تجّار الموصل رصدوا مليوني دولار لقتل قادة الدواعش ونجحوا
    

قدموا مساعدات كبيرة وتعاونوا مع الأجهزة الأمنية


بعد ان رفعت الولايات المتحدة الأمريكية المكافأة المالية لمن يدلي بمعلومات عن مكان تواجد زعيم تنظيم داعش الأرهابي ابي بكر البغدادي من (١٠) ملايين إلى (٢٥) مليون دولار ، انبرى عدد من التجار ورجال اعمال موصليين إلى إعلان ما كانوا يخفونه طيلة سنتين ليكشفوا ويؤكدوا ان الكثير من اهالي الموصل كانوا السبب وراء مقتل العديد من القيادات والعناصر الداعشية بعد عام ٢٠١٤ خاصةً وان حقيقتهم بانت وزيف ادعائهم بات واضحاً من خلال عمليات القتل والذبح والتعذيب ومصادرة أموال الناس بحجج لايمكن ان يقبلها أيُ ضميرٍ مُحترم ، فبعد ان تجمعت وتكالبت وحوش الأرض من المرتزقة والإرهابيين الأجانب والعرب يساعدهم ضِعاف النفوس وفاقدو الأخلاق والضمير من اهالي الموصل، تحركت مثل ماهو معروف وأُشيع على وسائل الإعلام مجاميع وطنية مجهولة استهدفت عناصر داعش بالخنق مرة وبالحرق مرة وبالسلاح الأبيض مرات عديدة.


آيات قرآنية وخطف عائلة
وفق تلك العمليات دخل الدواعش إنذاراً راحوا بموجبه يبطشون ويخطفون ويهددون الأبرياء من اهالي الموصل لاسيما  أصحاب رؤوس الأموال من التجار والمقاولين وأصحاب الأملاك، فمنهم من رحل ومنهم من ساعد ومنهم من امتنع فَقُتِل بدم بارد على يد التنظيم الارهابي . هذه الأسباب دفعت عدداً من التجار لعقد عدة لقاءات ترمي لدعم هذه المجاميع الوطنية والوقوف خلفهم. إلا أن جواسيس التنظيم استطاعو كشف المخطط، ومن هنا بدأت القصة حيث تم اختطاف عائلتين من عوائل التجار.  المتحدث باسم التجار وصاحب الفكرة الأساس (محمد الحيالي) ، أصر على ان يُنشر اسمه الحقيقي اذ يقول: اجتمعنا في الموصل نهاية عام ٢٠١٤، والاجتماع كان يضم تسعة من أهم وأبرز تجار الموصل المعادين للتنظيم، وأتفقنا على دعم اية مبادرة تعمل ضد التنظيم. مضيفا:  استطاع  الإخوة التجار ان يخرجوا عوائلهم إلى خارج الموصل بواسطة التهريب، لكن الحظ لم يحالفني أنا وتاجر آخر بإخراج عوائلنا. متابعا: في يوم فوجئت عند عودتي للبيت بعدم وجود أهلي: أمي وزوجتي وأطفالي الاثنين ووجدت ورقةً مكتوبة عليها آيات قرآنية وتهديداً بقتل عائلتي في حال لم ادفع (٣٠٠) ألف دولار بمدة أقصاها (٧٢) ساعة.

