مليونية بغداد.. رسائل إلى الداخل والخارج
    

تشير التقديرات الى ان نحو ثلاثة ملايين عراقي شاركوا في التظاهرات التي شهدها العراق يوم الجمعة والتي طالبت  بطرد القوات الامريكية بعد الجريمة النكراء التي ارتكبتها بأمر من الرئيس الامريكي دونالد ترامب شخصيا، ضد قادة النصر الشهيد ابومهدي المهندس والشهيد قاسم سليماني ورفاقهما الابرار وسط بغداد.

هذه التظاهرة حملت رسائل عديدة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وهي رسائل ستقف الجهات المرسلة لها امامها طويلا لما تحمل من معان في غاية الاهمية والخطورة.

داخليا اكد العراقيون على اهمية هويتهم الوطنية وعدم التفريط بها، وكذلك على اهمية سيادتهم وعدم التنازل عنها ، كما كشف عن كره العراقيين للمحتلين الامريكيين الذين اظهروا عنجهية وصلفا واستهتارا بارواح العراقيين وبشكل وقح.

لم يُرفع في التظاهرة المليونية الا العلم الوطني العراقي فقط، في تاكيد من العراقيين على ان التظاهرة لا تحمل اي صبغة طائفية اوقومية او مناطقية، فهي تظاهرة وطنية عراقية بامتياز، ترفض تقسيم العراق ارضا وشعبا، وتحذر كل من تسول نفسه بالانخراط في المخطط التقسيمي الامريكي.

اما على الصعيد الخارجي فجاءت اولى هذه الرسائل بمثابة الصفعة التي وجهت الى الرئيس الامريكي ترامب، الذي كان يعتقد ان العراقيين سيمرون مرور الكرام من امام جريمته النكراء لانشغالهم بالفتن التي اثارها بينهم، ناسيا ان العراقيين الذين لقنوا الاستعمار البريطاني قبل مائة عام في ثورة 1920 درسا بالكرامة الوطنية والعزة والشجاعة، على استعداد اليوم ان يلقنونه هو وجيشه المحتل ذات الدرس.

بعد اليوم لن يجد ترامب في داخل العراق من يتجرأ على ان يعقد معه الصفقات لنهب ثروات العراق، او يبرر له وجود قواته في العراق، بعد هذه التظاهرة المليونية التي اخرست الطابور الخامس الامريكي.

التظاهرة اكدت عقم التهديدات الامريكية التي خرجت على لسان اكثر من مسؤول امريكي وعلى راسهم ترامب، من ان لا خيار امام العراقيين الا القبول بوجود القوات الامريكية فالبديل سيكون اسوء ووهو تقسيم العراق، فمثل هذه التهديدات لم تعد لها اي تاثير.

ان على الامريكيين ان يقرأوا رسائل التظاهرة المليونية بكل دقة، فهي لا تمثل الا جانبا واحدا من الرد العراقي الذي يتوالى على انتهاك امريكا للسيادة العراقية وقتلها ابناء العراق الابرار بدم بارد، وليس من الحكمة تجاهل التظاهرة المليونية التي شهدتها بغداد يوم الجمعة، لان التظاهرة تخاطب العالم الغربي وعلى راسه امريكا، باللغة التي من المفترض ان يفهمها وهي اللغة الديمقراطية، الا يكفي ان يخرج نحو 3 ملايين عراقي يطالب بخروج القوات الامريكية من بلاده، لاقناع الغرب للرضوخ لارادة الشعب العراقي؟! الا يجب ان يحترم الغرب الوسائل الديمقراطية التي يؤمن بها ويقدسها؟!!! .

فيروز بغدادي

محرر الموقع : 2020 - 01 - 24