الندوة الفكرية التي اقامتها مؤسسة الامام (ع) بمناسبة الذكرة السنوية الثانية لأنطلاقة فتوى المرجعية العليا بالدفاع الكفائيّ لحفظ العراق ومقدساته
    

بمناسبة حلول الذكرى السنوية الثانية لأنطلاقة فتوى المرجعية العليا بالدفاع الكفائيّ لحفظ العراق ومقدساته، والتي حولت المجتمع العراقي الى مشروع كفاح، حيث لبى الغيارى من ابناء الوطن هذا النداء والتحقوا بسوح الوغى وأظهروا من البسالة ورباطة الجأش ما يرهبون به عدو الله وعدوهم غير آبهين بكل من حاول أن يثني عزيمتهم، لأنهم رجال الله حقاً (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ )) 

وبرعاية ممثل المرجعية العليا في أوروبا سماحة العلامة السيد مرتضى الكشميري ومشاركة سماحة الدكتور خالد الملا رئيس جماعة علماء العراق، والدكتور علي الأوسي والدكتور ابراهيم العاتي وبادارة الأستاذ جواد الخالصي ، عقدت مؤسسة الامام علي (ع) في لندن ندوة فكرية تناولت فيها جانبا من ابعاد هذه الفتوى المباركة. 

وقد القى الدكتور علي الاوسي (مدير مركز دراسات جنوب العراق) كلمة جاء فيها: 

في الذكرى السنوية الثانية للفتوى التاريخية للمرجع الاعلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام بقاؤه) لابد لنا من مراجعة واحتفاء بتداعيات هذه الفتوى المفصلية في تاريخ العراق الحديث والمنطقة. أضع حديثي في ثلاث نقاط: 

1- التصدي في التاريخ المرجعي وفتوى الجهاد الكفائي
2- المشروع الغربي بين مقومين: 1-التقسيم. 2-الطائفية
3- مستقبل الحشد الشعبي في العراق

تاريخ المرجعيات الشيعية العليا يزخر بمواقف شامخة في ادارة الازمات وقد تحدث مشاكل وأزمات فالأمة بطبيعتها تلجأ لمرجعيتها في تلك الظروف الصعبة ولعلّي أشير الى جانب من ذلك في تاريخنا المعاصر وقبله بقليل: ابتداء لم نشهد مرجعية واحدة دعت الى طائفية رغم كثير من التحديات والإثارات الطائفية التي تثار من هنا وهناك، بل على العكس يغلب في خطابها نداء الوحدة وتجاوز الازمات الطائفية حين عبر المرجع السيستاني عن أهل السنة بأنهم أنفسنا وهذا تعبير غاية في الاعتناء وتجنب الوتر الطائفي واخماد الفتن الطائفية بمهارة عالية: 
1- المرجع الميرزا حسن الشيرازي أحبط اتفاقية (التنباك) ووضع حداً للنفوذ التجاري الخارجي للاضرار باقتصاد الشعب الايراني. 
2- المرجع محمد تقي الشيرازي زعيم ثورة العشرين في العراق. 
3- المرجع الآخوند الخراساني وحركة المشروطة في ايران التي قلّصت من اطلاق السلطات الاستبدادية. 
4- الشيخ محمد جواد البلاغي صاحب المدرسة السيارة في الحوار الديني ومواجهة الشبهات الفكرية التي عصفت بالمجتمعات المسلمة. 
5- الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في الحركة الاصلاحية التنويرية. 
6- المرجع السيد محسن الحكيم في مواجهته للمد الاحمر في العراق. 
7- المرجع الامام الخميني في تأسيس الدولة الاسلامية واسقاط عرش الطاووس. 
8- السيد محمد باقر الصدر في مرجعيته المتصدية لظلم النظام البائد. 
9- الشهيد محمد صادق الصدر في اقامة صلاة الجمعة في مظهر التحدي للنظام البائد. 
10- المرجع السيد ابو القاسم الخوئي في قيادة الانتفاضة ولجنة التسعة التي شكلها. 


