الاقتصادية النيابية: قانون التأمينات الاجتماعية يواجه عرقلة من أصحاب الامتيازات
    

يصطدم مشروع قانون التأمينات الاجتماعية بخلافات وصفقات سياسية قبل وصوله الى قبة البرلمان، وذلك وفقا لحديث لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، التي ترى إن الضجة التي حصلت حوله ناتجة من "تضرر بعض الشرائح من تشريع هذا القانون"، في وقت يشير خبير اقتصادي الى أن الغموض وعدم وضوح بعض فقراته هي من جعلت حوله كل هذا الجدل، فهو يرى حتى لا يكون هناك فهم خاطئ للقانون يجب أن تتم مناقشة وتعديل بعض فقراته بمشاركة المنظمات المنتشرة محليا في شتى حقول الاقتصاد والقانون.
وينص قانون التأمينات الاجتماعية على ضمان الدخل للمؤمّن عليهم في القطاع العام والخاص ولخلَفهم ( اَي ورثتهم ) في حالات ‏التقاعد، كما يتضمن فروعاً متعددة للتأمينات الاجتماعية حيث يشمل تأمين التقاعد، والشيخوخة والوفاة وتأمين إصابات العمل وتأمين المرض فضلا عن التأمين الصحي بالإضافة إلى تأمين الأمومة للمرأة العاملة كما يشمل التأمين التعطل عن العمل، على أن يؤسس بموجب أحكام القانون هيئة التأمينات الاجتماعية وصندوق التأمينات الاجتماعية لاحتساب واستيفاء - مبالغ الاشتراكات التي تستقطع من المؤمّن عليه بالنسبة 7% من مجموع ما يتقاضاه، والمساهمات التي يتحملها صاحب العمل بنسبة تساوي ما يعادل 13% من ‏الأجر الشهري للمؤمّن عليه - وصرف الحقوق التقاعدية للمحالين الى التقاعد".
عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية نجيبة نجيب تقول في حديث لـ"(لمدى)، لحد الآن لم يتم عرض قانون التأمينات الاجتماعية على البرلمان للقراءة الاولى، لكن بكل الأحوال فان هذا القانون ليس بالجديد، فالتجهيزات لتشريعه قد بدأت منذ انطلاقة الحكومة الحالية وقد تم تشكيل لجنة خبراء محليين ودوليين من الامم المتحدة، مضيفا: ان هذا القانون وفق الرؤية الاقتصادية لبناء الدولة له ايجابيات كثيرة، لكن من وجهة نظر البعض له سلبيات.
وتؤكد نجيب: إن من بين أيجابياته المهمة هي إيجاد قانون شامل جامع لكل المستفيدين من التقاعد سواء للقطاع الحكومي والخاص وهذه خطوة مهمة جداً، لأن ذلك يخدم خطوات الحكومة نحو الخصخصة وتفعيل القطاع الخاص والواردات غير النفطية وزيادة مصادرها، وهو من جانب آخر ألغى كل القوانين الاخرى المتعقلة بأساتذة الجامعة او بالشهداء والسجناء السياسيين، لأن هذه الشرائح بموجب قوانينها الخاصة كان لها مخصصات مالية، حيث أن البعض كان يستلم راتب أكثر من الآخر بموجب تلك التخصيصات الممنوحة له، مستدركة: لكن قانون التأمينات الاجتماعية وحد الرواتب وبموجب ذلك لم يعودوا يتمتعوا بحقوق مالية كالسابق.
وتسترسل نجيب قائلة: انه و بمثال بسيط فإن الاستاذ الجامعي كان بموجب القانون القديم يتم احتساب راتبه التقاعدي على الراتب الاسمي وفق الشهادة العلمية مع المخصصات، لكن الآن لا توجد هناك مخصصات، من جانب آخر فان القانون القديم كان يحتسب الراتب التقاعدي على أساس راتب الثلاث سنوات الاخيرة لخدمة المتقاعد، لكن وبموجب هذا القانون سيتم  احتساب الراتب بموجب الاربع أو الخمس سنوات الاخيرة، و في المعادلة لاحتساب الراتب يكون هناك فرق في راتب المتقاعد وليس كالسابق، لأن راتب المتقاعد في السنوات الثلاث الاخيرة لخدمته مثلاً بمبلغ الـ" 500 ألف، في حين لو تم احتساب الراتب على اساس الخمسة أعوام الاخيرة له في الوظيفة التي قد يكون بها الراتب 400 ألف، هنا سيكون الفرق، لذلك فان هذه الضجة التي حصلت هي نتيجة تضرر بعض الشرائح من تشريع هذا القانون.
