تغيير قواعد اللعبة السياسية في العراق فرضته ساحات التظاهر ، فهل ستتغير خارطة الانتخابات القادمة كمستحقات للمرحلة المقبلة ؟ وهل ستبقى الكتل السياسية الحالية مسيطرة على المشهد أم ان تغييراً سيطال الجميع ؟
بالتأكيد سينعكس تأثير الاحتجاجات التشرينية على شكل مجلس النواب القادم ، ولكن ليس بشكل كبير ، كما يتوقع البعض .
ستبقى المحاصصة المكوناتية سارية المفعول، إلا أتها ستحمل بذور فنائها للدورة القادمة .
التأثير الاكبر سيطال الكتل والاحزاب الشيعية ، اما الكرد فانهم لن يتأثروا كثيراً وسيبقى حزب السيد مسعود البارزاني هو صاحب اليد الطولى في عدد المقاعد، وستبقى القاعدة الشعبية للحزب الديمقراطي الكردستاني هي الاوسع والاكبر في الاقليم ، وذلك للانجازات التي حققتها حكومته على صعيد الخدمات والامن والرفاهية . ربما ستتراجع حظوظ الاتحاد الوطني الكردستاني نتيجة الانشقاقات وغياب القيادة القوية. اما حركة التغيير ( گوران ) فانها تمر بدور الكهولة المبكرة على ما يبدو . وفيما يخص الاحزاب الاسلامية الكردستانية فانها ستبقَ غير ذات تأثير في رسم المشهد السياسي .
وما يخص مشهد الكتل والاحزاب السنية ربما سيزداد عدد مقاعدها وسيكون للسيد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي النصيب الاكبر في عدد المقاعد ، وذلك للشعبية التي يتمتع بها هذا الزعيم الشاب في المناطق السنية ، فقد قدم الحلبوسي إنموذجاً جديداً في الزعامة معتمداً على دعم المدن والقرى والوقوف الى جانب الفقراء ومد يد العون لهم ، والقيام بزيارات ميدانية ، ولعل ما تشهده الانبار من تطور عمراني خير دليل على ذلك، وربما يقال ان السيد الحلبوسي قد يجب البساط من تحت ارجلهم، أضف الى ان الزعامات السنية التقليدية تعيش باغلبها خارج العراق ، او انها لم تلامس هموم الشارع السني فأصبحت بعيدة. عنه.
وفيما يخص المشهد الشيعي. وهو الاكثر تعقيدا في معادلة الانتخابات القادمة ، فقد طرأت متغيرات كبيرة في واقع محافظات الوسط والجنوب . فالجميع يعلم ان هذه المحافظات بما فيها العاصمة بغداد شهدت تظاهرات منذ تشرين الماضي الى اليوم، وهي صاحبت الفضل في هذه الانتخابات. ومن فرضت هذه المعادلة واجبرت الطبقة السياسية على الرضوخ لمطالبها.
لكنها في الوقت ذاته هذه المحافظات التي انقلبت على الاحزاب والكتل السياسية والتي بمعظمها تنتمي للتيار الاسلامي ، تعاني سياسياً .
لم تبلور موقفاً سياسياً موحداً ، ولم تتمخض حركتها عن ولادة جديدة لتيار سياسي جديد.
لكن المتغير المهم في المعادلة الشيعية هو بروز زعامة جديدة اخذت تستحوذ على رضى الشارع ولو بنسبة بسيطة لكنها واضحة .
بروز السيد مصطفى الكاظمي وقيامه ببعض الخطوات المهمة وتركيزه على الهدف الذي يسعى له وهو استعادة الهوية العراقية كهدف اساسي، جعلت منه قريب من ساحات التظاهر ، ومن ثم زيارته الاخيرة واستقباله في مكتبه لمجموعة من المتظاهرين، منحته قوه ومقبولية اكبر .
وبناءً على هذه المعطيات سيحصل السيد الكاظمي و( حزبه الذي بدت تباشير تأسيسه تلوح بالافق) على عدد ونسبة مهمة من المقاعد في مجلس النواب القادم.
ولعل البعض سيعترض على جملة ( حزب السيد الكاظمي ) اعتقد على الكاظمي ان يقوم بهذه الخطوة ان لم تكن موجودة وان يبادر الى القيام بتشكيل سياسي يضمن له الاستمرار وسيكون لتنظيمه صدى كبير .
من جانب اخر ستمنى الاحزاب الدينية وبعض التشكيلات الغير منتظمة بشكل جيد كالتيار المدني و النصف مدني وكذاك الحزب الشيوعي بخسارة موجعة في هذه العملية، من خلال المعطيات التي سنستعرضها :
زعزعة القواعد الشعبية