ماذا فعلوا بعد تسلّم الفدية؟
يسترسل الحيالي: كان الوسيط وللأسف احد أقاربي من الذين بايع التنظيم، وبعد ان أعطيتهم المبلغ مجبراً لإنقاذ عائلتي والانتظار لمدة اسبوع ابلغني الوسيط ان عائلتي قد قُتلت لأنني لم التزم بالاتفاق وأعطيتهم المبلغ مزوراً ، وهذا خلاف الحقيقة فالمبلغ لم يكن مزوراً  ولا ناقصاً. مستطردا: جنّ جنوني وفقدت عقلي وأمسيت حبيس البيت لمدة شهرين من هول الصدمة. مستدركا: ولكن سرعان ما تنبهت ان الانعزال والاستسلام ليس هو الحل بل ان الانتقام والفتك بعناصر التنظيم هو الحل.
وبيّن التاجر: فاستجمعت قواي وهيأت كل الأمكانيات المادية والمعنوية واتفقت مع احد المهربين وخرجت الى أربيل ثم الى بيروت ومن هناك بدأت العمل حيث اتصلت من جديد برفاقي الذين شتتتهم الغربة فبعضهم يقيم في اسطنبول والبعض الآخر في بيروت والآخر في عمان وقد تأسفوا كثيراً لما جرى لعائلتي. متابعا: أوصلت رسالتي لهم ان عزاءهم الوحيد لي ولكل عوائل المغدورين والمظلومين هو المساعدة في القضاء على التنظيم. وبالفعل حاولنا كثيراً ان نوقظ الهمم من خلال أصدقائنا ومعارفنا الرافضين لوجود التنظيم. مردفا: إلا ان جميع المحاولات باءت بالفشل لما رأوه من تصرفات بربرية للتنظيم  تأبى حتى الوحوش ان تمارسها. 

اللقاء بقيادي منشق عن داعش
 واضاف الحيالي: لم تكن العزيمة جاهزة للانتفاض ضد هذه العصابات خاصةً وان اغلب التجار والمقاولين كانو يدفعون الإتاوات للتنظيم والتي كانت تُعتبر مصدر التمويل الأول لهم. صحيح ان بعضهم كان يدفع بُغية دفع الضرر والشر عنه وعن عائلته، منوهاً: في ذات الوقت هناك من كان مقتنعاً بضرورة ان تقوى هذه العصابات على حساب ضعف أجهزة الدولة إلى ان وقع المحظور حيث بدأ التنظيم بالتنكيل والقتل بهم، لكن مع ذلك أصر بعضهم على موقفه.  ويستطرد التاجر الموصلي بحديثه: هذه كانت نقطة الارتكاز لدي لأقنعهم ان التخلص من التنظيم امرٌ لابد منه فلكل منا وجهة نظرهٰ الخاصة للخلاص من هذا الكابوس لكن الانتقام والتنكيل بهم وفضحهم كان همي الوحيد. مبينا: في احد الأيام اتصل بي احد الأصدقاء وقال ان هناك شخصاً مُستعداً لان يتعاون معنا. الغريب بالأمر ان هذا الشخص (لايمكن ذكر اسمه لدواعٍ أمنية) كان ضابطاً سابقاً بالجيش العراقي وانتمى للتنظيم بعد عام ٢٠١٤ فكانت ردة فعلي طبيعية ان ارفضه وان لا التقي به تماماً. مستدركا: لكن الصديق المشترك أصر على ذلك دون ذكر التفاصيل وقال بالحرف الواحد ( لاتستعجل بالحكم وثق بكلامي اللقاء بهِ ربح حقيقي ). وكان موعد اللقاء في تركيا فطرت من بيروت الى تركيا والتقيت بصديقي وانتظرنا الشخص المعني لثاني يوم فالتقينا به وكانت وضعيته وكلامه  تدلان مباشرةً على انه احد أفراد التنظيم.

