الفلوجة ترفض عودة 40 % من نازحيها لصلتهم بداعش والمسلّحين
    

عاد أكثر من نصف سكان الفلوجة بعد عام على تحرير المدينة من قبضة "داعش"، فيما اتفقت العشائر على رفض إرجاع عوائل التنظيم مجدداً.
ومازال ملف الخدمات والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية والمنازل، يعالج بشكل بطيء بسبب قلة التخصيصات المالية. كما تعاني المدينة من صراع سياسي على المناصب الادارية، لكنها نجحت الى حد كبير في حفظ الامن ومنع الخروق.
وبعد 5 أسابيع من انطلاق عمليات تحرير الفلوجة، أعلنت القوات المشتركة، أواخر حزيران من العام الماضي، انتهاء العمليات في المدينة بعد السيطرة على آخر معاقل التنظيم في حي الجولان.
وبقي سكان الفلوجة، الذين يقدر تعدادهم بـ100 ألف نسمة، داخل المدينة حتى الاسبوع الاخير من المعارك، على عكس الحال في عملية تحرير الرمادي التي فر منها نصف مليون شخص باتجاه هيت أو الى مخيمات النازحين في عامرية الفلوجة، قبل اقتحام الفلوجة بأشهر.

السكان و"داعش"
ويقول سعدون الشعلان، قائممقام الفلوجة الذي يتنازع على المنصب مع القائممقام الحالي عيسى الساير منذ عام، ان "كل السكان نزحوا في ذلك الاسبوع، والآن عاد نحو 60% منهم".
وواصلت القوات المشتركة فرض طوق عسكري على المدينة منذ ظهور "داعش" نهاية 2013، وسمح، بين فترة وأخرى، للأهالي والسكان خاصة للحالات الصحية بالخروج من المدينة.
وعاد أغلب الاهالي في تلك الفترة الى المدينة، رغم عدم تحريرها، حيث عزا مسؤولون هذه الحالة الى سوء الاوضاع في مخيمات النازحين. وبدأت حركة النازحين تظهر في الفلوجة، بعد نحو شهرين من التحرير، حيث عادت العوائل بشكل تدريجي الى مناطق الحصي، وناحية النساف، ثم بقية الاحياء، فيما كان سوء الخدمات عاملا لمنع عودة البعض الآخر.ويتحدث السعدون، وهو النائب السابق لرئيس مجلس محافظة الانبار في اتصال مع (المدى)، ان "40% المتبقي من السكان النازحين موزعون بين عوائل عليها مؤشرات أمنية، وأخرى انتمى أحد أفرادها الى تنظيم داعش".
ويؤكد المسؤول السابق، وعضو لجنة إعادة الاستقرار الى الفلوجة التي شكلتها الحكومة بعد ايام من التحرير، أن "هناك قراراً من العشائر والمسؤولين بعدم قبول عودة عوائل التنظيم في المدينة".
ويخشى الاهالي من ان تتحول تلك العوائل، التي يقدر عددها بالمئات، الى حواضن جديدة للمسلحين كما حدث في السابق. وعلى الرغم من خلو المدينة من تلك العوائل، إلا ان الشعلان لاينفي بقاء بعض ممن لم تصدر أوامر اعتقال بعد ضد أبنائها المتورطين مع "داعش".
وتضاربت التقديرات، خلال مدة المعارك في الفلوجة وما سبقها، بشأن عدد المسلحين المتواجدين داخل الفلوجة. وتوقع التحالف الدولي وجود بين 700 - 800 مسلح، بينما كانت تقديرات قائد عمليات الفلوجة تشير الى وجود 3500 مقاتل.
لكن قائد عمليات الفلوجة الفريق عبداللوهاب الساعدي أكد، بعد تحرير المدينة، إن قواته "قتلت 1800 إرهابي خلال عملية التحرير".
وكانت القوات قد احتجزت بعد استعادة الفلوجة، 23 ألف رجل ممن خرجوا من المدنيين، بحسب مصادر محلية. وكانت لجنة التحقيق مكونة من 6 جهات تمثل: مكافحة الارهاب، وكالة الاستخبارات، المخابرات، وكالة الأمن الوطني، استخبارات الجيش، واستخبارات الداخلية. واستعانت تلك اللجنة، اثناء التحقيقات، بمصادر محلية للتعرف على المسلحين، بالاضافة الى تدقيق أسمائهم في قاعدة المعلومات.
ولم تسلم الفلوجة من الصراع السياسي على المناصب. إذ نشب نزاع، خلال فترة الاحتلال وبعدها، بين سعدون الشعلان، الذي يحمل تكليفا حكوميا بتولي منصب القائممقام، وبين الساير الذي ينتمي الى الحزب الإسلامي.ويتهم الشعلان غريمه والمحافظ صهيب الراوي، الذي ينتمي الى نفس حزب الاخير، بأنهم "أحضروا شخصا متهما بالارهاب وعضوين سابقين بمجلس قضاء الموصل للتصويت لصالح الساير".
وكان الشعلان حصل على حكم قضائي بتمكينه من المنصب، لان الساير حصل على المنصب بتصويت مجلس المحافظة، وهو امر رفضه القرار باعتبار ان ذلك المنصب من اختصاص مجلس القضاء رسميا.
وحتى الآن يحاول الشعلان إثبات حقه في المنصب، حيث يؤكد ان رفع دعوى جديدة في القضاء، ذلك بحسب الساير.
ويقود القائممقام الحالي فصيلا مسلحا في الفلوجة، بحسب الشعلان، يساعده بالاحتفاظ بالمنصب، في وقت ينفي فيه الاخير وجود حشود عشائرية لحماية المدينة.
وكان نحو 30 الف مقاتل محلي ينحدرون من أبرز 4 عشائر في الفلوجة، شاركت في معركة التحرير. لكن المسؤول السابق يؤكد ان "فوج الطوارئ والشرطة المحلية فقط من يقومان بحماية الفلوجة".

