الخلل ليس بالأديان والآيدولوجيات ، نعيم الهاشمي الخفاجي ‎
    

مخطىء من يعتقد ان الدين الإسلامي عدو للوعي، الايمان سواء كان إيمان بعقيدة سماوية او حتى الإيمان بالايدولوجيات الوضعية التي صنعها فلاسفة ومفكرين، تعطي الاتباع رياضة روحية، بحيث يكون الإنسان لديه ادراك للأمور التي يعتقد بها، وتتحقق على أرض الواقع.

لكن بلا شك الإيمان الإلهي يعطي الإنسان المؤمن يقين بصحة معتقداته، لذلك هذا الإيمان واليقين في الديانة السماوية أو في الايدولوجيات الوضعية التي صنعها الإنسان من خلال أفكار طرحها فلاسفة، غايتهم خدمة البشرية. 

بالمقابل تجد ناس  ضد هذا الإيمان سواء كان ايمان ديانة سماوية أو وضعية، تجد له اعداء، والعدو ليس بالضرورة ان يقف ضد الديانة السماوية أو الايدولوجيا الوضعية، الكثير من الأعداء، هم يصنفون من ضمن أتباع الديانة السماوية او ضمن الحزب الذي يتبع إيديولوجيا وضعية.

أعداء الديانات من داخل الديانات نفسها، يقفون ضد مايريده الله عز وجل ورسله، الذي يقرأ القرآن الكريم يجد آيات تذم ناس كانوا صحابة، وقفوا ضد النبي محمد ص ببعض المواقف لذلك نزل قول الله عز وجل، [ قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم].

هناك من الناس المحيطين في الأنبياء والرسل يرفضون ما يريده الله عز وجل وينصبون أنفسهم بموقع يريدون يعلمون الله عز وجل من يختار، وردت آية بالقرآن الكريم تمنع المسلمين بعد رفع أصواتهم فوق صوت النبي محمد ص، [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ] [الحجرات:2]

وعندما أراد النبي محمد ص كتابة وصية بتنصيب الإمام علي بن أبي طالب ع كخليفة من بعده، كما ذكرها الشيخين البخاري ومسلم في رزية يوم الخميس، تنازع الصحابة ورفعوا أصواتهم فوق صوت النبي محمد ص حتى أن أحد كبار الصحابة قال محمد غلبه الوجع، يعني يهذري، فقد الوعي،  أفاق النبي محمد ص وقام بطردهم من مجلسه وابقى ابن عمه ووصيه الإمام علي بن ابي طالب والعباس وبعض المقربين، تصرف هؤلاء الصحابة المنافي لقول الله عز وجل بعد رفع صوتهم فوق صوت النبي ص، هم في تفكيرهم يعتبرون ذلك عمل عظيم لنصرة الدين، وهؤلاء بالحقيقة هم أعداء للإيمان المطلق بالله عز وجل، {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا}.

النصوص القرآنية تحرم معصية أوامر الرسول محمد ص، بل ذكرت كتب التاريخ، أن بمرض رسول الله ص بعث جيش للمسلمين وبه غالبية رؤوس الصحابة ومنهم ابي بكر وعمر وعثمان وولى عليهم قائد شاب صغير اسمه أسامة بن زيد، والصحابة رفضوا المسير إلى مؤتة، وبقوا خارج المدينة يترقبون، وصل الخبر إلى رسول الله محمد ص وقال ملعون ملعون من تخلف عن ركب أسامة بن زيد.

 لو تتبعنا افكار الأيديولوجيات الأخرى، على سبيل المثال القيم والأفكار التي طرحها الفيلسوف المخضرم كارل ماركس في طرح النظرية الاشتراكية، قيم راقية لرقي البشرية، كانت افكار كارل ماركس دعم الثورات في الشعوب المتعلمة الدول الصناعية، ومحاربة الرأسمالية المتوحشة من خلال تهيئة بيئة مجتمعية مثقفة متعلمة،  لذلك معظم معتنقي الشيوعية هم شعوب أوروبا الصناعية وبالذات أوروبا الغربية، لكن بعد الحرب العالمية الثانية، أمريكا استعانت في علماء نفس واجتماع لعمل دراسات لمحاربة ظاهرة حب الجماهير للشيوعية الثورية وسيطرتها على المدارس والجامعات بدول أوروبا الغربية، العلماء أوجدوا حلول في دعم تأسيس  تيارات وأحزاب  يسارية تتبنى الفكر الرأسمالي، وفعلا نجحوا بالقضاء على الفكر الشيوعي الثوري الأصيل.

