تحقيق بريطاني يسلط الضوء من جديد على خفايا اطلاق سراح القطريين في العراق
    

سلطت شبكة "بي بي سي" البريطانية الضوء من جديد على صفقة إطلاق سراح الصيادين القطريين في العراق، مشيرة إلى ان قطر دفعت أكثر من مليار دولار لجماعات منها  كتائب "حزب الله" في العراق واستخدمت الخطوط القطرية لنقل الأموال التي سلمت نقدا لتلك الجماعات.

وأوضحت الشبكة في تقرير لها، نشر أمس الثلاثاء، 17 تموز 2018، ان قائمة  أسماء المختطفين كانت تضم اثنين من أقارب محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الذي كان سيعين وزيرا للخارجية في قطر، وحينها كتب إلى السفير القطري ببغداد زايد الخيارين يطالبه بمتابعة موضوع الصيادين القطريين المختطفين في العراق.

 وتضاربت الآراء حول ما حصل بعد ذلك، فبعض الروايات تقول إن قطر وافقت على دفع فدية بلغت مليار دولار لإطلاق سراح الرهائن، وتقاضى هذا المبلغ جماعات وأشخاص تصفهم الولايات المتحدة بأنهم "ارهابيون"،  من بينهم كتائب حزب الله في العراق - التي قتلت عسكريين أمريكيين باستخدام عبوات ناسفة - والجنرال الإيراني قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والخاضع لعقوبات أمريكية وأوروبية بصفته الشخصية، وكذلك هيئة تحرير الشام السورية، "جبهة النصرة" سابقا.

 لكن الرواية القطرية لا تشير إلى دفع أي أموال "لإرهابيين"، وإنما للحكومة العراقية، وحسب هذه الرواية، ما زال هذا المبلغ مودعا في المصرف المركزي العراقي ببغداد رغم عودة كل الرهائن إلى قطر.

وأشار تقرير "بي بي سي" إلى ان مسيرة المفاوضات المضنية لإطلاق سراح المخطوفين القطريين تتضح في الرسائل النصية والصوتية التي جرى تبادلها بين وزير الخارجية القطري وسفيره ببغداد والذي منحته حادثة الخطف فرصة لتحسين موقعه.

وفي تفاصيل عملية الخطف يوضح التقرير أن المخطوفين سافروا إلى العراق لممارسة هوايتهم في الصيد بالصقور، وكان قد طلب منهم التخلي عن فكرة الذهاب إلى العراق، وخلال تواجدهم في إحدى مناطق جنوب العراق اقتحمت مخيمهم الصحراوي مجموعة من الشاحنات المزودة بمدافع رشاشة، حيث قال أحد الرهائن لاحقا لصحيفة "نيويورك تايمز"، "ظننا أن تنظيم داعش هو الذي هاجم مخيمنا، ولكن هذا الاعتقاد تبدد عندما استخدم أحد الخاطفين لفظا شيعيا مهينا للسنة ضد المخطوفين".

وتابع أنه مرت أسابيع عديدة لم تسمع فيها الحكومة القطرية أي خبر عن مصير رعاياها المخطوفين، وفي آذار 2016، علم مسؤولون قطريون بأن الخاطفين ينتمون إلى كتائب حزب الله وهو تنظيم عراقي مسلح تدعمه إيران، وجاء ذلك في رسالة نصية بعث بها السفير الخيارين إلى محمد بن عبدالرحمن، قال فيها" أعيدوا الينا 14 من رجالنا، وسوف نعطيكم نصف المبلغ".

وبعد خمسة أيام من ذلك، قالت الكتائب إنها مستعدة لإطلاق سراح ثلاثة من الرهائن، ورد السفير القطري ببغداد حينئذ، "إنهم يسعون إلى الحصول على تعبير عن حسن النية من جانبنا أيضا. هذه علامة جيدة تشير إلى أنهم مستعجلون ويريدون انهاء الموضوع بسرعة"، وتوجه بعدها بيومين، السفير القطري الى المنطقة الخضراء في بغداد  التي كانت تشهد حينها تظاهرات لأنصار التيار الصدري للاحتجاج على الفساد الحكومي، مما أكسب مفاوضات إطلاق سراح الرهائن قدرا كبيرا من التوتر.