ضبط الأمن 
وطبقت القوات الامنية خطة جديدة مطلع العام الحالي، منعت الى حد كبير من دخول المفخخات والانتحاريين الى المدينة. ومنذ 6 أشهر ومع نشر أجهزة كشف المتفجرات، شهدت المدينة انفجار سيارة واحدة، بالاضافة الى هجوم بدراجة هوائية قبل اسبوع.وكان مسؤولون في الانبار قد كشفوا، عقب التفجيرات التي سبقت الخطة الاخيرة، عن تلقي مفارز أمنية رشى مقابل إدخال الانتحاريين. واتهمت أطراف محلية بعض العناصر الأمنية بالتورط بالإفراج عن قيادات في داعش مقابل مبالغ تصل الى مليون دولار.
وكان قد أثار التحرير السريع للفلوجة تساؤلات عن حقيقة التنظيم. وكانت معلومات  قد كشفت عنها (المدى)، قبل انطلاق المعارك، عن صفقة لعشائر الفلوجة عرضت على الحكومة العراقية، لدخول المدينة دون قتال مقابل عدم ملاحقة عناصر التنظيم من أبناء المدينة.وعلى خلاف الرمادي، فلم يستطع "داعش" من تفخيخ المدينة بسبب بقاء المدنيين حتى الايام الاخيرة التي سبقت التحرير، وهو ماقلل من حجم الدمار.ويقول عذال الفهداوي ان "20% فقط هو ما دمر في الفلوجة من القطاع الخاص والعام"، مؤكدا ان "البنى التحتية كان لها النصيب الاكبر من الاضرار".وتعرضت مناطق جنوب الفلوجة، التي شهدت أعنف المعارك، الى الدمار الاكبر. ويقول الفهداوي، في تصريح لـ(المدى)، ان "لجنة التعويضات في المحافظة مازالت تتسلم ملفات المواطنين، لكنها لم تبدأ بمنح الدفعات المالية"، عازيا ذلك الى "قلة التخصيصات الحكومية في هذا الملف وغيره".واستطاعت الفلوجة، بامكانات متواضعة وبمساعدة المنظمات الدولية من إعادة الخدمات الاساسية. ويقول الفهداوي "أعدنا جزءا من مشاريع الماء والكهرباء والمستشفيات والمدراس، لكنها دون المستوى".

محرر الموقع : 2017 - 07 - 17