ندوة الجمعية العربية للثقافة والفنون في مدينة كاردف‎ البريطانية
    

أقامت الجمعية العربية للثقافة في ويلز ومقرها في كارديف، (عاصمة مقاطعة ويلز)، أمسية شعرية للشاعرة العربية السعودية المعروفة اعتدال الذكرالله ،وذلك يوم السبت المصادف الثامن من شهر سبتمبر أيلول الحالي. وحضر الأمسية جمهور غفير من محبي الأدب والثقافة. وقدّم الدكتور عامر هشام الصفار رئيس الجمعية الشاعرة اعتدال لجمهورها قائلا: " ها هي بينكم اليوم الشاعرة العربية المتميزة وابنة الواحة الطيبة في أحساء السعودية، أرض الفكر والإبداع والإيمان، جاءت لتلتقي جمهورها في ويلز فتقرأ من دواوينها قصائدها القلائد على جيد المبدعات العربيات. فتحية للمرأة العربية والسعودية خاصة وهي تستمر في الفعل الإبداعي بما يعطي الدليل على حيوية الأمة وإمكانياتها في صنع مستقبل زاهر". وقد رحّب شاعر الجمعية العربية للثقافة في ويلز احمد الطيف بالشاعرة الضيف في قصيدة له جاءت بعنوان، لسان القوافي، جاء فيها:

طبعُ النساءِ على مدى الأعوامِ
وهج الجمالِ وثورةُ الأحلامِ
لكنَّ في شخصِ( اعتدالِ)مواقفٌ
لا تنطوي إلا بفكرٍ سامِ
وصلتْ إلينا والقريضُ لسانُها
والقلبُ يشغلهُ هوى الإسلامِ
ماذا أقولُ وانتِ وجهُ نسائنا
في الرأيِ والتقديمِ والإعلامِ
تحلو الأماسي لو تلوتِ قصيدةً
فهيَ الدواءُ لعلّةٍ وسقامِ
والرأيُ للنقّادِ حولَكِ مجمعٌ
والفوزُ غصنٌ دائمُ الأكمامِ
جدّدتِ عهدَ عكاظِنا بشموخهِ
وعزفتِ لحناً دافئ الأنغامِ
فَقَدِمتِ اهلاً في ضيافتِنا هنا
والقلبُ اطيبُ منزلِ ومقامِ
وقدّم الدكتور عبد الرضا عليّ، الناقد الأدبي الجامعي ومستشار الجمعية العربية للثقافة في ويلز دراسة نقدية ضافية حول الغنائية في ديوان "واسمتطرتك عشقا" للشاعرة اعتدال ذكرالله حيث فصّل في محاور الديوان واصفا شعر ذكرالله بأنه رومانسي جريء من سيدة سعودية تبث وجدها الروحي ببوح غير هيّاب، وجعلَ قراءته النقديّة في أربعةِ محاور :
أوّلاً- معظم قصائد هذه المجموعة تدورُ حولَ محورِ الوجدِ الروحي، والذوبانِ في المحبوبِ على نحوٍ جريء في التناول، من غير غموضٍ أو تعتيمٍ أو تردّد، وهي تقدّمُ بطلةً غير هيّابةٍ في البوحِ، أو كشفِ ما في الأعماق، واستشهدَ بنماذج من قصائدها في هذا المحور.
ثانياً- أخيلةُ بعضِ قصائد هذه المجموعة أخيلة جامحة لأجواءَ ساحرة عكستها مناظر طبيعيّة معيّنة، لاسيّما ما كانَ منها متعلّقاً بخصوصيّات أمكنةٍ أثيرة لدى الذات الشاعرة، وما له علاقة وطيدة بعشقِ الطبيعة، والهيام بها، واستلهامها في بناء الصور الرومانسيّة.
وهذا الميل في حقيقته ميلٌ وجداني (غنائي)، وهو تعبيرٌ عمّا في أعماق الشاعرة من عواطفَ نحوَ جمال الطبيعة التي تراها فردوسها الأرضيّ ، لذلك أنسنت تلك الأمكنة، ووظّفت أجواءها الحالمة في رسمِ لوحاتٍ باهرةِ الألوان، كما في : "مشقيتا" و" وِرد الثقافة" و" عشق هَجَري" و " الباحة."
ثالثاً- بعضُ قصائدِ هذه المجموعةِ الشعريّةِ تحتفي على نحوٍ تبجيلي برموزٍ شعريّةٍ 
كبيرةٍ أثّرتْ إنجازاتُها القيّمة في الحركة الشعريّة المعاصرة، وشاركت في تكوينِ ذائقةٍ شعريّةٍ سليمةٍ لجيلٍ، أو أكثر من الشعراءِ المريدين المتأثرين بتلكَ الإنجازات الإبداعيّة، سواءٌ أكانَ ذلكَ التأثّر في بنيةِ النسيجِ، أم في آفاقهِ الجماليّة.
وهذا الاحتفاءُ يؤكّدُ فيما يؤكّدُ اعترافاً ضمنيّاً بدورِ تلكَ الرموزِ في تهيئةِ الاكتسابِ الضروري لتطويرِ ما في الذات الشاعرة المتأثرة من فطرةٍ، أو استعداد، واستشهد بنماذجَ من تلك القصائد التي احتفت بتلك الرموز ، وشاركت بتطوير ذائقتها الشعريّة.
رابعاً-ثقافة اعتدال الذكر الله التراثيّة شكّلت ملمحاّ تفيّأت ظلاله ذاتها الشاعرة في ما سمّي عند البديعيين بـ"ردِّ الأعجاز على الصدور"، ،وهو أن يجعل الشاعر أحد اللفظين المكرّرينِ، أو المتجانسينِ، أو المشتقّينِ في الشطر الأوّل، ويجعل الثاني في الشطرالثاني، وقد بيّن ذلكَ تطبيقيّاً.
خامساً- معظمُ إيقاعاتِ قصائدِ الشطرينِ في هذه المجموعةِ جاءت على البحورِ الصافيةِ، وهذا دليلٌ على اهتمامِ الشاعرةِ بالأوزانِ الغنائيّةِ الانسيابيّةِ المنغّمةِ،ولعلّ مردّ هذا الاهتمام إلى ارتياحِ نفسيٍّ في وعي الشاعرةِ ولا وعيها، جعلها تُكثرُ في استخدامها، أمّا البحورُ المركّبةُ فقد جاءت تاليةً من حيث الكمّ والتراتب؛ أمّا قصائد الشاعرة في الشعر التفعيلي، فإنَّ أربعاً منها كانت على الوافر بتشكيليهِ الصحيح والمجزوء،وهي: "عُدنا"، و "رحلة في مدينة غازي القصيبي"، و"زهو أخيلة"، و " في تصوير الروح جاثمة"، وإنَّ اثنتينِ منها كانتا على الرّملِ، وهما: " ذكّرَتْني"، و " احتراق في بوتقةِ العشق"، بينما نظمت قصيدة واحدةً في المتدارك المضمر، هي: "هذيان" ، وواحدة تداخلت فيها أكثر من تفعيلة، هي: 
" في مهبِّ الذكريات" فقد تداخلت فيها تفعيلات :الكامل،والرجز، والرمل، وغيرها.
وذكر أنّ الشاعرة اعتدال عارضت مادحة قصيدة شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري " يا دجلة الخير" ذات المستهل المعروف:
حييّت سفحك عن بعد فحييني
يا دجلة الخير يا أمَّ البساتينِ
فقالت اعتدال ذكرالله:
حيـيَتُ شِعرَكَ يا عِشقَ الملايــينِ
يا ابنَ الفراتِ ويا زهوَ السلاطينِ

