جهاز مكافحة الإرهاب يحذر..أطفال العوائل الداعشية قنابل موقوتة بيد أجندات مخابراتية!
    

مرّت محافظة نينوى بعد عام 2003 بمراحل خطيرة، كان وما يزال الخاسر الوحيد فيها (المواطن الموصلّي) فالكل بالعراق يعرف، أن نينوى كانت تحت رعاية النظام السابق، فالكثير الكثير من رجالها كانوا بالسلطة على الصعيد السياسي متمثلاً بحزب البعث، وعلى الصعيد التنفيذي المتمثل بدوائر الدولة سيما الأمنية والعسكرية منها حتى عرفت الموصل (بمدينة الضبّاط) والنظام السابق كان يوليها عناية فائقة للسبب أعلاه ولأسباب أخرى منها موقعها الجغرافي. إذ لم يستطع أهالي الموصل التعايش بسلام وبدأت عمليات التصفية الحزبية والأهلية والمتطرفة والقومية تطفو على الساحة وجوبهت بقوة من الحكومة المركزية من خلال حملات اعتقالات عشوائية لأن في تلك الفترة لايمكن نهائياً تمييز الصالح من الطالح.

 

سقوط الموصل الدراماتيكي
على إثر ذلك تكاثرت الأحقاد ونمت، لأن الموت كان هو العامل المشترك بين كل الجهات وبقي الحال عما هو عليه حتى ظهور الفصائل المسلحة مثل الجيش الإسلامي وأنصار السنة ثم ظهر تنظيم القاعدة كقوة تخريبية ارهابية مميتة، فالقتل والذبح والإتاوات، هي الأساليب السائدة، وحررت الموصل من قبل القوات الامنية والعسكرية وسقطت وحرّرت وسقطت بسبب سوء التصرف وعدم حكمة الحكومة المركزية باختيار رجال على الصعيد المدني والعسكري والأمني، يستطيعون السيطرة على الوضع بل على العكس، زادوا الطين بلة كما يقال، حتى حصل الذي حصل بسقوط متوقع للموصل وانسحاب فوضوي للقوات العسكرية والأمنية وهروب كبار قادة الجيش والشرطة امام اعداد لاتتجاوز الخمسمئة ارهابي دخلوا للموصل من محور الحضر بالاتفاق مع مريديهم ومبايعيهم بداخل الموصل، وسقطت خلال يوم واحد وأعلنت عاصمة لما يسمّى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

جهاد النكاح ومبايعة التنظيم
في تلك الفترة منتصف عام 2014 كان أكثر من 70% من أهالي نينوى يؤيّدون دخول التنظيم وعلى جميع الصعد، اساتذة فلاحون عسكر موظفون تجّار كسبة، وواجه الـ 30% مصيراً محتوماً إما بالقتل أو التشريد أو الجوع والحرمان. صدق بعض أهالي الموصل ممن بايعوا التنظيم بادئ الأمر، خاصّة وأن داعش أدخل معه البعثيين والضباط والإسلاميين وبعض أجنحة الأحزاب وبعض ما يسمّون انفسهم سياسيين معه للمشاركة بالسلطة، وسرعان ما انقلبوا عليهم ولم يعطوهم خياراً ثالثاً غير خيارين، أما المبايعة أو القتل فبايع الجميع تنظيم داعش وتكشفت الحقيقة ومعروف جداً ما فعله التنظيم بعد عام 2014 لكن الملف الأهم والأكثر حساسية، قضية النساء وجهاد النكاح كما يسميه التنظيم، فما حقيقة هذا الملف الذي بلا شك تسبب بولادات للأطفال بحسب الاحصائيات تجاوزت الثلاثة آلاف طفل، وهذا الرقم بالتأكيد سيكون عبئاً على الدولة لكن لابد هنا أن نفصل تلك الولادات، لأن التنظيم سيطر على الموصل قرابة السنتين ونصف السنة، وعدد الولادات بنينوى اكثر من هذا الرقم بكثير.

