احياء اليوم الثالث والعشرون من شهر رمضان الاربعاء (الحسنات والسيئات)‎‎‎
    
د. فاضل حسن شريف
 
إحياء اليوم الثالث والعشرون من شهر رمضان الاربعاء:

أقام مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورنتو الكندية جلسة قرآنية يقرأ كل حاضر آيات من الجزء الرابع والعشرون من القرآن الكريم بإشراف السيد عبد السلام الموسوي، فقراءة دعاء الافتتاح، ومحاضرة للشيخ عبد السلام فرج الله، فأذان المغرب وصلاتها، ومأدبة الإفطار للمتبرع مؤسس المسجد الحاج عطا علي.

بسم الله الرحمن الرحيم "مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ" (الانعام 160) ابتدأ الشيخ عبد السلام فرج الله بهذه الآية المباركة وقال لونظرنا لها ونفسرها على واقعنا لوجدنا أغلب الناس حتى بعض المؤمنين بعيدين عنها. علينا ان نتبع أئمة أهل البيت لنكون منهم. قال أمير المؤمنين عليهم السلام (نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد، فينا نزل القرآن، وفينا معدن الرسالة). نحن الآن يتعامل كثير منا بالعكس يقابل السيئة بعشر أضعافها، بينما السيئة تقابل بمثلها. حاليا ربما كلام سيء يقابل بالقتل. المعنى الحقيقي للآية الفرق بين الحسنة والجزاء المترتب عليها. فالحسنات والسيئات على مراتب ودرجات. فسيئة القتل تختلف عن سيئة الكذب. وأجر الحسنة على مراتب مثل أجر المهندس المالي يختلف عن أجر العامل البسيط في شركة ما مثلا. فهل يستطيع ان يقول العامل اعطني نفس أجر المهندس والاثنين يعملان ثمان ساعات يوميا.

ليست الحسنة فقط تضاعف بل تمحو السيئة "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ" (هود 114)، و "إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا" (الفرقان 70). هل الفتنة و الغيبة سيئتان أخطر من القتل؟ قال الله تعالى "وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ" (البقرة 119)، و "وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ" (الحجرات 12) فالقتل قد يحصل لنفر واحد بينما الفتنة والغيبة قد تؤدي الى قتل جماعات.

لماذا الله تعالى يريد منا تعلم اسمائه الحسنى؟ هل هذه الاسماء ذكر فقط باللسان أم عمل بها؟ فالجواب تعلمها يعني اتباعها في معاملاتنا فعلينا ان نكون حكماء ورحماء وعلماء كما أن الله تعالى رحيم وحكيم وعليم "رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا" (الفتح 29). الواقع الحالي يقول إن بعض المسلمين في شدة و مسلمون آخرون ينظرون أما ساكتين أو يؤيدون شدة اخوانهم المسلمين، فهل هذه رحمة؟ يكتبون في الكتب أن المعتصم جيش جيوش لنصرة امرأة مظلومة في أقاصي الأرض، فإذا كان الامر كذلك، الآن آلاف النساء يسحقن والمسلمون ينظرون بدون الدفاع عنهن.

القرآن مبارك كما الأنبياء مباركين "وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ" (مريم 31) فعلينا ان نتبارك به باتباع ما يرد فيه، لا أن نتنعم نحن ونترك الآخرين في عوز "كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَٰلِكَ ۖ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ (29)" (الدخان 25-29). فكل يوم يمر يكون شاهدا علينا كما جاء في الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين عليه السلام (ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻮﻡ ﺣﺎﺩﺙ ﺟﺪﻳﺪ، ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺷﺎﻫﺪ ﻋﺘﻴﺪ، ﺇﻥ ﺃﺣﺴﻨﺎ ﻭﺩﻋﻨﺎ ﺑﻪ ﺣﻤﺪ، وان ﺃﺳﺄﻧﺎ ﻓﺎﺭﻗﻨﺎ ﺑﺬﻡ). قال الله تعالى "إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا" (الاسراء 7).

فهذا شهر رمضان تتضاعف فيه الحسنات وتمحى فيه السيئات "هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ" (الرحمن 60). قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم (يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير اقبل مني اليسير واعف عني الكثير إنك أنت الغفور الرحيم). الذي يحسن اليك عليك ان تقابله بالاحسان وليس الاساءة. كان الائمة عليهم السلام يتفقدون الايتام والمساكين بدون ان يعرفهم الناس، فلما يستشهدوا يعرفون هؤلاء الايتام والمساكين ان من كان يعطيهم ويحسن اليهم هو الإمام الذي فقدوه.
 
 
محرر الموقع : 2024 - 04 - 05