تقرير فرنسي: تحديات جدية جديدة تواجه العراق بعد الانتصار على تنظيم داعش
    

مع تصاعد الصراع بين القوى السياسية وكلما اقترب موعد الانتخابات المقررة في أيار/مايو المقبل، تستمر الخلافات بين الأحزاب في البرلمان حول العديد من القضايا أبرزها المصالحة الوطنية وإعادة النازحين وإعمار المدن المدمرة وإزالة آثار تنظيم داعش إضافة إلى الخلاف حول الميزانية المعطلة في البرلمان منذ أشهر.

 على الصعيد الامني، صدرت تحذيرات دولية من احتمالات ظهور تنظيمات إرهابية جديدة في المنطقة بعد القضاء على داعش حيث حذر وزير الخارجية الأميركي تيلرسون من تمرد جديد لتنظيم داعش الذي قال انه خطر لا يزال قائما، مؤكدا ان "نهاية عملياتنا العسكرية ضد مسلحي داعش لا تعني نهاية التنظيم الحتمية". كما أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ ان "الحلف مستعد للاستجابة لدعوة وجهتها الولايات المتحدة له لتوسيع مهمة التدريب التي يقوم بها في العراق".

يأتي ذلك بالتزامن مع إطلاق قوى شيعية حملة ضد التواجد العسكري الأميركي في العراق ضمن قواعد ثابتة، فبعد ان هدد زعيم حركة العصائب، قيس الخزعلي، باستهداف القوات الأميركية في العراق، مؤكداً على رفض استمرار الوجود العسكري الأميركي في البلاد بعد القضاء على تنظيم داعش، فقد أكد رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان حاكم الزاملي (من التيار الصدري)، أن واشنطن تعمل على إنشاء قاعدة جديدة قرب منفذ الوليد في الأنبار على الحدود السورية في المنطقة الصحراوية الواسعة، لتكون قريبة من سوريا، لإحداث توازن في الصراع الدائر هناك مع روسيا وإيران، داعيا إلى خروج القوات الأميركية من العراق.

وكانت القوات الأميركية انسحبت من العراق في عام 2011 ولكنها عادت وأرسلت آلافا من المستشارين والخبراء الأميركان إضافة إلى الطائرات لدعم القوات العراقية بعد ظهور تنظيم داعش في آب/اغسطس 2014.

وضمن السياق، حذر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير خلال مؤتمر الكويت، من "خطر ظهور تنظيمات إرهابية من رحم داعش، بعد أن تم القضاء عليه في العراق وتحجيم نفوذه في سوريا" منتقدا "الوجود الإيراني في العراق" الذي وصفه بانه "مدمر وليس بنّاء" ومعتبرا "التدخلات الإيرانية في العراق" أنها "تشكل خطراً عليه وعلى وحدته واستقراره وأمنه".

وعن ملف الأزمة بين بغداد وإقليم كردستان، لم تتردد حكومة الإقليم في محاولة استثمار مؤتمر الكويت للضغط الدولي على بغداد للاستجابة لمطالب الإقليم وحل المشاكل بينهما، حيث وصل وفد الإقليم إلى الكويت قبل وفد بغداد وأجرى اتصالات بهذا الشأن مع الوفود الأجنبية، وقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة في مؤتمر الكويت إلى أهمية تحقيق المصالحة الوطنية وضمان حقوق كل المكونات لتشجيع الدعم الدولي للعراق، كما أكد وزير الخارجية الأميركي تيلرسون في المؤتمر ضرورة حل المشاكل العالقة بين بغداد والإقليم بالحوار، إلا ان هذه الدعوات لا يبدو انها تجد صدى ملموسا، حيث أعلن النواب الكرد مقاطعة جميع جلسات البرلمان الخاصة بمناقشة ميزانية 2018 بسبب عدم الاستجابة لمطالب الإقليم وسط اتهامات كردية لبغداد بعدم الجدية في الحوار.

وفي مؤشر على المخاطر والتحديات التي تواجه العراق حاضرا ومستقبلا، أعلنت الأمم المتحدة أن القنابل غير المنفلقة ستظل منتشرة في مدينة الموصل لعقـد من الزمن، مما يعرض للخطر مليون مدني أو أكثر يـريدون العودَة إلى موطنِهم، كما أكدت منظمة يونيسيف، ان "أكثر من 21400 منزل في مدينة الموصل تضررت أو دمرت بشكل كامل، وأن عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية في عام 2018 بلغ 8،7 مليون شخص، فيما كان عدد النازحين حتى الآن بسبب الصراع نحو 2،5 مليون شخص".

ودعت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو" إلى تمويل عاجل لمساعدة مليون و600 ألف عراقي، مشيرة إلى أن العراق خسر 40 في المئة من إنتاجه الزراعي، وقالت المنظمة في بيان إن هناك 12 مليون عراقي يعيشون في مناطق ريفية ويشكلون ثلث سكان العراق ويعتمدون على الزراعة في معيشتهم، وان هؤلاء تضرروا نتيجة الحرب على داعش والنزوح وإهمال أراضيهم.

ومع تنوع ازمات العراقيين، فقد برزت هذه الأيام مشكلة جدية تتمثل في النقص الحاد في مياه الأنهار، فقد طالب نواب وأحزاب وأهالي المناطق الوسطى والجنوبية، من البرلمان، بحث الانخفاض الكبير في مستوى مياه الأنهار محذرين من تداعيات خطيرة على الزراعة وحياة المواطنين، داعين الحكومة للتحرك وانقاذ الموقف قبل فوات الأوان.

واندلعت تظاهرات واسعة في مدن الجنوب ووصلت إلى بروز مشاكل ونزاعات وصلت حد التهديد باستخدام السلاح بين المحافظات في الخلافات حول الحصص المائية والتجاوز عليها. وفي الإطار، أكد حزب المؤتمر الوطني العراقي، أن قضية المياه خصوصاً في محافظات الوسط والجنوب تحولت إلى قضية مصيرية وطنية.

وأكد الحزب ان "هذه القضية تمثل جرس إنذار بمنتهى الخطورة"، عازيا سبب الأزمة إلى انحباس المطر، وقلة مياه الأنهار القادمة من بلدان مجاورة وعدم عقد اتفاقيات ملزمة معها، إضافة إلى غياب خطط استراتيجية للحفاظ على هذه الثروة الثمينة.

محرر الموقع : 2018 - 02 - 18