عندما حدثت الثورة البلشفية في روسيا، هنا بات ملزم على الزعيم  لينين قيادة الثورة، لم تكن روسيا بذلك الوقت دولة صناعية، وأسس دولة ودعم تطوير القطاع الصناعي والزراعي، ونتج عن ذلك تأسيس الاتحاد السوفياتي، جوزيف ستالين، عندما تولى الزعامة،  اتبع أساليب القتل والقمع ضد قيادات وكوادر الحزب الشيوعي اعتقادا منه بصنع نموذج شيوعي لحكم العالم، بطريقة ستالينية راقية، مواقف ستالين كانت صلبة لولاه لما تم هزيمة ألمانيا النازية، ولحكم هتلر دول أوروبا والعالم واستعبدهم، العمل البطولي إلى ستالين هزم الدكتاتور النازي هتلر، لكن ستالين أجرم في حق قيادات ومفكري الحزب الشيوعي، قتل الكثير من الزعامات، ناهيكم عن قتله ملايين البشر في معتقلات سيبيريا السيئة الصيت.

ستالين مؤمن بالفكر الماركسي وأصبح زعيم الحزب الشيوعي لكنه إيمان ستالين مخالف إلى القيم والمبادئ الفاضلة التي دعا إليها كارل ماركس.

كذلك الحال في اتباع الديانات السماوية بشكل عام وأتباع الديانة الإسلامية بشكل خاص، تجد صحابة تبوؤا مناصب كبيرة في قيادة الدولة الإسلامية لكنهم خالفوا ما أراده الله عز وجل ورسوله الكريم محمد ص في اختيار الأصلح والأحسن بتولي خلافة الأمة الإسلامية بعد وفاة رسول الله محمد ص وهو الإمام علي بن أبي طالب ع والأئمة الاثني عشر الذين تحدث عنهم رسول الله محمد ص في توليهم خلافة الأمة الإسلامية بعده.

الصحابة الذين خالفوا أوامر الله عز وجل ومنعو رسول الله ص من كتابة الوصية بخلافة الإمام علي ع كان هؤلاء الصحابة مؤمنين لكنهم ليسوا مدركين لما أراده الله عز وجل ورسوله الكريم محمد ص، لذلك بدأ الانحراف منذ يوم السقيفة وكيف تم أبعاد الإمام علي ع من تبوؤ منصب الخلافة والزعامة، لم يسجل تاريخ المسلمين وجود صحابي او تابعي افقه واعلم وافهم من الإمام علي ع والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق وموسى بن جعفر الكاظم وعلي بن موسى الرضا ومحمد بن علي الجواد وعلي بن محمد الهادي والحسن بن علي العسكري، وسوف يشاهد العالم الإمام محمد بن الحسن العسكري الإمام المهدي عندما يحكم البشرية، الكلام عن المهدي يترك لمن يحالفه الحظ ويدرك  ذلك الزمان.

علوم الكمياء والفيزياء مصدرها الإمام جعفر بن محمد الصادق، علم تلاميذه علوم الشريعة والرياضيات والفلك والكمياء والطب، في زمن عبدالملك بن مروان عندما أرادوا عمل عملة للمسلمين التجؤا إلى الإمام محمد الباقر عليه السلام وهو ارشدهم طريقة سك العملة المعدنية.

 كل علماء الطب والفلك والكيمياء المسلمين هم من تلاميذ الإمام جعفر الصادق عليه السلام  .


