قيادة النمسا الدورية للاتحاد الأوروبي تثير المخاوف حول الهجرة
    
بعض الأطراف الأوروبية متخوفة من قيادة النمسا للاتحاد لستة أشهر، في وقت يشهد التكتل الكثير من الشقاقات بسبب أزمة الهجرة التي حذرت من تداعياتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وأعلن النائب الأوروبي البيئي، فيليب لامبيرتس، في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ هذا الأسبوع أن المستشار النمساوي سيباستيان «كورتز وحكومته يلعبان على وتر المخاوف ويزرعان الشقاق داخل الاتحاد الأوروبي». ووجه النائب الأوروبي الليبرالي رئيس الوزراء البلجيكي السابق، غي فيرهوفشتاد، الثلاثاء في البرلمان الأوروبي في ستراسبروغ تحذيراً إلى كورتز قائلاً: أن تكون رئيساً للمجس أمر يختلف قليلاً عن أن تكون مستشاراً للنمسا. عليك بناء جسور وعقد تسويات».

وندد رئيس كتلة النواب الأوروبيين الاشتراكيين، أودو بولمان، بكورتز، معتبرا أن حزب الشعب الأوروبي «يقودنا على طريق الخوف والانقسام». ومن جهته، وصف اليسار الراديكالي المستشار النمساوي بأنه «أوروبان بوجه طفل»، في إشارة إلى رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان المعادي بشدة للمهاجرين.

لكن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أثنى على تولي كورتز قيادة الاتحاد الدورية، معلناً أن «الحكومة النمساوية الجديدة مؤيدة بوضوح لأوروبا؛ ولهذا السبب ليس هناك إطلاقاً ما يدعو إلى القلق». وأوضح، أن ائتلاف كورتز لا يشبه إطلاقاً الائتلاف الذي تشكل عام 2000 حين تحالف «حزب الشعب النمساوي» اليميني المحافظ لأول مرة في النمسا مع «حزب الحرية النمساوي» اليميني المتطرف بزعامة يورغ هايدر. وفي ذلك الحين، أثار وصول حزب الحرية إلى السلطة في البلد الذي ولد فيه أدولف هتلر صدمة حقيقية، وحمل الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات لأشهر عدة على فيينا. لكن يونكر قال، إن الحكومة الحالية في عام 2018 «لديها برنامج مؤيد بوضوح لأوروبا، تلك لم تكن الحال عام 2000».

ويشير مدير «معهد جاك دولور» سيباستيان مايار إلى المخاطر التي تشكلها الرئاسة النمساوية للاتحاد الأوروبي للأشهر الستة المقبلة. وأوضح مايار لوكالة الصحافة الفرنسية، أنها «ليست هذه أول مرة يكون فيها حزب من اليمين المتطرف مرتبطاً بالسلطة في بلد من الاتحاد الأوروبي، لكن الظروف السياسية مختلفة للغاية؛ لأنه يحظى لأول مرة بحلفاء عدة حول طاولة المجلس الأوروبي الذي يضم الدول الـ28، أبرزها إيطاليا وبلغاريا وفنلندا، ويمكنه بالتالي الاستناد إلى دعائم كثيرة». وتوقع مايار أن «تكون مسألة الهجرة موضوعاً مهماً لأحزاب اليمين واليمين المتطرف في الاتحاد الأوروبي مع اقتراب الانتخابات الأوروبية» في مايو (أيار). غير أن القيادي المحافظ الشاب البالغ من العمر 31 عاماً والحاكم منذ أكثر من ستة أشهر في فيينا، يحظى بدعم كبير من حزب الشعب الأوروبي، الحزب اليميني الذي يملك الغالبية في البرلمان الأوروبي والذي ينتمي إليه.

وأعلن كورتز، أمس (الخميس) عزم بلاده وألمانيا إغلاق طرق البحر المتوسط التي يسلكها اللاجئون بالتعاون مع إيطاليا. وقال كورتز بعد لقاء مع وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر بالعاصمة النمساوية فيينا، إنه من المقرر أن يكون هناك لقاء الأسبوع المقبل لوزراء داخلية الدول الثلاث في مدينة إنسبروك النمساوية لمناقشة هذا الأمر. وقال زيهوفر، أمس، إن ألمانيا والنمسا وإيطاليا ستعقد محادثات الأسبوع المقبل لبحث كيفية «إغلاق» المسار الجنوبي للمهاجرين إلى أوروبا، وتعتزم العمل معاً على هذا الأمر. وقال زيهوفر بعد اجتماع مع المستشار النمساوي، إن خطط الحكومة الائتلافية الألمانية لفرض إجراءات جديدة بشأن الهجرة على حدودها لن تجعل النمسا مسؤولة عن الواصلين إلى هناك الذين طلبوا بالفعل اللجوء في دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبي. وقال كورتز، إن الجانبين اتفقا على أن الخطط الألمانية على الحدود لن تضر النمسا.

