جيوش من نوع أخر
    

عند سماع كلمة جيش فان أول ما يتبادر إلى ذهننا. انه التشكيل العسكري أو المؤسسة أو مجموعة الأفراد والمعدات المسؤولين عن حماية البدل وحدوده ضد الأخطار الخارجية.
قد يتطور هذا المفهوم وتضطر الظروف بلدا ما إلى استخدام جزء من جيش أو كله، في عمل داخل حدود الوطن، لأسباب تتعلق بحدوث كارثة طبيعية أو طوارئ أو أحداث تحتاج إلى جهد مدرب وقوي ومحترف وذو إمكانيات.
تأسس الجيش العراقي مع بداية تأسيس الدولة، وكانت له صفحات بطولية مشرفة في مختلف الحروب العربية التي خاضتها الأمة ضد إسرائيل، إلا انه لم يرق لان يكون مؤسسة متماسكة محترفة، وزاد الطين بلة وصول البعثيين إلى الحكم أواخر الستينات، ولأنهم بعقلية انقلابية دموية، عملوا بكل جهدهم على إفراغ ما تبقى من الجيش العراقي من محتواه، عقائديا وفكريا، وتدمير ما لديه من إمكانات عسكرية، وجعل المتبقي منه أداة قمع بيد النظام، ووسيلة لشغل الشباب ومحرقة لعمره وقدراته.
بعد سقوط النظام وقرار بريمر الشهير بحل الجيش العراقي، وإعادة تشكيله، كان الأمل أن يتم البناء على أسس صحيحة، عقائديا ومهنيا، وكانت هناك خطوات بالاتجاه الصحيح، لكن المواجهة المستمرة مع الإرهاب، والعمل في الداخل، وأخطاء حكومية، سبب مشاكل كثيرة للجيش.
عام 2003 شهد ظهور جيوش من نوع أخر في العراق، فصار هناك جيش من المسؤولين والبرلمانيين السابقين والحاليين، برواتبهم الغير معقولة، وجيش من المستشارين ولمختلف السلطات، ولا أدرى أي استشارة يقدمون لنحتاج هذا العدد؟!. وجيش كبار موظفي الدولة. ولا ننسى. أن هناك جيوشا من حمايات هؤلاء!؟.ليزداد الأمر غرابة, ظهر جيش جديد من أقارب المسؤولين ومتعليقهم وأبناء العم والعشيرة, وخصوصا لمن لديهم مناصب كبيرة أو حساسة في الدولة, ثم أكملت القصة بترشيح أعداد لا بأس بها من هذا الجيش الأخير, في لانتخابات الحالية, على أمل الفوز من خلال إقناع المواطن, بالقرب من مصدر القرار في السلطة, أو المال, أو الخداع الإعلامي والمغالطة, أو استغلال الدين حتى؟!.من البديهي القول إن هذه الإفرازات طارئة ونتاج طبيعي لما مررنا به, وسبق إن مرت به أمم قبلنا, وهو أيضا مرتبط بمدى وعينا كشعب وفهمنا لحقيقة ما يجري.
قال لي رجل حكيم التقيته في أحد المضايف العشائرية، وكنت اظنه ريفيا ساذجا؟!، قال\" إننا في الانتخابات الأولى شاركنا ونحن نظنها لعبة، وفي الثانية تعلمنا أكثر، وفي الثالثة زعلنا من السياسيين والسياسة، لكن هذه المرة. تشيطنّا\".

واجبنا في هذه الانتخابات إن نكون \"متشيطنين\" في حسن الاختيار لمن ننتخب، ونختار على اساس صحيح. برنامج انتخابي ومشروع حقيقي، وتاريخ ابيض. لنتخلص من تلك الجيوش، ونبني جيشا عراقيا حقيقيا.
زيد شحاتة

محرر الموقع : 2014 - 04 - 17