حوار مع رئيس مركز القرار ...
    

رئيس مركز القرار السياسي
- أمريكا نجحت في رسم ملامح الشرق الأوسط الجديد
- ماحدث في مصر في 30 يونيو كان ضرورة

القاهرة ستزاحم طهران والرياض على بغداد
- لاتوجد صحافة حرة في العالم العربي ولكن يوجد صحفيون أحرار
القاهرة: ورود ياسين
قال هادي جلو مرعي رئيس مركز القرار السياسي، إن أمريكا نجحت في تحديد ملامح شرق أوسط جديد، وإن ماحدث في مصر في 30 يونيو كان ضرورة لحماية مستقبل الدولة المصرية، وإن مستقبل العراق وسوريا غير واضح على الإطلاق، وإن الفترة المقبلة ستكون صعبة على جميع الدول العربية، بينما أشار الى أن الصحافة العربية غير حرة، ولكنها تحفل بالصحفيين الأحرار. 
وهذا نص الحوار مع هادي جلو مرعي رئيس مركز القرار السياسي
- كيف ترى حالة الفوضى العارمة التى تسيطر على العراق منذ نحو 14 سنة، وتوقعاتك لنهاية هذا الصراع العرقى أو الطائفى بين السنة والشيعة والأكراد؟
- هذه الفوضى مقصودة وهي جزء من أدوات الصراع طالما أن الغاية أكبر من تحرير دولة أو إسقاط نظام سياسي، وقد نوه لذلك مسؤولون أمريكيون ومنهم المستشارة السابقة كوندا ليزا رايس بمفهوم ( الفوضى الخلاقة) لرسم معالم شرق أوسط جديد وقد نجحوا بالفعل من خلال تفكيك منظومة الدول العربية، وزرع الفوضى والخراب وإسقاط مفهوم الدولة الوطنية وإحلال مفاهيم جديدة مرتبطة بنزعات قومية إنفصالية وطائفية من شأنها تعطيل دور الحكومات ونشوء المجموعات المسلحة بشعارات الدين والعرق، وبصراحة غير واضح الى أين تمضي الأمور في العراق وسوريا حتى وبقية الدول العربية لأن مشاكلها متصلة ببعض وأسبابها متشابهة كذلك، وأعتقد أن طريقا طويلا أمام هذه الأمة قبل أن تصل الى نهاية بغض النظر عن شكل هذه النهاية وإن كنت أتوقعه مأساويا. 
- - أيهما كان أكثر رحمة بالعراق، ديكتاتورية البعث فى عهد صدام حسين، أم ديكتاتورية الإحتلال الأمريكى؟
-هذا سؤال أكثر من جيد، ونحن بحاجة الى توجيهه الى معظم الشعوب العربية التي تعرضت لإحتلالات ومشاكل وفوضى، كأن نسأل العراقيين هذا السؤال، أو السوريين عن الثورة ومابعد الثورة وماقبلها، وكذلك اليمنيين والتونسيين وحتى المصريين بمستوى من المستويات خاصة وإن مصر أعادت إنتاج النظام القديم تجنبا للدكتاتورية الأصولية، لكن في العراق يبقى السؤال محرجا لأن هناك طوائفا وقوميات كانت مختنقة في العهد السابق وبدأت تتنفس برغم ماتعرضت له من مصاعب في المرحلة التي تلت الإحتلال الأمريكي، فالكرد يعيشون بمايشبه الدولة وقد نهضت كردستان في مجالات مختلفة، بينما الشيعة يعيشون في السلطة برغم إنهيار منظومة الخدمات وتعرضهم الى مشاكل عميقة وهولاء جميعا يترددون كثيرا في التفضيل بين نظام دكتاتوري كان يخنقهم ونظام سياسي وفر لهم فرصة لكنه دفعهم الى مشاكل كبيرة، بينما السنة في العراق فقد وقعوا ضحية للنظام السابق الذي حصرهم في زاوية ضيقة، وبين المجموعات المسلحة التي تدعي حمايتهم وقد دمرت مدنهم، وبين من يشكك بهم بوصفهم موالين لنظام صدام حسين ووجود تلك المجموعات في مدنهم. 
