احياء اليوم الثامن عشر من شهر رمضان الجمعة (خزائن الله)‎‎
    
 
 
 
 
د. فاضل حسن شريف
 
إحياء اليوم الثامن عشر من شهر رمضان الجمعة:

أقام مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورنتو الكندية جلسة قرآنية يقرأ كل حاضر آيات من الجزء التاسع عشر من القرآن الكريم بإشراف السيد عبد السلام الموسوي، فقراءة دعاء الافتتاح، ومحاضرة للشيخ حسن العامري، فأذان المغرب وصلاتها، ومأدبة الإفطار للمتبرع مؤسس المسجد الحاج عطا علي.

ابتدأ الشيخ حسن العامري مجلسه بالنعي بمناسبة جرح الامام علي عليه السلام وانتهى به كذلك وكان موضوع محاضرة المجلس باللغة الانكليزية حول (خزائن الله) قال الشيخ العامري: قال الامام علي عليه السلام في وصيته لابنه الحسن صلوات الله عليهما: (واعلم أن الذي بيده خزائن السماوات والأرض، قد أذن لك في الدعاء، وتكفل لك بالإجابة، وأمرك أن تسأله ليعطيك، وتسترحمه ليرحمك، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه، ولم يمنعك إن أسأت من التوبة، ولم يعاجلك بالنقمة ولم يفضحك حيث الفضيحة ولم يشدد عليك في قبول الإنابة، ولم يناقشك بالجريمة ولم يؤيسك من الرحمة، بل جعل نزوعك عن الذنب حسنة، وحسب سيئتك واحدة وحسب حسنتك عشرا، وفتح لك باب المتاب، وباب الاستعتاب). ان كلام الامام علي عليه السلام تعبير عن كلام القرآن والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم فعلاقة الإمام مع الله ورسوله جعلت نفسه وأمواله فداءا لله ورسوله.

الله تعالى عنده خزائن السماوات والارض "وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ" (المنافقون 7) ان الله امرك ان تدعوه فيجيب دعوتك وتسترحمه فيرحمك لان عنده خزائن السماوات والارض وهو المتصرف بها. وهكذا صحتك واولادك وحتى سلوكك واخلاقك وتصرفاتك، اي ان خزائنه مادية ومعنوية "إِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ" (الحجر 21) ولكن الله تعالى يعرف عباده فكل شيئ ينزله بمقدار. فالصحة والمرض، والثروة والفقر كلها خزائن يضعها الله عز وجل في ميزانه العادل.

التقوى والإيمان هما علاقتك مع الله سبحانه. فالحياة والنفس من خزائن الله. والدعاء والصلاة اساسها ذكر الله "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي" (طه 14)، و "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ" (هود 114) فحسنات الخزائن يذهبن سيئاتها بالذكر. في سورة الجمعة "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ" (الجمعة 9) فصلاة الجمعة لذكر الله. وجاء في مناجاة الذاكرين للامام علي زين العابدين عليه السلام (اِلـهي لَوْلاَ الْواجِبُ مِنْ قَبُولِ اَمْرِكَ لَنَزَّهْتُكَ مِنْ ذِكْري اِيّاكَ عَلى اَنَّ ذِكْري لَكَ بِقَدْري لا بِقَدْرِكَ، وَما عَسى اَنْ يَبْلُغَ مِقْداري حَتّى اُجْعَلَ مَحَلاًّ لِتَقْديسِكَ، وَمِنْ اَعْظَمِ النِّعَمِ عَلَيْنا جَرَيانُ ذِكْرِكَ عَلى اَلْسِنَتِنا، وَاِذْنُكَ لَنا بِدُعائِكَ وَتَنْزيهِكَ وَتَسْبيحِكَ، اِلـهي فَاَلْهِمْنا ذِكْرَكَ فِي الْخَلاءِ وَالْمَلاءِ وَاللَّيْلِ وَالنَّهارِ، وَالاِْعْلانِ وَالاِْسْرارِ، وَفِي السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ، وَآنِسْنا بِالذِّكْرِ الْخَفِيِّ).

ارفع يدك الى الله تعالى وسوف يجيبك. انه تعالى لم يغلق باب التوبة "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (الزمر 53) عليك بالدعاء من القلب حيث كل انسان لديه ذنوب فالناس لا تستطيع ان تدفع عنك الذنوب والبلاء ولكن الله تعالى هو القادر على دفعها فاتجه اليه لا الى الناس. الله جل جلاله يعطيك فرص عليك باستغلالها. وفي المناجاة الشعبانية لامير المؤمنين عليه السلام تتحدث عن ستر الذنوب في الدنيا والآخرة لان ذنوب الآخرة اشد من الدنيا كونها تظهر امام الناس. ان الادعية تعلمنا كيف ان الله رؤوف رحيم.
 
 
محرر الموقع : 2024 - 03 - 31