انتظر السفير الخيارين وقتا طويلا، فلم تأت أي اشارة تدل على إطلاق سراح الرهائن، عندها كتب لوزير الخارجية  قائلا "هذه هي المرة الثالثة التي آتي فيها إلى بغداد في هذه القضية، ولم أشعر بخيبة أمل كما أشعر الآن. ولم أشعر بالاجهاد الذي أشعر به هذه المرة. لا أريد أن أغادر بغداد دون الرهائن"، لكن الخاطفين حضروا في نهاية المطاف، ليس بصحبة الرهائن ولكن بذاكرة إلكترونية تحتوي على تسجيل مصور لرهينة واحدة.

وفي التفاصيل تبين أن الخاطفين قد فصلوا الرهائن عن بعضهم البعض، حيث وضعوا أفراد الأسرة القطرية الحاكمة في سرداب مظلم غير ذي شبابيك، أما أصدقائهم غير المنتمين للأسرة الحاكمة وغير القطريين فقد أخذوا إلى مكان آخر وعوملوا معاملة أفضل.

وأشارت الرسائل النصية والصوتية إلى أن الخاطفين زادوا مطالبهم وعدلوها أكثر من مرة، فعلى سبيل المثال طالبوا بأن تتخلى قطر عن التحالف الذي تقوده السعودية لقتال الحوثيين في اليمن، وأن تسعى قطر لاطلاق سراح العسكريين الإيرانيين الذين كان يحتجزهم المعارضون في سوريا، لكن المطالب كانت دائما تتمحور حول المال، وإضافة إلى الفدية الرئيسية، كان زعماء كتائب "حزب الله "يطالبون بمبالغ لأنفسهم أيضا.

وتابع التقرير انه وبدءا من نيسان 2016، بدأ جديد بالظهور في الاتصالات بين وزير الخارجي القطري وسفيره، وهو اسم " قاسم سليماني" قائد فيلق القدس، و كانت مطالب الخاطفين قد وصلت إلى رقم هائل هو مليار دولار، وكتب السفير إلى وزير الخارجية قائلا "التقى سليماني بالخاطفين وضغط عليهم لقبول مبلغ المليار دولار، ولكن الخاطفين لم يردوا عليه نظرا لحالتهم المادية، سيعود سليماني للتفاوض معهم، كما ان سليماني منزعج جدا من سلوك الخاطفين".

وفي شهر تشرين الثاني 2016، دخل عامل جديد على سير المفاوضات، إذ طالب سليماني قطر بالمساعدة في تنفيذ الاتفاق المعروف "باتفاق البلدات الأربع" في سوريا، في ذلك الوقت كانت بلدتا مضايا والزبداني السنيتان الواقعتان قرب الحدود مع لبنان تخضعان لحصار القوات الحكومية السورية مدعومة بقوات من حزب الله اللبناني وإيران بينما كانت بلدتا كفريا والفوعة الشيعيتان في ريف محافظة إدلب بشمالي سوريا تحت حصار فصائل من المعارضة السورية التي كانت تدعهما قطر، من بينها جبهة النصرة، وبموجب الاتفاق خرج الآلاف من البلدات الأربعة بينهم عدد كبير من المقاتلين.

وفي رسالة أخيرة، ذكر تبادل آخر لفدية قدرها مليار دولار في كانون الثاني عام 2017 ، إلى جانب رقم آخر بقيمة 150 مليون دولار.

الجدير بالذكر ان أزمة المختطفين القطريين انتهت في نيسان من العام 2017،  حين وصلت طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية القطرية إلى العاصمة العراقية بغداد حاملة مئات ملايين الدولارات إلى الوسطاء وعادت بالرهائن حسبما أكد مسؤولون قطريون.

 وأكدت مصادر أن مبلغ مليار و150 مليون دولار أمريكي تم دفعه بالفعل، وانتهت الصفقة بإجلاء السكان من البلدات السورية الأربع ثم بإطلاق المخطوفين القطريين في 21 نيسان 2017

محرر الموقع : 2018 - 07 - 18