فتوى الجهاد الكفائي: 
توّجت اليوم هذه المواقف بالفتوى التاريخية لمرجعية آية الله العظمى السيد علي السيستاني الى جانب دوره المشرف في وأد الفتنة في احداث النجف، وفي حفظ وحدة العراق وسلامته بفضل هذه الفتوى التي أفشلت المخطط التدميري الذي كان يهدف الى احتلال العراق وتدمير العتبات المقدسة واسقاط بغداد وكانت خطوة استباقية كبيرة قبل حصول التداعيات الكبرى التي كان يهدف اليها الارهاب ومن وراءه من دول كبرى واوضاع اقليمية ومحلية حاقدة على العراق والعراقيين نعم لقد صدرت هذه الفتوى في 13/6/2014 بعد ثلاثة ايام من سقوط الموصل وصلاح الدين والانبار ومناطق من محافظة ديالى ومن ثم محاصرة بغداد بهدف اسقاطها. 
وما الحشد الشعبي المقدس إلا مظهر من مظاهر هذه الفتوى الشجاعة التي أذهلت المراقبين وحيّرت عقول من خططوا للمشروع الغربي في التقسيم وعطلت المشاريع التدميرية للعراق. 

2- المشروع الغربي في مقومين: 1-التقسيم. 2-الطائفية
بعد انتهاء اتفاقية سايكس بيكو أرادوا للمنطقة تقسيماً جديداً وتفتيتاً للقوة العسكرية والجيوش الاسلامية والعربية المؤثرة، وقد وضعوا في اجندتهم تنفيذ ذلك على مراحل فكانت طالبان من قبل والقاعدة والآن داعش والنصرة وفصائل تكفيرية اخرى لا تتردد في سفك الدماء وقتل الابرياء وهذه المجاميع باتت بيد المشروع الغربي متوسلة بـ (الطائفية) ووجدت فيها نتائج مذهلة لخدمة المشروع الغربي التقسيمي. 
وقد اتخذت داعش من (الفلوجة) مقراً لها في العراق ومن (الرقة) مقراً كذلك في سوريا وأعلنت ما يسمى (الدولة الاسلامية في العراق والشام) وارادوا لهم ان يكونوا رأس الحربة في هذا المشروع التدميري لكنهم فوجئوا بثقل الفتوى وتأثيرها الكبير وتصديها المذهل ومنعها للتداعيات الخطيرة التي كانوا يأملون من خلالها تحقيق احلامهم في القتل والتكفير وتغيير الجغرافية والعبث بكل المقدسات والحرمات. 

