بمناسبة الانتفاضة الشعبانية: مفهوم النصر في القرآن الكريم (ح 9)‎
    
د. فاضل حسن شريف
 
قال الله تعالى عن نصر الله "وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" ﴿الصف 13﴾ نصر اسم، إن فعلتم أيها المؤمنون ما أمركم الله به يستر عليكم ذنوبكم، ويدخلكم جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار، ومساكن طاهرة زكية في جنات إقامة دائمة لا تنقطع، ذلك هو الفوز الذي لا فوز بعده. ونعمة أخرى لكم أيها المؤمنون تحبونها هي نصر من الله يأتيكم، وفتح عاجل يتم على أيديكم. وبشِّر المؤمنين أيها النبي بالنصر والفتح في الدنيا، والجنة في الآخرة، و "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ" ﴿البقرة 214﴾ بل أظننتم أيها المؤمنون أن تدخلوا الجنة، ولمَّا يصبكم من الابتلاء مثل ما أصاب المؤمنين الذين مضوا من قبلكم: من الفقر والأمراض والخوف والرعب، وزُلزلوا بأنواع المخاوف، حتى قال رسولهم والمؤمنون معه على سبيل الاستعجال للنصر من الله تعالى: متى نصر الله؟ ألا إن نصر الله قريب من المؤمنين. ان شهداء الانتفاضة الشعبانية نصرهم خالد وهي الجنة "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ" ﴿البقرة 214﴾ وهي البشرى الخالدة "وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" ﴿الصف 13﴾.
قال الله سبحانه وتعالى "إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ" ﴿النصر 1﴾ نصر اسم، إن فعلتم أيها المؤمنون ما أمركم الله به يستر عليكم ذنوبكم، ويدخلكم جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار، ومساكن طاهرة زكية في جنات إقامة دائمة لا تنقطع، ذلك هو الفوز الذي لا فوز بعده. ونعمة أخرى لكم أيها المؤمنون تحبونها هي نصر من الله يأتيكم، وفتح عاجل يتم على أيديكم. وبشِّر المؤمنين أيها النبي بالنصر والفتح في الدنيا، والجنة في الآخرة. وهكذا فتح الله تعالى لابناء الانتفاضة الشعبانية الدنيا بجعلهم ينتشرون في أرض الله الواسعة ومعهم علوم آل البيت ينشرونها أينما حلوا ولهم وشهداء الانتفاضة جنات الآخرة الخالدة.
جاء في معاني القرآن الكريم: نصر النصر والنصرة: العون. قال تعالى: "نصر من الله وفتح قريب" (الصف 13)، "وإذا جاء نصر الله" (النصر 1)،"وانصروا آلهتكم" (الأنبياء 68)، "إن ينصركم الله فلا غالب لكم" (ال عمران 160)، "وانصرنا على القوم الكافرين" (البقرة 250)،"وكان حقا علينا نصر المؤمنين" (الروم 47)،"إنا لننصر رسلنا" (غافر 51)،"وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير" (التوبة 74)، "وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا" (النساء 45)، "ما لكم من دون الله من ولي ولا نصير" (التوبة 116)، "فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله" (الأحقاف 28) إلى غير ذلك من الآيات. جاء في موقع مع الله صفحة مقالات عن مفهوم النصر في القرآن الكريم: النصر من عند الله سبحانه وتعالى: إذا تتبعنا آيات النصر في القرآن نجد أنه قلما ذكر الله سبحانه وتعالى النصر من غير إضافته إليه، فالنصر حقُّ الله يمتن به على من يشاء من عباده، لحكم يعلمها ومنافع لعباده يقدرها. قال الله تعالى: "إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ" (النصر 1). الكلمات ذات الصلة  بكلمة النصر:الفتح  هو الإظهار على العدو بفتح البلاد. قال الله تعالى: "إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا" (الفتح 1). إنا فتحنا لك أيها الرسول فتحًا مبينًا، يظهر الله فيه دينك، وينصرك على عدوك، وهو هدنة الحديبية التي أمن الناس بسببها بعضهم بعضًا، فاتسعت دائرة الدعوة لدين الله، وتمكن من يريد الوقوف على حقيقة الإسلام مِن معرفته، فدخل الناس تلك المدة في دين الله أفواجًا، ولذلك سمَّاه الله فتحًا مبينًا، أي ظاهرًا جليًّا.
