الانسحاب الأمريكي من العراق يحل محله تعاون اقتصادي، نعيم الهاشمي الخفاجي ‎
    


دول الاستعمار البريطاني والفرنسي قسموا تركة الدولة العثمانية إلى دويلات حسب مزاجهم، دمجوا مكونات غير متجانسة مع بعض، دون عمل دساتير حاكمة، وسلطوا على الدول العربية الناشئة، ملوك وأمراء وحكام اراذل سيئين، حكموا الشعوب العربية بطرق وحشية قل نظيرها بالتاريخ.

عندما يتكلم احد عن العرب، يأتي العراق وسوريا واليمن ولبنان ومصر والجزائر وليبيا وتونس في القمة، هؤلاء هم شعوب العرب الحية، أما باقي الشعوب العربية ماهم سوى قطعان يسوقهم حكام دول الرجعية العربية، عملاء دول الاستعمار.

الشعوب العربية الحية، اطاحت في عملاء الاستعمار ونفضتهم، وخلعتهم مثل خلع الاحذية، لكن ابتلينا بالعسكر، وصلوا للسلطة ورفضوا الخروج منها، والسبب لم تكن دساتير حاكمة، ولو كانت دساتير حاكمة، لما وصل العسكر للسلطة.

شعب العراق من الدول السباقة بتصفية النظام الملكي الذي نصبته دول الاستعمار على رقاب الشعب العراقي.

لكن المشكلة عجزت جميع الأنظمة التي تلت ثورة عبدالكريم قاسم التحررية من إيجاد أنظمة حكم تجمع مكونات الشعب العراقي الثلاثة الرئيسية، الشيعة والسنة والأكراد.

الدكتور الامريكي هنري فوستر والذي جعل اطروحته الدكتوراة تحمل ( نشأة العراق الحديث) والتي صدرت من جامعة لندن عام ١٩٣٣ هنري فوستر الامريكي تحدت عن الأسباب الحقيقة لقيام بريطانيا وفرنسا في دمج مكونات غير متجانسة بالعراق وبقية الدول العربية الأخرى، وبدون عمل دستاتير حاكمة، لتبقى دولنا فاشلة، لو كان لدينا دستور ينظم ويضمن حقوق المكونات العراقية بدون اقصاء، لما بقي العراق دولة فاشلة تعاني من صراعات قومية ومذهبية مستدامة، وحسب قول هنري فوستر حتى يسهل السيطرة على العراق بسبب الصراعات الداخلية.

بوضع العراقي الحالي،  حتى في طرد القوات المحتلة من العراق لايوجد اجماع عراقي على ذلك، ساسة المكون السني يبكون ليل نهار يريدون بقاء القوات المحتلة، مكون قومي آخر يفكر ان وجود قوات احتلال بالعراق تسهل عملية حصوله على الاستقلال، وللأسف كل هذا لم يحدث، ويبقى العراق ساحة للصراعات ويبقى دولة ضعيفة وفاشلة.

الفيالق الإعلامية المرتبطة بدول الرجعية العربية عملاء الاستعمار، من دول البداوة، يصرخون، لماذا يصرخون، يقولون  اذا انسحبت قوات امريكا، إيران تحتل العراق هههههه شر البلية مايضحك، الوضع العراقي الحالي لايسمح إلى مكون او مذهب في السيطرة على كل العراق، هذه التخوفات ليست على العراق، وإنما تنطلق من منطلقات مذهبية قذرة لاتريد للعراق ان يشارك به الشيعي في إدارة الدولة العراقية.

بالحقيقة اراذل فلول البعث ومحيطهم الطائفي، جربوا كل وسائل الإرهاب والتفخيخ والقتل والتآمر وفشلوا، ولم يستطيعوا تحقيق أهدافهم، مؤامرة داعش كانت انقلاب يشبه تسليم الشعب الأفغاني إلى طالبان، لكن فتوى المرجعية العليا بالجهاد الكفائي أفشلت المؤامرة، وقلبت الطاولة على فلول البعث وهابي واعوانهم من دول الإقليم العربي والإسلامي الطائفي، وبفضل تضحيات أبناء الحشد والقوات الامنية بجهاز مكافحة الإرهاب والتدخل السريع والشرطة الاتحادية وطيران الجيش وقوات الفصائل، تم سحق القوى الإرهابية.

