طلب ليس مستحيل
    
ولا تزال الأحداث السياسية توظف نفسها للمعارك الشخصية الحزبية، وأكاد اجزم إن ما يجري، من تقلبات يومية لأغراض انتخابية، تعودنا أن تساق علينا شعارات ووعود، وتحديات كبرى يواجها المواطن وحيداً بجسده ومصدر عيشه وكرامة حياته. مئات الشاشات تنفث سمومها، تأخذ صورنا وتركب عليها رأس لا يشابهنا في الملامح والتفكير، وتسمع أهاتنا وتفعل ما يعاكس إرادتنا، يقتطع الحديث الوطني ويحول الى حديث معادي، تطلق تصريحات نارية، وفي الخفاء انحناء وتذلل وخضوع وتنازل عن حقوق شعب تعتصره الآهات وتقلبه الحسرات، وتنخر على خده أخاديد المعاناة.
المواطن كل يوم يمتحن ألف امتحان، بين التفجيرات ومشقة العيش، وتصريحات سياسية تطحنه، يشعر ان الحجر يتدرج من الأعلى يسحق كل من يقف بطريقه.
الخداع أسهل الأساليب عند بعض الساسة، وفبركة المواقف ابشعها، ترسم صور تتناقلها ماكنة الإعلام الهائلة، ويعرف منتجها إنها ستكشف؛ لكنه يصر وان أعطى انطباع في اذهان عشرة من المتفرجين التابعين، وهم أيضاً يتقلبون على جمر يعد في مطابخ السياسة القذرة، وعود وشعارات تصوغها شركات عالمية بمليارات تقتطع من أجسادنا، وتتقاذف الأفكار في صدور بعضنا، وأصبح الكثير منا لا يعرف كيف يقضي هذا اليوم وما يحلُّ به غداً.
ما نكاد نصدق إن الحكومة أذعنت للضغط الشعبي؛ حتى توافق على مشروع البتر ودولار، ولا يمكن أن نصدق حتى ترفع تعليقها القانون في الأدراج العالية، يستنزف من مدن النفط منتجاتها وينتظر الطعن به مرة أخرى، مزقه الروتين والعراقيل والمطبات، لا يفسر التعطيل سوى لامتصاص البترول والدماء، وإلاّ ماذا نفهم الاعتراض على قانون المحافظات 21 المعدل بعد الإقرار والنشر في الصحيفة اليومية.
سياسة المماطلة والتسويف تتلاعب المشاعر، ويحز بالنفس ان تجد المشكل في تصاعد والفقير يزداد فقراً، والأمن يتجه للانهيار على خطى ترسمها القاعدة، تسقط المؤسسات وتحتجز الأبرياء ولا سبيل سوى أحراق الموقع بما فيه، ومشاريع بعيدة المنال توقيتها قبيل الانتخابات، تتاجر بالحقوق ولا نستغرب ان توزع أراضي أطلال الاسواق المركزية والمكاتبات العامة على الرياضيين!
البلد لا يبنى بسياسة التقاطعات والنعوت والتشويه والالتفاف على القوانين، من مشروع البتر ودولار الى منحة الطلبة ثم قانون التقاعد، وملايين العوائل لا يمكن أن تنتظر طويلاً، تخادعها شركات عالمية، تشعل الاحتقاق ويدفع ضريبتها المواطن.
على وجوهنا أخاديد القهر والحرمان، وظلم توزيع الثروات الأزلي، وحجر المصالح الضيقة، سيسحقنا واحد تلو الأخر، لا تزيله الاّ الأيادي المتشابكة.
الحوار لغة البناء الوطني، يرسخ مفهوم الوطنية، تفرز من يريد السوء، وتضع حد للمطالب البسيطة في بلد الخيرات، والمواطن ليس معنيّ بالخلافات الشخصية المعطلة للمشاريع، ينتظر الحلول ولا يعترف بالشعارات، يتطلع للمصداقية والجرأة لا سيول الوعود قبيل الدورة النيابية، نحتاج حديث لا ينتمي الى طائفة او مذهب او دين، وكل ما نريد ليس بالطلب المستحيل؛ نريد العيش مثل بقية الشعوب!
 
عاصف الجابري
محرر الموقع : 2014 - 04 - 23