الاستفتاح بصيغة الشرط، كما في أول سورة النصر، وذلك قوله تعالى "إذا جاء نصر الله والفتح" (النصر 1). وجاء فعل فيه صعوبة "فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّة " (عبس 33)، و "إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ" (النصر 1) جاء نصر الله عَوْنـُهُ لك على الأعداء. وفي منى نزلت سورة النصر "إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ" (النصر 1) اثناء حجة الوداع. عن سورة النصر قال رسول للّه صلى الله عليه وآله وسلم: (من قرأها فكأنّما شهد مع رسول اللّه فتح مكّة). وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: (من قرأ "إذا جاء نصر اللّه والفتح" في نافلة أو فريضة نصره اللّه على جميع أعدائه، وجاء يوم القيامة ومعه كتاب ينطق، قد أخرجه اللّه من جوف قبره، فيه أمان من حرّ جهنّم). جاء عن مركز الأبحاث العقائدية: وردت رواية تشير إلى وجود علاقة بين السورة الشريفة والإمام المهدي عليه السلام، عن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن جده عليه السلام، قال: (لما نزلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إِذَا جَاء نَصرُ اللَّهِ وَالفَتحُ" (النصر 1) قال لي: يا علي إنه قد جاء نصر الله والفتح، يا علي إن المهدي هو إتباع أمر الله دون الهوى والرأي، وكأنك بقوم قد تأولوا القرآن، وأخذوا بالشبهات واستحلوا الخمر بالنبيذ والبخس بالزكاة والسحت بالهدية. قلت: يا رسول الله، فما هم إذا فعلوا ذلك أهم أهل ردة أم أهل فتنة؟ قال: هم أهل فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل، فقلت: يا رسول الله العدل منا أم من غيرنا؟ قال: بل منا، بنا يفتح الله وبنا يختم الله، وبنا ألف الله بين القلوب بعد الشرك وبنا يؤلف الله بين القلوب بعد الفتنة. فقلت: الحمد لله على ما وهب لنا من فضله). (أمالي المفيد ص 288 ـ 289). فالرواية تشير إلى أن الناس لابد أن يفتتنوا قبل مجيء نصر الله وقبل حصول الفتح على يد الإمام المهدي الذي سيملاً الدنيا قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
عن کتاب الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي: قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله" (الصف 14) إلخ، أي اتسموا بهذه السمة وداوموا واثبتوا عليها فالآية في معنى الترقي بالنسبة إلى قوله السابق: "هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم" ومآل المعنى: اتجروا بأنفسكم وأموالكم فانصروا الله بالإيمان والجهاد في سبيله وداوموا واثبتوا على نصره. والمراد بنصرتهم لله أن ينصروا نبيه في سلوك السبيل الذي يسلكه إلى الله على بصيرة كما قال: "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي" (يوسف 108). والدليل على هذا المعنى تنظيره تعالى قوله: "كونوا أنصار الله" بقوله بعده: "كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله" (الصف 14) فكون الحواريين أنصار الله معناه كونهم أنصارا لعيسى بن مريم عليهما السلام في سلوكه سبيل الله وتوجهه إلى الله