المشكلة الكثير من الساسة وبالذات من ابناء المكون الشيعي، يجهلون كيفية التعامل مع القوى الكبرى، يفترض في صاحب السلطة التنفيذية ووزارة الخارجية العراقية يضعون  النقاط على الحروف، ليس من المعقول تشاهد مؤتمر صحفي لرئيس الحكومة بحقبة داعش،  يعلن اننا  نرحب في إرسال كل دول العالم جيوش ومساعدات للعراق، النتيجة أردوغان أرسل قوات عسكرية استقرت في بعشيقة، عندما طلبوا من القوات التركية  الرحيل، الناطق في اسم أردوغان عبر قناة الميادين قال نحن أرسلنا قواتنا العسكرية للعراق،  لان السيد رئيس الحكومة حيدر العبادي قال نحن نرحب في إرسال الدول قوات عسكرية للعراق لمحاربة داعش، وليومنا هذا، نتجية خطأ بالكلام، النتيجة قوات أردوغان وصلت الى  بعشيقة، وليومنا هذا يرفضون الخروج من العراق، قضية  القبول في دخول التحالف الدولي إلى العراق وبعد شهرين من التصدي لداعش، واحتواء هجماتهم، وبعد أن بانت علامات هزيمة التيارات التكفيرية البعثية، وإذا بحكومة السيد حيدر العبادي، يقبلون،  في  تدخل التحالف الدولي عبر ارسال قوات برية،  اعاقت تطهير ارض العراق بسرعة من العصابات الارهابية، بحيث استغرق تحرير تكريت والموصل والانبار ثلاث سنوات.

قبل مؤامرة داعش، كانت توجد،  اتفاقية إطار موقعة بين العراق وامريكا وقعت عام ٢٠١٠ لكن هذه الاتفاقية لم يستفيد منها العراق عندما وقعت مؤامرة تسليم الموصل وتكريت والانبار لداعش من شركاء الوطن بدون قتال، بل تمت للأسف تسليم تلك المحافظات والمدن بطريقة تسليم والترحيب بالارهابي الشيشاني والطاجيكي.

السيد حيدر الزاملي كان رئيس لجنة الدفاع بالبرلمان العراقي، يقول ذهبنا للامريكان طلبنا منهم سلاح، قالوا لنا نعطيكم السلاح عام ٢٠٢٠ اي بعد ست سنوات.

رغم ذلك العراق اليوم، وبعد الانتصار على المؤامرة البعثية الداعشية،  يطالب في استبدال القوات الأجنبية للناتو في توقيع اتفاقيات في المجالات الاقتصادية وفي مجالات الاستثمار والتعاون التجاري والصناعي والزراعي، تبديل الوجود العسكري في إيجاد تعاون اقتصادي للعمل في الساحة العراقية.

وجود  ٢٥٠٠ جندي او مستشار من  القوات الأميركية في  العراق، موزّعين على الثكنات والقواعد العسكرية العراقية، لايعني ان هذا العدد هو من حامي العراق من الهجمات الارهابية، وأن هؤلاء ال ٢٥٠٠ شخص،  يوميا يدخلون في اشتباكات مسلحة مع العصابات الداعشية الارهابية، وأن مغادرة هؤلاء سوف يجعل من عصابات داعش تحتل مدن العراق، لولا تضحيات أبناءنا بالقوات الأمنية من الجيش وقوات وزارة الداخلية وقوات الحشد والفصائل لما تم تحرير الاراضي العراقية.

قوات الحشد والفصائل المنطوية قدموا خمسة آلاف شهيد بتحرير العراق من داعش، بالنسبة لوزارة الدفاع العراقية لم تعلن عن عدد الشهداء من الضباط والجنود الذين سقطوا بعمليات التحرير، بالمقابل التحالف الدولي لم يقدم ولا شهيد في عمليات تحرير تكريت والموصل والفلوجة والرمادي ……الخ.