وفي مثال آخر ترى نجيب: ان السجناء السياسيين الذين يتمتعون براتب 500 ألف أو حتى مليون دون أن تكون هناك معادلة تقاعدية وكانت مخصصاتهم تعطى استثناءً ، لكن في هذا القانون تم الغاء كل القوانين الخاصة بهم، وهو بالتأكيد أمر ضد فائدتهم، لذلك نحن نرى إن هذا القانون جيد جدا، لكن ومما يؤسف له ولكون البرلمان في نهاية السنة التشريعية، فان القانون سيصطدم بالكثير من الخلافات والتوجهات وحتى المزايدات السياسية، لأن من كان يستلم رواتب السجناء والشهداء واساتذة الجامعات سوف لن يقبل بهذا القانون، مما يعني أن القانون سيواجه صعوبات عديدة ولن يكون من السهل تمريره.
وتؤكد في ختام حديثها: إن توحيد القوانين هو النظرة الحقيقية لبناء الدولة، وقانون التأمينات الاجتماعية مهم جدا للعراق لأننا نواجه قلة في الايرادات نظرا لهبوط أسعار النفط والالتزامات المالية الكثيرة والحاجة الواقعية اليوم هي من دفعت الحكومة الى تشريع هذا القانون، ناهيك عن ان مسألة شمول القطاع الخاص بالتقاعد تعد خطوة اكثر من تاريخية وستكون مؤثرة بشكل كبير بل وستحدِث تغييرا كبيرا في الاقتصاد من خلال التشجيع على العمل في القطاع الخاص.
من جانبه يقول الخبير الاقتصادي باسم انطوان في حديث لـ"(لمدى)، الذي يؤكد: ان التأمينات الاجتماعية في كل دول العالم تمنح للمواطن في البلد الذي يعيش، وذلك وفق راتب تقاعدي وضمان اجتماعي، والمواطن العراقي يجب أن يعيش من خيرات النفط بموجب الدستور الذي ويشير في المادة 111 الى أن النفط ملك للشعب، لذلك يجب أن يكون لكل مواطن تقاعد مجزٍ يعيش من خلاله حتى لا يبقى متعلق في الوظيفة الحكومية.
ويتابع انطوان، لدينا اليوم اكثر من 6 ملايين ونصف موظف في القطاع الخاص وهؤلاء يجب أن يتم شمولهم بهذه العملية ليتمتعوا بتقاعد مجزي يضمن حياتهم وحياة ابنائهم، ومع أن ذلك موجود في قانون التأمينات الاجتماعية، لكن هناك بعض الفقرات يجب أن تكون أكثر عمقا في هذا الجانب بالذات، لأنها ليست واضحة بشكل جيد ولم تخضع لنقاشات معمقة، مستطردا: ليس من الصحيح أن يجلس احدهم في مكتب ويضع ويناقش قانون بمعزل عن الناس المستفيدين، في وقت كان يجب أن يكون للمجتمع المدني صوت من خلال المنظمات المنتشرة في شتى حقول الاقتصاد والمعرفة حتى لا يكون هناك فهم غير واقعي للقانون ويجب ان يكون لها رأي به مع مراعاة المسائل الإدارية والمالية التي تتناسب مع إيرادات الدولة.
ويرى انطوان، ان الجدل المثار حول القانون هو بسبب الغموض الذي يحيطه، فاليوم الضمان الاجتماعي والتقاعد هما للموظفين ، ومبالغه ليست كلها من الحكومة بل هي جزء من الاستقطاعات من راتب الموظف نفسه وذلك خلال فترة خدمته، بالتالي فان الحكومة تضيف شيئاً لهذا الاستثمار، مضيفا لقد كان سابقا يتم استثمار تلك المبالغ من قبل الدولة في مجالات عديدة ويتم تشيغلها بعقلية استثمارية ناضجة حتى لا تبقى المبالغ جامدة وتكون الفائدة أكبر، و على الدولة اليوم استثمار هذه الأموال، لا أن تأتي لتأخذ من الشخص الذي يتمتع بمزايا الوظيفة استقطاعات وهو له حق في التقاعد، وفي هذه الناحية فان اعتراضنا على القانون فقط لكونه يحتاج الى تعديلات معينة ونقاشات أكثر وأوسع.
وكان المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء حيدر العبادي، قد أعلن الاثنين الماضي ان الحكومة تسعى لتطوير الاقتصاد العراقي وإصلاح منظومة موارد الدولة وإعادة هيكلة القطاعات الاقتصادية المهمة بما يضمن رسم مسار اقتصادي صحيح يقوم على أسس جديدة تعتمد الشراكة مع القطاع الخاص وتنشيطه بالشكل الذي يحفز الدورة الاقتصادية ويساعد في إيجاد فرص العمل ويحقق قفزة نوعية في سوق العمل ‏وقد قامت الحكومة بالعديد من الخطوات الهامة في هذا الاتجاه أسهمت في وضع أسس راسخة لرؤية اقتصادية طموح وتعزيزاً لهذا التوجه الحكومي وتدعيماً لدور القطاع الخاص".



 
محرر الموقع : 2017 - 08 - 23