يا آيـــــةَ الفنِّ في إعجازِ أحرُفِنا
قد صاغَكَ اللهُ بيــــنَ الفاءِ والنّونِ

حيّـيتَ "بغدانَ"عن بُعدٍ تُـــغازِلُها
في غابةِ الوجدِ في عشقٍ لمجنونِ 

يا بهجةَ الشـــــعرِ يا إيقاعَ نغمتِهِ
يا بلسمَ الجُرحِ يا أزهارَ نســــرينِ

يا نازِحَ الدارِ يا ســـــــلوى أحبّتِهِ
يا عازِفَ النايَ في ليــــلِ المفاتينِ

جواهرُ المجدِ من أشعارِكَ انبعثتْ
يا ابنَ الأشـاوسِ من غُرِّ الميامينِ

وابنَ الفراتِ وفيكَ الخيرُ سامِقُــهُ
فيكَ الكرامةُ قد جاءتْ تُحييـــــني

فاهــنأ بِمجدِكَ إذ طرَّزتَــــهُ ألقـــاً
قد فاحَ منهُ عبيرُ الروضِ يُغريني

وراحت يمامة الأحساء الشعرية تشنّف أسماع الحاضرين شعرا فقالت من قصيدة لها بعنوان مشقيتا (مصيف سوري):
سكن الجمال بعينك النجلاء
فبدا الكمال بحلّة الأضواء
وتبسّم الثغر المورد لهفة
للحب للأشواق للأنداء
وجه الطبيعة ضاحك مستبشر
يحكي الجمال بقصة العذراء
تلك التي ما أفتض بعد جمالها
وتسربلت مجلوة بزهاء
وكانت للجمهور الثقافي في ويلز فرصته في جلسة سؤال وجواب مع الشاعرة ذكرالله حيث ركزّت أغلبية الأسئلة على تجربة الشاعرة السعودية والمدى الذي تساهم به المرأة الكاتبة السعودية في الواقع الثقافي في المملكة.

 

محرر الموقع : 2012 - 10 - 23