- - أنت ترى أن الحل فى وجود أو ظهور جلاد يحكم العراق، لماذا تعتقد ذلك رغم أنكم جربتم عصر الجلادين؟
- لاهذا ولاذاك. نحن بحاجة الى مقاربة بين أشكال من الأنظمة فنحن في العراق لانعد حكم السيسي دكتاتورية بل هو إنقاذ لمصر، وربما نحلم بزعيم كالسيسي، نحن نحلم بنظام حازم يجلد المفسدين والقتلة واللصوص ويضع الأمور في نصابها.
- - هل ترى أنه يمكن المقارنة، أو أن هناك أوجه تشابه بين الثورة العربية الكبرى التى أنهى الإنجليز بها دكتاتورية العثمانيين ونشروا الفوضى والفساد والحرمان فى العراق وفلسطين ودول أخرى فى الشرق الأوسط العربى، وبين ثورات الربيع العربى التى بدأت قبل 6 سنوات؟
- ربما نعم، وربما لا فالظروف مختلفة والمعطيات كذلك، في العهد الأول كانت بريطانيا العظمى تحاول إنتزاع الهيمنة من العثمانيين فخدعت العرب ولعبت برؤوسهم، واليوم تحاول أمريكا السيطرة على كل العالم لذلك هناك تشابه بالتأكيد، ولكن يجب أن نكون حذرين في إطلاق التوصيفات طالما أن لكل زمان ظروفه ومعطياته. 
- - نشرت مقالا أخترت له عنوان " يا سنة سوخة" تحدثت فيه عن العام الجديد 2017، كيف تقرأ خريطة الصراعات، أو التحالفات السياسية هذا العام؟
- إتصل بي مواطن عراقي مهم وسألني بعد أن عبر عن إعجابه بالمقال، ماذا تعني كلمة سوخة. قلت له يعني مش كويسه يعني حنتعب فيها كثيرا. قلت له أن المصريين يعلقون على بعض الأحداث الصعبة بكلمة ياسنة سوخة، وبعضهم يمد الياء ليعبر عن إمتعاضه. لذلك أعتقد أن السنة الحالية ستكون صعبة في العراق وسوريا والخليج عموما واليمن، وستكون مصر في مواجهة مفتوحة مع التحديات الصعبة، وربما سيعود الروسي بقوة، بينما سيكون على ترامب إتخاذ قرارات قاسية على الشرق الأوسط، ولن تكون تركيا، ولاإيران بمنأى عن التأثر. 
- - حصلت على درع التميز كأفضل كاتب صحفى للعام 2016 من كلية الإعلام فى جامعة بغداد، كيف ترى حال الصحافة العراقية حالياً، وهل انجرفت إلى منعطف الصراع الطائفى؟
- يفرحني التمرد الذي يعيشه الصحفيون والكتاب والمثقفون في العراق، هم قريبون من نظرائهم المصريين كما إننا في العراق نحب الشاي الثخين مثل المصريين، ولدينا رغبة دائبة في التغيير، المشكلة أن وسائل الإعلام وليس الإعلاميين بالطبع هي من مثلت أدوات ضغط وإنتشار للسياسيين ولنواياهم، بينما حصلنا على نخبة صحفية جيدة وممتازة، أقول لك بصراحة أيضا، لاتوجد لدينا صحافة حرة، ولكن يوجد لدينا صحفيون أحرار، وهذا توصيف يستحقه كل الصحفيين العرب الذين يبحثون عن الحرية في سلوكهم وطموحهم وليس في قرارات حكوماتهم.