وعلى صعيد متصل، بدأ فيكتور أوروبان زيارة إلى برلين أمس، في الوقت الذي يحقق فيه مؤيدو سياسات متشددة إزاء المهاجرين مكاسب في أوروبا. وتجد المستشارة الألمانية نفسها مضطرة إلى التكيّف مع هذا التيار. وكتبت صحيفة مجرية مقربة من النظام مؤخراً «حدث لا يصدق: أنجيلا ميركل طلبت مقابلة من فيكتور أوروبان وليس العكس»، مضيفة «تغير اتجاه الرياح في أوروبا»، ومشيرة إلى «تراجع» المستشارة.

على مدى سنوات جسدت ميركل ورئيس الحكومة المجرية قطبين متناقضين على صعيد سياسة اللجوء في أوروبا: من جهة رغبة في استقبال سخي لطالبي اللجوء الفارين من النزاع في سوريا في 2015، ومن جهة أخرى رفض قاطع للهجرة باسم الدفاع عن قيم أوروبا المسيحية.

لقد تغيرت الأوضاع، فمنذ فترة قصيرة كان أوروبان يندد بـ«الإمبريالية الأخلاقية» لميركل قبل أن يصبح أحد مهندسي إغلاق «طريق البلقان» التي كان يقصدها غالبية المهاجرين القادمين من اليونان من أجل أن يبلغوا دول غرب أوروبا.

وتمكن أوروبان تدريجياً من فرض أفكاره على سائر الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بملف الهجرة، وساعده في ذلك وصول اليمين المتطرف إلى الحكم في الكثير من الدول على غرار النمسا وإيطاليا، وتمكنه من تحقيق اختراقات في دول أخرى مثل ألمانيا. وشكلت القمة الأوروبية التي خصصت الأسبوع الماضي لقضية الهجرة تكريسا إلى حد ما لأوروبان الذي رحب بـ«النجاح الكبير» لنظرياته. إلا أن ميركل نفت أي تحوّل وقالت الأحد «ليس صحيحاً أننا نغلق الأبواب» أمام المهاجرين، لكن من المهم «فرض مراقبة أفضل» على دخولهم.

- نقل مجموعة من المهاجرين من مالطا إلى فرنسا

> قال رئيس وزراء مالطا، جوزيف موسكات، إنه تم نقل 52 مهاجراً، من بينهم مهاجرون تم إنقاذهم من قارب أثار خلافاً دبلوماسياً، أمس (الخميس) من مالطا إلى فرنسا. وتم نقل المهاجرين بموجب اتفاق خاص بذلك بين تسع دول لتقاسم 230 مهاجراً وصلوا إلى مالطا في 27 يونيو (حزيران) الماضي. كانت السفينة «إم.في لايف لاين» قد رست في جزيرة مالطا بعد خلاف استمر ستة أيام بين إيطاليا ومالطا، الذي أثار أزمة أخرى حول الهجرة في الاتحاد الأوروبي. وجرى حل الأزمة بعد الاتفاق على تقاسم المهاجرين بين فرنسا، وآيرلندا، وإيطاليا، والبرتغال، ولوكسمبورج، وهولندا، وبلجيكا، والنرويج، ومالطا. وقال موسكات في تغريدة على «تويتر»، إن «تقاسم المسؤولية وعمليات إعادة (المهاجرين) هو أمر ممكن ويمكن تنفيذه بشكل إنساني وفاعل». وصرح متحدث باسم حكومة مالطا لوكالة الأنباء الألمانية، بأنه لم يتضح بعد أعداد المهاجرين الذين سوف تستقبلهم كل من الدول الثماني الباقية. وقال المتحدث: «سوف يأتي مندوب من كل دولة إلى مالطا ليتسلم نصيب بلاده (من المهاجرين».
 
 
محرر الموقع : 2018 - 07 - 06