ملايين الزائرين يسيرون باتجاه الكاظمية المقدسة
    

في ظل خطة متكاملة من النواحي الأمنية والصحية والارشادية، بدأ توافد قوافل الزائرين صوب مدينة الكاظمية المقدسة لاحياء ذكرى استشهاد الامام موسى الكاظم (عليه السلام) في الخامس والعشرين من رجب، اذ يتسارع الجميع لخدمة الزائرين وتقديم مختلف الخدمات لهم من خلال السرادقات الموضوعة على طول طريق الزائرين من أجل انجاح الزيارة المليونية ومنع حدوث اي خروقات أمنية. يقول الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية وعمليات بغداد العميد سعد معن:
" قمنا بتوجيهات خاصة تتضمن سلك الطرق المؤمنة من قبل الاجهزة الامنية التي تنتشر فيها سرادقات العزاء بذكرى استشهاد الامام موسى الكاظم (عليه السلام )، وفي سبيل توفير الامن والامان للمواطن خصوصا في هذه المناسبات وقد قام قسم الشائعات بايجاد ورقة عمل خاصة به للتصدي الى مثل هكذا اختراقات امنية، وذلك من خلال نصب خيمة في الشوارع الرئيسة في جميع مناطق بغداد تتضمن نشر بوسترات لتثقيف المواطنين بعدم الاستماع الى الشائعات والتي يمكن ان تستثمر من قبل المجاميع الارهابية، فضلا عن وجوب التعاون بين المواطنين والاجهزة الامنية المنتشرة بالقرب من  مواكب العزاء لتأدية مهامنا بصورة سريعة 

ومبسطة".
 وفي نهاية حديثه يؤكد  معن" ان هناك  تغطية مباشرة ستكون على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالوزارة لبث كل ما يفيد العملية الامنية لحماية 
الزائرين".
 حضور متميز 
من جانبه يقول مسؤول الاعلام والدراسات في مديرية الشرطة المجتمعية حسين عامر الربيعي:
" قمنا بتجهيز موكب خدمي بالقرب من ساحة محمد الجواد(ع) عند مدخل باب المراد قائم على اساس خدمة ومساعدة المرضى وكبار السن، ونشر مفارز من افراد الشرطة المجتمعية لتوعية اصحاب المواكب والزوار السائرين بشأن موضوع النظافة وحماية الشوارع والممتلكات العامة ورمي النفايات في الاماكن المخصصة لها، ومن الاولويات التي نؤكد عليها في هذه الشعائر السنوية الباجات التعريفية للاطفال ومساعدة الزوار في العثور على ابنائهم في حالة فقدانهم وسط الزحام الذي سيشهده الشارع العراقي في هذه الايام".
ويضيف الربيعي: "عملنا لم يقتصر على تقديم الخدمات للزائرين وحمايتهم، وانما شمل ايضا تثقيف المواطنين بالثقافة الامنية وكيفية التعاون لتأدية مهامنا بصورة مبسطة وسريعة خالية من اية معوقات يمكن ان تعرقل الزيارة، كما سنقوم بنشر بوسترات ومنشورات بين الزائرين تتضمن توجيهات بضرورة تجنب تناول الاطعمة والمشروبات المجهولة المصدر والانتباه الى الاشخاص المريبين او الاجسام الغريبة الملقاة على الطريق وابلاغ الجهات الامنية عنها ".
ويؤكد الربيعي انه " تم استخدام مكبرات الصوت لغرض التوعية والسيطرة على موضوع الشائعات التي يحاول بعض المغرضين الترويج لها بين صفوف الزائرين لاشاعة الذعر في نفوسهم فسنكون لهم بالمرصاد للتصدي لاية اشاعة يمكن ان تهبط من عزيمة الزوار والقائمين على احياء هذه الشعائر".
وعن ابرز الفعاليات التي ستقوم بها الشرطة المجتمعية يقول الربيعي:
" سنقوم بعمل بانوراما فنية تجسد الانتصارات التي حققتها القوات الامنية في معاركها ضد تنظيم "داعش" الارهابي، اما الاجراءات المتخذة بعد انتهاء الزيارة  فستكون هناك فرق تطوعية بالتعاون مع مفارز من الشرطة المجتمعية لغرض نقل المرضى وكبار السن من مدينة الكاظمية الى محل سكناهم، كما ستقابلها حملة اخرى بالتنسيق مع امانة بغداد والفرق الشبابية التطوعية لتنظيف الطرق المؤدية الى مدينة الكاظمية".


خدمات علاجية ووقائية
مدير عام دائرة الصحة العامة في وزارة الصحة الدكتور محمد جبر يؤكد: "استعداد الوزارة للحفاظ على صحة الزائرين قبل واثناء زيارة الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) ، وان الخدمات المقدمة مقسمة بثلاثة اشكال وقائية وعلاجية وسيارات الاسعاف الفوري".
ويتابع جبر "ان الوزارة ستعتمد فرقا طبية منتشرة على طول الطرق المؤدية الى العتبة الكاظمية المقدسة لفحص الغذاء ومياه الشرب المعبأة التي تقدم للزائرين من اصحاب المواكب، لتأمين وصول اغذية ومياه شرب صالحة للاستهلاك البشري، فضلا عن ذلك ستنتشر فرق الرقابة الصحية لمتابعة الامراض الانتقالية، والتأكيد على الخدمات الوقائية بما يؤمن عدم حدوث تفشي وبائي او امراض تنتقل عن طريق الماء والغذاء الملوث".
ويسترسل جبر بالقول: "ان المفارز الطبية التي ستنتشر في عموم المناطق ستقدم خدماتها العلاجية بشكل متكامل بالتنسيق مع دوائر الصحة كافة، وبجميع المحافظات للقادمين سيرا، فضلا عن انتشار سيارات الاسعاف الفوري على طول الطرق المؤدية الى الامام الكاظم (عليه السلام)،  بالاضافة الى خدمات الطوارئ والاجراءات العلاجية والوقائية التي تقدم على طول مسار الوافدين الى العتبة الكاظمية المقدسة ".