3-مستقبل الحشد الشعبي: 
الحشد الشعبي استطاع بفضل من الله سبحانه ودعم من المرجعية الرشيدة ان يغيّر الكثير من التوازنات الخاطئة ويقلب المعادلات التي أريد فرضها على العراق، وان التضحيات الكبيرة التي يقدمها الحشد الشعبي تقتضي منا الوفاء، وان يكون خطابنا واضحاً في دعمه وتقويته، ولابد لبعض القوى ان تزيل الغموض وترفع حالة التردد في مواقفها وخطابها الاعلامي في الفضائيات وغيرها الذي دأب على تشويه الحشد بدعاوى متهافتة ورخيصة. 
ان الحشد ضمان لوحدة العراق حيث أصبح مانعاً قوياً أمام مشروع التقسيم الطائفي، وقد ضمّ آلافاً من ابناء العراق من مختلف المذاهب والقوميات والاديان ففيه الايزدي والمسيحي والكردي والصابئي والسني الى جنب أخيه الشيعي والعشائر البطلة في طول العراق وعرضه، واخذت أهالي المدن المغتصبة من قبل داعش تستقبل قوات الحشد المحررة بأريحية عالية وابتهاج كيبر، فقد أعاد الحشد لهم الارض والاهل والبسمة وحررهم من الدواعش وخلصهم من القتل. 
ان الاصوات الداعية الى حل الحشد او منعه من دخول المدن باتت نشازاً في ايقاعات النصر والفتح على يد ابناء الحشد المقدس الذي التزم غاية الالتزام بوصايا المرجعية في آداب وقيم القتال، فالحشد هو النواة الحقيقية للجيش العراقي الجديد بعد ان حلّ بريمر الجيش العراقي، لقد قاتل ابناء الحشد ببسالة عالية وايمان كبير وعقيدة راسخة أذهلت داعش ومن وراءها، فلا حاجة للاصغاء لدعوات التخويف من الحشد وخطورته في المستقبل بل هو صمام الامان للعراق والمنطقة. وان الامر الديواني الذي صدر عن رئاسة الوزراء العراقية بتاريخ 24/2/2016 مهم جداً في اعادة تشكيل وتنظيم هيئة الحشد الشعبي والقوات التابعة لها لا سيما حينما عدّ الحشد تشكيلاً عسكرياً وجزءاً من القوات المسلحة العراقية مرتبطاً بالقائد العام للقوات المسلحة، وله قيادة وهيئة اركان وصفوف وألوية مقاتلة. 
وحتى يتحقق للحشد ذلك لابد بعد التحرير وهزيمة داعش وخروجه من العراق ان تنتظم رايات الحشد تحت راية واحدة ويخرج من فئوياته السياسية ليبقى العراق هو الاساس الوطني في حركة الحشد. 
فالحشد ليس طائفياً، وهو قوة عسكرية باركتها المرجعية، ودعمتها الحكومة لانجازاتها المذهلة، وقد اثبت الحشد ولاءه للعراق ورغم تشكله بوقت قياسي وظرف صعب حقق انجازات عظيمة وسطر ملاحم كبيرة في تاريخ العراق الحديث وحتى على صعيد المنطقة. 
ان الحشد لابد ان يحظى بمستقبل ميداني كبير وعناية مباشرة لأفراده وتنويع سلاحه وتدريبه وتطويره، لقد كسب ثقة الشعب بجدارة من خلال تضحياته الكبيرة في حفظ وحدة التراب العراقي والسيادة الوطنية وتجاوز المحنة الطائفية والمناطقية والقومية التي يتغنى بها اعداء العراق ويسعون الى تفتيته من خلالها. 
الحشد صمام امان للعراق اذ كان نتاجاً مباشراً لفتوى الجهاد الكفائي المباركة والشجاعة ولابد ان يبقى هكذا اذ حظي بهذا الشرف الكبير باطاعته المرجع ودفاعه عن العراق الواحد وتخليصه من بؤر الفتنة والتكفير. 

كما القى الدكتور ابراهيم العاتي (رئيس قسم الدراسات العليا في الجامعة العالمية للعلوم الاسلامية) قصيدة ألهب فيها حماس الحضور 

نسور الجهاد المقدس

(الى حشد ابطال العراق)

د. ابراهيم العاتي

 

على جبينك نور الفجر يرتسم ُ                 وفي صمودك جيش البغي ينهزمُ

نهضت كالنسر تحمي الشعب من زمرِ       جبانة بســلاح الغدر تنتــقــمُ

ورحت تكتب في التاريخ ملحمةً               شعارها المجد والايمان والكرمُ

تحمي العراق بعزمٍ لا يلين اذا                  عمّتْ خطوبٌ أو انهارت به هممُ

وتفتدي الشعب بالغالي فترخصُهُ              فالروحُ تبذلها والحرب تحتــدمُ

فبارك الله في حشدٍ يصولُ على                 جيش البغاة بسيفٍ ليــــس ينثلم

وبارك الله في جيش يؤازرهم                            وكل حرٍ بحبل الله يعتصــــم

***

شعب العراق أيا أنشودة صدحت              بالمكرمات وما تسمو به القيم

ويا كتاباً من الآلام سطرها                      عسف الطغاة لمن ثاروا ومن كرموا

ففي رحاب (علي) عشت في دعة              في عدله سنّ دستوراً لمن حكموا

وعشت عهد طغاة الجور مضطرباً            تصدّ باطل ما سنوا وما ظلموا

لكن بذرة خير فيك ما عدمت                    فتستثار اذا ما مسّت الحُرَمُ

لبيت داعي جهاد الحق حين دعا               ورحت في حشدك المبرور تنتظمُ

(أبا الرضا)* بهر الدنيا بحكمته               وقد تبارى لديه السيف والقلمُ

السلمُ مبدؤه السامي وغايتهُ                    الى هدى سور القرآن يحتكمُ

قاد المسيرة عن علمٍ ومعرفةٍ                   رغم المكائد ما زلّت به قدمُ

فاحفظه يارب للإسلام مرتَكَزا                  وكوكباً نيّراً تُجلى به الظُلَمُ

***

وآخر القول للأعراب ننذرهم                   إن العراق سيبقى رغم كيدكمُ

لقد صبرنا على أفعالكم زمناً                    لكن للصبر حداً ثم ينفصـــــــمُ

لا تحسبوا حلمنا ضعفا ومسكنة               من يشعل النار قد يودي به الضَرَمٌ

(اذا رأيت نيوب الليث بارزةً                   فلا تظننَّ أن الليث يبتســـــمٌ )

