الى وزارة الخارجية.. عراقي وزوجته في مأساة هجرة لا تنتهي
    
في جولته بتيمشوارا غرب رومانيا على الحدود مع هنغاريا وصربيا، مرّ موفد مهاجر نيوز بشارع العرب [براونكوفيانو] بالمدينة التاريخية، هنا تتجاور محلات يملكها عراقيون وسوريون ومصريون على امتداد مدخل الشارع لبيع السجاد والملابس والأدوات المطبخية والمكاييج والمعدات المنزلية عموما.
ويروي مهاجر عراقي اسمه علي حسين فارس الزبيدي، تجاوز العقد الخامس، بألمٍ قصته مع الهجرة.
وقال الزبيدي "كنت لاجئا أنا وزوجتي في سوريا منذ عام 2004 ، وجاءت بي المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في 24/9/2014 إلى هنا [تميشوارا] بعد إعلامنا أنه سيتم نقلنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ووعدونا أنّ هذا المخيم سيكون محطة ترانزيت لتعذر وصول الوفد الأمريكي المختص بمقابلة طالبي اللجوء إلى سوريا بسبب بداية الأحداث عام 2012، وقالوا لنا إننا سنبقى هنا لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، وفي حال رفض طلبنا سيجري مخاطبة دول أخرى لتقبلنا.
وأضاف "جئنا إلى هنا، فرفض طلبي وطلب 5 اشخاص آخرين باللجوء إلى الولايات المتحدة الأمريكية، الباقون الخمسة قضى بعضهم سنة كاملة وجرى قبوله، وقبل آخر بعد سنة ونصف، وبقي شخص اسمه سلوان 5 سنوات ثم قبلته ألمانيا، ما تبقى من اللاجئين الذين رفض طلبهم هو أنا وزوجتي وقد مضى علينا الآن 5 سنوات وشهرين".
وأصعب ما في وضع علي الزبيدي أنّه لا يحمل أي صفة، فهو ليس لاجئا، وليس طالب لجوء، ولا يملك سوى طلب عام موجه للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين بتوجيه لجوئه الإنساني إلى أي دولة تقبله.
وتتحدث أرقام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين تتحدث عن 65 مليون إنسان بلا مأوى ومشرد ونازح، 22 مليون لاجئ وطالب لجوء، 10 ملايين شخص مجهول الصفة stateless people، و186 الف طالب لجوء جرى أعادة توطينه.
والكلام هنا غالباً عن اللجوء الإنساني، حيث لا يملك المتقدم ملف لجوء سياسي. وهذا يعني أنّ علياً قد يواجه مراحل انتظار بلا نهاية حتى تتوضح قضيته وهذا ما يفاقم الوضع ويزيد صعوبته. 
وفي هذا السياق قال "منذ التاريخ الذي ذكرته أعلاه ، بقيت أنا وزوجتي في مركز إيواء تيمشوارا ، ولا نحصل سوى على الأكل والشرب اليومي، فيما لا نحصل على أي مبلغ من المال منذ سنوات خمس، فالأمم المتحدة لا تقدم مساعدات مالية، والسلطات الرومانية تعتبرنا ضيوفا على المفوضية ولا تمنحنا شيئا. ولولا بعض الأصدقاء والمعارف، كان يمكن أن نكون شحاذين، فبعض الأصدقاء يفدون من بلدن أخرى اسبوعيا لتقديم المساعدة، ودفع قيمة كارت الهاتف المحمول لي ولزوجتي". 
وتفاقم الأمر على عليّ وزوجته، حين أصيبت الأخيرة بسرطان الثدي وفي هذا يقول: "أجريت لها عمليتان جراحيتان، عاشت بشكل مأساوي مع عموم سكان مركز الإيواء، فلا يوجد مكان نظيف، ولا خصوصية ولا مكان للنقاهة من العمليات". 
ويضيف "الأصعب في الموضوع أنها بقيت معزولة في قاعات النساء، وبقيت أنا بعيدا عنها في قاعات الرجال، وقد أدى بي هذا إلى نوبة جنون، فهددتهم بالغضب والعواقب الوخيمة، ما أدى بهم إلى تخصيص قاعة كبيرة لي ولها فحسب لأتولى رعايتها والعناية بها".
وعزا علي الزبيدي القصور إلى المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، معتبرا أن السلطات الرومانية براء من هذا الوضع، لأنّ رومانيا رسميا بلد مضيف لمرحلة مؤقتة".
ويتابع ان "السلطات الرومانية يتابع بانها لا تملك إقامة رسمية على أراضيها، وتتولى سلطات المدينة استضافتنا وحمايتنا فحسب بانتظار تدابير الأمم المتحدة، وقد قدمت لأكثر من مرة طلب لجوء إلى رومانيا، فأشتغل طباخا، وأعيش في هذا البلد، لكن السلطات رفضت طلبي وأبلغتني أن هذا غير جائز قانونيا لأني دخلت رومانيا كمحطة ترانزيت وليس كبلد لجوء".
وفي معرض حديثه عن معاناته تساءل علي:" تخيل إنسانا بالغا وزوجته يعيشان 5 أعوام كاملة بلا دخل، ولم يدخل جيبهما دولار واحد! المخيم لا يوفر لنا سوى الطعام، وتي شيرت واحد في الصيف، وجاكيت وحذاء حين يفد الشتاء".
وروى علي الزبيدي تجربته مع متعهد تجهيز أرزاق المخيم، وقد عرض أن يشغله طباخا معه، فنقل الرجل الطلب إلى السلطات الرومانية مبينا أنه مستعد لتشغيل علياً معه في المطبخ، مقابل راتب معقول، على أن يبقى في المخيم ولا يغادره، في محاولة لتأمين دخل من نوع ما له".
وحسب ما رواه الزبيدي فإنّ السلطات وبعد إلحاح قبلت العرض، لكنها اشترطت على المتعهد أن يوقع تعهدا بحماية عليٍّ والمحافظة عليه، ما أثار لديه مخاوف من المسؤولية، فتخلى عن عرضه.
ووصف علي الزبيدي بمرارة المكان الذي يعيش فيه منذ خمس سنوات" سبع غرف مساحة كل منها 40 مترا، الحمامات مشتركة، الرجال معزولون عن النساء، المطابخ مشتركة، كل غرفة تأوي 12 شخصاً، وأعيش الآن في غرفة مساحتها 40 مترا مع زوجتي، المحرومة من التدفئة بسبب عطلها، ولا أعلم متى سيتم إصلاحها. ننام على أسرة، وملابسنا ما زالت في الحقائب، بيتي منذ خمسة أعوام هو حقيبة. خروجي من المخيم مشروط، ولي الحق أنّ أغادره 3 مرات في الأسبوع، من الصباح حتى الليل، وعلي العودة قبل الساعة العاشرة ليلاً، وإذا حاولت المبيت خارج المخيم، مع صديق مثلا، فسيكون الوضع مأساويا ويعتبروني هاربا، ويبلغون الشرطة".
وخلص علي بمرارة إلى أنه قد فقد الأمل ونسي طعم الحياة الطبيعية، وقد غزت الاكزيما والأمراض الجلدية بشرته، معتبرا أنّ المدة التي قضاها في سوريا كانت أرحم من حالهم الآن، بسبب قدرته على الحركة وشبه حريته في العمل آنذاك، وخاطب أحرار العالم ممن لا يميزون بين الاسود والأبيض وناشدهم التدخل لإنهاء المأساة التي يعيشها مع زوجته العليلة.
محرر الموقع : 2017 - 11 - 30