لذلك كان الأئمة الذين يعتقد في امامتهم الشيعة الاثنى عشرية، كانوا مدركين لكل العلوم والحقائق،  ولديهم قراءة مستقبلية، لأنهم أصحاب علوم ومعرفة، مكنتهم  لمعرفة مايحدث بالمستقبل، علماء النفس والاجتماع تحدثوا ان كل إنسان له نسق خاص به في التفكير، لذلك وجود انساق لكل البشر يمكن البشرية من التنبؤ للمستقبل.

انا لا اريد أن اتكلم عن علوم الغيب، بل نفسه الأمام علي ع سأل عن ذلك، قال عُلمنا من علم علمني إياه رسول الله ص، والأمور التي تحدث بها الإمام علي ع وبقية الأئمة عليهم السلام هي نتاج علوم ومعرفة، وليست لها علاقة في الغيب، أمور الغيب تخص الروح وعلم الساعة وقت وقوعها، والموت،  أما باقي الأشياء فهي ليست غيبية.

الاكتشافات العلمية الحالية مكنت البشر من معرفة أمور كانت تعتبر من الأمور الغيبية ومن المستحيل يصل إليها عقل الإنسان.

لذلك أنصار اتباع الإيمان المنحرف لهم أنصار واتباع وبضاعتهم رائجة فى الخداع والتضليل،  ونسج قصص لصنع كرامات إلى أشخاص هم ليسوا منها، لكن الغاية التغطية على حقيقة موقع الإمام علي ع والأمة الاثنى عشر قادة الأمة الحقيقين، من خلال نشر التطرف والكذب على اشياع ال البيت عليهم السلام، لذلك القوى الظلامية التي تدعي انهم يتبعون السلف الصالح، هم  يخشون من معرفة عامة الناس لحقيقة  ما حدث من ظلم إلى ال بيت رسول الله ص واشياعهم.

نحن نخوض معركة نشر الوعي، انتشار الوعي يعني اكتشاف الحقيقة وهذه الحقيقة بمثابة البلسم الذي يداوي الجراح، لذلك الشغل الشاغل لجماعات التكفير الوهابية البعثية يعملون على التضليل ونشر الأكاذيب  لتغييب الوعي، وتلويث  العقول ونشر الأحقاد في  قلوب عامة الناس البسطاء.

جهاد النفس وتهذيبها اكبر من الجهاد في ساحة المعركة، فقد روي حديث عن رسول الله ص  عن موسى بن جعفر الكاظم ، عن آبائه عليهما السلام قال،  قال أمير المؤمنين عليه السلام،  إن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث سرية فلما رجعوا قال، مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر، قيل: يا رسول الله وما الجهاد الأكبر؟ قال،  جهاد النفس ثم قال صلى الله عليه وآله،  أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه، رواه الصدوق في الأمالي.

للاسف تجد المتطرفين من البعثيين والوهابية التكفيريين قسموا الناس حسب مزاجهم ونفوسهم المريضة الى فسطاطين فسطاط الإيمان وفسطاط الكفر، ومن خلال هذا العنوان قامت الجماعات البعثية التكفيرية في سفك دماء ملايين المسلمين الشيعة والصوفية وكل شخص لايؤمن بالبعث والوهابية، اعاثوا في بلادنا وبلدان العالم  العربي والإسلامي وفي دول العالم التي توجد بها جاليات عربية وإسلامية، يعيثون فى البلدان  تخريب ودمار وسفك  الدماء وتقطيع أجساد الضحايا إلى أشلاء، بعد أن خدعوا قطعان من شباب الأمة العربية والإسلامية البسطاء والسذج، غسلوا أدمغتهم، في جعل   العداوة والبغضاء بدل المحبة والإخاء ، متصورين أن ما يفعلونه هو الإيمان، 

الفكر البعثي الوهابي اختزل الإسلام العظيم وجعلوه  ستار، وواجهة  لسفك دماء الناس الأبرياء، لم أجد بعثي بحياتي شريف، وخاصة البعثي الذي يجمع مابين فكر البعث والفكر الوهابي التكفيري الطائفي.


نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي 

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

1/4/2024

 
 
 
محرر الموقع : 2024 - 04 - 01