قطر تمنح حق اللجوء السياسي وتعلن المزايا والفئات المستحقة.. ما الدوافع للسباق الخليجي لمنح الإقامات الدائمة؟
    

 حدد مجلس الوزراء القطري الفئات التي لها الحق في طلب اللجوء السياسي في البلاد بموجب القانون الذي أصدره أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في سبتمبر/أيلول الماضي، ويحدد إجراءات وشروط طلب اللجوء.

ونشرت الجريدة الرسمية في قطر الثلاثاء قرار مجلس الوزراء الذي يحدد المزايا التي يتمتع بها اللاجئ السياسي، والفئات التي يحق لها طلب اللجوء السياسي.

وينص القرار على أن من حق المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يتعرضون للملاحقة والتهديد بالاعتقال أو السجن أو التعذيب بسبب مواقفهم ضد انتهاكات حقوق الإنسان، طلب اللجوء السياسي إلى الدولة، بالإضافة إلى مراسلي ومندوبي وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة الذين يعملون على توثيق وتصوير الوقائع والأفعال التي تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ويتعرضون للملاحقة والتهديد بسبب عملهم.

كما يمنح القانون الأشخاص الذين ينتمون لأحزاب سياسية أو طوائف دينية أو أقليات عرقية ويكونون عرضة للملاحقة أو الاضطهاد بسبب هذا الانتماء، أن يحصلوا على اللجوء السياسي، فضلا عن الكتاب والباحثين الذين يعبرون عن آرائهم في الصحف والمجلات أو المدونات الإلكترونية ويتعرضون للملاحقة والتهديد بسبب ذلك.

 ويحق أيضا للمسؤولين الحكوميين السابقين أو الحاليين المعارضين لحكوماتهم أو المنشقين عنها ويخشون التعرض للملاحقة والتهديد بسبب ذلك، طلب اللجوء السياسي في قطر.

توفر قطر للاجئ السياسي مسكنا له ولأفراد أسرته، بالإضافة للرعاية الصحية، كما يكون للاجئ السياسي الحق في تلقي التعليم

مزايا عديدة

أما عن المزايا التي يقدمها القانون للاجئ السياسي وأفراد أسرته، فنص على أن من حق اللاجئ السياسي استقدام زوجته وأفراد أسرته من الدرجة الأولى، بشرط ألا يجاوز عمر أولاد اللاجئ الذين سيتم استقدامهم 18 عاما، ولا يجوز للاجئ السياسي أو أي من أفراد أسرته البقاء خارج البلاد أكثر من ستة أشهر متصلة.

ويحصل اللاجئ السياسي على إعانة مالية شهرية لحين توافر فرصة عمل له، يكون الحد الأدنى لهذه الإعانة ثلاثة آلاف ريال قطري (820 دولارا) ومبلغ 800 ريال (220 دولارا) لزوجته ولكل ولد من أولاده ممن لم يبلغوا الثامنة عشرة.

وتوفر الدولة للاجئ السياسي مسكنا له ولأفراد أسرته، بالإضافة للرعاية الصحية، كما يكون له الحق في تلقي التعليم حيث يسمح له ولأفراد أسرته بالقبول في مؤسسات التعليم الحكومية داخل الدولة، بشرط الإلمام باللغة العربية إلماما كافيا بالنسبة للقبول في المدارس الحكومية، على أن يُعفى من الرسوم المدرسية.

ويسمح للاجئ السياسي بالعمل في الدولة، باستثناء الوظائف التي تتعلق بأمن البلاد، حيث ينص القانون على أن اللاجئ السياسي يقدم طلبا لتوفير فرصة عمل له إلى الإدارة المختصة، مبينا فيه مؤهله العلمي الحاصل عليه وخبراته العملية ومرفقا به المستندات المؤيدة لذلك، وفي حالة حصوله على فرصة عمل يتم وقف الإعانة المالية الشهرية له.

