الجالية و خطب صلاة الجمعة ليوم العاشر من شوال (ح 10) (الاسراع الى المغفرة والاحسان)‎
    
د. فاضل حسن شريف
 
صلاة الجمعة ليوم العاشر من شوال:

جاء في خطبة الجمعة باللغة الانكليزية التي أقيمت بمدينة تورنتو الكندية عن (الاسراع الى المغفرة والاحسان) بسم الله الرحمن الرحيم "وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)" (ال عمران 133-134) ابتدأ خطيب الجمعة خطبته باللغة الانكليزية بهاتين الآيتين المباركتين وقال عندما تعلم ان هنالك شيء سيفرحك في مكان ما فستذهب اليه مسرعا فما بالك لو كان هذا المكان جنة وصفها الله تعالى "عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ" (ال عمران 133). وأنت تقرأ في الكتب السماوات تحوي ملايين الشموس التي هي بحجم شمسنا أو أكبر منها، وملايين الكواكب التي بحجم الأرض أو أكبر منها، فعرض الجنة بعرض كل هذه الشموس والكواكب. لذلك وجب عليك الاسراع بالاستغفار والتوبة عندما تذنب بدون تأخير لانك لا تدري متى يقدم عليك الموت الذي اذا جاء لا يوقفه أي أحد.

ولكن الله عز وجل رؤوف رحيم غفار الذنب فيقول لك اذهب مسرعا الى نهري الذي يحوي أوقات الصلوات في اليوم وأيام الجمع وأشهر رمضان لتغتسل منه ولتتطهر من الذنوب، فان الذنوب تغفر بين الصلوات وبين جمعة الى جمعة وبين رمضان إلى رمضان قادم. فالله تعالى يقول "وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" (النحل 118)، و "وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ" (ق 29) فالذي لا يسرع للصلوات اليومية وحضور صلاة الجمعة وصيام رمضان ويطلب من الله مغفرة ذنوبه أليس هذا ظالم لنفسه فالله جل جلاله لا يظلم أحد.

ونتيجة الإسراع لطلب المغفرة والتوبة هي الحصول على تقوى الله سبحانه "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (آل عمران 31)، والتقوى هي مخافته عز وجل. والمؤمن الذي يخاف الله ينفق وقت الرخاء والشدة "الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ" (ال عمران 134) فالانفاق والصدقة هي باب دخول الجنة والا لماذا يقول أهل النار "وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ" (المنافقون 10). وكما ترون الآن في العالم ناس يتضورون جوعا بالاضافة الى العدوان عليهم "انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ" (التوبة 41) فهذا هو الامتحان الذي عليك أن تنجح فيه أو ما يسمى بالفتنة لتصبح من المتقين المحسنين "أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ" (العنكبوت 2).

ولكي تكون من المتقين عليك بكظم غيظك عند الغضب بل أكثر من ذلك العفو عن من ظلمك "وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ" (ال عمران 134). ولا يتطلب كظم الغيظ سوى الاستغفار والتوبة وقت الغضب والذهاب مسرعا للوضوء فتلاحظ اختفاء الشعور بالغضب. فالاحسان ليس فقط ماديا كالانفاق والصدقة وانما كذلك معنويا مثل كظم الغيظ والعفو عن الناس "وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (ال عمران 134).
 
 
محرر الموقع : 2024 - 04 - 20