اصلا وجود ٢٥٠٠، جندي او مستشار أمريكي، ومن بقية دول أعضاء الناتو بالعراق وجود رمزي، انسحاب هؤلاء لم يكون كارثة تحل على العراقيين.

رئيس حكومة العراقية السيد محمد شياع  السوداني، طرح قضية  انسحاب القوات الأميركية، واستبدال ذلك في توقيع اتفاقيات تعاون اقتصادي وعسكري، في يوم تسنمه منصب رئاسة الحكومة العراقية، العجيب هناك بعض الكتاب من دول البداوة يقول بقاء السيد السوداني بمنصبه رهن بقاء الأميركيين؟؟ يا اخي حلل بطريقة محترمة وليس بطريقة بعرورية، الرجل يطالب في انسحاب القوات الأجنبية واستبدال ذلك في توقيع اتفاقيات ثنائية مع امريكا و اعضاء الناتو الآخرين في المجالات التعاون الاقتصادي والاستثماري والصناعي والعسكري، فكيف يرحل السيد السوداني مع رحيل القوات الأجنبية ههههه كافي مسخرة ياعربان.

اقول إلى اراذل فلول البعث وهابي والعربان، الفصائل والحشد  تشكلت بسبب احتضانكم إلى القاعدة وداعش والعصابات الارهابية، بعد سقوط نظام صدام الجرذ الهالك، فيلق بدر أعلنوا حل الفيلق وتحولوا إلى منظمة مدنية وتم دمج المقاتلين بغالبيتهم في وظائف مدنية والاحالة على التقاعد، وبعضهم ضباط في الشرطة المحلية بوزارة الداخلية، عندما وقعت مؤامرة داعش، من انضم إلى بدر هم شباب من ابناء داخل العراق ولم يكونوا من أعضاء المعارضة العراقية السابقة، ولولا تنفيذكم أيها الاراذل من البعثيين التكفيرين لمؤامرتكم بتسليم الموصل وتكريت لما تأسس حشد ولما أعيد تشكيل قوات بدر، ورغم ذلك قوات  بدر،  هم الان ضمن ألوية تابعة للجيش العراقي.

إن الانسحاب الأميركي من العراق لابد أن يتم، وسبق إلى أمريكا انسحبت  من أفغانستان دون توقيع اي اتفاقيات تعاون اقتصادي وامني، بينما الانسحاب الامريكي من العراق يتم من خلال توقيع اتفاقيات اقتصادية وأمنية تجلب وضع اقتصادي جيد للامريكان والعراقيين، ربط العراق في مزاجات دول البداوة او مع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، يزيد من كراهية رفض بقاء الوجود العسكري لقوات الناتو بالعراق.

من الافضل للشعب الامريكي وشعوب أعضاء الناتو ومن الأفضل للشعب العراقي استبدال القوات الأجنبية في توقيع اتفاقيات تعاون اقتصادي وامني مع امريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والدنمارك وهولندا وبولندا….الخ.

هناك حقيقة،  قضية الانسحاب الامريكي من العراق وافغانستان لم يكن محصور على إدارة بايدن بل حتى في زمن الجمهوري ترامب كانت هناك حوارات وتصريحات عن الانسحاب من أفغانستان والعراق بل وتقليل الوجود العسكري بدول الخليج، ترامب أراد يسحب القوات الأمريكية من سوريا، وكيف دول الخليج أصابهم اسهال دموي غير مبرر.

يفترض في ساسة المكونات العراقية الثلاث الجلوس بشكل جدي، ويتفقون على عدم تهميش اي مكون، العراق يتسع للسنة والشيعة والاكراد والمسيح والصابئة والايزيديين والكاكائيين، خيرات العراق تكفي إلى جلب عشية رفاهية إلى عشرة دول وليس للشعب العراقي فقط.