***

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) الامام السيد السيستاني ( دام حفظه)



وكان مسك الختام كلمة لسماحة الشيخ خالد عبد الوهاب الملا (رئيس جماعة علماء العراق) تحت عنوان (اثر فتوى جهاد الكفائي على التلاحم الوطني في العراق) جاء فيها: 
الفتوى والخطاب الذي وجهه السيد المرجع الاعلى اية الله العظمى علي السيستاني حينما استباح الدواعش مدننا في العراق واسقطوا هذه المدن وحاولوا دخول بغداد في ظرف كان السياسيون يتخاصمون على المناصب والامتيازات فانبرى سماحته مناديا ابناء الشعب كله بالدفاع عن العراق والعراقيين والشرف والمقدسات فاستجاب ابناء العراق لهذه الفتوى التي غيرت مسار المخططات الإرهابية الخبيثة وأسقطت رهانات الأعداء التي طالما راهنت على تمزيق الوحدة العراقية ... 
ونقولها بصوت مرتفع ان وجود مرجعية السيد السيستاني وحكمته وحلمه وضع الامور في نصابها الصحيح وجعل الموازين في مكانها وانها نعمة من نعم الله عز وجل ان يرزق العراق برجل كبير الشأن والمقام ليس امام العراق فقط وانما المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان وغيرها تدين للسيد السيستاني لمواقفه الراعية الابوية وحكمته في الحفاظ على بلادنا ومعه مجموعة خيرة من علماء اهل السنة ممن تحملوا المخاطر والنقد لاجل وحدة العراق وعدم السماح لاي مرتزق ايديسرق الدين والمذهب وكلنا نعلم ان ما اصاب الشعب العراقي منذ السقوط والى يومنا هذا من مفخخات وقتل على الهوية وتفجير للمقدسات وخاصة الامامين العسكريين ومع هذا فالمرجعية لم تصدر بيانا فيه نفس الطائفية وبعدها حين سقطت الموصل وصلاح الدين ذات الاغلبية السنية صدرت فتوى الجهاد الكفائي للدفاع عن هذه المدن واستردادها من براثن الاٍرهاب ومن حسن الحظ اني التقيته اكثر من مرة وماسمعت منه الا حرصا على العراق وجميع شعبه لم اشعر انه يتحدث عن طائفة دون اخرى ومع كل مشاغله ومطالعاته واستقباله المؤمنين في كل يوم فهو متابع لكل الاحداث التي تحدث ايها الاخوة والاخوات. 

هذه الفتوى جعلت جميع شرائح المجتمع العراقي في خندق واحد ضد تنظيم داعش الاٍرهابي بعد ان كان مخططا للعراق ان ينزلق في مستنقع الطائفية انه الرجل الذي استطاع ان ينظر للعراقيين بعين واحدة وتشملهم رعايته وكانهم ابناءه فعلى باب المرجعية ترى كل الناس دون النظر الى الدين او المذهب او القومية واليوم ابناء القوات المسلحة والحشد الشعبي وعشائر العراق الاصيلة كلها تدافع عن العراق بتلك الانفاس الطيبة التي خرجت من رجال حكماء علماء ظهروا في وقت الفتن والمحن سدد الله شعب العراق لكل خير وحفظهم بكل مذاهبهم واديانهم وقومياتهم ونصر قواتنا الامنية وحشدنا وعشائرنا التي تقاتل المتطرفين والدواعش المجرمين وابقى هذه المرجعية الحكيمة خيمة للعراق واهله . 

ثم اختتمت الندوة بالاجابة على اسئلة الحضور. 

لمشاهدة الندوة اضغط هنا

محرر الموقع : 2016 - 05 - 28