط بشكل دراماتيكي نحو الصعود.

موجة تصحيح

ويشير المستشار الاقتصادي والخبير المالي، هاشم الفحماوي، في تصريحات لـ “العربي الجديد”، إلى أن أسعار النفط الخام وصلت إلى مستويات 96 دولارا للبرميل في الآونة الأخيرة، ومن ثم عادت إلى الهبوط التدريجي، وهو ما يصفه بأنه هبوط طبيعي للدخول في عملية موجة تصحيح سعرية، لكن الارتفاع الأخير في أسعار خام برنت وأسعار الغاز عالميا كان مدفوعا بالمخاوف من احتمال تعطل الصادرات من المنطقة الغنية بالطاقة.

أما الآن، وبعد التيقن من عدم استخدام ورقة النفط سياسيا بعد القمة العربية الإسلامية في الرياض، فإن تدفقات النفط والغاز ستظل سالمة على الرغم من الحرب الإسرائيلية على غزة، وبالتالي فإن الضغط على الاتحاد الأوروبي لوقف جرائم الاحتلال الغاشم لم يعد قائما، وحالة اللايقين بشأن إمدادات الطاقة أصبحت زائلة، بحسب الفحماوي.

ويضيف الخبير الاقتصادي أن استجابة القادة العرب لنبض شعوبهم عبر الضغط بتعليق صادرات النفط والغاز إلى أوروبا من شأنها تحقيق عوائد اقتصادية أيضا برفع أسعار الطاقة، ثم أضاف: “لكن الشعوب العربية صدمت للأسف من قرار الدول المنتجة بقرارها استمرار الصادرات النفطية والغاز إلى العالم”.

وإزاء استمرار ضخ النفط والغاز دون عوائق رغم حرب الإبادة التي يرتكبها الاحتلال، لا يستبعد الفحماوي، عودة أسعار النفط الى مستويات 50 دولارا خلال الأشهر المقبلة، خاصة في ظل مؤشرات على إمكانية تراجع الطلب لعوامل عدة، منها الاتجاه العالمي نحو الطاقة النظيفة.

يشار إلى أن الوكالة الدولية للطاقة أوردت توقعات، في تقرير لها، بأن ينمو الطلب العالمي على النفط بنسبة 6% بين عامي 2022 و2028 ليصل إلى 105.7 ملايين برميل يوميا.

 

 

 

محرر الموقع : 2023 - 11 - 13