مضبطة ولادة بدل البيان
يقول مراقبون للشأن المحلي بالموصل، إن الأهالي شيئاً فشيئاً سحبوا دعمهم من التنظيم، وباتوا يدعون الله كل ثانية للخلاص بل اكثر من ذلك، فإن سيطرة التنظيم على نينوى، أظهرت معادن الاصلاء الذين تعاونوا مع القوات العسكرية والأمنية، بالمعلومات وفضح التنظيم على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا لم يكن معهوداً بالمجتمع الموصلي قبل عام ٢٠١٤، حيث كان الخوف مسيطر سيطرة شبه تامة على الناس بسبب أساليب البطش والتنكيل التي استعملها التنظيم. وينوّه المتابع للشأن الموصلي عامر البدران لـ(المدى): لا يمكن إنكار مساعدة الدواعش المحليين للأجانب والعرب الذين توافدوا بالآلاف على نينوى بكونها عاصمة لدولة الخلافة كما يزعمون. مستدركاً: لكن الحق يُقال أن الحياة لم تتوقف في نينوى بشكلٍ عام وبالموصل بشكلٍ خاص حيث كانت تتم زيجات بين فترة واُخرى وفق تعاليم التنظيم. مؤكداً: أن هذه الزيجات كانت نتاجها ولادة أطفال وهؤلاء لا غبار عليهم في الوقت الحاضر، حيث كان الموصليون يسجلون أبناءهم وفق مضبطة خاصة مع شهود في المستشفيات وكأنه بيان ولادة.

الزواج الداعشي حصراً
واسترسل البدران بحديثه: بعد تحرير الساحل الأيسر بدأت وزارة الداخلية بإحصاء هذه الولادات من خلال البحث الأمني والاستخباري الدقيق في الحاسبات المركزية، فإذا كان الأب داعشياً سيلاقي حتفه المحتوم ولايمكن إصدار أوراق ثبوتية للمولود. مستدركاً: لكن بالأعمّ الأغلب، تكون هذه الزيجات قانونية وشرعية والأباء غير منتمين للتنظيم. وربَّ سائل يسأل، هل هذا معقول، إذاً اين الدواعش وأين ما يسمّى جهاد النكاح وهو شيء معروف غير مخفي عن ذلك يجيب البدران: أن الدواعش المحليين سواء كانوا من اهالي نينوى أو من غيرها لا يتزوجون ابداً إلا من داعشية وعائلتها تكون أفرادها من التنظيم، فهم وبحسب قول المقربين منهم (يستنكفون) من أن يتصاهروا مع العوام، كما يسمّيهم التنظيم، أي تلك العوائل التي لم تبايع التنظيم، كما انهم لايأتمنون لأحوالهم إلا مع من يشبههم فالطيور على أشكالها تقع.

تفاقم المشكلة بعد تحرير نينوى 
يقول بعض الموظفين بالمستشفيات، لم يكن يحقُّ لنا سؤال عناصر التنظيم عندما يأتون مع زوجاتهم للمستشفى لغرض الولادة، فبمجرد أن تضع الداعشية مولودها يخرجون ولا يعودون ابداً للسؤال عن بيان أو مضبطة، والذي يتهور ويسأل حتى ولو بدافع الفضول، يكون مصيره القتل أو الاختطاف. ويقول مصدر استخباري، إن زواج (جهاد النكاح) كما أجازه التنظيم، كان يُطبّق على الأجنبيات والعربيات (المهاجرات) واللاتي لايجيز بحسب قوانينهم الزواج من الدواعش المحليين أي العراقيين . مضيفاً: حتى أن الإيزيديات اللواتي تم اختطافهن واغتصابهن بذريعة مايسمّى بجهاد النكاح، كان الدواعش من العرب والأجانب، أصحاب الحظ الأكبر فيهن. مبيناً: أن المشكلة ستظهر وتكبر بعد تحرير الساحل الأيمن ونينوى بشكل عام، لأن الدواعش المحليين مصيرهم معروف، إما القتل أو الاعتقال، بعكس أولئك الذين هربوا من العرب والأجانب، إما إلى الرقّة بسوريا أو إلى تركيا، ومنهم من يرجع لبلاده كما أظهرت بعض الوثائق التي عثرت عليها القوات الأمنية اثناء تحرير الساحل الأيسر.