- - كيف يكون لوسائل الإعلام دور فى دعم التغيير وتحقيق حلم العراق الذى يريده العراقيون؟
- الصحفيون والإعلاميون يمارسون ضغطا متناهيا وهم شجعان في ذلك. صحيح أن بعضهم يبحث عن المنافع وبعضهم تحول الى كلاب حراسة على أبواب السياسيين ومنهم من تعشق دور البوق لكن هناك من يريد التغيير ولديه طموح كبير قد يعجز عنه حاليا لكنه يؤسس للمستقبل. 
- - أنت تطالب القاهرة بأن تفعل ما فى وسعها لرسم ملامح سياسة جديدة فى العراق، ما هى الخطوط العريضة لهذه السياسة، وكيف تستطيع مصر إقناع كل الأطراف بها؟
- أنا أعتقد ان هناك دوائر سياسية مصرية غير مرتاحة للدور السعودي وحتى الإيراني في العراق، وهي تعتقد أن العراق كما سوريا يمثل عمقا للأمن القومي المصري، كما إن مصر ليست دولة عادية لتعيش على الهامش، وهي تخطط تلبية لطموحها ووجودها وهيمنتها الحضارية، وممكن أن نسلب من مصر بعض قوتها لكننا لن نستطيع أن نسلبها عمقها الحضاري الكبير، وهي قادرة على العودة الى العراق من خلال فتح الباب لشركاتها ولمواطنيها للتواصل مع الداخل العراقي ورفع التأشيرة بين القاهرة وبغداد، وستجدون أن ملايين الدولارات ستتدفق على مصر وسيكون ذلك مهما لتنشيط الإقتصاد القومي، ونحن بحاجة الى بعض القرارات الشجاعة، وأظن أن القيادة المصرية تملك تلك الشجاعة ومايفوقها أيضا. 
- - أنت تعتقد أن مصر بإمكانها القيام بدور يعادل دور السعودية أو يزيد عليه، ألا ترى إذن أن هذا قد يؤدى إلى الصراع بين القاهرة والرياض فى ظل تباين الرؤى حول العديد من أزمات المنطقة، وفى مقدمتها الأزمتين العراقية والسورية؟
- الصراع بين القاهرة والرياض لن ينتهي وسيستمر ويتصاعد ولكنه سيبقى تحت السيطرة والرياض تعرف أن الطموح المصري لايوقفه أحد وعليها أن تتعاطى بواقعية مع حاجات مصر ودورها، وأن لاتستفز المصريين فإذا كانت الرياض تمتلك أدوات ضغط إقتصادية فإن هامش المناورة لدى المصريين أكبر وسيأتي الوقت لتكون القاهرة هي الحامي للمصالح السعودية وليس العكس، وليس ممكنا لمصر أن تتراجع عن دورها القومي وإلتزاماتها وكذلك رؤيتها الخاصة للأحداث والأزمات. 
- - كيف ترى الحريات الصحفية والإعلامية فى مصر والتى إرتفعت كثيرا بعد 25 يناير، لكنها تراجعت إلى حد ما بعد 30 يونيو؟
- طبيعي أن تتراجع تلك الحريات بعد التطورات الأخيرة وخاصة مع صعود الإخوان، وكان الصحيح أن لايتصرف الإخوان بهذه الطريقة فيستفزون الشعب المصري ومؤسسات الدولة العريقة ليحصل ماحصل وبتلك القوة والتأثير ويغير المعادلة بالكامل، وكان مفترضا أن يتصرف الجميع بهدوء لكن للأسف وجدنا نوعا من الإندفاع غير المحمود وبعض التأثير الخارجي الذي هدد وجود الدولة المصرية، وأعتقد أن ماحصل في 30 يونيو كان ضرورة من أجل مستقبل مصر، والمهم أن الصحافة المصرية مع كل مايحيط بها فهي تبقى أنموذجا صالحا للإقتداء به خاصة وأن هناك ديناميكية عالية لدى المثقفين والناشطين والإعلاميين والكتاب والصحفيين يتجاوزون معها كل الحواجز ويعبرون الى ضفة أخرى.

محرر الموقع : 2017 - 01 - 22