كما ينص القانون على أن يكون للاجئ السياسي الحق في الحصول على وثيقة سفر، كما يجوز إصدار وثيقة سفر لزوج اللاجئ السياسي وأولاده ممن هم دون الثامنة عشرة، تكون مدة صلاحيتها سنتان قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة.

ويأتي قانون اللجوء السياسي في إطار سلسلة من القوانين الإصلاحية في قطر خلال الفترة الأخيرة، كقانون الإقامة الدائمة وقانون تنظيم دخول وخروج الوافدين بالإضافة إلى قوانين خاصة بالتملك والاستثمار في الدولة.

ورحّبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر بصدور قانون تنظيم اللجوء السياسي في البلاد، معتبرة أنه يأتي تنفيذا لما نصت عليه المادة 58 من الدستور الدائم لدولة قطر التي كفلت الحق في اللجوء السياسي.

وأضافت اللجنة أن صدور هذا القانون يمثل استجابة لما اقترحته اللجنة بهذا الشأن، مما يضع دولة قطر في موضع السبق والريادة في منطقة الخليج والمنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط، لا سيما أن هذا التشريع هو الأول من نوعه بالمنطقة.

سباق خليجي لمنح الإقامات الدائمة.. ما الدوافع؟

قررت بعض الدول الخليجية في الآونة الأخيرة منح الإقامات الدائمة للأجانب المقيمين على أراضيها، وخصوصاً للمستثمرين منهم، فهل السبب “اقتصادي بحت” أم أن له أبعاداً سياسية؟

بعد أسبوع من قرار سعودي بإنشاء نظام خاص لمنح الإقامة الدائمة يحمل اسم “نظام البطاقة المميزة”، أطلقت الإمارات، يوم الثلاثاء (21 أيار/مايو)، نظام إقامة دائمة أسمته “نظام البطاقة الذهبية”، وذلك بعد شهور من إصدار قطر أول قانون للإقامة الدائمة بين دول الخليج في أيلول/سبتمبر الماضي.

هذا السباق الخليجي لمنح الإقامات الدائمة، خصوصاً للمستثمرين، يثير التساؤلات عما إذا كانت أسبابه اقتصادية بحتة أم أن له أبعاداً سياسية تتعلق بالنزاع الخليجي بين السعودية والإمارات وحلفائهما من جهة وبين قطر من جهة أخرى.

فقد أعلنت الإمارات أنها ستمنح 6800 مستثمر أجنبي إقامة دائمة، بعدما بلغ إجمالي استثماراتهم فيها 100 مليار درهم (27 مليار دولار). وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، إن هذه الإقامة “للمستثمرين وللكفاءات الاستثنائية في مجالات الطب والهندسة والعلوم وكافة الفنون”.

 “تعزيز التنافسية واستقطاب المستثمرين”

كما وافق مجلس الوزراء السعودي (14 أيار/مايو) على نظام إقامة خاص مماثل لأنظمة البطاقة الخضراء المطبق في دول أخرى باسم “نظام البطاقة المميزة”. وقالت وسائل إعلام محلية إن النظام الجديد سيسمح للأجانب الأثرياء والمهرة بالاختيار بين إقامة محددة قابلة للتجديد أو إقامة دائمة مقابل رسوم عالية تدفع مرة واحدة.

وذكر وزير التجارة والاستثمار ماجد بن عبد الله القصبي أن نظام الإقامة الجديد “سيعزز من التنافسية وسيمكن المملكة من استقطاب مستثمرين وكفاءات نوعية”، مضيفاً في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية أن هذا النظام “يحد من ظاهرة التستر أو الاقتصاد الخفي”. وقالت الوكالة السعودية الرسمية إنه يتم حالياً “استكمال إعداد اللائحة التنفيذية للنظام خلال 90 يوماً لتحديد شروط وإجراءات التقدم”.