أجندات مخابراتية تستقطب الأبناء
ويستطرد المصدر الاستخباري بحديثه لـ(المدى)، أن التعامل مع هذا الملف بغاية الحساسية، فكيف يمكن إصدار أوراق ثبوتية لمولود من أب وأم داعشيين، فهذا سيسبّب صدمة لعوائل الشهداء من العسكريين والمدنيين على حدٍ سواء. لافتاً: الى أن الجانب الآخر، الإنسانية التي تدفع باتجاه ضرورة إخراج الطفل من هذه الدوّامة التي لاحول فيها له ولاقوة، فالأوامر صدرت بإصدار أوراق ثبوتية للذين لاينتمون للتنظيم بعد أن يتم البحث عنه في سجلات المطلوبين إلكترونياً.  
ويقول المراقبون المحليون في الموصل، إن هذا الملف سيشكل تحدياً واضحاً للحكومة خاصة وأن هؤلاء الأطفال الذين ينتمون لعوائل داعشية تربّوا على التطرّف والقتل وعدم قبول الآخر نهائياً وهؤلاء سيكونون في خط المواجهة بعد أقل من عقدين من الزمن مع المجتمع والحكومة، فيما لو تم رفضهم، وستستقطبهم أجندات مخابراتية بالتإكيد لتحويلهم إلى مشاريع انفجارية تخريبية يكون تنظيم داعش أمامها حملاً وديعاً.

مذكرات قبض قضائية وفق معلومات دقيقة
من جانبهِ قال مصدر رفيع المستوى في جهاز مكافحة الإرهاب لـ(المدى): كان الشرف لوحدات الجهاز، خوض معركة تحرير أغلب مناطق الساحل الأيسر، بعد معارك ضارية ضد التنظيم الإرهابي، نافياً بالوقت ذاته الأنباء التي تناقلتها وسائل إعلام ومواقع تحاول تضليل الحقائق عن وجود انتهاكات في قواطع عمليات جهاز مكافحة الإرهاب. موضحاً: أن القاصي والداني يعرف حرفية ومهنية وحدات الجهاز التي تتعامل مع الواقع المفروض بموضوعية عالية، وما لمسناه خلال التقدم، يدحض كل الأقاويل والتأويلات التي تحاول أن تجعل جميع اهالي الموصل متعاونين مع الإرهاب والحقيقة عكس ذلك تماماً.
وأضاف المصدر: منذ اليوم الأول لدخول التنظيم الارهابي للموصل والآلاف من المعلومات كانت تصل للأجهزة الأمنية عن جميع أفعال وتحركات وأماكن التنظيم، وأسماء تفصيلية لكل من انتمى اليهم حديثاً والمنتمين القدامى الذين ظهروا مباشرةً بعد سيطرة التنظيم على المدينة. مضيفاً: لايمكن الجزم أن من اطلق لحيته وقصر جِلْبابه وواظب على صلواته في جوامعهم وجلس في مراكزهم وردّد شعارهم، إنه قد انتمى لهم والدليل على ذلك، أن هؤلاء انبروا مباشرةً بالتبليغ عن الإرهابيين المتخفين الذين حاولوا إيهام الأجهزة الأمنية بأنهم كانوا مجبورين وليسوا مخيّرين. لافتاً: فلم تكن عمليات إلقاء القبض تتم مثل ذي قبل بطريقة عشوائية بل على العكس من ذلك كل عمليات إلقاء القبض تمت وفق مذكرات قضائية بالاعتماد على معلومات دقيقة من مصادر موصلية موثوقة وبعد التحقيق اعترفوا صراحةً بانتمائهم للتنظيم وهم من عتاة الإرهابيين من الذين قتلوا وفجّروا وذبحوا واستباحوا الحرمات.

طيور الجنة وأشبال الخلافة
وأوضح المصدر الرفيع في جهاز مكافحة الارهاب: أن أعداد المُلقى القبض عليهم في قواطع عمليات الجهاز لا يتجاوزوا الخمسمئة إرهابي بضمنهم (٦٢) انتحارياً عراقياً معدّل أعمارهم  بين الـ (١٥- ١٧) سنة أغلبهم  تم إعدادهم مسبقاً كانتحاريين وزجّهم بالمعركة، وإن اغلبهم أبناء أو اخوان لعناصر انتموا قديماً للتنظيم وقتلوا من قبل القوات الأمنية مسبقاً. مؤكداً: مرَّ هؤلاء بمراحل تجنيد منها، تنظيم طيور الجنة إبان سيطرة القاعدة وبعدها تمّت تسميتهم بأشبال الخلافة وبعد تجاوزهم سن الـ(١٥) سماهم التنظيم سِهام الخلافة. وفي اعتراف لأحدهم ويكنّى (ابو محمد العراقي) وهو في سن السادسة عشرة، يقول قُتِل والدي اثناء أحد الاشتباكات مع القوات الأمنية في صلاح الدين عام ٢٠١٤، ومن قبله قُتِل اخي باشتباكات أيضاً عام ٢٠١٠، بالموصل فزاد عندي الكره، وحب الانتقام فكنت ضمن (الاستشهاديين) كما يدّعي. متابعاً: أن التنظيم أعدم ثمانية (استشهاديين) لم يتجرأوا على تفجير مفخخاتهم عند تقدم قوات مكافحة الارهاب ونحن ايضاً فشلنا بذلك بعد أن حاصرتنا القوات. ويقول المصدر، إن وحدات الجهاز القتالية استطاعت إحباط (١٣) عملية انتحارية من خلال الأسلحة المتطورة الحرارية، وتبيّن أن كلهم لايتجاوز أعمارهم الـ (١٦) سنة وكلهم من أهالي الموصل.