هدف أخلاقي وديني
وكيل رئيس ديوان الوقف الشيعي علي الخطيب بين "ان الوقف عقد جلسات مع قائممقامية جانبي الكرخ والرصافة بما يخص زيارة العتبة الكاظمية لاحياء ذكرى استشهاد الامام موسى الكاظم (عليه السلام)، وترتيب المواكب التي ستنطلق حينها".ويضيف الخطيب انه "تم التأكيد على ضرورة وجود سرادقات لاستقبال الزائرين، بالاضافة الى اعتماد مبلغين او دليل للتعريف بالامام الكاظم (عليه السلام)، وكتيبات تعريفية للزيارة، وبذلك نعطي  صورة صحيحة عن شخصية الامام (عليه السلام) واهداف هذه الزيارة الخاصة بالجانبين الاخلاقي والديني، فضلا عن تعزيز معاني الاخوة". ويشير الى "ان علماء الحنابلة كانوا يقولون عن الخطيب البغدادي (ماهمني امر الا وقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسلت به الا سهل الله لي ما أحب)،  ففي هذا  نركز على معاني الاخوة". ودعا الخطيب الله سبحانه وتعالى بهذه المناسبة "ان يبعد عنا شرور الاشرار ويساعدنا على زرع الامن والاستقرار في بلدنا للنهوض به عمرانيا وعلميا، وهذا المرجو من تأكيدنا على زيارة الائمة (سلام الله عليهم) كونهم مدارس في تهذيب النفوس ومثالا حيا للحب والتفاني والسلام".


باصات لنقل الزوار
مدير عام الشركة العامة لنقل المسافرين والوفود عبد الله لعيبي اوضح "ان الوزارة أنهت استعداداتها لنقل الزائرين الوافدين الى مدينة الكاظمية المقدسة بمناسبة ذكرى استشهاد الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) ،وان الشركة ستنفذ الواجبات المناطة بها في كل وقت وبجميع المناطق والمحافظات".
ويبين لعيبي "ان الشركة خصصت اكثر من 120 باصا  ذا الطابقين و50 باصا نوع (كوستر)، فضلا عن التوجيه باخراج ورشة فنية مع الحافلات لضمان استمرار عملية نقل الزائرين".


استحضار قيمي 
ويقول الاستاذ في الحوزة العلمية السيد عماد الموسوي: "هناك بعد آخر معبرعنه في علم الاجتماع والعلوم الاخرى لهذه الزيارة  هو الانا الغيري والمقصود به ان يرى الانسان نفسه في الاخر وفي كيفية اطعامه وخدمته وكيفية استقباله بوجه بشوش، والغاء جميع الفوارق الاجتماعية والعقائدية والطبقية وكل تلك المستويات المزيفة التي نفخر بها امام الاخر، فكل تلك الاشياء تلغى وقت الزيارة ولايبقى منها الاعنوان واحد هو عنوان المواطنة الاسلامية او الانسان الاسلامي السوي الصحيح الذي يقدر الاخر على حساب نفسه".
واضاف بصوت مليء بالاسف وهو يواصل حديثه: " ما ان تنتهي تلك المراسيم الا ونفقد بريق  تلك القيم و يرجع المسؤول الى سلطته و شيخ العشيرة الى وجاهته، حتى نرجع الى حالتنا الاولى وكأن لا قيم للانسانية". 
استلم دفة الحديث عن الموسوي عضو الاتحاد الدولي للمؤرخين الشيخ الدكتور فؤاد حران محمد الشويلي مشيرا الى ان: " زيارة الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) يجب ان تترجم من حالة تاريخية مؤقتة الى قيم وسلوك ميداني الى مابعد الزيارة، لذلك علينا ألا نميت يوم الاستشهاد بالطقوس بل نحييه بالسلوك وألا نخلع ثوب الايمانية العالية يوم 25 رجب ونرتدي ثوب السلطوية والتكبر ورداء الغرور والانا والاقصاء وعدم تحمل الاخر وسماع متطلباته، ومن اجل ان نعلن ان هناك ظلامة حدثت في التاريخ على شخصية عظيمة كشخصية الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) فانه يجب علينا ان نتكاتف ونعمل بنزاهة من اجل هذا الوطن وخلق مجتمع يحترم كل متبايناته، سواء ان كانت تباينات فكرية او ايديولوجية ويكون المنبوذ الوحيد هنا  ذلك الذي يريد للبلد ان يكون حاصله الحروب 
والاساءة".
ويضيف الشويلي: " فليس من السليم احياء هذه الشعيرة السنوية على انها كرنفال وقتي يموت بمجرد انتهاء مراسيم الزيارة، بل علينا طرح ورش عمل للذين ساروا باتجاه موسى بن جعفر(عليه السلام) وصدحوا باصواتهم معلنين ولاءهم  لمشروعه، مستنكرين للظلامة التي وقعت عليه من خلال تطبيق منهجه على ارض الواقع بشكل 
مستمر ". 
ويعود الموسوي ليكمل حديثه قائلا :
" علينا ألا نمارس هذه الطقوس كأنها ماراثون او فولكلور شعبي او يوم كرنفال عالمي نريد ان نحتفل به ولايعود علينا بأية  قيمة، لذلك علينا ان نستمد من هذه الزيارة المحتوى القيمي والاخلاقي والتصدي الى عملية محاولة تفريغ الامة الاسلامية من هذه السلوكيات ".

محرر الموقع : 2017 - 04 - 18