التردد على الجوامع ودخول التنظيم
 واوضح الحيالي:  بعد ان اطمأن ، سرعان ما نفض غبار التخلف والهمجية عنه ورجع إلى سابق عهده وبدأ بسرد قصته التي بدأت حسب قوله عندما أراد العودة للخدمة العسكرية كضابط في الجيش العراقي حيث قام التنظيم بخطف احد أبنائه وأبلغوه عبر الموبايل بأنهم سيقتلونه إذا لم يعدل عن قرار الرجوع الى الخدمة العسكرية وانه دفع فدية مقدارها خمسون الف دولار. موضحا: انه تم التفاوض مع المتصل وقبل بشرطهم بعدم الرجوع  للخدمة والمبلغ خُفض إلى عشرين الف دولار، لكنهم وكعادتهم غدروا وقتلوا ولده بعد ان تسلموا الفدية في منطقة المجموعة الثقافية. متابعاً: انه حاول تتبع عائدية رقم الموبايل لكن دون جدوى فاعتزل الدنيا بعد هذه الحادثة مثلما حدث معي. واضاف التاجر الموصلي ان الضابط في الجيش العراقي السابق وبعد مقتل ولده حاول الانتقام لكنه كان عاجزاً مثلي لعدم وجود عوامل مساعدة، ففكر بخطة ورسمها بشكلٍ صحيح وكانت كل المؤشرات تُشير على نجاحها ما عدا جزئية واحدة. مبينا: ان الفكرة كانت ان يبدأ بارتياد الجوامع التي يَكثُر فيه تواجدهم. وبالفعل بدأ بالمواظبة تدريجياً على الحضور للجامع وأطلق لحيته وكان منعزلاً ليتحيروا بأمره، حسب ما ذكره في لقائنا الاول في اسطنبول. 
المبايعة وإعادة مبلغ الفدية
واضاف الحيالي على لسان الضابط السابق: بعد سقوط الموصل عام ٢٠١٤ بات الأمر علنياً وتكشفت الأقنعة واتضح من كان يعمل مع التنظيم ، فعرفتهم وكشفتهم واحداً تلو الآخر، والجزئية السلبية التي تحدثت عنها مسبقاً كان لابد منها هي الانضمام الظاهري لهم وتأييدهم. متابعاً: وإقناعهم بأن حادثة خطف ولدي وقتله ماهي إلا قضاء وقدر، كما استطعت إقناعهم بأنني أُؤمن بأن هناك مسيئين يحاولون تلويث عملهم (المبارك) واستمررت على هذه الوتيرة الظاهرية. مردفا: الى ان تأكدو تماماً انني معهم خاصة بعد ان أرجعوا لي مبلغ الفدية الذي دفعته بحجة انهم القوا القبض على بعض العصابات التي تتظاهر بأنهم تابعين للتنظيم وأقاموا عليهم ( حدود الله ) كما ادعوا .
تظاهرت ، والحديث للضابط السابق،: بأنني مريض بالسكري وارتفاع ضغط الدم وهو ما يؤخرني على الالتحاق بما تسمى دواوين التنظيم ، وبقى الحال على ماهو عليه حيث ان اختلاطي بهم في الجوامع سهّل لي مهمة التعرف عليهم حتى ان بعضهم كان يعمل بسرية ايضاً كُشف وبسهولة. موضحا: خَرجتُ من الموصل ثم إلى أربيل وإلى تركيا بعد ان كفلني ابن عمي وحجزوا على سيارتي، وكان السبب بالخروج هو العلاج لأنني كنت قد نوهت لهم مسبقاً بأنني مريض بالسكري والضغط. الى هنا تنتهي قصة الضابط السابق في الجيش العراقي الذي حاول العودة للجيش لكن التنظيم خطف ولده وقتله بالتالي لم يكن امامه سوى العمل للانتقام.

معلومات من داخل الموصل
 عودة الى المتحدث باسم التجار محمد الحيالي: لم أتردد ابداً بتصديقه لسببين الأول ان الشخص الذي رتب اللقاء محل ثقة بالنسبة والثاني ان تعابير وجهه وهو يتحدث كانت مليئة بالحزن والرغبة بالانتقام من التنظيم فاتفقت معه على تزويدنا بكل ماهو مفيد. مضيفاً: وبالفعل أعطانا عشرات الأسماء وخاصة أولئك الذين كانوا يتخفون ولا يعرف أهالي الموصل انهم مع التنظيم وأغلبهم موظفون، حيث تمت مفاتحة بعض المفاصل المهمة بالحكومة المركزية وإعطاؤهم الأسماء، فتم قطع الرواتب عنهم ووضعهم على قوائم المطلوبين. متابعا: كما تم الترتيب معه على ان يأتيه اثنان من الشباب الذين نثق بهم مرتين خلال الشهر لإعطائهم معلومات عن تواجد عناصر التنظيم المهمين والمضافات الرئيسية لهم داخل الموصل.