ألف طفل إيزيدي بمعتقلات تجنيد خاصة
جرائم التنظيم لم تتوقف عند علة غسل دماغ الاطفال والصبيان الايزيديين ويزجّ بهم في عمليات انتحارية فحسب، تقول النائبة فيان دخيل: قبل ايام نشر تنظيم داعش الارهابي على موقع ماتسمى ولاية نينوى، فيديواً لطفلين ايزيديين تم تجنيدهما وغسل دماغهما ونشر العملية الانتحارية التي قاما بها لاحقاً بتفجير نفسيهما في الساحل الايسر بالموصل. مبينة: أن عائلة هذين الطفلين البالغة (٣٥) فرداً لم يبق بها الا شقيقتين يعيشان في مخيم بعد ذبح اخواتهن ووالدهن، في سنجار وقتل النساء الكبار بالعمر وسبي النساء الصغيرات والفتيات. منوهة: الى أن الاخوين اللذين يظهران بالفيديو هما آخر الضحايا.
واضافت دخيل: سبق وأن اشرنا مرات عديدة، على وجود اكثر من الف طفل بمعتقلات خاصة يتم تجنيدهم وسيكونون قنابل موقوتة ودروعاً بشرية، ولم يحرك أحد ساكناً. متسائلة: فماذنب هؤلاء الاطفال الذين اصبحوا ضحايا مرتين، مرة عندما انتزعوا من عوائلهم، ومرة لأنهم فقدوا حياتهم بعمليات انتحارية. متابعة: لا ادري مستقبلاً عندما تواجه القوات الامنية هؤلاء الاطفال، هل سيعتبروهم دواعش ويقتلوهم أم سيعتبرونهم ضحايا ويحتضنونهم، ليفجروا  انفسهم بهم، عندها لا أعرف هل سنبكي على ضحايانا أم على شهدائنا.

حرّرونا حتى ولو قُتلنا
فيما دعت السيدة سميرة الشمري وهي ناشطة في مجال حقوق الإنسان الحكومة المركزية والأجهزة الأمنية الاخرى، بأخذ تجربة جهاز مكافحة الارهاب، بالتعامل مع الواقع الموصلي على محمل الجد خاصةً وأن اسلوبهم يجمع بين القوة والاحترام والتي جاءت نتائجها واضحة. مضيفةً: إنني كمراقبة للشأن الموصلي وعلى تواصل مع العوائل سيما النساء في الجانب الأيمن، اللاتي يصرخن وبالفم المليان، أن داعش لايمثل العوائل المحصورة بالجانب الأيمن، بل هم محاصرون وأسارى بيد التنظيم. مبينة: أن اهالي الجانب الأيمن يوصلون يومياً مئات المعلومات الأمنية التي أفزعت العدو حيث زادت همجيته ووحشيته وحصاره على الأهالي ومع كل هذا الموت لايزال اهالي الجانب الأيمن وخاصةً النساء، وبرغم الخوف والجوع، يرسلون المعلومات تلو المعلومات، ورسالتهم التي يوجّهونها (حررونا حتى ولو قُتلنا). لافتة: الى أن تنظيم داعش يشن حملات تفتيش يومية لمصادرة اجهزة الهاتف والحاسبات وكل ما يمكنه ايصال معلومات للقوات الأمنية.



 
 
 
 
محرر الموقع : 2017 - 02 - 17