عراقيو هامبورغ.. الحنين إلى الجذور
    

هامبورغ - جعفر النصراوي

لا اشعر بانني احمل جنسية اجنبية الا في المطار حين اسافر ،هذا ماقاله مؤيد الحفار (65 عاما) العراقي المولد الالماني الجنسية الذي قضى اكثر من اربعين عاما في هامبورغ ، المدينة اﻻلمانية ذات التاريخ العريق يقطنها اليوم اكثر من مليون و 800 الف انسان ثلث هذا العدد من الوافدين الاجانب يتقدمهم اﻻتراك والروس والافارقة ويأتي العراقيون بعدهم يليهم اﻻسيويون واﻻيرانيون من حيث العدد والعراقيون رغم كثرتهم الا انهم لم يتخذوا منطقة موحدة للسكن اسوة بعراقيي برلين وكيل ودورتموند وباقي المدن الالمانية ،ويتابع الحفار حديثه (للصباح). “انني اعيش هنا وهامبورغ لم تكن بهذه السعة، عملت سائقا لاحدى سيارات اﻻجره طوال 25عاما وكلما شاهدت تحديثا او اضافة في المباني ينتابني شعور بالغصة في ان هذا التقدم ليس هناك مثله في بغداد الحبيبة مسقط رأسي وشاهدة صباي” ، بين الحفار انه “غادر العراق وهو شاب هربا من بطش الديكتاتورية التي ساقت العراق الى حرب خاسرة، لاناقة للمواطن فيها ولاجمل وتجنيد الشباب في حينها كرها للذهاب الى محرقة وموت محتم على سواتر تشتعل باللهب”.

وعلى الرغم ان تعداد العراقيين في هامبورغ قد تجاوز الثلاثين الف عراقي الا انهم ليس لديهم مكان عام كملتقى اجتماعي للتواصل وانما اقتصرت اللقاءات على جماعات من عشرة اشخاص او اكثر بقليل ينتهزون عطلة نهاية الاسبوع للقاء في احد مقاهي المدينة للحديث عن العراق واهله ومجريات اﻻحداث فيه .
وهكذا تواجدت الصباح في مقهى( روكس ) في برلينرتور احدى ضواحي هامبورغ لتلتقي باشخاص مازالت سحنتهم الشرقية مميزة ولهجتهم العراقية التي توزعت بين ابن الناصرية وابن كركوك وابن بغداد وابن العمارة ،كل منهم يحاول ان يتمسك جهد امكانه بلهجته اﻻم ويطرح افكاره من خلالها،التقينا في المقهى بصفاء العبادي (44 عاما) خريج كلية القانون جامعة بغداد الذي وفد الى المانيا قبل خمسة عشر عاما، منحدرا من مدينة الناصرية ليحدثنا عن تجربته ،قائلا “انه جاء الى المانيا بعد ان تمكن بشق اﻻنفس عبر كردستان العراق بالنفاذ الى تركيا ومن بعدها اليونان حتى استقر به المقام في هامبورغ في رحلة شاقة ومضنية واجه فيها صعوبات كثيرة ومع ذلك هو اليوم يحلم كل ليلة بالعودة للعراق كونه لايشعر بانتمائه الا هناك، رغم انه تزوج من فتاة عراقية ولديه عمل واموره المعيشية مستقرة”
واضاف العبادي ان “الحياة في العراق سهلة من الناحية اﻻجتماعية مقارنة بالمانيا والغرب عموما وفيها روابط اسرية وعشائرية، نفتقدها هنا، ولكن للاسف العيش في العراق غير مأمون العواقب، نتيجة السياسات المتبعة التي ما ان تنتهي من حرب حتى تدخل اخرى مايجعل اﻻستقرار املا بعيد المنال”. العبادي ينتظر نهاية اﻻسبوع بفارغ الصبر رغم مشاغل العمل وهمومه طوال اﻻسبوع ليأتي الى هذا المكان للقاء اصدقائه وكأنه يرى العراق .
وهناك مقاه عديدة تنتشر هنا وهناك في هامبورغ وقد شكلت ملتقى للعراقيين محبي الموسيقى، اذ يصدحون فيها بغناء خوالد الطرب العراقي اﻻصيل مثل “مرينه بيكم حمد .وياطيور الطايره ..وجذاب” وغيرها من اغاني سبعينيات القرن الماضي وثمانينياته.
جميع من التقتهم الصباح في هامبورغ يجدون ان هويتهم العراقية مصدر فخرهم وانهم يحاولون جهد اﻻمكان التمسك بها لكنهم يخشون ان تفقد هذه الهوية شيئا بعد ولادة اجيال جديدة اجبرتها الحياة العملية على الاندماج في المجتمع اﻻلماني والتطبع بعاداته.

محرر الموقع : 2016 - 01 - 19