بغداد تنتظر عودة فرنسية الـى السوق العراقية
    

يتوقع خبراء اقتصاديون أن تعود فرنسا وشركاتها الى العراق للمساهمة في عمليات الإعمار التي ستنطلق بعد اكتمال مهمة التحرير من داعش. ويرى الخبراء إن الزيارة الأخيرة لرئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي الى العاصمة الفرنسية باريس كانت لإطلاق الضوء الأخضر لفرنسا من أجل عودتها بعد غياب طويل.
وكانت فرنسا أهم شركاء العراق في حجم التبادل التجاري في سبعينيات القرن الماضي وثمانينياته، لكن دورها تراجع بفعل العقوبات الاقتصادية التي فرضت على العراق بعد غزوه الكويت. ومنذ العام٢٠٠٤ عاودت فرنسا نشاطها الاقتصادي  المحدود، وبادرت باريس  الى إلغاء نحو 4.8 مليار يورو من ديونها القديمة على بغداد عامي 2005 و2008، في إطار نادي باريس. ويعادل هذا المبلغ نسبة 80 في المئة من الديون المستحقة لفرنسا.
في العام ٢٠١٥ أرتفع مستوى المبادلات التجارية بعض الشيء ليصل الى 1.26 بليون يورو، وبلغ حجم الصادرات الفرنسية إلى العراق نحو 430 مليون يورو، وهذا مؤشر الى أن حصة فرنسا في السوق العراقية بقيت متواضعة، فالتجارة مع فرنسا لم تتجاوز نسبة الواحد في المئة من التجارة الخارجية للعراق. 
ويقول عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية عبد الكريم النقيب في تصريح لـ(المدى)، إن  فرنسا "من الاقطاب الاوروبية المهمة وتحمل خبرات متراكمة ولها باع طويل في مجال الاستثمار المختلفة"، ويضيف أن زيارة العبادي الأخيرة "هي خطوة لفتح أبواب الاستثمار خصوصا بعد الانتهاء من العمليات العسكرية ضد داعش الارهابي" ، مشيرا الى أن العراق منفتح على جميع الدول فيما يخص الاستثمار، وقال أيضاً إن" أغلب المناطق المحررة تحتاج الى جهود كبيرة لرفع الالغام والمخلفات المتفجرة والمقذوفات التي زرعها داعش  أثناء المعارك ، وإن الحكومة العراقية ستتعاون مع المجتمع الدولي لإعادة الاعمار.
وتنشط الشركات الفرنسية في العراق في قطاعات متنوعة، منها الوقود والكهرباء والنقل والبيئة والبناء والتشييد والصحة. 
الخبير الاقتصادي باسم انطون يرى أن العراق تربطه علاقات تاريخية قديمة مع الجانب الفرنسي سواء كانت دبلوماسية او اقتصادية ، ويضيف في تصريح لـ(المدى)، إن" الجانب الفرنسي كان محايدا في مواقفه من القضايا العراقية" لكنه يلاحظ أن "رجال الاعمال الفرنسيين متخوفون من المجيء الى العراق برغم الدعوات العديدة من الجانب العراقي بسبب الاوضاع الأمنية  غير المستقرة".
وأضاف أن "زيارة العبادي الى فرنسا ايجابية وستفتح أبواباً للاستثمار في مختلف القطاعات كونها خطوة مطمئنة للجانب الفرنسي، مشيراً الى أن الشركات الفرنسية "ستكون لها الأولوية في إعادة إعمار المدن المحررة وفي باقي المجالات في مختلف المحافظات"، مبينا أن "الجانب الفرنسي قد اتيحت أمامه العديد من الاستثمارات في مجالات عدة كقطاع النفط والسياحة والصناعة والزراعة وحتى قطاع التعليم وقطاع المصارف حيث تعتبر فرنسا بلداً متقدما في هذا المجال ". ويلفت انطون الى أن" الشركات الفرنسية لديها مجالات مفتوحة للاستثمار وقد فتحت بالفعل أمامها أبواب للاستثمار في عشر قطاعات أهمها القطاع الصناعي كون وزارة الصناعة والمعادن  لديها الكثير من المشاريع تنتظر الاستثمار ويقدر عددها بـ 250 مشروعاً صناعياً،  وفي مجال القطاع الزراعي أيضاً ،ويضيف أن العراق قد دعا الشركات الفرنسية أيضا لبناء المدارس والجامعات التكنلوجية كون الفرنسيين يتمتعون بإمكانية عالية في مجال التعليم، وكذلك الحال في قطاع المصارف .
وكانت 25 شركة فرنسية كبرى قد أعلنت عن استعدادها للعمل في العراق والمساهمة في إعماره في مختلف المجالات.
وخلال زيارته باريس زار رئيس الوزراء العبادي مقر منظمة ارباب العمل الفرنسية  (MDF) في باريس وعقد جلسة نقاشية مع رؤساء كبريات الشركات الفرنسية الذين أبلغهم بأن "التحرير يستهدف تحقيق الاستقرار والشروع بحملة إعمار لجميع المحافظات العراقية وبالأخص المحررة منها، وهو ما نجحنا فيه لننتقل الى مرحلة البناء"، مشيراً الى "خطة الحكومة وفرص الاستثمار المتاحة للشركات الفرنسية لتطوير استثماراتها والبدء بمشاريع جديدة في قطاعات النفط والطاقة والسكن والبنى التحتية والخدمات الاساسية، والاتصالات والطرق والصناعة والزراعة والبيئة وغيرها من المجالات الحيوية لتحقيق نهضة اقتصادية يتطلع إليها شعبنا من شأنها استثمار الامكانات المتوفرة واستيعاب الأيدي العاملة وتوفير فرص عمل واسعة".
من جانبهم أبدى رؤساء الشركات الفرنسية رغبتهم بالعمل في العراق والمساهمة في إعماره وفق اختصاصات شركاتهم ، وقدموا عدة مقترحات واستفسارات عن فرص الاستثمار وسوق العمل في العراق ..

محرر الموقع : 2017 - 10 - 16