أما في قطر، وإلى جانب منح الإقامة الدائمة فيها على أساس الإقامة الطويلة أو الزواج، فسيتم منح الإقامة الدائمة أيضاً لمالك أي عقار لا تقل قيمته عن مليون دولار. وبحسب وزارة الداخلية القطرية فإن الإقامة الدائمة “تكريم للمقيمين على أرض الدولة والاستفادة من كفاءاتهم وخبراتهم”.

 “أبعاد سياسية”

ويرى الخبير الاقتصادي حسام عايش أن منح الإقامة الدائمة للمستثمرين في بعض الدول الخليجية هدفه تقديم الاغراءات لهم بالبقاء، ويضيف لـ DW عربية: “الدول الخليجية تسعى إلى تنويع مصادر دخلها بعد أن بدأت تخشى من فقدان مكانتها النفطية، ولذلك فهي تسعى إلى جذب المستثمرين من خلال تقديم محفزات مختلفة لهم، ومنها الإقامة الدائمة”.

ويعتقد عايش أن هناك أبعاداً سياسية أيضاً للسباق الخليجي في منح الإقامات الدائمة، ويتابع: “من الواضح أن هناك تنافساً في موضوع منح الإقامة الدائمة، فقد يكون المستثمرون الموجودون في دولة خليجية معينة عرضة للإغراءات التي تقدمها دول أخرى منافسة لها، خصوصاً بعد الأزمة الخليجية”.

ويضيف عايش: “لا أستبعد أن تكون القرارات الاقتصادية للدول الخليجية المتنازعة معتمدة على مواقفها السياسية، بما في ذلك قرار منح الإقامة الدائمة للمستثمرين أو لغيرهم، فكل دولة تحاول تسجيل نقاط على حساب الدول الاخرى”.

لكن الكاتب والباحث السعودي سالم اليامي يعتقد أن منح الإقامات ليس له بعد سياسي أو وليس على علاقة بالأزمة الخليجية، ويضيف لـDWعربية: “هدف منح الإقامة الدائمة في السعودية هو فقط تشجيع المستثمرين على البقاء وقد كان هذا جزءاً من رؤية 2030 حتى قبل حصار قطر”.

 “موضوع اقتصادي بحت”

من جانبه يؤيد مروان قبلان، الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات في الدوحة، الرأي القائل بأن منح الإقامة الدائمة للمستثمرين في الدول الخليجية هو “موضوع اقتصادي بحت”، ويضيف في حديث لـ DWعربية: “الدول التي تمنح الإقامة الدائمة تركز على تنشيط سوق العقارات، ولذلك تجد أن جميعها تمنح إقامات مقابل شراء عقار”.

إلا أن قبلان لا يرى أيّ علاقة بين مسألة منح الإقامات الدائمة والأزمة الخليجية، فيقول: “منذ انهيار أسعار النفط والدول الخليجية تسعى لتنويع مصادر دخلها، ومن أجل ذلك تعيد النظر في الكثير من القوانين والإجراءات فيها، ومنها فرض الضرائب ومنح الإقامة الدائمة”.

أما عن تأثير منح الإقامة الدائمة على جذب المستثمرين، فيقول الخبير الاقتصادي حسام عايش: “هذا الأمر منوط بالآفاق المتاحة أمامهم ومدى مناسبتها لتطلعاتهم وطموحاتهم فيما يتعلق بمعاملاتهم التجارية مع هذه الدول”، ويضيف: “إذا لم تكن الفرص الاستثمارية المتاحة هي التي يتطلعون إليها خلال السنوات القادمة، قد تصبح مسألة منح الإقامة الدائمة مجرد عملية تجميل لتشريعات الإقامة المعمول بها حتى الآن أ, حتى عهد قريب، أكثر من أن تكون حافزاً لعملية استثمارية مستدامة”.

 جدل على وسائل التواصل

وقد أثارت قرارات منح الإقامة الدائمة في الدول الخليجية ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي، بين من رأى أن “السعودية اتبعت قطر في ذلك”

محرر الموقع : 2019 - 05 - 23