محافظة واسط: الفساد يضرب أطناب منفذ زرباطية الحدودي ولم نتسلم ديناراً واحداً من وارداته
    

كشفت إدارة قضاء بدرة بمحافظة واسط، أمس الأحد، عن وجود مافيات تتلاعب بالمال العام في منفذ زرباطية الحدودي مع ايران، بينهم موظفون في الكمارك وتجّار وشخصيات نافذة، وفيما بيّنت أن السلطات القضائية تمكنت من إحالة 38 من هؤلاء المتهمين الى هيئة النزاهة، مع هروب 11 متهماً آخرين، دعا مجلس المحافظة الى وضع اليد على المنفذ بسبب الخروق المالية والإدارية والتلاعب بالمال العام، مؤكداً أن الحكومة المحليّة لم تتسلم من وارداته ديناراً واحداً.
وقال قائممقام القضاء جعفر عبد الجبار محمد لـ(المدى)، إن "منفذ زرباطية الحدودي يعاني منذ فترة طويلة، من وجود مافيات تتحكّم فيه أغلبهم من موظفي الكمارك دون رادع لهذه المافيات رغم كثرة الشكاوى، مضيفاً أن "التلاعب في المنفذ كان يتم من خلال عدم فرض الرسوم الكمركية على البعض، في حين يتم السماح بدخول بضائع مخالفة للمعايير المطلوبة محاباة لمجموعة من التجار والمستوردين على حساب آخرين، مع فرض الإتاوات والسمسرة دون الخوف من أيّ عقاب أو حساب.
منفذ زرباطية: مافيات تتلاعب بالمال العام 
تجعل المارّين من خلاله فريسة سهلة لإفساد بضائعهم بين المماطلة والابتزاز
وأشار الى، أن "هذه المافيات جعلت من المارّين من خلال المنفذ، فريسة سهلة للتحكّم بهم دون أية رحمة أو وازع وطني أو شعور مهني ما أدى الى تراجع عملية التبادل التجاري فيه، بعد لجوء أغلب التجّار الى منافذ أخرى هرباً من عمليات الابتزاز التي يتعرضون لها".
وأوضح قائممقام القضاء، أن "الشكاوى كثيرة ولم تنقطع، ما دفع السلطات القضائية الى التحقّق منها، وإحالة 38 متهماً بالفساد المالي والإداري من العاملين في المنفذ الى هيئة النزاهة للتحقيق في القضايا التي أثيرت حولهم". لافتاً الى أن "أغلب الذين أحيلوا الى النزاهة هم من موظفي الكمارك وموظفين آخرين وتجّار وشخصيات أخرى، لها اليد الطولى في الفوضى التي يشهدها المنفذ".
وأكد، أن قاضي محكمة بدرة ياسين الدريعي، كان له الدور المميز بإصدار مذكرات القبض بحق الأشخاص الذين أثيرت حولهم قضايا تتعلق بعمليات الفساد المستشري في المنفذ، والذين تمت إحالتهم الى هيئة النزاهة في وقت مازال هناك 11 شخصاً هارباً من المتسببين بهذه الفوضى، بعد أن صدرت بحقهم  أوامر قبض من السلطات القضائية المختصة".
وطالب قائممقام قضاء بدرة بـ "ضرورة إجراء تغييرات إدارية في المنفذ وإحكام السيطرة عليه لمنع استمرار الفوضى التي يشهدها وتفشّي ظاهرتي الفساد المالي والإداري".
من جانب آخر كشف مصدر في دائرة صحة واسط، عن أن "أغلب المواد الغذائية التي يتم العثور عليها في المحال والمخازن التجارية غير صالحة للاستهلاك البشري، مشيراً الى، أن مثل هذه المواد تشمل أحياناً البيض ومنتجات الألبان واللحوم بأنواعها والعصائر وباقي المواد الغذائية الأخرى، حيث يتم دخولها الى البلد عن طريق منفذ زرباطية وتكون قد فقدت صلاحيتها، إما بسبب سوء الخزن أو لتأخرها في المنفذ نتيجة المماطلة في عمليات التفريغ والتحميل، أو بسبب وجود ضغوطات تمنع إجراء الفحوصات المختبرية لتلك المواد قبل السماح بدخولها".