لاداعي للخجل، على الساسة العراقيين الاعتراف بوجود صراعات قومية ومذهبية، الاعتراف يعني انك اوجدت حل لأكثر من ٩٠% من المشكلة، الاعتراف بوجود مشكلة يعني انك تريد إيجاد حل لأصل المشكلة.

وعلى ساسة المكون الشيعي العمل على إيجاد مصالحات داخلية مابين الأخوة في حزب الدعوة وبين السيد مقتدى الصدر، الدعوة والسيد مقتدى الصدر،  يرتبطون في مدرسة الشهيد الصدر الأول رضوان الله عليه، إيجاد مصالحة مابين السيد نوري المالكي والسيد مقتدى الصدر مفيد للجميع، يعجل من انسحاب القوات الأجنبية من العراق، شركاؤنا بالوطن يوقفون محاولاتهم التآمرية، مضاف لذلك السيد مقتدى الصدر من عائلة دينية رفدت الشيعة في  مراجع تقليد يقلدهم ملايين الشيعة بالعراق والعالم.

ما أراه ان السيد مقتدى الصدر يواصل دراسته الحوزوية الدينية وبالتاكيد يأتي اليوم الذي يطرح نفسه كمرجع تقليد، تصالح السيد مقتدى الصدر مع السيد المالكي وحزب الدعوة ومعهم بقية الفصائل، يعني بالمستقبل وبشكل مؤكد، أن  السيد مقتدى الصدر، يطرح  مرجعيته للتقليد، السيد الصدر متخصص في الدراسات بالمجال الديني، فلا بد أن ينال الاجتهاد، وجود علاقة جيدة بين السيد مقتدى الصدر والاخوة في حزب الدعوة والفصائل، عامل مفيد للجميع، سيد مقتدى الصدر يؤمن في وجود ولاية فقيه قطرية وضمن الدولة العراقية، تضمن حقوق المكونات الأخرى بدون تهميش، الشيعة العراقيين بحاجة إلى مرجعية تؤمن في ولاية فقيه ضمن إطار دولة مدنية، ولابأس أن يكون سماحة السيد مقتدى الصدر بالمستقبل مرجع يتبنى ولاية فقيه قطرية ضمن إطار دولة عراقية مدنية، الفهم الشيعي لولاية الفقيه يتطور حسب الزمان والمكان، وليس نفس تجربة ولاية الفقيه في الجمهورية الاسلامية، وضع العراق مختلف تماماً.

الانسحاب الامريكي من العراق يكون مختلف عن انسحاب امريكا من افغانستان، يكون هناك توقيع اتفاقيات اقتصادية وأمنية مابين العراق وامريكا واعضاء الناتو والصين وروسيا.

بل العراق الجديد فتح مجالات التعاون والاستثمار حتى مع دول الخليج التي ارسلت لنا البهائم المفخخة، بكل الاحوال بايدن في خطاب انسحاب الجيش الامريكي من أفغانستان  قال «الحل هو التعايش مع (طالبان)»، وعليه فإن الانسحاب الأميركي من العراق مختلف عن انسحاب امريكا من افغانستان، اقلها توجد اتفاقيات اقتصادية وأمنية، تربط العراق وامريكا،  امريكا تبحث عن مصالحها وهي غير مهتمة بنشر الديمقراطية والدليل تدعم أنظمة قمعية بدوية متخلفة، إيجاد حل إلى قضية الشعب الفلسطيني في اعطائهم دولة فلسطينية وفق قرارات التقسيم الاممية عامل إيجابي ليعم الأمن والاستقرار بالعراق والخليج واليمن والشام. 

اذا الادارات الأمريكية تقبل تتعايش مع طالبان الظلامية التكفيرية فمن الاسهل التعاون مع العراق الجديد الذي يضم كل المكونات دون اقصاء احد في إيجاد تعاون اقتصادي وامني مابين العراق وأمريكا ودول الناتو.


نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي 

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

6/4/2024

 
 
 
 
 
محرر الموقع : 2024 - 04 - 06