وهو التوحيد وإخلاص العبادة لله سبحانه فمحاذاة قولهم: "نحن أنصار الله" لقوله: "من أنصاري إلى الله" (الصف 14) ومطابقته له تقتضي اتحاد معنى الكلمتين بحسب المراد فكون هؤلاء المخاطبين بقوله: "يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله" أنصارا لله معناه كونهم أنصارا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في نشر الدعوة وإعلاء كلمة الحق بالجهاد، وهو الإيمان بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وطاعته فيما يأمر وينهى عن قول جازم وعمل صادق كما هو مؤدى سياق آيات السورة.
عقدت ندوة للامم المتحدة عام 2014 حول حماية حقوق الاقليات جاء فيها: يسيئ المتطرفون وأصحاب النظريات المتطرفة استخدام الدين ويحرضون على الكراهية لتعزيز العداء تجاه الأقليات الأخرى الذين يتبنون معتقدات أو عقائد مختلفة. وبذلك، يناقض أولئك الأصوليون  أهم المبادئ المقدسة للديانات المقدسة. لا يدعو أي من الأديان الموجودة إلى العنف أو التعصب. في هذا السياق، يجب على الأمم المتحدة أن تعيد فرض الإطار القانوني الدولي لتطبيق متعدد الأطراف ل"مسؤولية حماية الناس" Responsibility to protect من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية وكافة أشكال العدوان الظالم. من خلال الدروس المستفادة من فشل وقف فظائع الإبادة الجماعية الأخيرة للتعصب العرقي والديني، وما نواجه في الوقت الحاضر من انتهاكات واسعة النطاق واضحة لحقوق الإنسان الأساسية والقانون الإنساني الدولي، لإن الوقت هو للقرارات الشجاعة. 
ومما يؤكد حصول الابادة الجماعية خلال الانتفاضة الشعبانية فقبل ثلاث سنوات من هذه الانتفاضة حصل شبيه لها كما جاء في الموسوعة الحرة ويكيبيديا عن انتهاكات مسندة إلى صدام حسين: حملة الأنفال (بالكردية كارەساتی ئەنفال)  هي إحدى عمليات الإبادة الجماعية التي قام بها النظام العراقي السابق برئاسة صدام حسين سنة 1988 ضد الأكراد في إقليم كردستان شمالي العراق،  وقد أوكلت قيادة الحملة إلى علي حسن المجيد الذي كان يشغل منصب أمين سر مكتب الشمال لحزب البعث العربي الاشتراكي وبمثابة الحاكم العسكري للمنطقة، وكان وزير الدفاع العراقي الأسبق سلطان هاشم القائد العسكري للحملة. وقد اعتبرت الحكومة العراقية آنذاك الأكراد مصدر تهديد لها. قام بتنفيذ تلك الحملة قوات الفيلقين الأول والخامس في كركوك وأربيل مع قوات منتخبة من الحرس الجمهوري بالإضافة إلى قوات الجيش الشعبي وافواج ما يُسمى بالدفاع الوطني التي شكلها النظام العراقي انذاك لمحاربة أبناء جلدتهم، وقد تضمنت العملية ستة مراحل. وكانت هذه العمليات تستهدف بالإضافة إلى الأكراد الأقليات المختلفة التي كانت تعيش في تلك المنطقة و منهم الآشوريون والسريان والكلدان والشبك والتركمان واليزيديون والمندائيون. العديد من القرى التابعة لهذه الأقليات تم تدميرها بالكامل. نتج عن هذه الحملة ما يلي: ذبح وقتل عدد يتراوح من 50,000 إلى 100,000 من المدنيين غير المقاتلين بمن فيهم النساء والأطفال. تدمير حوالي 4,000 قرية (من أصل 4,655 قرية كردية) في كردستان العراق، بين نيسان 1987 وأغسطس 1988، وتعرض 250 مدينة وقرية كردية للأسلحة الكيميائية. تدمير وهدم 1,754 مدرسة و270 مستشفى و2,450 مسجد و27 كنيسة. محو حوالي 90٪ من القرى الكردية في المناطق المستهدفة. واقام اقليم كردستان العراق نصبا لهذه الجرائم الشنعاء.
 
 
 
 
 
 
محرر الموقع : 2024 - 03 - 05