وأوضح المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، في حديث لـ(المدى): أن "المنفذ بحاجة الى جهد أكبر لاسيما فيما يخص عمل المختبرات الصحية كونها لا تفي بالغرض في مقابل الزخم الكبير في المواد الغذائية الداخلة".
رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس واسط عريبي الزاملي، أكد من جانبه أن "مجلس المحافظة سبق وأن أشار وبشكل واضح، الى وجود مخالفات مالية وإدارية كبيرة في منفذ زرباطية ووجود مافيات تتحكم بمقدراته وتقوم بفرض الإتاوات على التجّار فيما تعفي آخرين شركاء معها من الرسوم والضرائب والأمور الأخرى".وقال في حديث لـ(المدى): إن "غياب الرقابة الحقيقية والمحاسبة من قبل الجهات المعنية بإدارة المنفذ، جعلت الفساد يضرب أطنابه في كل مرفق من مرافق هذا المنفذ الذي يُعد أهم منافذ العراق مع دول الجوار وأكثرها فاعلية في عمليات التباديل التجاري".
وأوضح أن "المجلس لا يمتلك أكثر من صلاحية الرقابة والتشريع ولو كان بمقدوره أكثر من ذلك لفعل ما هو أفضل، لكن من خلال الرقابة، تم تشخيص الكثير من السلبيات في عمل منفذ زرباطية، لأن ما نهدف له هو حماية المال العام وعدم التلاعب بمقدّرات البلد من قبل أي شخص".
وقال الزاملي، إن مجلس محافظة واسط، وانطلاقاً من مسؤوليته الدستورية والأخلاقية، يدعو لوضع اليد على منفذ زرباطية بسبب الفوضى الموجودة فيه وجعله تحت إدارة جيدة لحين حسم كل الإشكاليات الموجودة وإعادة الوضع فيه الى ما كان عليه سابقاً حيث تحكمه قواعد العمل الصحيحة المتبعة في المنافذ الحدودية".وأكد، أن حكومة واسط المحلية، لم تتسلم من واردات المنفذ ديناراً واحداً، ضمن النسبة المقرّرة لها بموجب القانون، وهي مخالفة تتحملها وزارة المالية إضافة الى المخالفات الأخرى المؤشّرة فيه".وكان منفذ زرباطية (80 كم شرق محافظة واسط) قد شهد ولمرات عديدة، تظاهرات لسوّاق الشاحنات محتجين على سوء الإدارة في المنفذ وفرض رسوم وضرائب كبيرة عليهم.
كما سبق وأن أعلن مجلس محافظة واسط في الـ (الثامن والعشرين من أيلول 2016) عن صدور قرار قضائي من المحكمة الاتحادية يلزم وزارة المالية بدفع مبلغ 31 مليار دينار عراقي  من واردات منفذ زرباطية الى إدارة المحافظة لتطوير مشاريعها، مبيناً أن هذا المبلغ يمثل حصة المحافظة من واردات المنفذ منذ عام 2013 وحتى الآن.
ويعد منفذ زرباطية الحدودي أحد أهم المنافذ مع جمهورية ايران، تتم من خلاله عملية التبادل التجاري بين البلدين إضافة الى دخول وخروج الزوار من كلا البلدين، وقد شهد في السنوات الأخيرة عمليات تطوير وتأهيل كبيرة بهدف استيعاب حركة التبادل التجاري التي شهدت تصاعداً كبيراً بين البلدين في وقت يجري حالياً بناء منفذ جديد وفق أحدث المواصفات وبكلفة تزيد على 56 مليار دينار لكن العمل في المنفذ الجديد توقف أيضاً بسبب الأزمة المالية التي يمر بها البلد.

محرر الموقع : 2017 - 02 - 19