قتل القضاة الشرعيين
واضاف الحيالي: كان التعاون على اعلى المستويات بيننا وبين الحكومة المركزية وبين قوات التحالف إلا ان الخطر الأكبر حددناه بالعناصر التي تتسلم مناصب شرعية، فهم الأخطر من خلال ما كانوا يبثونه من سموم وغررو بكثير من الشباب داخل الموصل. مبينا: فكان لابد من تحديد ومعرفة أماكن تواجد هؤلاء الذين يسميهم التنظيم القضاة الشرعيين. وبالفعل استطاع الرجل تحديد اهمهم وقمنا بدورنا بوضع جائزة مالية لكل من يدلي بمعلومات عنهم او حتى لمن يقتلهم وسربنا الخبر في الموصل. موضحا: الغريب ان إشارات وصلت لنا ان بعض عناصر التنظيم على استعداد للتعاون في مقابل الصدق بالوعد وإعطائهم هذه المبالغ التي وصلت لحدود المليوني دولار على ابرز القضاة الشرعيين. مشدداً: فتم تحديد أماكن تواجد بعضهم وكانت المعلومات تصل بدقة لبعض المفاصل الأمنية المهمة التي رصدت تحركاتهم وقتلتهم بالتعاون مع التحالف الدولي بواسطة الطائرات المسيرة وبعضهم توارى عن الأنظار ظانين بأنهم غير معروفين وسنذكر بعضهم ليعرفوا انه لايَسقطُ حقُ وراءه مطالب.

بعض من (القضاة)
 أولاً : الإرهابي (سالم خلف) الملقب ابو رقية قاضي الأمنية وهو من اهالي ﻧﺎﺣﻴة الشورة وحالياً متواجد بالموصل وانسحب الى الجانب الأيمن بعد انكسارهم بالجانب الشرقي. 
 ثانياً : الارهابي (عمر موسى) الملقب ابو عبد الله الجبوري وهو من اهالي حمام العليل وحالياً متواجد بالجانب الأيمن وكان قد تسلم منصب القاضي الشرعي لولاية دجلة .
ثالثاً :  الارهابي (شفاء النعمة) احد مفتي التنظيم، إمام وخطيب في جامع الشهيد مازن في حي البريد الذي تحرر قبل اسبوع، ولديه مدرسة عبدالله النعمة الدينية في نفس الجامع، يُعتبر من اخطر مفتي التنظيم، وساهمت مدرسته بتخريج مئات الدواعش، لم يكن يعلن عن انتمائه للتنظيم قبل حزيران 2014، وكان يستعمل المدرسة غطاء لنشر فكر التنظيم  بين الشباب والصغار بشكل  غير مباشر، كان يبلغ على كل شيخ جامع يعارض فكر الدواعش ويتم طرده من الجامع او اعتقاله وقتله، ويساعده في ذلك ابنه عبدالله.
 رابعاً : (اسامة ابو انس) يسكن حي المثنى هو طالب من طلاب شفاء  النعمه، كان  ابو انس قبل دخول الدواعش المسؤول العسكري لعدة مفارز وبعد دخول الدواعش اصبح قاضياً في المحكمه الشرعية التابعة للدواعش. 
 خامساً: ابو ايوب العطار، مفتي التنظيم وقاضي ايضا يخطب في جامع الرحمة في حي السكر، افتى قبل ثلاث جمع بقتل اهالي الموصل المحاصرين، منزله في حي المشراق ولديه مركز دار ابن الارقم لتحفيظ القرآن في حي المثنى، لديه محل عطارة في دورة النافورة في حي الزهور التي تم تحريرها قبل يومين، ولقد تم قتله بواسطة ضربة جوية موفقة على اثر معلومات دقيقة.  ويقول الحيالي ان لشباب الموصل دوراً كبيراً في مساعدة الأجهزة الأمنية وخاصة الأجهزة الاستخبارية حيث قُتِل العشرات بل المئات من عناصر التنظيم فيما ساعد بعض التجار والمقاولين المناوئين للتنظيم بالمال والسلاح الخفيف من اجل ديمومة الحركة بالموصل التي نفد منها الطعام والدواء والعمل بسبب التنظيم وأعماله التخريبية الإرهابية.

محرر الموقع : 2017 - 01 - 21